مواضيع اليوم

الدين ليس بديلا للحياة ..

صادق البصري

2009-03-28 04:40:18

0

الدين ليس بديلا للحياة..

 

منذ الأزل كان الإنسان وما زال يبحث عن أجوبة لأسئلته الكثيرة التي لا أجوبة مقنعة تحل ألغازها ، ولا علاج حقيقي يسمل جرح خوفه الأزلي ،وما أكثر قلق الإنسان ومخاوفه ، في حياته القصيرة الممتدة من الطفولة حتى الشيخوخة ،فحين يعجز هذا الكائن الضعيف يصل الى مرحلة الاستسلام لجهله ، فيعمد الى حيلة التبرير ،تبرير كل سلوكياته بما يؤمن القناعة لديه انه على الطريق الصحيح والسكة المفضية للسلامة حسب اعتقاده ، وهذا الإنسان الخائف بطبيعته هو بالحقيقة لايريد فهم حقيقة الأشياء والظواهر الغريبة بالنسبة له كتحد علمي بحثي، بقدر مايريد طمأنة مخاوفه تلك التي ترافقه كصنو لمسيرة حياته ، وأجتراح الوسائل الكفيلة للدفاع عن نفسه والنأي بها عن الإخطار المحدقة في زحمة قلقه المزمن ..هنا يبرز دور رجل الدين بوصفه مفتاح الحل ، ذلك الممثل البارع بهالة التقديس وبهيئة الناسك لتقمص دور المنقذ ،لتلقف أولئك الخائفين ، ليس لمساعدتهم لتخطي خوفهم وكشف الحقائق إمامهم، لابل لتخديرهم وأخافتهم أكثر، بحلول لأسئلتهم تكون غالبا غيبية ما ورائية أكثر تعقيدا ، باعثا فيهم روح اليأس ونافخا فيهم شرارة الانتقام والعدائية حسب ما تقتضيه مصالحه بما يؤمن فوقيته ، جاعلا منهم غائصين أكثر بالوهم والارتباك والحيرة ، فيبدأ حينئذ سلوك التطرف والانغلاق والانعزال لدى هؤلاء الشباب الخائفون ، وهو ما يصبو إليه ذلك ألداع لضمان سلطته ، ولأجل إنضاج تلك العينات من الإثمار الهجينة السامة في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، تنشط مؤسسات وأحزاب ممولة ذاتيا أخذت على عاتقها بدون تكليف مهمة استغفال المجتمع متخذة من الطبقة السفلى منه أي المجتمع ملاذا لها و تسعى جاهدة لبسط نفوذها وتعميم أفكارها بين الشباب في المناطق الشعبية الفقيرة بكل الوسائل ، ليس لشيء سوى أنها الصوت الأعلى وتمتلك الحقيقة المطلقة لتصنع لنفسها سلطة تقارع من خلالها المخالفين والخصوم لمنهجها ، وفي مقدمة مشاريعها محاربة كل فكر مستنير يفضح توجهاتها ويكشف زيف تعاليمها ، محذرة بإلحاح إتباعها من العلمانية من على منابرها بوصفها عدوا جديدا يجب محاربته بكافة الوسائل ..
إفراد وأحزاب ومؤسسات دينيه لاتطيق العيش ألا في عتمة الماضي من الزمان ، فتغذيه على أساطيره؛ وتتخذ منه مهنه تعتاش عليها ؛ خالطه الأوهام بالحقائق ؛وغايتها ربط عنق إنساننا المغلوب على أمره إلى عنق ناقته ؛ ومسمرة قدميه إلى وتد خيمته أو (صريفته) باعتبارها قدره ومصدر تميزه ؛جاهده لترقيع ما اهترئ منه ساعية لإضفاء صفة القدسية عليه ؛ وفي الغالب الأعم تستند هذه الأطروحات المتخلفة إلى بقايا أفكار ونظريات زرعت في خفايا العقل العربي الإسلامي تزعم إن العلمانية كفر والحاد وتهتك وابتذال ومجون وشرب الخمور وأباحيه وفسق ومروق وما إلى ذلك مما تكتظ به لغة المتخلفين حين يتصدون لمناقشة قضيه ما من على منابرها ؛وفي خضم الفوضى التي تثيرها هذه الجماعات والتجائها المتكرر للتخويف الديني والترهيب من جهنم التي ستفتح أبوابها للعلمانيين ! تتجاهل هذه الجماعات المنطق كعادتها ولا تسمح لأحد بإثارة اسئله من قبيل ..