تمر اليوم الذكرى الثامنة للأحتلال الصهيو- أمريكي للعراق ، هذا الأحتلال اللذي تم بعد أن ضربت الولايات المتحدة وبعض حلفائها ، "وليس جميعهم" ، الشرعية الدولية بالجزمة .
وفي هذا اليوم ، قام الشعب العراقي اللذي قتله وشرده وعذبه وجوعه وسرقه الطاغية ، بضرب تمثال هذا الطاغية بالنعال والجزمة ، عله يشفي غليله منه .
ولكن أذا طالعنا أخبار اليوم بالذات فسنجد أن القوات الأمريكية الغازية قد تعرضت لعمليات أطلاق نار للمرة السادسة خلال شهر في مدينة النجف الأشرف ، وهذه دلالة واضحة تعبر عن رأي الشارع العراقي بهذا الأحتلال بعد ثمان سنوات .
كانت حجة أدارة بوش اليمينية المتطرفة لتبرير هذا الغزو هي الحرية والديموقراطية للعراق والمنطقة ، حيث لم تفارق جملة الشرق الأوسط الجديد شفاه الكذابين بوش وتشيني ورامسفلد ورايس في حينها ، والكل أصبح ينتظر نموذج العراق اللذي بشر به البيت الأبيض .
اليوم ، بعد ثمان سنوات من الأحتلال والديموقراطية والأنتخابات النيابية والمحلية ، تكرست في العراق الطائفية الى أبعد الحدود ، وأصبحنا دويلات يحكم بعضها المالكي وبعضها الآخر علاوي ، وجزء منها المطلك ، وجزئها الآخر عمار ، وأجزاء منها برزاني وطلباني وأجزاء أخرى مقتدى والعاني ، وأصبح العراق أرضا لأصطياد الأرهابيين اللذين يدخلونه من كل مكان على حدوده ، تماما كما أراد الأحتلال اللذي وضع دستور الطائفية والتقسيمات بأنواعها كي يبقى العراق ضعيفا مقسماً .
اليوم في العراق ، قل لي في أي وزارة تعمل ، أقل لك من أي طائفة أنت ، سنيا أم شيعيا ، كرديا أم عربيا ، مسلما أم مسيحيا ، فالوزارات الديموقراطية أصبحت توزع بالحصص كما توزع المواد الغذائية بالبطاقات التموينية .
اليوم ، بعد ثمان سنوات من الأحتلال والديموقراطية ، لازال العراقي يهان في نقاط التفتيش ، ولازال يدفع الرشاوي لأفرادها ، ولازال يسجن ويعذب ويقتل في سجون سرية تديرها الحكومة والأحتلال والأحزاب الحاكمة منها والمعارضة على السواء ، وهو أمر أنفرد به العراق عالميا .
اليوم ، لا يزال الشعب العراقي لا يعلم أين تذهب المليارات اللتي يكفي نصفها لبناء دولة متوسطة الحجم من الصفر ، بينما يتلضى أبنائه من الحر كل صيف لأن وزارة الكهرباء لاتملك الميزانية الكافية لترميم ما دمره الأحتلال وصدام والأرهاب .
العراق الديموقراطي أصبح مثلاً خوف مبارك به شعبه من الديموقراطية ، ولايزال القذافي وعبدالله آل سعود وبشار وعلي صالح يخوفون شعوبهم من أن تصبح بلدانهم مثله .
بعد ثمان سنوات من الأحتلال الأمريكي للعراق ، أصبح الأحرار في كل مكان يطلبون المساعدة الدولية من السماء فقط ، ويرفضون مساعدة جنود أمريكا والناتو على الأرض ، خوفا من أن تدنس أرضهم بأحذية هؤلاء الجنود وأن يحصل لبلدانهم ماحصل للعراق ، كما رفض شباب 25 يناير وأحرار تونس أستقبال الوزيرة كلنتون لأنهم باتوا يعرفون ماذا تعني المساعدة الأمريكية - الغربية .
اليوم ، وبعد ثمان سنوات ، أثبت التأريخ أن أي أحتلال لايضحي بأرواح جنوده وملياراته ليساعد شعوبا يحتلها ، فما بالك بشعوب يعتبر نصفها أرهابيا ، ونصفها الآخر مشاريع أرهابيين .
بدلاً من أن يصبح العراق ملهما للشعوب بالثورة على الظلم والطغيان والدكتاتورية ، الهمت ثورات تونس ومصر وليبيا الشعب العراقي ، فبات يتظاهر يوميا مطالبا بالحرية من الأحتلال أولا ، ومن أحزاب الحكومه والمعارضة ثانيا ! وها هو يموت بالغازات والرصاص المطاطي والحي في شوارع بغداد والبصرة والكوت والنجف والديوانية والسليمانية والموصل ، تماما كما يحصل للمتظاهرين في عدن ودرعا واجدابيا ، وكما حصل في تونس والقاهرة ، أي أن الديموقراطية أصبحت تسير بالأتجاه المعاكس للذي بشر به بوش الأبن ، واللذي قذفه الشعب العراقي بذات الحذاء اللذي ضرب به تمثال صدام العفن .
لذا ، وبعد ثمان سنوات من الأحتلال ، ليس لنا ألا أن ندعوا الله بأن يلعن صدام وأعوانه ، والأحتلال وأعوانه ، والأرهاب وأعوانه ، والصداديم الجدد واعونهم ، وأن يلهم الشعب العراقي القوة على التخلص من جميع هولاء ، وأن يعين الأحرار في كل مكان على جلاديهم ، أنه مجيب الدعاء .
التعليقات (0)