الديمقراطية.. ولكن
المجالس (26) 16/2/1988م
أكثر ما يمكن تفسيره بسوء نية هو التعامل بحسن نية..
وعلى مر التاريخ.. لم تكن حسن النية وحدها كفيلة بانتقاء الشوائب.. وسلامة التقدير وقد يكون التعامل بحسن نية مقبولاً إلى حد ما بين شريكين في تجارة، أو زميلين في جامعة، أو جارين.
لكن أن يوكل إلى حسن النية بقضايا تحتل الحيز الأكبر من اهتمامات البعض وتحتل بعض اهتمام لدى الأغلب الأعم.. فذلك مالا نتفق عليه.
وفي المسائل الانتخابية تكون حسن النية مدعاة للتفسير المعكوس.
ومن الأمور التي تستدعي العجلة ي التناول "حسن النية" في تسجيل أسماء الناخبين ويتبادر إلى الذهن شعار قديم بأن للمواطن على الدولة حقوقاً ينبغي الوفاء بها وأن على المواطن واجبات إن هو قصر فيها سقطت بعض حقوقه.
ولعل أغرب من رؤيتك ذيل الناقة في جهتها هذا التسامح في إعفاء المواطن من واجباته. إذ كيف تكون قضية في حجم انتخابات مجلس الشورى أقل حظوة في الحرص والحيطة والدقة من مقهى شعبي في العاصمة أو غيرها من المدن الرئيسية.
فمنذ بضعة أعوام بات من المعتذر على أي لوكندى فندق شعبي أن يقبل ولمدة ليلة واحدة بزبون واحد لا يحمل البطاقة الشخصية في حين يكون لأي إنسان حق قيد اسمه في سجل الناخبين والحصول على وثيقة الانتخابات بمجرد تعريف من عاقل الحارة أو عدل أو شيخ العزلة؟.. لتأخذ القضية من جانب آخر.
الانتخابات القائمة التي سبقتها أم التي تليها هي عملية ديمقراطية ذات بعد حضاري.. وحيازة البطاقة الشخصية تؤكد حرص الإنسان على هويته الوطنية وتلك لعمري قضية حضارية.
إذاً فما الذي يمنع من الربط بين بعدين حضاريين في آن واحد..؟
لقد كان لولا أن لله في خلقه شئون كان في مقدورنا أن نقسم الفترة الزمنية المخصصة لتسجيل قيد الناخبين إلى فترتين الأولى لرجال السل المدني والأحوال الشخصية ومن يستعان بهم لمنح البطاقة الشخصية.. والفترة الثانية لقيد الناخبين.. ولو كان قد تم لكنا أفدنا من الحديث النبوي القائل "اعقلها وتوكل".. بدلاً من حكاية "يس، والحلبة".
التعليقات (0)