من وضع وأسس حضارة كتلك التي تجاوزتنا بقرون والتي ندور جميعنا في فلكها ؟ وكيف يغزو الإنسان المتهتك الغارق با اللهو والفسق والمجون الفضاء الخارجي ؟وكيف يتسنى للأمم العلمانية المتهتكة إن تصمم هذه الصروح العمرانية الضخمة ، ودولا حديثة قويه اقتصاديا وعسكريا وثقافيا ؛ أم كيف تصمم هذه العقول برامج الكومبيوتر التي تبث الصور من كوكب المريخ إلى أرضنا المبتلاة (بالمقدس ون) ؟ وكيف استطاعت تلك الأمم أن تتغلب على مشاكل الإسكان والصحة والتعليم والخدمات بالنسبة لمجتمعات دولها الفاسقة !؟
ونضل نحن نردد..ممجدين.
هذا شيخ نابغة بالفقه (عالم)، وذلك ملك معظم ، وهذا أمير جماعه ليس كمثله أمير، أو أمير مؤمنين مفدى، أو ولي فقيه فطحل بفتاوى الحدود (والعبادات)؛ ومن حرب إلى أخرى ومن فتنه إلى مؤامرة ومن كارثة إلى ثانيه ؟ ..
إن أمما ترقص حتى الصباح وتنعم بالليالي الملاح ؛ لايمكن لها إن تبني حضارة ؛ إنما تقوم بالأساس على عمل كل فرد بالغ مخلص من رعاياها؛
ففي أوربا واليابان ينصرف الرجل والمرأة كلاهما وبجل وقتهما إلى العمل لذاتهما وللمجتمع ؛ وفي الكثير من هذه الأمم (الفاسقة ،المارقة ،الكافرة)
يكتسب العمل إبعادا أعمق مما هو مألوف لدينا (نحن المؤمنين ،المتبتلين في حدود دولنا الصحراوية المقدسة) إذ يتجاوز العمل لديهم هدف توفير الاحتياجات الحياتية وينطلق باتجاه البحث عن تحديات تشعر الفرد بقدرته على تجاوزها وتثير في أعماقه متعة الانجاز والتغلب على المشاكل كما يحظى الوقت واستثماره والتحكم به باهتمام لا تعرفه مجتمعاتنا ذات الخصوصية ألمقدسه !! التي تهدر الوقت بقدر ما ماتهدر من الجهد والدم لمحاربة طواحين ( دون كيشوت ) التي تحاول تدمير مقدساتنا !؟
وكمثال في واحده من هذه العلمانيات الصغيرة لمن لايروقه كلامنا وهي (هولندا) التي لا يتجاوز عدد سكانها إل15 مليون نسمه والتي تسهم ب4% من إجمالي الإنتاج العالمي ؛ يحمي دستورها العلماني حرية العبادة وحماية المتدينين بتوفير الحرية الكاملة للعبادة
لكل ذي عقيدة ويمنع تدخل ألدولة في الدين باعتبار الدين اختيار فردي للمرء؛وتشهد بذلك أجيال من العرب والمسلمين هاجرت إليها وتنفست عدالة قوانينها ..
كما تمنع ألدوله العلمانية أي فئة دينيه من اضطهاد أي فئة أخرى مهما كانت؛
وكنتاج للحرية الممنوحة للدين والفرد معا وتحرير الفرد من كل إشكال الضغط بغية اختيار دين أو معتقد معين..
تجد إن من يتبع ديانة معينه هناك يتبعها بفهم وإخلاص وعمق وبقناعه بعيدا عن الخوف من سطوة مرجعيه أو ارتجافا
من عاقبة فتاوى..!؟
إن ألدوله العلمانية تفتح إمام العقل البشري حرية الاختيار وتمهد الطريق للراغبين بمعرفة الله والاقتراب منه دون خوف
أو تهديد ؛ وهي بتوفيرها أساسيات الحياة لأبنائها إنما تقف بموقع اقرب إلى الدين السماوي الحقيقي الذي يفترض انه يريد الخير للبشركل البشر من ألدوله الدينية التي
عبرت ممرات التاريخ خائضة بدماء ملايين البشر باسم (الله)..

إذا كان هناك صراع ألان في مجتمعاتنا فأنه بلا شك بين ظلاميين متخفين وراء الطائفية والمذهبية واختلافاتهما ، وبين عصريين تنويريين
لايميزون بين الناس على أساس العرق ،واللون والديانة والمذهب والعشيرة ...!
وكمثال بسيط ولفضح مستوى تفكير إتباع تلك الأحزاب الظلامية وما يشف من سلوكياتهم وهم في هرم السلطة حاليا ، إذ
يعتقد متديننا الغارق بالتسبيح والحوقلة إن طاعة (قانون الدولة أو الدستور) ليست من الدين لهذا من السهل عليه إذا كان مسؤول أوذو منصب في ألدوله إن يرتشي أو يسرق المال العام أو ينكث بعهده أو يحنث بقسمه ، كون قوانين الدولة المدنية هي قوانين وضعية ليست من الله فهو بالتالي غير محاسب أمام الله على ما يسرقه ويجنيه من الرشوة كما يتصور ويعتقد !! وهي طامة كبرى في تصنيف القوانين حسب اجتهادات زعمائهم الروحيين ،منافيا بذلك حدود قوانين الدول المرعية فيها باعتبارها حضارية عصرية وضعها عقل الإنسان لتعاصر متطلبات زمنه مراعيا بذلك حقوقه وواجباته ..
قد إن الأوان للجميع إن يعرفوا إن الدين ليس بديلا للحياة إنما وجد لخدمة الحياة..وقد نقبله فنتبناه وقد لانقبله فنبحث في غير الدين عن سواه
إذ ليس للسما دين واحد في الأرض يضع جميع أهل الأرض في مركب واحد ويحملهم إلى السماء ؛
في كل دين مذاهب متعددة ..والأديان طريقه للتعبد وليس للحكم وقيادة الدول والاضطلاع بتوفير الخدمات للمجتمع ، فضلا عن أن تعاليمها لا تصلح لكل الأزمان، ولاندعي أنها أصلح الطرق المؤدية إلى المعبود ! ولانستطيع إن ندعي أنها ألطريقه المثلى للحياة ..فإذا كانت الديانات اسبق من المذاهب في الظهور ؛ فأن القبائل اسبق من الأمم في الوجود .. وما نستنتجه من ذلك بغير غباء أو مواربة ربما تنطلي على بسطاء الناس ممن هم سائرون بركاب من يدعون أنهم مقدسون نقول إن
الطريق إلى الله لن ترسمه لنا بالتأكيد الأحزاب الدينية التي تعتاش على الدين الخلافي العدائي لتمتلك مسوغ بقائها في السلطة الى مالا نهاية
إذ هي تخلط أوراق السياسة بالدين فتعمد للتطرف وتأكيد الولاءات ألضيقه لضمان استمرار تسلطها وديمومة مكاسبها على حساب حياة الناس وطموحاتهم وآمالهم وحرياتهم الشخصية ومستقبل وطنهم واستقراره ، وثروات أجياله .

 

 

 

صادق البصري
12/7/2009





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !