مواضيع اليوم

الدين والقضية السكانية

طالبه تخشى الموت

2010-12-10 20:26:22

0

أولاً: رأى الإسلام فى القضية السكانية:
الإسلام دين يسر، وليس عسر، ومن هذا المنطلق لا يوجد تعارض بين فتاوى إباحة تنظيم الأسرة مع نصوص بعض الآيات القرآنية .. مثل قوله تعالى: "ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم". فالتنظيم حماية للأبناء، وليس قتلاً لهم (1). والقتل لا يكون إلا للأحياء ومن بثت فيه الروح (أى قتل الأبن أو إجهاض الجنين بعد تكونه فى الرحم)، ولكن تنظيم الأسرة ليس به شيئاً من ذلك حيث لا توجد روح من الأساس لقتلها. كما قد نزلت هذه الآية فى قوم يقتلون بناتهم خشية العار، ولا علاقة لتنظيم الأسرة بذلك. بدليل إباحة العزل فى عصر الرسول (صلى الله عليه وسلم)، ولا يصح أن يحتج أحد بالحديث الشريف القائل: "تناكحوا تناسلوا، فإنى مباه بكم الأمم يوم القيامة" فالمباهاة لا تحدث فى ظل وجود كثرة جاهلة، وإنما تتحقق بالعقلاء الراشدين، بدليل تحذير الحديث الشريف من كثرة لا تفيد "توشك أن تتداعى عليكم الأمم كما تتداعى الآكلة على قصعتها، قالوا: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟، قال: بل أنتم يومها غثاء كغثاء السبيل .. (2)
وليس فى تنظيم الأسرة تعارضاً مع الإيمان بالقضاء والقدر. فإن ما قدره الله لا نعلمه ومطالبون بمباشرة الأسباب، ثم نترك النتائج إلى الله، وتنظيم الأسرة مجرد أخذ بالأسباب، أما التعقيم والإجهاض فهما حرام إلا إذا قرر طبيب ثقة بأن فى بقاء الجنين هلاكاً للأم أو أن يكون الحمل عن طريق الاغتصاب أو من تأكد لها أنها تحمل جنيناً مشوهاً.. (3) ومن مزايا شريعة الإسلام أن الأمور التى تخضع فيها المصلحة للظروف والأحوال فإنها تكل الحكم فيها إلى أرباب النظر، الاجتهاد، والخبرة، ومن هذه الأمور تنظيم الأسرة، فإنها من المسائل التى تختلف فيها الأحكام باختلاف ظروف كل أسرة واختلاف إمكاناتها (4).
وتنظيم الأسرة هو أن يتخذ الزوجان باختيارهما واقتناعهما الوسائل التى يريانها كفيلة بتباعد فترات الحمل، أو إيقافه لمدة معينة من الزمان، يتفقان عليها فيما بينهما لتقليل عدد أفراد الأسرة بصورة تجعلهما يستطيعان القيام برعاية أولادهما رعاية متكاملة دون عسر أو حرج أو اختلاط فى المضاجع بين الذكور والإناث، أو احتياج . والإسلام يرغب فى كثرة النسل، إذ أن ذلك مظهر من مظاهر القوة، والمتعة بالنسبة للأمم، والشعوب، وإنما العزة للكاثر، ويجعل ذلك من أسباب مشروعية الزواج: "تزوجوا الولود الودود، فإنى مكاثر بكم الأمم يوم القيامة" (5). إلا أنه لا يمنع فى الظروف الخاصة من تنظيم الأسرة، باتخاذ دواء يمنع الحمل، أو أى وسيلة أخرى فيباح التنظيم فى حالة ما إذا كان الرجل معيلاً – كثير العيال – لا يستطيع القيام على تربية أبنائه التربية الصحيحة. وكذلك إذا كانت المرأة ضعيفة، أو كان الرجل فقيراً (6).
وألحق الإمام "الغزالى" بهذه الحالات، حالة ما إذا خافت المرأة على جمالها من كثرة الحمل والولادة، وقد أفتى فضيلة المرحوم الشيخ "عبد المجيد سليم" – مفتى الديار المصرية فى 25 يناير 1937م بجواز اتخاذ المرأة بعض الوسائل لمنع الحمل، فى الحالات السابق ذكرها. وتنظيم الأسرة لا يتعارض مع قوله – سبحانه – : "المال والبنون زينة الحياة الدنيا"(1). لأن الأولاد إذا لم تحسن تربيتهم، قد يكونون فتنة، كما قال – سبحانه "إنما أموالكم وأولادكم فتنة" (2). وقد يكونون أعداء كما فى قوله – سبحانه "يا أيها الذين أمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدواً لكم فاحذروهم ..." (3).
فالأولاد قد يكونون زينة أو فتنة أو أعداء وتنظيم الأسرة متى صاحبته النية الطيبة والمقاصد الشريفة كان عوناً للإنسان على أن يكون الأولاد قرة عين للإنسان (4).
ثانياً: رأى المسيحية فى القضية السكانية:
ترى الكنيسة الكاثوليكية أنه لا تدخل للأزواج فى منع الحمل، وترى أن منع الحمل يجب أن يكون عن طريق الامتناع عن المعاشرة الزوجية، أو ممارستها فى الفترات التى يؤمن فيها الحمل، بينما أجاز رجال المذهب البروتستانتى استخدام موانع الحمل (5).
ثالثاً: دور المؤسسات الدينية فى التوعية بالقضية السكانية:
يرى "توفلر" أن الدور الذى تلعبه المؤسسات الدينية هو بمثابة وسيلة اتصال معدلة تكتسب قوتها من تعديل الرسالة الاتصالية التى تحمل صياغة الأشياء من ظاهرة اجتماعية أو أى سبب مادى آخر إلى تعبيرات دينية تلقى قبولاً لدى الرأى العام بمختلف فئاته بما تكتسبه من قدسية الارتباط بالدين. وقد كانت للهيئات الدينية على مر العصور اهتمامات اجتماعية وثقافية واقتصادية وسياسية جعلتها تمثل جماعات ضاغطة لها أثرها السياسى المباشر الذى يظهر فى الدعاية التى تروجها لصالح قضايا معينة فى السياسة العامة، أو أحياناً ضد هذه القضايا (6).
أما التأثير الراهن الذى تمارسه المؤسسات الدينية فى تكوين الاتجاهات والآراء، فإنه يعتمد على عاملين مرتبطين يتمثل أولهما فى درجة مشاركة الفرد فى العقيدة، أما الثانى فيتجلى فى عمق المعتقد (7). ومن هذا المنطلق فعلى رجال الدين الإسلامى والمسيحى التوعية بالقضية السكانية فى المساجد والكنائس والمؤسسات الدينية المختلفة وتوصيل الفهم الصحيح للناس بأن تنظيم الأسرة لا يتعارض مع الدين، فالشعب المصرى متدين بطبعه وما يجعله يحجم عن سياسة تنظيم الأسرة اعتقاده الخاطئ بأنها تتنافى مع الشرع والدين، ولذا يقع على عاتق رجال الدين التوعية بجوانب القضية وإظهار حلالها من حرامها.

، (2)، (3) محمد سيد طنطاوى، رأى الدين الإسلامى فى تنظيم الأسرة (القاهرة – مجلة الفن الأإذاعى – عدد 143 – الهيئة العامة للكتاب – أكتوبر 1994) ص ص 84-86.
(4) محمد سيد طنطاوى، مختارات من أدب الحوار فى الإسلام (القاهرة – نهضة مصر للطباعة والنشر والتوزيع – 2007) ص 68.
(5) رواه "النسائى".
(6) المرجع السابق، ص ص 69، 70.
(1) سورة الكهف: الآية 46.
(2) سورة التفابن: الآية 15.
(3) سورة التفابن: الآية 14.
(4) المرجع السابق، ص ص 70-72.
(5) حسين عبد الحميد رشوان، السكان من منظور علم الاجتماع (الإسكندرية – المكتبة الجامعية – 2001) ص 135.
(6) ، (7) ماجدة عبد الباقى، دور وسائل الإعلام فى التثقيف السياسى للرأى العام ومدى تنمية اتجاهاته نحو المشاركة، رسالة دكتوراه (أسيوط - جامعة أسيوط - كلية الآداب – قسم الإعلام – 2005) ص ص 118، 119.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !