مواضيع اليوم

الديمقراطية والقبيلة في افريقيا

 

 


الديمقراطيــــة والقبيلـــة فــي أفريقيـــــا
الصومـــال أنموذجــاً

 


ورقة مقدمة إلى الندوة الدولية حول (أفريقيا الحاضر وآفاق المستقبل)
نيامي – النيجر 2008ف

 


د. اشقيفـــه الطاهــر سعيــد
جامعــة السابــع مــن أبريــل
الزاويـــة – ليبيـا

 


مدخل: السؤال السياسي

أي ديمقراطية؟ وأي إصلاح؟
لا يتعلق السؤال السياسي بحالة الديمقراطية في أفريقيا وحسب أو وصف التحول الديمقراطي (الدمقرطة) تقدم أو تراجع، تطور أو انكماش في موجاته الأولى والثانية والثالثة حسب تصنيف صامويل هنتغثون وتطبيقات الليبرالية السياسية في أفريقيا (التعددية الحزبية والمجالس البرلمانية، والانتخابات التنافسية والتمثيل السياسي..)، إذ يتعلق السؤال السياسي بالمحصلة النهائية والنتائج المرتبطة بتلك التطبيقات التي دفعت لها أفريقيا دفعاً تحت ضغوط المشروطية (المساعدات والإعانات والقروض والهبات)، وتحت ضغوط العزل والحصار والتهميش، والتي وضعت أفريقيا أمام تحديات تمس الأمن الاجتماعي والاقتصادي وأزمات كثيرة اتسمت بالصراع والعنف بين أحزاب مختلفة وقبائل كانت متعايشة متجاورة، "حيث يمكن أن تفضي الأزمة الحالية إلى تجريد أفريقيا من نمط التنمية الاقتصادية المفروضة من الخارج والذي يؤدي بدوره إلى مزيد التخلف والتبعية، كما يمكنها تخليصها من نمط الليبرالية السياسية المفضي إلى إقامة أنظمة ديمقراطية زائفة"(1).
أكثر من 26 دولة أفريقية شهدت منذ تطلع تسعينيات القرن الماضي انتخابات تعددية هي ذاتها الدول التي تشهد اليوم صراعات مسلحة وصدامات عنيفة ومواجهات دموية للوصول إلى السلطة وتعيش الفوضى والحروب والمجاعات واللاجئين (زيمبابوي، كينيا، الصومال روندا، بورندي، انجولا، السودان، تشاد، الكنغو...الخ).
المشكلة ليست في واقع التعدد والتنوع (القبلي والديني والأثني واللغوي والعشائري...الخ)، الذي هو عنصر تنوع يغني الديمقراطية إذا وجد النظام الديمقراطي القادر على استيعاب هذا التنوع وصهره في بوتقة المساواة في الحرية والحقوق والواجبات (المواطنة) والمشكلة كذلك ليست في النظام الاجتماعي القبلي إذا لم تسيس القبيلة وتسلح تحت مظلة اللافتات الحزبية بل في النظام الديمقراطي ذاته مؤسساته وأدواته وقنوات تواصله التي تجعل القبيلة رابطة اجتماعية وليست سياسية.
قضايا الإصلاح والديمقراطية في أفريقيا تمثل أشكالاً مزمناً وبدرجات متفاوتة ومتقاربة في عديد الدول الأفريقية وترتبط بالداخل ومطالبة والخارج وشروطه.
والسؤال هل أن الضغوط الخارجية قادرة على إقامة أنظمة ديمقراطية في أفريقيا؟
فالإصلاح كل شامل ومرتبط سياسي واقتصادي واجتماعي وتنموي يحتاج إلى رؤى وتفسيرات ونظريات وأدوات قادرة بالنظر إلى مجالاته المتنوعة ومستوياته المتعددة كالحريات والحقوق والمساواة واقتصاد السوق، والمجتمع المدني وحرية الصحافة ودولة القانون والمؤسسات الحكومية واستقلال القضاء والشفافية والنزاهة، وتداول السلطة والمشاركة السياسية وإلغاء التمييز وقوانين الطوارئ والمحاكم والقوانين الاستثنائية، ودور وظيفة الدولة والدستور، والمواطنة، وعلاقة الدولة بالمجتمع والقبيلة والمساواة بين الجنسين ودور المرأة والأقليات وهيكلة الاقتصاد والإدارة...الخ.
وتبقى حقيقة الإصلاح وضرورته، شروطه وأدواته ووسائله مسائل شائكة ومعقدة لاتصالها بتقاطعات ومصالح ومطالب الداخل الخارج كما سلف وتظل كذلك في غياب نظرية متكاملة للتحول الديمقراطي ذات رؤية تحليلية كلية تشخص وتنظم الواقع السياسي والاجتماعي الأفريقي وببساطة يمكن رصد إشكاليات التغيير السياسي في أفريقيا.
· التخلف الاجتماعي وهيمنة الثقافة القبلية والعشائرية.
· تأثر الممارسة السياسة في أفريقيا بنموذج الديمقراطية الغربية.
· افتقار علم السياسة الأفريقي إلى تجارب ورؤى ذاتية.
وباستثناء المدرسة الجماهيرية ظلت أفريقيا تحاكى الغرب وتنقل التراث السياسي الغربي وتطبيقاته رغم عيوبه الكثيرة لتطويعه للحالة الأفريقية منذ نشوء الدولة الوطنية في أفريقيا الأمر الذي عمق تبعية أفريقيا سياسياً (الفرنكفونية، والإنجلوفونية) إضافة إلى نتائجه الكارثية على التنمية وفشلها وعلى الصراعات وتأجيجها كما هو الحال في الصومال وكينيا وزيمبابوي..الخ ليس لأنه نموذج مصمم لمجتمع مختلف تماماً من حيث المكونات السياسية والمستوى المعيشي والنظام الاقتصادي والتركيبة الاجتماعية والمستوى الثقافي.. فحسب بل لأنه نموذج ثبت عجزه في حل إشكاليات تتعلق بالحرية وممارستها والمساواة وتحقيقها والديمقراطية وتحققها والمشاركة السياسية ووسائطها.. وبقدر ما تدعو الحاجة إلى ضرورة التسريع بخطوات الإصلاح السياسي حتى تتوخى أفريقيا مخاطر العولمة المتوحشة وضغوطات وأزمات الاقتصاد المعولم (الأزمة المالية مثلاً)، وتتوخى كافة إشكال الفوضى والحروب الأهلية التي تهدد أمن واستقلال واستقرار ووحدة أفريقيا وتعرضها لمزيد التدخلات الأجنبية والهيمنة والتبعية تحت غطاءات الديمقراطية ومبررات حقوق الإنسان وذرائع حماية الأقليات ودعاوى الإصلاح...الخ، لهذا فإن السؤال المهم الذي تطرحه هذه الورقة أي علاقة للديمقراطية بالإصلاح والتنمية؟ وأي ديمقراطية؟، والعالم يعج بنماذج مختلفة وممارسات متباينة ونظم متنوعة من الديمقراطيات المباشرة وشبه المباشرة وغير المباشرة، وأي إصلاح؟ الإصلاح المفروض والمشروط لتحقيق مصالح الدول المتقدمة (الدائنة) والشركات المتعددة الجنسية (المعولمة)، أم الإصلاح الذي تفرضه حاجات أفريقيا وتستوجبه احتياجات المجتمعات الإفريقية والذي يحقق مصالح أفريقيا ويتجاوب مع أوضاعها ويتناسق مع مواردها ويتفق مع ثقافاتها ويحمي خصوصياتها ويحافظ على استقرارها.
ويكفي هنا مجرد التذكير بأسباب ومسببات فشل وانتكاسة التنمية في أفريقيا في العقود الخمس الماضية إلى أسلوب ونظرية التنمية الرأسمالي وأزمة القروض والديون والاستثمار المشروط وإلى الارتباط بالغرب الاستعماري الذي لم تصفي مصالحه وإرثه وموروثة وتأثيراته بعد، وهكذا فشل التحول السياسي في أفريقيا في إنتاج مزيد الديمقراطية ومنح المزيد من الحريات السياسية أو على صعيد دمقرطة المجتمع ومشاركة الناس في الحياة السياسية، إذ أنتجت التعددية الحزبية في أفريقيا مزيد من الصراعات السياسية حول السلطة كظاهرة عامة أصبحت تسيطر على الحياة السياسية في أفريقيا وتطبع المجتمعات الأفريقية بطابع العنف والحروب الأهلية (الاحتكام للقوة) ويكفي هنا للتذكير بحالة الديمقراطية في عديد الدول الأفريقية التي اعتقدت أنها تخلصت من الاستبداد والتسلط الفردي المطلق والحزب الواحد والممارسات القمعية ومصادرة الحريات والإرهاب السياسي لكنها وجدت نفسها من جديد في دوامة العنف والصراع والحروب الأهلية واكتشفت أنها استبدلت استبداد وطغيان بأخر وأقلية بأخرى وقمع وظلم بأخر كذلك وبما لا يمكن من إنجاز أي إصلاح وتحقيق أي تقدم.
تناقش هذه الورقة أزمة الديمقراطية في أفريقيا وارتباطاتها المختلفة المتمثلة في:
- مشاريع ورؤى وأطروحات الإصلاح السياسي وعلاقتها بالصراع الدولي حول أفريقيا.
- ظاهرة (العنف السياسي) وعلاقته بالديمقراطية في أفريقيا.
- تسييس الدين والقبيلة والديمقراطية في أفريقيا (الصومال أنموذجاً).
- مستقبل الديمقراطية في أفريقيا.

