الدين والسلوك الأخلاقي والمرجعيات
الدين نمطان من الممارسة في الحياة اليومية, الأول نمط السلوك النفساني الذي يعتمد تهذيب النفس وتربيتها على منظومة من الأخلاقيات تمثل القيم العليا في كينونة الإنسان والنمط الثاني هو السلوك العملي في التعاطي مع الأحداث والوقائع اليومية. وكما نعتقد أن كلا الأمرين منظّم ضمن قوانين السماء التي أرسل بها الأنبياء.
بمعنى أن الدين ينظّم مجموعة الغرائز والطبائع الدوافع النفسانية ليهذب سلوك الإنسان ومن خلال تهذيب الفرد الروحي وتنظيم علاقته مع الآخرين يمكن بناء مجتمع فاضل وصولاً إلى دولة عادلة .
ومن هنا أخذ فهم عام لرجل الدين هذا الفهم يقوم على ملازمة بين التقوى وسلوك رجل الدين العملي علماً أنه لا ملازمة بين الوازع النفساني والسلوك العملي اليومي فمثلاً يمكن أن يكون الإنسان مصلياً لكنه في نفس الوقت يكون مرائياً يبتغي المكانة الاجتماعي ويبتغي أن يكون محط احترام الآخرين.
وهنا وقع الكثير بالسير الأعمى خلف رجالات الدين ظناً بصلاحهم متناسين أن رجل الدين ليس إلا ذلك الشخص المحّمل بكل طبائع الإنسان الحسنة والسيئة منها وهو كأي فرد على وجه البسيطة يخوض المعترك الداخلي بين جانب الخير وجانب الشر في داخله وقد ينتصر على نفسه الأمارة بالسوء أو لا يتنصر فيصبح وبالاً على المجتمع إذ يسخر كل المنظومة الدينية لصالح شهواته ونزواته الدنيوية وبذلك يصبح من علماء السوء الذين حذرت منهم الأخبار.
و قد يضعف البعض أمام المغريات نتيجة الظروف التي يمر بها فتدفعه إلى أن يكون مفتياً في بلاط الظلم, وهنا يفسر الأمر على أنه أجراء قهري, لكن أن يعيش الإنسان وبين يديه ثروات قارون وتجبى إليه الأموال من كل أصقاع المعمورة ويفتي بما يخالف شرعة الدين الحنيف فكم من التدني وصل إليه هذا الشخص .
وكمقارنة بين شخصية الزهري العالم الذي دفعته ظروفه للعمل في البلاط الأموي وبين السيستاني الذي يمتلك من الأموال ما يعادل ميزانية دولة يقول المحقق الصرخي الحسني ((هل أن الزهري ذاب في المشروع السلطوي الأموي كما ذاب السيستاني في مشاريع المحتلين بمختلف توجهاتهم وتناقضاتهم , فكان خير من نفذ لهم وخدمهم !!؟ فأما السيستاني فلا نقاش فيه , وأما الزهري وحاجة الزهري المالية للأمويين هي التي أجبرته على طرق أبوابهم)) ومن هنا نفهم أن هنالك ظروفاً ضاغطة جعلت الزهري يفشل في الاختبار ومن هنا نقول أن بذرة الصلاح لازالت في نفس الزهري , لكن عندما لا نجد سبباً يدعو السيستاني أن ينبطح للمحتلين ويمرر مشاريعهم ويوجب انتخاب الفاسدين ويدعو إلى قتل الأبرياء عند ذلك نتيقن أن السيستاني لم يخض معركة نفسانية داخلية فشل فيها بل إنه لم يرق يوماً واحداً في حياته ليواجه الشر قد استحكمت نفسه الأمارة بالسوء على كل كيانه ولربما هذه هي السر الذي يجعل السيستاني ليس بمقدوره الخروج ولو لمرة واحدة آمراً بالمعروف أو ناهياً عن منكر.
التعليقات (0)