الدين والتدين نقد وليس هجوم
تعليق كل قضية على الدين أو على التدين "السلوك" ليس صواباً بل هروباً من الحقيقة أو دليلاً على الفشل المعرفي , الدين قيمة والتدين سلوك وتطبيق للقيمة قد يكتنفه الخطأ والصواب تبعاً لفهم الفرد ومدى وعيه , المجتمع السعودي وبعد الحادي عشر من سبتمبر 2001م استنشق هواء حٌرية التعبير بشكلٍ جزئي فصب جام غضبة على التدين وعلى المؤسسات الدينية الرسمية والغير رسمية [مؤسسات المجتمع المدني ذات الطابع الخيري والتعليمي "جمعيات تحفيظ القرآن الكريم "] نٌخب المجتمع الثقافية والفكرية قادت ذلك الغضب فاستخدمت المجتمع ووسائل الإعلام "الصحافة " لتصفية حساباتِ مع تيار يحتل مساحة كبيرة من النسيج الاجتماعي والثقافي الوطني , النقد البناء حقٌ مكفول للشخص أياً كان فلا عصمة لأحد ولا قٌدسية لأحد أياً كان , لكن هل ما يتعرض له التيار الديني والمؤسسات الدينية الرسمية والغير رسمية منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001م وحتى اليوم "بعد الربيع العربي 2010م " يدخل ضمن إطار النقد البناء وتسليط الضوء على الأخطاء وكشف الحقائق ؟
في الحقيقة والحقيقة مٌرة ما يحدث اليوم وما حدث بالأمس البعيد والقريب لا يدخل ضمن النقد البناء وتسليط الضوء على الأخطاء وكشف الحقائق بل يدخل ضمن إطار تصفية الحسابات القديمة ومقابلة الإقصاء بدعوات إقصاء مماثلة وهذه حقيقة وليست خيالاً , من حق كل طرف أياً كان الطرح الفكري والثقافي لكن ليس من الحق تشويه الآخر والدعوة إلى إقصاءه مهما كانت المٌبررات , سنوات مرت والواقع الثقافي والفكري بين مد وجزر المصادمات بين تيارين فكريين يحتلان مساحة كبيرة من الشأن الثقافي والفكري " التيار الديني بمدارسة المختلفة , التيار التنويري بمدارسة المختلفة " الواقع اليوم يدل على أن حقبة المصادمات القديمة أفرزت طرح مختلف عن الإقصاء طرح يرى الحل في إنهاء وجود التيار المٌضاد فالتطرف وصل لمرحلة غاية في الخطورة .
القاري بتمعن فيما يٌكتب بمواقع التواصل الاجتماعي " تويتر كمثال " يٌلاحظ أن طرح الشباب والشابات المحسوبين على التنوير وهم أبعد من ذلك لا يخلو من توجيه أصابع الاتهام للدين والتدين بشكلٍ مباشر وغير مباشر فكل مشاكل الوطن ومشاكل العالم صنعها المتدين وصنعها المتطرف وهم بذلك يتطرفون ويتزمتون دون وعي أو إدراك , هناك مشكلات وقضايا تسبب في وجودها التطرف الديني المضاد للوسطية والاعتدال وهي حالة بحاجة لعلاج وليس توزيع اتهامات , الشباب السعودي ذكوراً وإناثاً أمام طريقين إما التطرف الديني والسلوكي واللفظي "الإرهاب , التكفير, العنف , التشدد الخ "وإما التفسخ المعرفي والأخلاقي وهذه مرحلة مرضية متطرفة هي الأخرى , أظن أن على المؤسسات الدينية الرسمية والغير رسمية والشخصيات المحسوبة على التيار الديني والتيار التنويري والمؤسسات الأكاديمية والتعليمية أخذ القضية على محمل الجد فاستمرار المصادمات وتصيد أخطاء الشخصيات والمؤسسات وتضخيم الأحداث والوقائع واستدعاء قضايا قديمة يعني استفحال الأزمة وتضخم العٌقد الفكرية الخبيثة " الألحاد , التطرف , التزمت , شرعنت التطرف المضاد الخ " انتهاء ظاهرة تعليق الأخطاء على الدين والتدين تتطلب جهوداً مؤسسية وفردية خصوصاً من الذين يتصدرون المشهد الثقافي والفكري , الدين قيمة والتدين سلوك والنقد البناء يعني التصحيح وهذا ما يجب أن يعيه كل من يٌعلق الكوارث على الدين أو التدين السلوك الذي أصبح محاطاً بأسلاك شائكة صنعها العقل البشري بتزمته أو بتفسخه ؟
التعليقات (0)