أفريقيا من الاستعمار إلى التبعية
يمثل موقع القارة الإفريقية الذي يتوسط قارات العالم ويسيطر على أهم الممرات والمنافذ (قناة السويس، باب المندب، جبل طارق) ومساحتها التي تزيد عن 30 مليون كيلو متر مربع ودولها الـ 54 وسكانها الـ 925 مليون نسمة ومواردها الاقتصادية الهائلة (المائية والطبيعية، والمعدنية)، ثروات ضخمة تمثل نسب مهمة من الإنتاج العالمي 42% من الكوبالت 87% من الكروم، 5% من النفط، 55%من الذهب، 57% من المنجنيز(2)، 57% من البلاتينيوم، 60% من الككاو، 95% من الماس، 25% من اليورانيوم، 60% من الراديوم 25% من الفوسفات 15% من القصدير 6% من البوكسيت 4% من الحديد فضلاً عن المعادن النادرة أمثال: التتنالوم والفانديم والديليم والكروم، وغيرها، وفضلاً عن الإنتاج الزراعي والحيواني الهائل.
ورغم هذا الثراء الإفريقي في المياه والمعادن والأرض والزراعة ورغم هذه الوفرة في الموارد الطبيعية فإن اقتصاديات دول القارة الإفريقية في أغلبها ضعيفة ولا تحتل مكانة متميزة وموقعاً مؤثراً في الاقتصاد العالمي "من بين 49 دولة هي الأقل نمواً في العالم حسب تصنيف الأمم المتحدة للعام 2003 هناك 34 دولة أفريقية منها دول أفريقيا جنوب الصحراء"(3).
إن هذا الثراء الإفريقي في الموارد والسكان هو سر تسابق الدول الكبرى (الرأسمالية الدولية) للسيطرة على هذه الموارد واستغلالها (كمصدر أساسي للمواد الخام وسوق لتصريف السلع)، وهو ما جعل أفريقيا تقع فريسة للاستعمار المباشر (إيطاليا، أسبانيا والبرتغال وهولندا وبريطانيا وفرنسا...الخ، وتقسم إلى مناطق نفوذ واستعمار وتبعية لم تنتهي بانتهاء شكل الاستعمار المباشر ورحيل جيوشه بل ما زالت ضحية التسابق والتنافس والتكالب الدولي بين قوى كبرى أوربية وأمريكية وشرقية وغربية (فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة، الصين...)، للسيطرة على الثروة الإفريقية والاستفادة مما توفره السوق الاستهلاكية الواسعة، مما يجعلنا نفسر حالة التخلف والفقر وحالة الصراعات المسلحة والحروب الأهلية والنزاعات الحدودية.. لمدى ارتباطها بالمصالح الرأسمالية أو تعارضها معها أي بالدور الخارجي كمحرك للصراع وليس أدل على ذلك من التدخلات الأجنبية وتدويل جل الصراعات في أفريقيا مشكلة دارفور مثلاً وكذلك الصومال وكافة النزاعات في البحيرات الكبرى (الكنغو) وغيرها وهكذا يتم تدويل النزاعات الاجتماعية والإقليمية والحدودية (ارترينا- أثيوبيا)، شمال جنوب السودان، الصحراء الغربية، مثلما يتم تدويل الصراعات السياسية والخلافات الانتخابية (كينيا- زيمبابوي...).
وتثير المصالح الرأسمالية (الاستعمارية) في أفريقيا الصراعات السياسية وتقف حجرة عثر أمام أي إصلاح سياسي وليس أدل على ذلك من أن كل تعهدات الغرب (الدول الصناعية) بمساعدة أفريقيا في تحقيق التنمية المستدامة يجري تسييسها وتطويعها لذات المصالح الاقتصادية وبما يمكن من هيمنة الشركات الاحتكارية والسلع الرأسمالية على السوق والقرار الإفريقي فالدول الصناعية تتراجع أو تخل بتعهداتها لأسباب سياسية أو تضع شروط تعجيزية وعندما تعهدت مثلاً بتقديم مساعدات تنموية بـ12 مليار دولار عام 2006 لتعزيز التجارة والاستثمار بما يخدم مصالحها، والدول الإفريقية التي تم تخفيف ديونها الـ 22 دولة بـ19 مليار دولار عام 2006 هي تلك الدول التي تتبع سياسات اقتصادية سليمة وحكم رشيد حسب ادعاء الغرب وحسب تصنيف مؤشرات البنك الدولي فإن معايير درجة المشاركة والمسألة، الاستقرار السياسي واستخدام العنف أي الدول التي تنصاع لمطالب الغرب الرسملة والدمقرطة والخصخصة وتنفذ شروط التجارة الحرة (السوق المفتوح، الانتخابات التنافسية) التي لا تملك فيها الاقتصاديات الإفريقية الضعيفة البنية التحتية القدرة على المنافسة وليس أمامها سوى التبعية ومزيد السيطرة الخارجية.
بعد انقضاء حقب طويلة ومريرة من الاستعمار العسكري المباشر (الأوربي) لأفريقيا الذي تميز بقهر سياسي ونهب اقتصادي لا مثيل له تجد الدول الإفريقية الآن نفسها عاجزة عن إنتاج الديمقراطية وتحقيق التنمية والأمن الإنساني والبيئي والثقافي وفي مواجهة موجة الاستعمار الجديد المعولم تحت شعارات التنافسية والحريات وفي مواجهة تركة الماضي (الإرث الاستعماري) المتمثل في الأمية والتخلف والفقر والمرض والجهل وجملة المشاكل السياسية والاقتصادية والاجتماعية ووجدت نفسها في صراعات لا تنتهي حتى تبدأ من جديد.
1- صراعات داخلية للسيطرة على السلطة والمجتمع والدولة تكتسب طابع عرقي وقبلي وحزبي وديني...الخ.
2- صراعات خارجية سياسية واقتصادية مع قوى هيمنة أجنبية وضد التدخلات والاحتكارات الأجنبية (الاقتصاد المعولم)، تكتسب طابع التهديد بالعزل والتهميش والحصار.
3- صراعات حدودية بين الدول الأفريقية تصنعها جغرافية الاستعمار.
4- الصراع ضد التخلف الشامل زراعي- صناعي- تعليمي- وتقني لإنجاز التنمية وتحقيق التحول.
وهي جميعاً تجعل بؤر الصراع محتدم باستمرار في أفريقيا، "قامت القوى الاستعمارية في مؤتمر برلين عام 1885 بتقسيم أفريقيا إلى وحدات إقليمية وجزئتها إلى ممالك ودول وجماعات تعسفاً وضمت معاً بمزيد التعسف مناطق وشعوب لا صلة بينها وفي الستينيات ورثت الدول المستقلة حديثاً هذه الحدود السياسية ومعها التحدي الذي تشكله التركة لسلامتها الإقليمية وضاعف التحدي أن القوانين والمؤسسات الاستعمارية الذي ورثته بعض الدول الجديدة قد خطط لاستغلال الانقسامات المحلية لا للتغلب عليها(4).
وظهرت نتيجة ومدى فداحة الاستنزاف الاستعماري لأفريقيا بعد رحيل الاستعمار وتشكل الدولة الوطنية واستقلالها في ستينيات القرن الماضي لتجد نفسها دولاً فقيرة ومتخلفة حتى لو كانت تملك ثروات زراعية أو معدنية وموارد مائية وحيوانية ووجدت نفسها مضطرة لأن تربط نفسها من جديد باتفاقيات وترتيبات اقتصادية مع الدول الاستعمارية السابقة (اتفاقية لومي 1975، الشراكة الأورمتوسطية برشلونة 1995...الخ، من الاتفاقيات الجماعية والثنائية التي لم تخدم المصالح الإفريقية بقدر خدمة المصالح الرأسمالية.
تبقى مشاكل أفريقيا (الأمن- التنمية) كثنائية متبادلة ذات علاقة متصلة فما أن ينتهي نزاع حتى يبدأ أخر تعود جل أسبابها إلى جغرافية الاستعمار السياسية التي فرق فيها القبائل والشعوب الأفريقية لتشعل فتيل الصراعات ثم يطفئها بتدخله لضمان تواجده وتحصيل منافعه وهي مشاكل ونزاعات لن تحلها المساعدات المشروطة ولن تطفئها الوعود بمعنى أنها مشاكل مرتبطة بتسويات أفريقية محضة إعادة توزيع الموارد، تسوية خلافات الحدود، كفاءة الإدارة وضمان الحقوق الإنسانية.. والتي لا يمكن أن تتحقق إلا في ظل تفعيل الاتحاد الأفريقي، ومؤسساته (البرلمان الإفريقي المصرف المركزي الإفريقي، العملة الإفريقية، قوة التدخل الأفريقي، مجلس أمن أفريقي، محكمة عدل أفريقية...الخ، وهي مؤسسات تكامل وتكافل تمكن أفريقيا من العمل الجماعي لإنجاز التحولات وضمان استمرارها وتنقذها من مذلة استجداء القروض وتلقي الهبات(5).
في عصر العولمة والتكتلات الدولية والفضاءات الإقليمية تزداد المخاطر التي تواجه أفريقيا وتتحول إلى مشكلات عويصة وأزمات حادة تعصف بأفريقيا وتزيدها معاناة وتعمق مشاكلها وتفاقم أزماتها وهي تتعلق بمصالح الاستعمار الجديد (الرأسمالية المعولمة) وأطماعها في السوق والثروة الأفريقية وتتعلق كذلك بالتنمية نوعاً وكماً وبالمديونية ومصادرها وفوائدها وشروطها والتدفقات المالية وغاياتها وبالاستثمارات الأجنبية ومجالاتها وتتعلق بظاهرة العنف السياسي والصراع على السلطة ومدلولاته وأطرافه وتكشف تقارير التنمية البشرية عن واقع سيء ومحزن في أفريقيا على مختلف الأصعدة "إذ تحتل مؤخرة الترتيب الدولي فيما يتعلق بمتوسط دخل الفرد الذي قدر بنحو 440 دولار عام 1999 ويلاحظ في هذا المجال أن إجمالي الدخل الأفريقي لا يتجاوز الدخل في كوريا الجنوبية وأن الناتج المحلي الإجمالي في القارة بلغ نحو 2 مليار دولار للقطر الوسيط وهو ما يعادل إنتاج مدينة صغيرة من مدن الدول المتقدمة، وكذلك نجد أن متوسط الدخل الحقيقي للفرد عام 2000 يقل عما كان عليه الحال عام 1970، وأنه تدني في بعض الأقطار بنسبة 50% عما كان عليه آنذاك(6)، وفيما يتعلق بحالة الفقر (الذين يعيشون على أقل من دولار في اليوم) يلاحظ أنه في حالة ارتفاع مستمر خاصة دول جنوب الصحراء من 38.5% عام 1957 إلى 39.1% عام 1993 إلى 41% عام 1999، وخاصة إذا أخذنا في الاعتبار استمرار نمو السكان وازدياد حدة ورقعة الصراعات فإن عدد الذين يعيشون على أقل من دولار في اليوم سيكون في ارتفاع مستمر إذا لم تحقق التنمية أهدافها، "فقد ارتفع عدد الفقراء من 180 مليون عام 1987 إلى 219 مليون عام 1993 ووفقاً لتقرير البنك الدولي عام 2002 تصل معدلات الفقر في بعض الدول (نيجيريا- بوركينا فاسو) إلى حوالي 70% وسيراليون 65%...الخ.
وتبين المؤشرات الأساسية لتقارير التنمية البشرية تخلف البنى التحتية في مختلف المجالات وتعبر عن نقص في إمدادات السعرات الحرارية الملائمة وأن 70% يفتقرون إلى المنزل اللائق وأن نسبة عالية لا تتمكن من الوصول إلى الخدمات الأساسية حوالي 52% لا تتوفر لهم خدمات الصرف الصحي و 46% من السكان لا يحصلون على مياه صالحة للشرب وأكثر من 20% من المواليد لا يتممون خمس سنوات وأكثر من 30% من السكان لا يحصلون على الغذاء الكافي.
ارتباط أفريقيا بتبعية سياسية واقتصادية للغرب (الخارج) عبر سياساته وشركاته وقروضه، وهباته وشروطه (مصالحة) مسألة تجعل أي إصلاح سياسي مرتبط بالخارج كذلك، أو ما يسمى بالمشروطية السياسية والاقتصادية للغرب المتمثلة في الديمقراطية الحزبية، الانتخابات، سلطة ومعارضة، تحرير التجارة، التنمية الرأسمالية...الخ، أي تبني برامج ومشاريع التكيف الهيكلي كشرط لتلقي المساعدات من الحكومات والمؤسسات المالية (الغربية) وهي شروط لا تخدم سوى مصالح وشركات الغرب وقد ثبت فشلها في أفريقيا بل إن نتائجها كانت كارثية خاصة فيما يتعلق بإثارة الحروب الأهلية والصراعات القبلية والحزبية (كما سيأتي بيانه)، وفيما يتعلق بالمديونية التي ترهن مستقبل أفريقيا للخارج وتتحكم في سياساتها وإصلاحاتها إذ تشكل التزامات الديون الخارجية وخدماتها في أفريقيا تهديداً مباشراً لعمليات التنمية والتحول الديمقراطي وتؤثر أعباء الديون بصورة سلبية على توفير الموارد للتنمية وعلى البرامج الاجتماعية والثقافية وتساهم في زيادة الفقر.
لقد برهنت المشروطية السياسية على تبعية اقتصادية وسياسية "لأنها هدفت إلى فرض النمط الغربي للتنمية"(7)، ومع بداية التسعينيات من القرن الماضي بدأت الدول المانحة الأوربية والأمريكية والمؤسسات المالية النقدية ممارسة الضغوط السياسية والاقتصادية على الدول الأفريقية لإقامة نموذج الديمقراطية الغربية في أفريقيا وكانت الوسيلة دائماً هي التهديد بإيقاف المساعدات والمعونات والتسهيلات المالية.
وتعتمد الدول الأفريقية على الديون الخارجية التي بلغت عام 1991 حوالي 350 مليار دولار وهو ما يوازي ثلاثة أرباع إجمالي الناتج القومي للقارة وما يقارب أربعة أضعاف صادراتها السنوية"(8)، وقد رأينا تدخل البنك الدولي لحل مشكلة الديون الأفريقية، وكذلك صندوق النقد الدولي في فرض سياسات اقتصادية على الدول الأفريقية المدينة كشرط لتلقي المساعدات في إطار برامج التكييف الهيكلي من قبيل تعويم العملة، الحد من الإنفاق الحكومي، تحرير التجارة والأسعار، إلغاء المجانيات...الخ، ويمثل عدم انصياع الدول الإفريقية للمشروطية السياسية والاقتصادية تعرضها لوقف الإمدادات والمساعدات.
وينتقد كثير من المحليين دور هذه المؤسسات كأدوات هيمنة ووسائل سيطرة في عصر العولمة ويعتبرها البعض بمثابة إعادة استعمار للقارة من جديد فالضغوط التي تمارسها الدول الكبرى بواسطة تلك المؤسسات يعيد الذاكرة إلى عصور الاستعمار وكل ما تغير أن الدول الاستعمارية قد غيرت استراتيجياتها فتبنت أساليب جديدة للوصول إلى نفس الأهداف التي كانت تصل إليها عن طريق الاستعمار المباشر ولكن بأساليب أخرى غير الاحتلال العسكري.
ويحتدم اليوم صراع دولي حول أفريقيا (الولايات المتحدة، الاتحاد الأوربي" تحركه المصالح الاقتصادية والسياسية" ومنذ تدشين ما يسمى بالنظام العالمي الجديد عانت أفريقيا مزيداً من التهميش ورغم التحولات الاقتصادية والسياسية التي بدت للبعض مسايرة لمعايير التحرر السياسي والاقتصادي على النمط الغربي إلا أن هذه التحولات أفضت إلى نمط أفريقي جديد في الحكم هو (الإفروقراطية) وهو نمط يحافظ على تراث الحكم الفردي الشمولي وإن كان يسمح لبعض ملامح الديمقراطية الليبرالية والغرب من ناحيته لا يرفض هذه الأشكال السلطوية طالما لا يتعارض مع مصالحه الإستراتيجية في القارة(9).
إن دخول الصين إلى ساحة الصراع الدولي في أفريقيا قد قلب الموازين الأوربية والأمريكية ذلك أن السياسة الصينية قد أكدت على سيادة دول أفريقيا واحترمت هذه السيادة ولم تهتم بأساليب الحكم القائمة ولا بمدى تطبيق حقوق الإنسان...الخ لتحصيل منافع اقتصادية بحثه بينما اهتمت السياسة الأوربية ووصفت بالتدخل أي بشئون الهجرة والبيئة وحقوق الإنسان وتداول السلطة والانتخابات والنظام الاقتصادي...الخ، وضرورة إقامة الإصلاحات السياسية، "وتقاعست أوربا في الوفاء بالتزاماتها فلم تخفف الضرائب على البضائع الإفريقية المستوردة ولا الدعم على المواد المصنعة الأوربية المصدرة إليها ولم تطبق حتى أنظمة التجارة الحرة، ووضعت شروط عديدة على صرف المنح الأوربية"(10).
بمعنى أن أوربا وأمريكا اعتمدت على وسائل ضغط وشروط ووسائل هيمنة لتحصيل مكاسب استثمارية وتجارية ويكفي أن نشير هنا إلى إحصائيات الاستثمارات والتجارة بين أفريقيا والصين "فقد عقدت الصين اتفاقيات تجارية مع 41 بلداً في أفريقيا ضاعفت حجم التبادل التجاري من 12 مليون دولار عام 1956 إلى 55.5 مليار عام 2006 ووصلت صادرات الصين إلى هذه الدول 26.7 مليار عام 2005 ووارداتها 28.8 مليار دولار، وفي مجال الاستثمار بلغت استثمارات الصين 11.7 مليار دولار في 49 بلداً أفريقياً عام 2006، وتوزعت هذه الاستثمارات على التصنيع والمواصلات والنقل والزراعة والكهرباء والاتصالات والري والتعدين والسكك الحديدية... فبنت 6000كم من الطرق و 3000 كم من السكك الحديدية و 8 محطات كهرباء ونفذت بالإجمالي 700 مشروع خلال السنوات الماضية فضلاً عن إلغاء بعض الديون وتقديم قروض ميسرة وركزت على تطوير استثمار النفط، النحاس والبكوسيت والمغنزيوم واليورانيوم وغيره من المواد الأولية(11)، على أن محللون غربيون يعتقدون أن تنامي النفوذ الصيني (أصدقاء وبلا شروط) عبر الاستثمار في أفريقيا أوجد عائقاً آخر أمام الديمقراطية لاسيما أنه يوفر بديلاً للحكومات التي لا تبالي بالإصلاح السياسي ويعتبرونه جزء من انتكاسة الديمقراطية في أفريقيا وسبب أساسي لفشل التحول الديمقراطي.

الديمقراطية والعنف في أفريقيا

بغض النظر عن الاختلاف والتشابك الحاصل حول العنف والعدوان والإرهاب تعريفاً وتصريفاً أي في تحديد العنف وتعريفه وتفسيره ومشروعيته وسلوكياته ومناخه ومستوياته المتباينة وممارسته وارتباطاته وأنواعه وأنماطه إلا أننا سنركز في هذه المقاربة على العنف السياسي ذي الطابع والدوافع والمصالح السياسية (السلطة) الذي يكاد يكون علامة مميزة للحالة الأفريقية التي تشهد عنف سياسي مسلح ينميه صراع سياسي وتدعمه قاعدة اجتماعية مسيسة (أحزاب قبلية مسلحة وتنظيمات سياسية ودينية مسلحة)، ونتائجه كارثية ومدمرة على التنمية والأمن في أفريقيا كما هو الحال في ليبيريا وكينيا والصومال والسودان والجزائر (سلطة ومعارضة).
ووفقاً لتقرير الأمين العام للأمم المتحدة حول أسباب النزاع والصراعات الأهلية في أفريقيا فإن 14 دولة من إجمالي 53 دولة أفريقية عانت من نزاعات مسلحة عام 1996 "وتتسم ظاهرة الصراعات في أفريقيا بأنها ظاهرة معقدة سواء فيما يتصل بخلفياتها وأسبابها أو فيما يتصل بنتائجها وتداعياتها، فعلى صعيد الأسباب لعبت العديد من المتغيرات دوراً في اندلاع الحروب الأهلية(12)، ويمكن تصنيف هذه المتغيرات إلى مجموعتين تتعلق الأولى بالبيئة الداخلية مثل الطبيعية التعددية للمجتمعات الإفريقية والعوامل الاقتصادية والسياسية وتتعلق الثانية بالبيئة الخارجية وما يرتبط بها من دور للقوى الدولية والإقليمية في الصراعات الإفريقية(13)، وعلى صعيد النتائج ساهمت الحروب الأهلية والصراعات المسلحة على السلطة والنفوذ في أفريقيا في انهيار الدولة وتقويضها (الصومال أنموذجاً) ونشوء ظاهرة العنف السياسي أو ثقافة العنف في المجتمعات الإفريقية وبروز ظواهر متنوعة مرتبطة بالعنف كاللاجئين وتجنيد الأطفال (دارفور- سيراليون) وأمراء الحرب وقطاع الطرق والقراصنة (الصومال).. وتعطل مشاريع التنمية وارتفاع معدلات البطالة والفقر، وعلى صعيد الأسباب فإن العنف السياسي المرتبط بالانتخابات ونتائجها يمثل قاعدة العنف الأساسية في أفريقيا "أن توظيف آلية العنف بشكل منظم لتحقيق أهداف سياسية قد تتمثل في الوصول إلى السلطة أو على الأقل التأثير عليها وهنا نكون إزاء عنف منظم من جانب المعارضة كما قد تكون تلك الأهداف هي ضمان السيطرة على السلطة السياسية والتشبث بها(14).
لا يرتبط العنف السياسي في أفريقيا بالتحول الديمقراطي الذي دعا إليه هنثغتون (الموجة الثالثة) تغيير حكومة لم يتم اختيارها بطريقة حرة واستبدال أخرى يتم اختيارها في انتخابات حرة وعلنية ونزيهة وبالتحول من أنظمة استبدادية وعسكرية وفاشية إلى أنظمة أكثر ديمقراطية، ففي كل هذه الحالات الإفريقية التي سنستعرضها بعجالة تجاوزت مرحلة إسقاط النظام الشمولي لكن التعددية السياسية قادتها إلى كارثة العنف السياسي.
· في بورندي خاضت قبيلة التونسي الحرب عندما سجل زعيم من قبيلة الهوتو فوزاً في أول انتخابات رئاسية عام 1992 حصد العنف الملايين وشرد الملايين.
· في الجزائر حولت انتخابات الرئاسة عام 1990 الجزائر إلى حمام دم لم يتوقف حتى هذه اللحظة (العنف والعنف المضاد) كلف الجزائر ثمناً باهظاً آلاف القتلى ودمار البنية التحتية.
· في كينيا حولت انتخابات الرئاسة 2008 كينيا إلى ساحة صراع عنيف ومواجهات حزبية وقبلية بين أنصار (مواي كيباي) الذي يقود تجمع الموزة ومعارضة (رابيداونيغا) الذي يقود تجمع المعارضة تحت اسم البرتقالة وأنتج الصراع دمار شامل وأكثر من 1600 قتيل.
· في نيجيريا أعقب انتخابات الرئاسة 2008 بين الرئيس السابق أوبا سينجو والحالي عمر يارادو أعمال عنف حصدت المئات تحت مبرر تزوير الانتخابات والنتائج.
· في أثيوبيا احتجت المعارضة على نتائج الانتخابات 2005 التي فاز فيها مليس زيناوي بولاية ثالثة بحجة نزاهة الانتخابات وأدت الصدامات إلى مقتل أكثر من 300 شخص.
· في زيمبابوي ما زالت الأزمة السياسية ونتائج الانتخابات الرئاسية 2008 بين الرئيس موغابي والمعارضة تلقي بظلالها على المشهد السياسي بحجة تزوير الانتخابات والقوائم الانتخابية ولم تفلح وساطات (امبيكي) رئيس جنوب أفريقيا السابق في حل الأزمة وتقاسم السلطة والوزارات والتي يحتمل أن تقود البلاد إلى حافة الحرب الأهلية المدمرة.
· في الصومال كانت وما زالت الأزمة السياسية حول السلطة وتقاسمها (المحاصصة) ومنصب الرئيس ورئيس الوزراء المسبب الأساسي في العنف المتأجج والحروب الأهلية المشتعلة والمواجهات الدموية منذ سقوط سيادبري 1991 والتي راح ضحيتها مئات الآلاف وشرد مئات الآلاف إضافة إلى الآثار الإنسانية المعاناة والفقر والتخلف والقهر.
· في السودان كانت ومازالت أزمة تقاسم السلطة بين الشمال والجنوب منذ 1953 وتقاسم السلطة والثروة مع دارفور منذ 2004 مسائل نزاع حاد تتسم بالعنف المتبادل والمواجهات المستمرة التي تكلف السودان ثمناً باهظاً على كل الأصعدة والجبهات.
· في تشاد سببت نتائج الانتخابات 2007 وفوز الرئيس إدريس دبي في تفجر العنف المسلح بين السلطة والمعارضة ما زالت تلقى بظلالها على المشهد السياسي التشادي، وتعيق أي إصلاح أو مصالحة.
· وهكذا الحال في موزامبيق وليبيريا وتونس ومصر وسيراليون وموريتانيا والكنغو...الخ وكل الدول الإفريقية التي شهدت انتخابات برلمانية ورئاسية بحضور مراقبين أمميين ودوليين لم تنتج فيها الانتخابات غير الاتهامات المتبادلة بالتدليس والتزوير ولم تفضي سوى إلى مزيد من العنف والعنف المضاد وفتحت الباب على مصراعيه أمام التدخلات الأجنبية كما حدث في الصومال (قوات أممية وأفريقية، وأمريكية، وأثيوبية...) والسودان وليبيريا وروندا وبورندي وتشاد والكنغو، "أقدم العوامل الخارجية تتمثل في الاستعمار الأوربي الذي وضع بذور الحرب الأهلية في أفريقيا سواء من خلال النشأة المصطنعة للدول الإفريقية أو من خلال السياسات الاستعمارية المتبعة في المستعمرات الإفريقية السابقة"(15).
شهدت 16 دولة أفريقية انتخابات تعددية غير أن الواقع الآن يعتريه كثير من الغموض وسط تزايد العنف للوصول إلى السلطة أو المحافظة عليها مثلما حدث في بورندي والكنغو الديمقراطية والكنغو برازفيل وكينيا وزيمبابوي فضلاً عن اندلاع أعمال العنف، والصراع الداخلي في سيراليون والسودان والصومال وأنجولا وبورندي والكنغو الأمر الذي يرسم مستقبلاً يدعو للتشاؤم بصورة دفعت كثير من الأفارقة إلى الاعتقاد أن الديمقراطية هي مجرد مسألة ترفيه وأن المطلوب هو نمط أفريقي من الديمقراطية الشعبية يختلف عما هو متعارف عليه في الغرب الرأسمالي حيث أدت التحولات الديمقراطية إلى استبدال الحزب الواحد بأحزاب صغيرة غير ديمقراطية الطابع يمثل بعضها الطبقة السياسية الجديدة إذ تحرص هذه النخب الجديدة على تكديس الثروة والحصول على السلطة (16)، وكما علقت صحيفة الشعب الصينية على الديمقراطية الليبرالية وتطبيقاتها في أفريقيا "أن العنف في كينيا الذي حصد أكثر من 1000 شخص ما هو إلا دليل على أن الديمقراطية على النمط الغربي لا تناسب الظروف الإفريقية ولكنها تحمل معها جذور الكارثة.
لم تنتكس الديمقراطية في أفريقيا أو يتراجع الحماس لها أو تواجه انخفاضاً كبيراً بل الذي انتكس هو تطبيقات الديمقراطية الليبرالية والتعددية السياسية في أفريقيا والديمقراطيات المزيفة التي أنتجت العنف وجعلته ملازماً لأي عملية انتخابية.
"المرحلة الثالثة: هي التحول إلى التعددية الحزبية ونظام الانتخابات وهو الأسلوب المستورد من الغرب الاستعماري الذي فرض على الأفارقة كشرط للمساعدات الاقتصادية وهكذا دخلت أفريقيا مرة أخرى في مرحلة عدم الاستقرار حيث صارت الانتخابات مثل الانقلابات، الفرق الوحيد هو أن الانقلابات عسكرية والانتخابات مدنية(17)، المرحلة الحالية الناتجة عن الانتخابات هي التمرد وبداية الإطاحة مرة أخرى بالقيادات المنتخبة قبل إتمام مهامها الدستورية، وعدم القبول بنتائج الانتخابات مصحوبة بإثارة قبلية وجهوية وديمغرافية الحدود ومذهبية أحياناً من أمثلة ذلك ليبيريا ساحل العاج غينيابيساو، ساتومي وبرانسيب وأفريقيا الوسطي وتشاد والسودان والجزائر حتى الآن(18).
نستنتج من هذا العرض السريع:
1- أن العنف السياسي في أفريقيا (العنف الحكومي، الحزبي، القبلي...)، مرتبط بالحالة السياسية (الانتخابات التنافسية، التعددية الحزبية)، وتقسيم المجتمع بين سلطة ومعارضه.
2- أياً كانت مشروعية العنف ومبرره وأياً كان الفاعل السلطة أو المعارضة فإن اللجوء إلى العنف يعبر عن وجود أزمة في المجتمع ترتبط حدتها بمستوى ممارسة العنف على الصعيدين الكمي والكيفي.
3- أن الأحزاب السياسية تقود هذا العنف وتحرض عليه وتبرره "في الصومال 99.9% من الأحزاب مسلحة"(19).
4- أن التدخلات الخارجية (القوى الدولية) ذات المصالح الاقتصادية تغذي العنف وتوفر له الدعم السياسي والمالي تحت مختلف المبررات والذرائع.
5- إن العنف في أفريقيا يأخذ طابعاً اجتماعياً مسيساً ومرتبط بالظاهرة الحزبية وتدفع له القبيلة تحت ضغط المصالح والمحاصصه أي أنه مرتبط بالمصالح والمزايا وليس بقيم الحرية والعدالة والديمقراطية.
6- إن العنف المذهبي والديني أقل حدة وانتشاراً في أفريقيا.
7- إن العنف والحروب الأهلية تشكل أهم معوق للتنمية والتطور في أفريقيا وتحدي يواجه أي تحول ديمقراطي بما يمثله من معايير تناحرية وأداة تفكك للدولة والمجتمع في أفريقيا.

