فى إحدى خطبه وقف السادات يقول قولته الشهيرة ( لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة) وكان فى ذلك الوقت قد عارضه التيار الاسلامى بقيادة ما يسمى فى ذلك الوقت بالجماعة الاسلامية وهى خليط من الاخوان المسلمين والسلفيين والاسلاميين الجدد فى السبعينات من القرن العشرين وكذلك كان من معارضى السادات فى ذلك الوقت التيار المسيحى الاصولى الجديد فى مصر والذى استفاد من جو الحريات الدينية فى مصر بتأثير من تنامى النفوز الامريكى ,وقد قابل مقولة السادات معارضة كبيرة من كل التيارات الدينية الاصولية من المسلمين والمسيحيين وكذلك من اليسار والتيار الناصرى لم لهما من عداوة قديمة مع السادات منذ توليه السلطة ,وهكذا جائت مقولة السادات وان كانت تقارب الواقع إلا انها لاقت معارضة الجميع وهو وضع عجيب لم يحدث لأى زعيم او رئيس مصرى من قبل فالسادات فى آخر ايامه حاز وبجدارة على معارضة الجميع بل نستطيع ان نقول ان السادات قد وحد الاسلاميين والناصريين واهل اليسار وكذلك المسيحيين الأصوليين الجدد ومع كل هؤلاء اتفق ايضا على معارضة السادات اليمين الاسرائيلى لشعوره بالخوف من السادات , وهنا فقد توفر للسادات عداوة جميع المتعارضين بينهم وبين بعضهم وهو موقف يُحسب للسادات ,إذ كيف يتفق الاسلاميون والمسيحيون والناصريون واليساريون واليمين الاسرائيلى على معارضة السادات ومحاولة التخلص منه , وهنا ايضا يرد سؤال تاريخى هام وهو مَن مِن كلِ هؤلاء المعارضين يستطيع ويملك القوة للتخلص من السادات ؟ وطبعا لا تكون الاجابة إلا ان اليمين الاسرائيلى المحترف صاحب التاريخ الأسود فى الإرهاب هو الذى كانت له اليدُ العليا فى التخلص من السادات عن طريق حادث المنصة الشهير , وان إفتخر الاسلاميون بأنهم قاموا بهذا العمل إلا ان الواقع يقول أن من قتل السادات هو من خطط ودبر وفى النهاية إستعمل السُذج ونال ما يريد , ولنا فى أحداث الحادى عشر من سبتمبر اكبر دليل ..........
نعود الى عُنوان المقالة وهو الدين والسياسة ,وكى نحاول ان نفهم مضمون العنوان نشير الى الأحداث الآتية بدون تعليق ونترك التعليق للقارىء وذكائه ...
فى سوريا فى عهد الاسد الاب والابن تم التنكيل بالتيار الاسلامى الاصولى السنى المعارض وتم مواجهته باقصى انواع الفتك حتى ان النظام السورى فى السبعينات قام بأكبر مواجهة للاسلاميين السُنة من الاخوان المسلمين فى مدينة حماة , مع العلم ان النظام السورى هو نظام علوى على مذهب النصيرية وهم طائفة شيعية ,والظريف ان هذا النظام الشيعى تحالف مع حماس وهى المنظمة السنية المقربة من الاخوان المسلمين وكأن الاخوان المسلمين فى حماس غير الاخوان المسلمين المعارضين فى حماة وحمص وغيرها من المدن السورية , بل إن الصورة تتضح اكثر واكثر فالاكراد وهم احفاد صلاح الدين الذى قضى على الدولة الفاطمية الشيعية فى مصر والشام , هؤلاء الاكراد تحالفوا مع النظام الشيعى فى العراق وذلك بتأييد من امريكا ضد السُنة وهم الاغلبية فى العراق , ونعود الى حماس فنجدها وهى اساس الدعوة الاسلامية السنية الاصولية تتحالف مع ايران ومع حزب الله الشيعى فى لبنان, وكأن الدين شيىء والسياسة شيىء آخر.
وفى صورة أخرى للخلط بين الدين والسياسة نجد ان أمريكا واسرائيل وايران وبينهم مابينهم إلا أنهم اتفقوا جميعا على تمزيق العراق فأيدت ايران غزو العراق ومعها اسرائيل وطبعا لتمزيق العرب وتشتيتهم ونجد ان ايران عدوة امريكا تتآلف مع امريكا ضد طالبان السنية المتآلفة مع القاعدة السنية هى الأخرى وكأن الدين لعبة تلعب بها السياسة !!!!
ولا ننسى ان صدام حسين عند غزوه للعراق لم يسانده إلا التيار الاسلامى ( الاخوان فى مصر والاردن وفلسطين(حماس) ولنتذكر النكتة الشهيرة عن الاسلاميين فى تبريرهم لغزو صدام حسين للكويت حيث أولوا حديث رسول الله (كل بيمينك ثم ما يليه) اشارة تافهة لغزو الكويت التى تجاور العراق وهكذا اصبح الدين العوبة سمجة فى يد السياسة .......
صدق السادات حين قال لا سياسة فى الدين ولا دين فى السياسة
والى الأخوة المتدينين الذين فهموا مقولة السادات خطأ , نقول ان الدين وهو اساسه الشريعة والاخلاق والمعاملات لا يتفق مع السياسة واساسها الخديعة والكذب والنفاق وصدق الخليفة عمر ابن الخطاب حين قال ( لَستُ بالخِبِ ولكن الخِبَ لا يخدعُنى) أى أنه يقول لست من أهل السياسة المخادعين ولكن هؤلاء السياسين لا يخدعوننى , وكذلك عندما دخل رسول الله مكة فاتحا ودخل معه ألاف المسلمون وقف ابوسُفيان يخاطب العباس عم النبى قائلا له ( إن مُلك ابن أخيك اليوم مُلكا كبيرا) فقال له العباس مصححا ( بل إنه الدين والرسالة) ...
وهكذا لا مُلك مع الدين والرسالة ولا سياسة مع الدين ......
التعليقات (0)