الديمقراطية والقبيلة في أفريقيا (الصومال أنموذجاً)

1- تسييس القبيلة:
تزخر أفريقيا بنظام اجتماعي مؤسس على رابطة اجتماعية (القبيلة) التي أساسها الأصل الواحد وعلاقة الدم والقرابة والنسب والأخوة.. وتمارس القبيلة دورها الاجتماعي بما توفره من مظلة أمان لأفرادها في ظل علاقات اجتماعية يميزها العرف وتحكمها سلوكيات التعاون والنصرة والتآزر والمساعدة في ظل نظام اجتماعي قبلي مبني على تراتيبة في علاقاته ومصالحه وخصوماته وسلطاته وعصبياته "ينطوي مفهوم العصبية على قيم ضيقة من التعصب والانغلاق والتقوقع وينجم عنه سلوك نمطي وقيمي تآلفي وتوادي تجاه المركز وتناحري تباغضي تجاه الآخر أياً كان الذي ينظر إليه كمنافس أو عدو، لذا ينمي التعصب الصراعات العنيفة ويزيد حدتها وضراوتها وفق دالة تكرارية تحكمها صيرورة وقوانين الصراع وآلياته، غالب ومغلوب منتصر ومهزوم(20)، ولسنا هنا بصدد دراسة القبائل الإفريقية أسمائها وأنسابها وأصولها أو تعدادها وتنوعها أو مواطنها ولا تحديد الاثنيات العرقية والأقليات المختلفة ونسبتها ودورها بقدر تحليل علاقتها بالدولة والديمقراطية (القبيلة والديمقراطية) وتحديد دورها السياسي الذي أصبح يمثل محور أساسي في علم الاجتماع السياسي الأفريقي وتحول إلى ظاهرة سلبية على الديمقراطية والدولة والقبيلة ذاتها ومقلقة للمجتمع بأكمله (تسييس القبيلة) وبروز نماذج لسلطة القبيلة (قبيلة الدولة ودولة القبيلة) تحت غطاءات الديمقراطية الصورية التي يوفرها نموذج الديمقراطية التعددية (الحزبية) التي أخذت شكلها ولونها ومكونها الإفريقي على شكل ولون وعدد القبائل الإفريقية (الحالة الصومالية كنموذج كما سيأتي بيانه).
وتميز تسييس القبيلة وتحزيبها وتسليحها (أدلجة القبيلة) في أفريقيا إلى ظهور وتنامي وتأجيج عصبيات قبلية ذات توجه سياسي سلطوي هدفه الوصول إلى السلطة مما أضعف الشعور الوطني وأضر بالوحدة الاجتماعية وهدد بانهيار الدولة والأمن الاجتماعي وأفشل التنمية وأشعل الحروب وإشاع العنف، وكان سبب ذلك سيادة الفكرة العصبية القبلية فلا يعملون إلا في ضوء هذه العصبيات وما تمليه عليهم من وجائب وتبعات لمصلحة القبيلة ونصرة أفرادها فكل جهد أو تضحية إنما يكون في سبيل هذه المصلحة وحدها(21).
وقد شهدت القارة الإفريقية تسييساًً للظاهرة الحزبية من حيث تشكل الأحزاب السياسية على أسس أثنية وما يترتب على هذا الأمر من تمثيل للمصالح والتعبير عنها بل وتوزيع الثروة والسلطة وفقاً لهذه الأسس(22).
أدلجة التعصب بمعنى أدلجة الظاهرة الحزبية (القبلية) تقود حتماً إلى الصراع (سلمي- عنيف) وتفتح الباب على مصراعيه إلى مزيد من التوترات المتولدة عن التعصب المتبادل فالتنوع والتعدد والتنافس يمكن إثارته في قالب صراعي محض على السلطة والمصالح لصالح النخب التي لا تخلو من مشاريع خاصة تختبئ وراء المشروع القبلي أو الديمقراطي أو الحزبي.
تتشكل الخارطة الاجتماعية في الصومال من جذرين قبليين هما صومالي وساب ويتفرع من الأول أربعة فروع قبلية أساسية هي (الدارود والهوية، والإسحاق والعيسى) في حين يتفرع عن ساب جذرين قبليين أساسيين هما (الديجل والرجنويين) وهذه الجذور القبلية الستة تتفرع إلى حوالي ثمانين قبيلة وعشيرة تنتشر داخل وخارج الصومال وارتريا وجيبوتي وأثيوبيا وكينيا، وهناك من يقسمها إلى ثلاث مجموعات قبلية كبرى هم السمرون سعيد، والدارود والهوية إضافة إلى مجموعة القبائل الصغيرة الإسحاق والعيسى ويعرف الصوماليون بحفظ أنسابهم والافتخار بالانتماء إلى القبيلة، فتجد الصغير يعرف نسبة إلى جده الأكبر وأغلب الصوماليون هم من أصول عربية وخاصة القبائل الأربع الكبرى در، الدارود، الرحونين أو ادغل والمرفلي والهوية وعلى الجغرافيا الصومالية تتوزع القبائل الرئيسية مع عشائرها التي تتناثر بالعشرات في بطون كل قبيلة حيث الدر في الشمال والدارود في الوسط والهوية في مقديشو العاصمة وجوهر وبلدوين والرجنوين في إقليم ساي وباكول بالقرب من بيدوا وبتفصيل أكثر(23).
قبيلـة الهويـة:
وهي أكبر القبائل الصومالية وتستوطن في الإقليم الأوسط وفي العاصمة مقديشو ولها فروع في جنوب الصومال وإقليم الحدود الشمالي وكذلك في إقليم الصومال الغربي الأوجادين وتتفرع إلى:
1- الهيداب وينقسم إلى الإيجال وهبرحدر والشيخال.
2- حوادلي وينقسم إلى حجنطي ومورسيدي.
وتنتشر في الأقاليم الجنوبية بالاشتراك مع قبيلتي دارود ورضونية على الحدود مع كينيا.
قبيلـة الدارود:
وهي واحدة من أكبر القبائل الصومالية وتنتشر في شمال وشرق الصومال وفي بعض المناطق الوسطى والجنوبية ولها وجود أيضاً في إقليم الأوجادين وفي إقليم الحدود الشمالي في كينيا وهي تعد المنافس الأكبر لقبيلة الهوية واشهر فروعها المريحان، الأوجادين الليكاس والميجارتين والارسنجلي.
قبيلة الإسحاق:
وهي أكبر قبائل الإقليم الشمالي ولها وجود في كل من إقليم هود وهو جزء من إقليم الصومال الغربي ضم إلى أثيوبيا 1954 وتنقسم إلى فروع أهمها هبراول، آراب، يونس، ايذاعل.
قبيلة الرحنوين:
إحدى القبائل الرئيسة في الصومال وتنتشر في المناطق الواقعة بين نهري جوبا وشبيلي وتتفرع إلى دجل وميرفل.
قبيلة دير:
تنتشر هذه القبيلة في شمال وجنوب الصومال وجيبوتي وإقليم الصومال الغربي.
قبائل أخرى:
هناك قبائل أخرى أقل عدداً وأهمية مثل قبائل البانتو في وادي نهر جوبا وشبيلي.
لعب النظام القبلي في الصومال دوراً أساسياً على مر التاريخ "فقد كانت القبيلة تمثل دولة صغيرة تتولى الدفاع عن نفسها وإبرام المعاهدات في حدود حاجياتها المختلفة(24)، وظلت القبيلة في الصومال محور أساسي في تشكيل الدولة وفي إسقاط السلطة والتمرد عليها كما حدث في تحالف الشمال والجنوب الذي أسقط سلطة سياد بري عام 1991.
تتشكل الخارطة السياسية في الصومال من فيسفساء حزبية تتطابق مع عدد القبائل والعشائر أو تزيد إذ تنشأ الأحزاب السياسية وتتشكل على قاعدة قبلية وأسس نفعية ومصالح قبلية، فقد نشأ حزب الدستور المستقل، على أسس قبلية برئاسة الشيخ عبد الله شيخ أحمد وكان يمثل هذه المجموعة ديجل والميرفلي(25).
وقد ساهم نظام سيادبري 1969- 1991 في تعزيز أزمات الصومال سواء بالحكم الشمولي وديكتاتورية الحزب الواحد أو عبر اضطهاد وتصفية الخصوم السياسيين، قتل الكثير من أبناء الشمال وخاصة الإسحاقيين الذين يشكلون نسبة عالية من سكان الشمال وأدت اتهامات خصوم بريء له بأبعاد أبناء قبيلتي الميجارتين والإسحاق من مواقع التأثير والنفوذ في جهاز الدولة وتعزيز نفوذ قبيلة المريحان إلى تنامي المعارضة السياسية في الشمال(26)، وساهم كذلك في إثارة النعرات القبلية وإحداث الانقسام الشديدة في المجتمع الصومالي الذين في السلطة والذين خارجها "وقع في العديد من الأخطاء أبرزها حكم البلاد سياسياً بأسلوب يفتقر إلى العدل والمرونة وتسبب في حرمان قبائل العيسى والإسحاق في شمال البلاد الذين يشكلون 50% من الكثير من الحقوق السياسية والاجتماعية(27).
لهذا تشكلت أحزاب المعارضة الصومالية في لندن 1980 كخليط من الأطياف القبلية والحزبية السياسية لتمثل الحركة الوطنية الصومالية بقيادة قبائل (الإسحاق) وتبع ذلك تشكل عدد من التنظيمات المسلحة من الجبهة القومية الصومالية المتشكلة بطابع قبلي أيضاً من قبائل (الماجرتين) والأوجادين بقيادة الجنرال عبد الله يوسف وتلى ذلك تشكل المؤتمر الصومالي الموحد بقيادة الجنرال محمد فرح عيديد وعلي مهدي محمد من قبائل (الهوية)، كما تلى ذلك أيضاً قيام تنظيم مسلح من قبائل الدارود في جنوب الصومال، وأطبقت المعارضة الشمالية والجنوبية على مقديشو وبسقوط نظام سياد بري في 28/1/1991 تأجج الصراع بين حلفاء الأمس والفرقاء على السلطة وتقاسمها وانزلقت الصومال إلى حرب أهلية وعنف سياسي أججه الانقسام القبلي بين القبائل وفي القبائل ذاتها بين عشائرها، "دخلوا حرب طاحنة بين قبائل الهوية وفي إطار المؤتمر الصومالي الموحد بين علي مهدي محمد ومحمد فرح عيديد باعتبار الأخير كان يرى بأنه يستحق الرئاسة وفي خضم ذلك أعلنت قبائل الإسحاق استقلال جمهورية أرض الصومال في 17/5/1991 وعاصمتها هرقيسا برئاسة إبراهيم عقال وأعلن استقلال جمهورية شمال الصومال لاند 1998 واستمرت الحرب بين القبائل والعشائر والأحزاب والفصائل والمليشيات والتحالفات على امتداد ثمانية عشر سنة من العنف السياسي والحروب الأهلية والاقتتال القبلي والمواجهات العشائرية بشكل انهار معه كل مظاهر الإجماع، الوطن، الدولة، الحقوق الإنسانية، المواطنة والديمقراطية والمساواة..الخ، "بل زاد الجبروت القبلي الآتي من القبائل الكبيرة وزادت الأنانية المطلقة على حساب المصلحة العامة في غياب السلطة السياسية.. وأنهار الوازع الشخصي تجاه قوانين الدولة بسبب الولاء القبلي واندثار الولاء لسيادة الدولة بسبب ذوبان الفرد لتبعية القبيلة، التحالف، والتمرد لمصالح فردية تحت ستار التجمع الحزبي القبلي وهو حال الأحزاب السياسية(28).
إن النهج الاجتماعي الخاطئ تولد نتيجة التجمع القبلي المنظم (الحزب السياسي) والذي يخفى وراءه حقيقة واحدة تتمثل في السيطرة القبلية على السلطة والحكم (قلعة قبلية) وبسبب ذلك حدثت تصادمات وتناحرات استندت على دوافع ومبررات واهية تدعي كل قبيلة أنها صاحبة الحق وهذا الأمر التعصبي أدى إلى حدوث الفتن والاضطرابات والخصومات والمواجهات المسلحة الدامية التي جعلت الصومال في وضع يرثي له(29).
ويرى الباحث الصومالي محمد حسن دريل أن الكارثة في تسليح القبيلة كذلك وحمل السلاح دون أي محتوى فكري مقنع غير التعصب القبلي وأساس تلك الكارثة في انهيار كافة الروابط والبنى والعلاقات الاجتماعية حيث سادت المحسوبية القبلية في تولي المناصب وكثر الفساد وارتكبت القوى السياسية خطأً فادحاً عندما اصطبغت بصبغة القبيلة وحملت السلاح دون التخطيط لما بعد إسقاط النظام، "تحولت القبائل إلى أحزاب وأصبح شيخ القبيلة هو رئيس الحزب يورث منصبه الحزبي لأبنائه وأقربائه والمؤسسة القبلية تحولت إلى حزب عرقي يصون مصالح القبيلة ويحاول أن يفرض نفوذ أبناء القبيلة في لعبة توزيع الثروة والنفوذ والمناصب"، خطورة القبيلة عندما تتحول إلى حزب سياسي تكمن في أنها تخل بسلم الأولويات الانتمائية حيث يتراجع الانتماء والولاء للوطن ليصبح الولاء للقبيلة ككيان له الأولوية المطلقة(30).
يبرهن النموذج الصومالي عن حالة فشل للديمقراطية الليبرالية (التعددية) وبغض النظر عن الانتخابات وتزويرها والأصوات وشرائها فإن إشكالية علاقة القبيلة بالدولة في إطار ديمقراطي يحقق المواطنة والمساواة قد فاقم الوضع السياسي وأزم الوضع الاجتماعي بمزيد التناحر والصراع وبما لا يمكن من إنجاز أي إصلاح وتنمية ديمقراطية خاصة أن كل قبيلة احتمت بالحزب وتقوت بالسلاح.
ولا يتسع المجال هنا لسرد الأحزاب والتنظيمات الصومالية على كثرتها لكن سنعدد بعضها وخلفياتها الاجتماعية والدينية، التي تحدد انتمائها وبرامجها جملةً وتفصيلاً.
· الجبهة الديمقراطية لإنقاذ الصومال SSDF
ينتمي إلى هذا الحزب المجيرتين أحد بطون الدارود ويقطنون في الجزء الشرقي للبلاد.
· الحركة الوطنية الصومالية SNM
ينتمي إلى هذا الحزب الإسحاق القاطنون في المناطق الشمالية.
· الحزب الصومالي الموحد USP
ينتمي إلى هذا الحزب قبيلتا دوليهنتي وورسنجلي أحد بطون الدارود ويقطنون في الشمال الشرقي للبلاد.
· المؤتمر الصومالي الموحد USC
ينتمي إلى هذا الحزب الهوية وقد انشقت فصائل الحزب مكونة حزباً جديداً SNA وغيره ويقطنون في العاصمة والمناطق الجنوبية.
· الحركة الديمقراطية الصومالية SDM
ينتمي إلى هذا الحزب الرحنوين الذين يقطنون في الجزء الجنوبي للبلاد.
· الاتحاد الديمقراطي الوطني الصومالي SNDU
ينتمي إلى هذا الحزب ليلكسي واورتبلي أحد بطون الدارود ويقطنون في المناطق الوسطى.
· حركة الوطنيين الصومالية SPM
ينتمي إلى هذا الحزب الأوغادين أحد بطون الدارود ويقطنون في أقصى جنوب البلاد.
· الجبهة القومية الصومالية SNF
ينتمي إلى هذا الحزب المريحان أحد بطون الدراود ويقطنون في الجزء الجنوب للبلاد.
· اتحاد التحالف الديمقراطي SDA
ينتمي إلى هذا الحزب قبيلة غدبورسي الذين يقطنون في الشمال الغربي للبلاد.
· اتحاد الجبهات الصومالية USF
ينتمي إلى هذا الحزب العيسي القاطنون في أقصى الجزء الشمالي.
· جذور الصومال المتحد USR
ينتمي إلى هذا الحزب مجموعة من القبائل الخليطة والمنتشرة في الصومال.
· حركة الوطنية الصومالية الجنوبية SSNM
ينتمي إلى هذا الحزب قبائل بيمال القاطنون في جنوب البلاد.
· الاتحاد الوطني الصومالي SNU
ينتمي إلى هذا الحزب مجموعات ذات البشرة البيضاء (غبل عد) والقاطنون في جنوب البلاد.
وقس على ذلك الحزب الصومالي المتحد USP، وحركة الوطنيين الصومالية الجنوبية SSNM، وجيش مقاومة الرحنوين RRA والجبهة القومية الصومالية SNF، والجبهة الديمقراطية لإنقاذ الصومال SSDF وتحالف الإنقاذ الصومالي SSA(31)، والحركة الإسلامية الصومالية والتحالف الوطني الصومالي SNA.
يتواجد اليوم في الصومال أكثر من 25 حزب سياسي تتسم بثلاث مقومات أساسية، عصبية حزبية وعصبية قبلية (99.9% من أعضاء الحزب ينتمون إلى قبيلة واحدة) والتسلح العسكري.
وتتلخص أهداف وبرامج ورؤى هذه الأحزاب مجتمعة في تحقيق مكاسب قبلية وحزبية ولا تحمل أي محتوى فكري وإيديولوجي يتعلق بالدفاع عن الحقوق والحريات والكرامة الإنسانية والعدالة الاجتماعية أو الوحدة الوطنية.
لقد حولت الديمقراطية التعددية الحزبية الصومال إلى:
· تجزئة الصومال إلى دويلات متنافرة تظل دائماً مصدر تهديد للأمن والوحدة الوطنية.
· تأجيج الصراع القبلي على المصالح والنفوذ والامتيازات والسلطة والمناصب بلا نهاية.
· بروز طبقة مستأسدة على الجميع (أمراء الحرب) وميلشيات مسلحة وقراصنة وقطاع طرق تستبيح كل شيء العام والخاص.
· فوضى عارمة ودمار شامل وصراع دائم.
· فتحت الباب على مصراعيه أمام التدخلات الأجنبية الأممية والإقليمية والدولية تحت مختلف الذرائع، قوات أممية لتحقيق الأمن والسلام، قوات أثيوبية لحماية الحكومة الانتقالية قوات أمريكية لمكافحة الإرهاب ومنع تنظيم القاعدة من استخدام الصومال كقاعدة لعمله...، قوات أفريقية لتحقيق الأمن والسلام...الخ.
2- تسييس الدين:
تتكرر التجربة الحزبية القائمة على تسييس الدين والقبيلة في الصومال بصورة شبيهة عما حدث في الجزائر وأفغانستان والسودان والعراق لملء الفراغ السياسي الذي جعل هذه الدول وغيرها في أفريقيا وغيرها تعاني مشكلات صراع وبصعود الحركة الإسلامية (الإسلام السياسي)، المتمثل في المحاكم الشرعية إلى المسرح السياسي الصومالي وتحولها إلى قوة سياسية وعسكرية تتخذ الإسلام السياسي وسيلة للسلطة وللتغلب على الفئات المنافسة المستندة إلى قوة التركيبة القبلية التي تميز المجتمع الصومالي.
نشأة المحاكم الإسلامية اثر اندلاع الحرب الأهلية بعد سقوط سياد بري 1991 وانتشار الفوضى والشغب والسرقات، وانفردت قبيلة الهوية وحدها بحكم مقديشو ليتقاتلوا فيما بينهم للسيطرة عليها وتزعم كل أمير حرب منطقة من العاصمة وأقام فيها نقاط تفتيش وفرض الإتاوات على المواطنين إذا ما أرادوا الانتقال من منطقة لأخرى(32)، ويعتبر الشيخ محمد معلم حسن المؤسس لهذه المحاكم بهدف الفصل بين المتخاصمين بالتعاون مع شيوخ القبائل، وهي في الأصل عبارة عن محاكم قبلية تنحدر إلى قبيلة الهوية(33)، أي أن تشكلها على أساس محكمة لكل قبيلة ووصل عددها إلى 14 محكمة(34)، ومن هنا كانت نشأة المحاكم الإسلامية مرتبطة بالحالة الأمنية التي تمر بها مقديشو (الجريمة، النهب، القتل، السرقة...)، وقامت بدور الشرطة والقضاء والسجون منذ تأسيس أوّل محكمة عام 1994 في شمال العاصمة برئاسة الشيخ علي محمود والتي دخلت فيما بعد في صراع مع زعماء الحرب (علي مهدي محمد) وفي 1997 أنشأت كل قبيلة محكمة خاصة بها وفي عام 2005 ثم تأسيس المجلس الأعلى لاتحاد المحاكم الإسلامية في مقديشو برئاسة الشيخ شريف شيخ أحمد وفي عام 2006 اختير الشيخ حسن ظاهر عويس رئيساً لمجلس المحاكم الإسلامية وعقدت ائتلافاً مع حزب الاتحاد الإسلامي ذي الطابع الأيديولوجي وبخلاف المحاكم الإسلامية هناك العديد من التنظيمات والأحزاب والمنظمات ذات الطابع الديني.
· جماعة أنصار السنة.
· جماعة التبليغ والدعوة.
· الحركة الإصلاحية الإسلامية.
· مجمع علماء المسلمين...الخ.
لقد اكتسبت المحاكم الإسلامية شرعية وجودها وشعبيتها في الصومال ليس لبراعتها السياسية أو أساليبها الإدارية أو معتقدها الديني وقراءتها الخاصة للشريعة والحدود ولا لتوجهاتها العامة لمشروع الدولة الإسلامية أو الإمارة الإسلامية في الصومال ولا لانتمائها وتأثرها أو ارتباطها بمنهج الإخوان المسلمين أو الحركة الوهابية أو الأصولية الإسلامية أو تنظيم القاعدة...الخ، بل لممارستها العنف المباشر ضد أمراء الحرب وقطاع الطرق وزعماء المليشيات والقوى المعارضة (موسى سودي، حسن حاجي، عثمان عاتو، وموسى يلجو، محمد سعيد حرسي (مرجان) عمر حاجي (سالي) وحسن نور شاطيحدود ومورغن... وغيرهم كثير، لهذا "ظهر على الجانب الآخر حركة التحالف من أجل السلام 2006 التي تضم أمراء الحرب وقادة المليشيات بدعم أثيوبي وأمريكي للتصدي لمليشيات المحاكم الإسلامية"(35)، وهو الأمر الذي ترجمة التدخل والاحتياج الأثيوبي للصومال في 28/12/2006، وسقوط مقديشو والضربات الجوية الأمريكية في 9/1/2007 على المحاكم الإسلامية.
يعكس الصراع السياسي والدموي في الصومال حقيقة تسييس القبيلة والدين وتطويعهما لمصالح سياسية سلطوية على النفوذ والأرض والموارد، "أمراء الحرب في الصومال هم زعماء القبائل وهم من يمثلون القوى المتحاربة في مؤتمرات السلام أيضاً وإن حاولت بعض الأحزاب والحركات السياسية التسمي بمسميات تتجاوز القبيلة اتحاد المحاكم الإسلامية مثلاً يتكون من عشائر قبيلة (الهوية) التي ينتمي إليها أمراء الحرب المهزومون(36).
يرجح الكاتب نبيل الصوفي (الحياة اللندنية)(37)، أن يكون الخطاب المتزمت في بلد لم تقم فيه دولة أصلاً، وأن أهم أخطاء التحالف الإسلامي ديمومة التهديد بالمقاتلين المسلمين من كل مكان، لقد تحول اتحاد المحاكم الإسلامية الذي دعمه التجار وبعض القبائل من تحالف يستهدف بسط الاستقرار والأمن إلى إحدى جبهات المعركة الدولية ضد الإرهاب وأظهرت الانتصارات الميدانية التي حققتها المحاكم إضافة إلى خطابها الإيديولوجي بعيدة عن مرجعية الأربعة والنصف وهو ما كان سلاحاً مهماً ضدها إذ تصرفت تحت تأثير الانتصارات من دون اكتراث للمرجعية المُشار إليها الأمر الذي كان له بالغ الأثر على مدى تمسك الصوماليين بالمحاكم باعتبار أنه أمن قد يفضي إلى سيطرة قبيلة واحدة على مقديشو وخصوصاً مع إدراك الصوماليين أن انتماء غالبية المحاكم هو لقبيلة الهوية.
مستقبل المصالحة والمحاصصة في الصومال.
لماذا لم تتحقق المصالحة الصومالية؟
حتى اليوم عقد أكثر من 15 مؤتمراً للمصالحة والسلام في الصومال بوساطات عربية وإقليمية ودولية وأممية، (1991- 2008)، في جيبوتي والقاهرة، واليمن، وأثيوبيا وكينيا...الخ، ولكن شيئاً لم يتغير وتيرة العنف في ارتفاع مستمر والدولة غائبة ومغيبة والأمن مهدد والمصالحة موضع خلاف ومحل اختلاف، وهي مصالحة محكوم عليها بالفشل طالما الظروف والأسباب التي وجدت هذا الانهيار الصومالي قائمة وقوية كالتحزب والتعصب القبلي والسياسي والديني وطالما المناخ الذي أوجد زعماء المليشيات وأمراء وأثرياء الحرب ما زال قائماً كذلك لهذا ما انفك كل اتفاق ينفض بمجرد الاتفاق والتوقيع عليه.
أن الرهان على القوة لنيل الحقوق والاستيلاء على السلطة بين القبائل الصومالية لم ينتهي بعد ولا يزال الكل يجمع قوته ليوم الحصاد الذي تقسم فيه تركة الصومال من ثروات وسلطة(38)، وقد أسس لهذا الفشل الذريع الحلول الوسطية والإصلاحية (المحاصصة) كما رأينا في النموذج العراقي واللبناني والتي اعتمدها مؤتمر عرتا بجيبوتي منذ عام 2000 وتقوم على قاعدة قبلية عامة 4.5، الأربعة للقبائل الكبرى والنصف للأقليات أي يتم تقسيم الكعكة الحكومية كالآتي، 61 مقعداً في البرلمان لكل قبيلة كبيرة من مجموع 4 قبائل و 31 مقعداً للأقليات والجانب السلبي للقبيلة على حسب تحليل الباحث الصومالي محمد دريل يتجسد أيضاً في توزيع حصتها في الحكومة أو البرلمان إذ أن المسيطرين على القبيلة غالباً ما يكونون هم سبب المواجهات وعدم الاستقرار وعندما يقومون باختيار ممثليهم في البرلمان والحكومة يكون الأمر خاضعاً لمعاييرهم مما يؤدي إلى هضم الكفاءات في القبيلة.
أن التحالف الذي قادته المعارضة الصومالية الذي اتخذ شكل التحالف القبلي والعشائري بين الشمال والجنوب وأسقط نظام سياد بري عام 1991 لم يكن يملك رؤية متكاملة للديمقراطية والتحول الديمقراطي والعدالة والمساواة والحرية والحقوق لهذا لم يتبنى إقامة نظام ديمقراطي بل وقع في مشكلة تقاسم السلطة بين أطرافه المختلفة والصراع حول منصب الرئيس وأحقية طرف دون آخر وهو ما جعل الصومال تعيش العنف السياسي الأسوأ في المنطقة.
وطالما التدخلات الأجنبية والأطماع الإقليمية قائمة في الصومال لتحقيق مصالح وامتيازات سيظل الصومال يعيش دوامة العنف بلا نهاية قريبة وستظل تلك الأطراف الخارجية تسعى لتكريس الانقسامات الداخلية وتغذية النعرات الانفصالية وتأجيج بؤر التناحرات القبلية والمسألة ليست في انتخاب رئيس أو اختيار رئيس الوزراء أو شغل المقاعد البرلمانية أو تشكيل الوزارة أو تقاسم الحقائب الوزارية وشغل المناصب الحكومية الرفيعة وتعيين السفراء والمندوبين...الخ، بل في النظام السياسي الذي يستوعب الجميع ويحقق الحرية والمساواة للجميع في المواطنة والحقوق وأمام القانون وفي الفرص دون إقصاء وتهميش والنظام الاقتصادي الذي يحقق الأمن الاقتصادي والعدالة وتقاسم الثروة دون استغلال، والنظام الاجتماعي، الذي يحقق الوحدة الوطنية والوئام الاجتماعي والسلم الأهلي والاستقرار المجتمعي والأمن الوطني ويحقق حريات الإنسان ويصون كرامته بمعنى أن أي بحث لإيجاد تسويات سياسية وصفقات خاصة لتقاسم السلطة بين القبائل الكبيرة والأقليات أو بين رؤساء الأحزاب وشيوخ وأمراء المليشيات والسلاطين المحليين...الخ، يظل بلا معنى وغير قادر على استحقاقات الديمقراطية والتنمية مهما وصف بالحل الوطني أو الانتقالي أو الأممي، أو العربي... ومهما نتج عنه من وثائق واتفاقات ودستور وحكومة ووزارات وإدارات ومؤسسات حكومية لن يحقق السلام والأمن والاستقرار والحياة الطبيعية في الصومال أو يخرج الصومال من دوامة العنف المستمر ومحنة الاقتتال الدائم ودولة القبيلة أو قبيلة الدولة إذ تبقى التحديات المعولمة الأمنية والسياسية والاقتصادية واستحقاقات التنمية والتقدم قائمة ومطالب شعبية بالإصلاح المطلوب لإنقاذ الصومال من وباء التعددية الحزبية وما قاده إليه من حال يرثي له.
إن أزمة الديمقراطية في الصومال ستظل قائمة في ظل حلول هشة (المحاصصة) التي تركز على تقاسم المناصب والمراكز بشكل قبلي وفي ظل وجود قوات غزو أثيوبية لحماية الحكومة الانتقالية فلا الحماية الأثيوبية ولا قوات حفظ السلام الإفريقية ولا قوات المحاكم الإسلامية ولا القصف الأمريكي بقادر على توطين المصالحة في الصومال، فالانتقال من القبيلة إلى الدولة وإلى الديمقراطية والمساواة وحقوق الإنسان والمواطنة يتطلب نظام سياسي كفؤ يستوعب كل التنوع والتعدد والاختلاف.

مستقبل الديمقراطية في أفريقيا

سؤال البداية أي ديمقراطية؟ وأي إصلاح؟
ديمقراطية القرار أم ديمقراطية الاختيار؟
الإصلاح المفروض أم الإصلاح المطلوب؟
أي ديمقراطية هذه التي تدفع لها أفريقيا دفعاً في إطار عولمة الديمقراطية عبر الموجة الثالثة، كأسلوب للحكم وطريقة للحياة والتطور أو وسيلة للإصلاح والتقدم؟
ثمة عيوب كثيرة ترتبط بالليبرالية السياسية ليس أولها الحملة الانتخابية وحق الترشح ولا أخرها النتائج وحق الانتخاب وبين هذه وتلك الغش والتزوير والخداع الذي يفجر الاحتجاجات والاضطرابات في العالم أجمع وفي أفريقيا محل هذه الدراسة أي العنف والتمرد المرتبط بالانتخابات ونتائجها وثمة عيوب تتصل بالسيادة والإرادة، ونسبة المشاركة والتمثيل، والأقلية والأكثرية، والتشريع، والقرار والاختيار... ما يجعل الحرية والمساواة والحقوق في ظل احتكار السلطة مجرد تمظهرات ديمقراطية، كحرية التعبير دون الحكم والتظاهر دون الاعتراض والمساواة دون القدرة، إن فكرة التعددية السياسية تسلب المجتمع وحدته وتفتت إرادته، وتقسم ولائه وتجزي تماسكه بين أحزاب وتنظيمات متنافسة متصارعة تدخل وتخرج من السلطة وإلى المعارضة والعكس بانتظام، كما تستبدل السيادة المباشرة بغير المباشرة (النواب) أي يغيب الشعب بحضور النواب، وتختزل المشاركة في السلطة إلى مجرد المشاركة في الانتخابات وحق ممارسة القرار والتشريع وكافة أعمال السيادة إلى حق الاحتجاج عليه وحق التعبير الإيجابي إلى حق التعبير الساخط الذي يولد العف والتمرد، والتراشق بالرصاص في أفريقيا.
تشهد الديمقراطية في أفريقيا حالة انكماش وتراجع وتعاني إخفاقاً كبير على حد تعبير صحيفة (لوس أنجلوس تايمز الأمريكية عدد 08.7.13)، وهذا صحيح إلى حد كبير فموجة الديمقراطية والرسملة (الغربية) التي تجتاح أفريقيا تستغل احتياجاتها وضعفها وفقرها لم تحقق الاستقرار السياسي المنشود والحريات المأمولة والحقوق المرجوة والتنمية الموعودة، (دولة الرفاه والأمن) في أفريقيا، ولم تحصد منها أفريقيا على المستوى الخارجي سوى الديون وفوائدها وأزمتها والتبعية والهيمنة والإملاءات والمشروطيات والتدخل السافر في الشأن الأفريقي وعلى المستوى الداخلي مزيد من العنف والتمرد المسلح والاقتتال الدائم تحت شعارات ديمقراطية زائفة انظر حالة الكنغو، الصومال، السودان، تشاد، الجزائر، كينيا...الخ.
مشكلة الديمقراطية في أفريقيا ليست كما يعتقد البعض أو كما يروج الغرب، مرتبطة بدرجة التحضر وحالة الحداثة ولا ناتج التخلف وعلاقاته ولا نتيجة رفض سياسيين ورؤساء أفارقة التخلي عن مناصبهم بعد انتهاء مدة ولايتهم ولا بالاحتجاجات والعنف المتولد عن الانتخابات والملازم لها، ولا مرتبط بتراجع الغرب عن دعم الديمقراطية في أفريقيا وممارسة الضغط على الحكام لفرض الإصلاح السياسي...الخ، التي يمكن أن تكون جزء من المشكلة ولكنها ليست كل المشكلة بالطبع فثمة أسباب تتصل ببنية الديمقراطية الليبرالية وصيغتها التعددية ومؤسساتها الحزبية وآليات أدائها الحكومية التي حولت القبائل في أفريقيا إلى أحزاب عصرية والعكس ومثلت أداة تفكيك وتفتيت لوحدة المجتمعات الإفريقية بشكل عزز الولاء للحزب والقبيلة والمصالح الضيقة على حساب الولاء للأمة والوطن والدولة وانتهت الديمقراطية في كل الدول الإفريقية إلى صيغة المحاصصة التي يمكن أن تتم بلا مراسم الديمقراطية والمهرجانات الانتخابية أصلاً.
لقد أتيحت لي فرصة التواجد في الصومال مرات عديدة، ومعرفة الحقائق السياسية والاجتماعية المتشابكة وملامسة الواقع الإنساني المؤلم المتمثل في الفقر والقهر والنهب وإراقة الدماء، وأتاحت لي زيارات متعددة لغانا وبوركينا فاسو وتشاد ومصر والسودان وتونس وجيبوتي تقييم التجربة الحزبية في أفريقيا من منظور العنف المتولد عنها والمصاحب لها وتقييم مشاريع الإصلاح السياسي (الغربي) الذي ينطوي على استغلال احتياج أفريقيا للمساعدات ويرتبط بالشروط والإملاءات ويمارس ضغوط مختلفة لتوطين النموذج التعددي في أفريقيا رغم أنه لا يناسبها البتة.
تحتاج أفريقيا إلى نظام يستوعب كل التنوعات ولا يرفضها أو يهمشها ويستوعب كل المصالح والقوى بلا أدنى صدام نظام ينتج التوافق بدل التعارض، والتعايش بدل الصدام وحتى هذه اللحظة لا تبدو التعددية السياسية بقادرة على ذلك بل العكس عمقت الخلافات وأججت العنف وضاعفت الاختلافات، لهذا يتدهور حال أفريقيا من سيء إلى أسوأ على كل صعيد سياسي واقتصادي وتتراجع مكانتها في كل مجال كما سبق بيانه من استقاء مؤشرات ومعطيات تقارير التنمية البشرية.
مشكلة الديمقراطية في أفريقيا ليست التشكلات العرقية ولا التنوع والتعدد القبلي والديني والعشائري التي تعتبر حالة تنوع طبيعي يمكن أن يتعايش كما كان يتعايش منذ آلاف السنين الفائتة وينصهر في البوتقة القارية الإفريقية أو الهوية الوطنية المحلية كمظلة تجمع وتحمي الجميع ويستظل بها الكل ويستفيد منها الجميع، وفق قيم الديمقراطية حقوق وحريات مقابل مسئوليات وواجبات بغض النظر عن المعتقد أو اللون واللغة أو القبيلة والطائفة أو العشيرة، ويمكن أن يتحول هذا التنوع في أي لحظة كما يحدث الآن في الدول الإفريقية إلى برميل بارود مدمر يهدد الجميع الرابح والخاسر أي يتحول إلى عامل تنافر، وأداة اقتتال ومصدر قلق دائم للسلم الاجتماعي المسألة ليست صراع السيادة والإرادة الذي ينتج في كل مرة جزء (حزب) أو كل أو العكس وبصيغة ليبرالية أكثرية وأقلية (عددية) مهما تغيرت أو تطورت أدواته ووسائله (شفافية ونزاهة الانتخابات)، سيظل على هذا الحال في دورة تقليدية كاملة سلميه أو تتسم بالعنف كما هو الحال في الحالة الإفريقية.

من التعددية السياسية إلى السلطة الشعبية

تمثل المصالح الرأسمالية (الغربية) في أي شكل كانت قروض وهبات أو سلع وأسواق، أو شركات ومواد خام، أهم تحدي يواجه أي إصلاح سياسي واقتصادي في أفريقيا يتحكم في أدائه ومخرجاته ويحدد نتائجه، بمعنى أن العوامل الخارجية هي أوّلاً وأخيراً ليست مجانية بل ذات أهداف ومصالح، ورغم انطواء الخطاب السياسي الغربي على معطيات المجتمع المدني ودولة القانون وشعارات الديمقراطية والمشاركة السياسية ومطالب حقوق الإنسان ووعود الشراكة فإنها تظل مجرد شعارات للإغراء السياسي أو للضغط على الأنظمة السياسية في أفريقيا وإيجاد منافذ للتدخل كما في دارفور أو الصومال وروندا.. بحجة حماية الأقليات أو المحافظة على حقوق الإنسان أو نشر الديمقراطية.
إن الغرب الذي يمني أفريقيا بالمساعدات والديمقراطية ويطوع سياسياتها بالضغوط والمشروطيات هو ذاته الذي يرتبط ذكره بالماضي البغيض بتجارة العبيد وبالاستعمار المباشر وبالمرتزقة وبتدبير الانقلابات العسكرية والاغتيالات السياسية وبنهب ثروات أفريقيا... وهو ذاته الذي يخزن مخلفاته الذرية والكيماوية في عديد الدول الإفريقية وهو ذاته الذي يتعامل مع أفريقيا كمختبر لإجراء تجاربه وبحوثه العلمية، برنامج الغذاء العالمي يقدم مساعداته الغذائية (الإنسانية) للتخفيف من آثار المجاعة والفقر ليكشف فيما بعد أن الأطعمة معدلة وراثياً ولغرض البحث العلمي أي لقياس آثارها على الأطفال والنساء الحوامل... وهو الغرب الذي ينقل الآن صناعاته الملوثة للبيئة والضارة بالإنسان إلى أفريقيا بحجة الشراكة والمساهمة في تنمية أفريقيا والاتحاد الأوربي لا يتردد بإرسال المساعدات الغذائية منتهية الصلاحية والدول الغربية تتصارع فيما بينها (الإنجلوفونية والفرنكفونية) على تقاسم النفوذ والمصالح (النفط والماس واليورانيوم) وإلى ربط اقتصاديات وسياسات أفريقيا بأوربا وأمريكا (المركزية الغربية).
إن كل قراءة متأنية للمشهد الإفريقي وكل فحص دقيق للحالة الإفريقية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وثقافياً يكشف عن حاجة أفريقيا الماسة للشروع في الإصلاح والتعجيل به وتسريع خطاه لتلبية المطالب الشعبية وحاجة أفريقيا إلى الأمن والسلام والاستقرار وإزالة أسباب الصدام ومسببات الصراع.
يحقق البديل الجماهيري كل هذه المطالب دفعة واحدة أي يحل مشكلة السلطة في إطار ديمقراطي حقيقي بقيام سلطة الشعب لينتهي النزاع والصراع والتنافس الذي سببه من يحكم؟ وتنتهي دوامة احتكار السلطة بفرد أو حزب أو قبيلة أو أقلية.. ويشطب مطالب تقاسم السلطة ومحاصصتها أو تداولها أو المشاركة فيها التي هي دائماً سبب النزاع ومولد العنف في أفريقيا إذ لا يفاضل النظام الجماهيري بين أي شكل من أشكال الاحتكار السياسي (الحزب، الفرد، الطائفة...) باعتبارها أدوات احتكار لا تنتج سوى الديكتاتورية والعنف المتبادل ولأنها:
· تمثل جزء من الشعب وليس كل الشعب.
· تمارس السلطة نيابة عنه وبدلاً منه وباسمه.
· تمارس السيادة والوصاية على الشعب.
ويدحض النظام الجماهيري كل مبرر لعزل وتغييب الشعب أو استبعاده وتهميشه بحجة العدد أو استحالة جمعه دفعة واحدة أو بحجة التخصص التي اعتمدت عليها الفكرة الليبرالية كما يدحض أي مبرر لأي شكل من أشكال النيابة والتفويض والتمثيل والوصاية والوساطة، ويقيم الدليل العلمي والعملي على إمكانية جمع الشعب ليتدارس ويتناقش ويقرر (دفعة واحدة ولكن ليس في مكان واحد).
تتحقق سلطة وسيادة الشعب بواسطة الديمقراطية الشعبية المباشرة وبوسيلة متطورة (مؤتمرات تقرر ولجان تنفذ)، يقول الكتاب الأخضر "أولاً يقسم الشعب إلى مؤتمرات شعبية أساسية ويختار كل مؤتمر أمانه له ومن مجموع لجان الأمانات تتكون مؤتمرات شعبية غير الأساسية، ثم تختار جماهير تلك المؤتمرات الشعبية الأساسية لجاناً شعبية إدارية لتحل محل الإدارة الحكومية فتصبح كل المرافق في المجتمع تدار بواسطة لجان شعبية، وتصير اللجان الشعبية التي تدير المرافق مسؤولة أمام المؤتمرات الشعبية الأساسية التي تملي عليها السياسة وتراقبها في تنفيذ تلك السياسة، وبهذا تصبح الإدارة شعبية والرقابة شعبية"(39).
يتم تقسيم المؤتمرات الشعبية الأساسية في النظام الجماهيري على أساس جغرافي محض (المكان) ذي الحدود الثابتة والكثافة السكانية ولا يختلف مؤتمر عن آخر إلا في المكان وطبيعة القضايا التي تهم المؤتمر وسكانه كما تتحقق المساواة بين الأعضاء في المؤتمر الشعبي الأساسي بلا أدنى اعتبار لأي فوارق سياسية واقتصادية أو فوارق أثنية أو انتماء ديني وفكري وأيديولوجي وقبلي وبغض النظر عن المستوى الثقافي والتعليمي أو المستوى المعيشي ويمارس المؤتمر كافة أعمال السلطة والتشريع والتعبير ما يترجم الحكم الشعبي الفعلي.
اللجان الشعبية يتم اختيارها بشكل مباشر بالتصعيد والاختيار والاقتراع المباشر في مختلف القطاعات (الصحة، الإسكان، ...) وعلى مختلف المستويات (المؤتمر الشعبي الأساسي، والشعبية ومؤتمر الشعب العام)، وما هي إلا أداة إدارية تنفيذية للقرارات التي تصدرها المؤتمرات الشعبية لا تمارس أي صورة من صور السيادة (القرار والتشريع)، وتقع تحت تسلط المؤتمرات الشعبية التي تملك حق تصعيدها واختيارها أو إسقاطها واستبدالها كما تملك حق محاسبتها ومراقبتها.
تقسيم المؤتمرات الشعبية الأساسية وغير الأساسية والمهنية ومؤتمر الشعب العام لا يعني مستويات مختلفة للسلطة والتشريع وهو تقسيم لا يقوم إلا على:
· طبيعة القرارات والسياسات التي تخص المؤتمر الشعبي الأساسي ودائرته الجغرافية.
· طبيعة القرارات والسياسيات التي خص المؤتمر الشعبي للشعبية أو المنطقة ودائرته الجغرافية.
· طبيعة القرارات والسياسات والاتفاقيات التي تخص مؤتمر الشعب العام ودائرته الجغرافية (الدولة) التي تتوحد فيها السياسات المحلية والعالمية والقومية التي تهم جميع المؤتمرات وتتحقق فيها السيادة للشعب.
· طبيعة القرارات والسياسات التي تهم المهنيين والنقابات وعضويتها.
أمانة المؤتمر الشعبي ليست سلطة على المؤتمر الشعبي في كل مستوياته ولا تمثل سوى لجنة إدارية تقوم بتنظيم جلسات المؤتمر وحفظ سجلاته ومتابعة تنفيذ قراراته وعرض نتيجة المتابعة على المؤتمر الشعبي.
أمانة اللجنة الشعبية ليست سلطة على أعضاء اللجنة الشعبية أياً كانت ولا تمثل سوى حلقة الوصل وأداة تنسيق وإدارة بين أعضاء اللجنة الشعبية وأمانة المؤتمر الشعبي.
تتحقق رقابة الشعب على نفسه وفق آليات الرقابة الشعبية.
ويمكن تسجيل الملاحظات التالية:
· تعزز الديمقراطية المباشرة قيم المساواة الفعلية، بالتقاء وحوار الناس في المؤتمر الشعبي دون أية فوارق تحدد قيمة الإنسان وموقعه ودون تمييز في اللون والمكانة والمنصب والجنس.. ويتساوى الناس في حق العضوية، وحق الممارسة والمشاركة وحق إصدار القرار وحق المشاركة في اختيار اللجان الشعبية وحق ممارسة الرقابة الشعبية من خلال الأدوات والأجهزة التي يقيمها ويشرف عليها المؤتمر.
· تلغى الديمقراطية المباشرة كافة أشكال السخط والاحتجاج والتظاهر والإضراب والعنف والتمرد التي تشكل مصدر قلق في أفريقيا فلا يعقل أن تتظاهر الجماهير ضد نفسها بل تقوم الديمقراطية المباشرة على أسلوب حضاري ديمقراطي للتغيير ولمعالجة التقصير والأخطاء والسلبيات والانحرافات والمعوقات إذا حدثت.
· يساهم الحوار والنقاش في المؤتمر الشعبي في رفع درجة الوعي الفكري والثقافي وزيادة المعرفة لدى الجماهير كنتيجة لتبادل الآراء والمعلومات والتقييم حول مختلف القضايا والعلاقات والقوانين كما يساهم التنوع والتعدد في المؤتمر الشعبي في إثراء الحوار والتآلف بين الناس.
· يحل البديل الجماهيري مشكلة السلطة والمعارضة والأقلية والأكثرية وما يترتب عليها من مشكلات عنف وتمرد في أفريقيا.
· تعزز الديمقراطية المباشرة حق التعبير في المؤتمر الشعبي الأساسي بلا حدود أو قيود أو شروط وتنقل مفهومه إلى درجة أرقى لارتباطه بالحكم واتخاذ القرارات أي الممارسة، "الديمقراطية هي الحكم الشعبي وليست التعبير الشعبي"(41).
· تخلص أفريقيا (محل هذه الدراسة) من كافة المشاكل الناشئة عن الصراع السياسي ومخاطره المدمرة للبناء الاجتماعي والسلم الأهلي وانعكاساته المختلفة على تعدد وتجزئة الولاء بين الأحزاب والقبائل وغيرها من الأدوات التناحرية.
· تمكن الممارسة المباشرة السلطة الجماهير من أن تبرهن على قدرتها على تسيير أمورها واتخاذ كافة القرارات الجماعية وتحل معضلة ملكية مصادر القوة والتأثير في المجتمع وفق رؤية قائمة على جماهيرية "السلطة والثروة والسلاح بيد الشعب".
· تضاعف الممارسة المباشرة للسلطة شعور الناس بالمسؤولية والجدية وألا دفعت ثمناً باهظاً إذا اتخذت القرارات غير المناسبة أو اختارت اللجان غير الكفؤة على مستقبلها وجهدها وإمكاناتها.
· تلغي الممارسة السياسية المباشرة أي شكل من أشكال الاحتكار السياسي (الحزب، الفرد، القبيلة، الطائفة...)، فليس هناك أي جهة يمكن أن تملي على المؤتمرات الشعبية ما تشاء أو تفرض عليها ما تريد.
· يُمْكن البديل الجماهيري من القضاء على البيروقراطية وكافة الأشكال السلبية المرتبطة بالإدارة الحكومية من رشوة ووساطة ومحسوبية وسيتم التنفيذ بشفافية وبالشكل المقرر نتيجة الرقابة الشعبية المستمرة ونتيجة الحرص على سرعة التنفيذ والإنجاز.
· يحقق البديل الجماهيري فرص المصالحة والسلام في أفريقيا القائم على المساواة والحرية لجميع الأطراف، ويفتح الباب على مصراعيه أمام التنمية والتحول والتعاون وفق قيم الممارسة والمشاركة الفعلية والاحترام المتبادل والحقوق الكاملة والمواطنة.

الهوامــــــــش


1- حمدي عبد الرحمن، أفريقيا وتحديات عصر الهيمنة، أي مستقبل؟ مكتبة مدبولي، القاهرة، 2006، ص21.
2- التقرير الإستراتيجي الأفريقي 2006-2007 مجموعة باحثين، مركز البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة، 2007، ص25.
3- أحمد النوفلي، أفريقيا معلومات سياسية، دار ابن خلدون، الجزائر، 1999، ص16.
4- نوازاد الهيثي، التنمية في أفريقيا وتحديات القرن الحادي والعشرون، مجلة دراسات العدد 7، 2001، ليبيا، ص20.
5- اشقيفه الطاهر، أفريقيا لن تكون ورقة انتخابية، صحيفة الجماهيرية، العدد 4858، 28 النوار، 2006.
6- تقرير التنمية في العالم 2000-2001، البنك الدولي، ص275.
7- راوية توفيق، القوى الكبرى والمشروطية السياسية، جامعة القاهرة، 2006، ص51.
8- المرجع السابق، ص88.
9- حمدي عبد الرحمن، أفريقيا وتحديات عصر الهيمنة، مرجع سابق، ص29.
10- حسين العودات، التنافس على أفريقيا، جريدة البيان الإماراتية 25/6/2006، ص9.
11- المرجع السابق، ص9.
12- الحروب الأهلية، الحرب هي ظاهرة استخدام العنف والإكراه كوسيلة لحماية مصالح أو توسيع نفوذ أو لحسم خلاف حول مصالح أو مطالب متعارضة بين جماعتين من البشر أما الحرب الأهلية فهي حالة صراع مسلح بين فرقتين أو أكثر في أراضي دولة واحدة نتيجة لنزاعات حادة وتعذر إيجاد أرضية مشتركة لحلها بالتدرج أو بالوسائل السلمية أما أسباب الحرب الأهلية قد تكون سياسية أو طبقية أو دينية أو عرقية أو إقليمية أو مزيج من هذه العوامل، تتصف الحرب الأهلية عادةً بالضراوة والعنف وبالنتائج الاقتصادية والاجتماعية المدمرة على المدى القريب والمؤثر وكثيراً ما تشكل الحروب الأهلية فرص لتدخل الدول الكبرى والمجاورة في مجريات الأمور الداخلية للدولة المعرضة للحرب وكذلك وقوع الحرب الأهلية يضعف كثيراً من سيادة الدولة ويزيل التمسك الداخلي في وجه التدخل الخارجي، (انظر عبد الوهاب الكيالي وآخرون، موسوعة السياسة، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1993، ص170).
13- علاء يوسف محمود، الحروب الأهلية في أفريقيا، الدار الدولية للنشر، بيروت، 2005، ص36.
14- العنف والمجتمع، مداخل معرفية، مجموعة باحثين، جامعة محمد خضير بسكرة، الجزائر، 2004، ص598.
15- الحروب الأهلية في أفريقيا، مرجع سابق، ص63.
16- أيمن حامد، الأفروقراطية نمط جديد للحكم، الحكمة للنشر، بيروت، 2006، ص113..
17- معمر القذافي، أفريقيا في حاجة ماسة إلى الاستقرار والمرجعية، موقع القذافي يتحدث، الشبكة الدولية للمعلومات.
18- المرجع نفسه.
19- محمد حسن دريل، الفراغ السياسي في الصومال، مجلة دراسات ، العدد 8، 2002، ص136.
20- اشقيفه الطاهر، المجتمع المدني والعصبية، صحيفة الجماهيرية، العدد4617، 2005.
21- محمد حسن دريل، الصراع السياسي في الصومال، مجلة دراسات العدد 8، 2002، ص138.
22- حسن عبد الرحمن، خلفيات الحروب الأهلية في أفريقيا، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، القاهرة، 2008، ص16.
23- القبيلة دين الصوماليين الأول، صحيفة 26 سبتمبر، العدد 1305، 2008، ص14.
24- الهيئة العامة للاستعلامات المصرية 2005، تقرير عن الصومال.
25- محمد حسن دريل، الصراع السياسي في الصومال، مرجع سابق، ص138.
26- المرجع السابق، ص140.
27- مجيب الرحمن عبيد، المصالحة الصومالية إلى أين؟ مجلة سبأ، 2003، ص20.
28- محمد حسن دريل، جذور النزاع الصومالي، مكتبة الملك فهد، جدة، 2002، ص175.
29- المرجع السابق، ص141.
30- محمد بن عبد اللطيف آل الشيخ، القبيلة الحزبية، صحيفة الجزيرة، 23/5/2008، العدد 2962.
31- محمد علي دريل، دور التعصب الحزبي والقبلي في الأزمة الصومالية، مجلة دراسات العدد 7، 2001، ص31-32.
32- الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، 2005، تقرير عن الصومال.
33- المرجع السابق.
34- الصادق المهدي، حصاد القتال في الصومال، المكتبة التفاعلية، 15 يناير 2007.
35- الهيئة العامة للاستعلامات، مرجع سابق.
36- محمد عبد اللطيف آل الشايخ، القبيلة الحزبية، مرجع سابق، ص10.
37- نبيل الصوفي، الحصان الذي أعاد الصومال إلى ملف السياسة الدولية، صحيفة الحياة اللندنية، الجمعة 5/1/2007.
38- حسن محمد إبراهيم، الصومال إلى أين؟ جريدة القرن الأفريقي، 2008.
39- معمر القذافي، الكتاب الأخضر، ص48-49.
40- لمزيد الإطلاع على النظام الجماهيري يمكن الإطلاع على الكتاب الأخضر بفصوله الثلاثة ويمكن الإطلاع كذلك على شروح الكتاب الأخضر، الذي يحلل ظاهرة احتكار السلطة ويتناول الواقع السياسي للمجتمعات الإنسانية بمختلف مظاهره وأشكاله وأساليبه من المجلس النيابي والأحزاب والطبقات والاستفتاء والشريعة وكل ما يشكل في واقع الحال أداة الحكم.
41- معمر القذافي، الكتاب الأخضر.
() لمزيد الإطلاع على رؤية النظرية الجماهيرية لمسألة الصراع يمكن الرجوع إلى الكتاب الأخضر الفصل الأول، ولمزيد الاطلاع على حقوق الإنسان في المجتمع الجماهيري يمكن الإطلاع على الوثيقة الخضراء لحقوق الإنسان في عصر الجماهير، ولمزيد الإطلاع على تنظيم وتقسيم المؤتمرات الشعبية يمكن الرجوع إلى القانون رقم (1) بشأن نظام عمل المؤتمرات الشعبية الأساسية واللجان الشعبية ولوائحه التنفيذية، ولمعرفة المزيد من المعلومات حول اختصاصات وطريقة اختيار اللجان الشعبية وعددها ومدتها واختصاصاتها ومهامها يمكن الرجوع للمصدر السابق، ولمزيد الإطلاع على أسس ومرجعية النظام الجماهيري يمكن الرجوع إلى وثيقة إعلان قيام سلطة الشعب 2 مارس 1977، والوثيقة الخضراء الكبرى، 1988، الكتاب الأخضر، وشروح الكتاب الأخضر.

 

 


& مدخل: الســـؤال السياســــي.
& أفريقيـا مــن الاستعمــار إلــى التبعيــة.
& الديمقراطيــة والعنــف فـــي أفريقيـــا.
& القبيلة والديمقراطية في أفريقيا (الصومال أنموذجاً).
1- تسييس القبيلـــة.
2- تسييس الديـــن.
3- مستقبل المصالحة والمحاصصة في الصومال.
& مستقبــل الديمقراطيـة فـي أفريقيـا.
& من التعددية السياسية إلى السلطة الشعبية.

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !