مواضيع اليوم

الديمقراطية التوافقية وإشكالية بناء الدولة

ابو زيد السروجي

2010-03-16 19:13:55

0

يعتبر مصطلح الديمقراطية مصطلحا هجينا بالنسبة للتجارب العالمية من تعاطي الديمقراطية كتبني وكسلوك يمكن له ان ينجز ما عجزت عنه الديمقراطية بمفهومها المتعارف والمتداول كمايتفق الجميع من ان الديمقراطية بمفهومها العام والاكاديمي تعني ( حكم الاغلبية) تلك الاغلبية التي يمكن لها ان تشكل الحكومة في أي بلد ديمقراطي متطور يؤمن بامكانية الحكم على الاداء الحكومي من خلال ما تشكله هذه الحكومة من تشكيلة حكومية تكون في الاخر هي المسؤلة عن ادائهم وتطبيق البرنامج الذي يتفقون عليه هم وليس غيرهم ويبقى على الاخرين ممن لم ينالوا الاصوات اللازمة لتنصيبهم يبقون في خط المعارضة يراقبون ويقيمون اداء خصومهم السياسيين من غير ضغينة فئوية او فردية او حتى شخصية وهذا ما شاهدناه جليا في الكثير من تجارب العالم المتحضر واخرها فوز الرئيس اوباما الذي خلق معادلة سياسية جديدة لم تك تخطر ببال الصقور او الحمائم على حد سواء؟

كما ان النظام الديمقراطي الجديد لايؤمن بالجمود بل هو متغير وحسب الواقع السياسي الذي يخدم الشعب العراقي وهو بالتالي حكما لا يعتمد على المزايدات او تصفية الخصومات باسم التوافقية والتي هي بين قوسين (تحاصصية) بين المكونات السياسية في العراق .كما يرى اكثر المراقبين السياسيين ان التوافقية هي صورة واضحة من صور المحاصصة تلك المحاصصة التي ينبذها الجميع من غير استثناء ورضينا (وفين العين قذى ) على اعتبار ان مامر الشعب العراقي به من محن ومصاعب تعطينا الحق في تلك التوافقية التي جعلت لكل منا امبراطورية لا يمكن المساس بها ومن انها لا تخضع للرقابة او المحاسبة على اعتبار انها اصبحت من حصة هذا المكون او ذاك والمساس بها هو مساسا متعمدا لمسمى ربما تسيل من دونه الدماء .وتطلع الجميع الى الوضع الامني الذي يرسم ملامح بناء الدولة وهو الحاكم الاخير على استقرارها وامكانية الحكم على النجاح والفشل من خلالها كما ان نتائج الانتخابات الاخيرة ربما بل اكاد اجزم انها غيرت الكثير من القناعات لدى الساسة العراقيين فنقم البعض وتحفظ الاخر واخذ يضع المعرقلات في عجلة تطور هذه التجربة الفتية والتي نحسد عليها بالرغم من كل المصاعب والمشاكل التي مررنا بها؟

وبقيت التوافقية تمضغ نفسها وتدور حولها من غير ان تكون حلا ناجعا يعالج جراحنا ويلائمها اصبحت جزءا من المشكلة بدل من ان تكون جزءا من الحل وهذا ما رايناه في الكثير من المواقف والمشاهد التي وضعت الحكومة في اشكالات كثيرة وستضعها كذلك اذا بقيت التوافقية هي الملاذ الاخير لحل مشاكلنا ورب سال يسأل ان ذلك يصطدم بالدستور على اعتبار اننا دولة دستورية تؤمن بالقانون وتحسب له الف حساب ونقول ان الدستور قوانين وضعها الانسان ويمكن ان يغيرها بتغير ضروفه وتطلعاته وهو في الاخير ليس منزلا من السماء!

ويمكن لنا ان نلبس الديمقراطية في عراقنا الحبيب ثوبا لائقا بها بعد ان جرب الجميع المظلوميات الكثيرة التي تعرضت لها القوى السياسية في العراق ابان حكم الكتاتورية المقيتة

وهنا نسال هل ان البديل بالضرورة ان يكون نظاما رئاسيا تتلبسه الدكتاتورية شيئا فشيئا والرد هنا بكل بساطة لا يمكن ذلك لان الدستور لايسمح لاي رئيس باكثر من اربع سنوات قابلة للتجديد اذا ما قرر الشعب ذلك؟

اذا علينا ان ننظر الى الحكم الرئاسي بنظرة متفائلة وليس متخوفة او متحفظة ونعلم ان النظام البرلماني في العراق لم ينهض بمسؤلياته ولم يرتقي الى مستوى بناء الدولة بالرغم من القرارات المهمة التي انجزها مصداقا للاية القرانية(ولا تبخسوا الناس اشيائهم) الا ان التخندقات الكثيرة في البرلمان العراقي ولولا تفهم الجماهير ووعيهم لادخلتنا في مشاكل كثيرة وكان قد فعلها في السنين الماضية ومن ينكر من ان بعض البرلمانيين كان يغذي الحرب الاهلية والطائفية ويسهر على اشعالها حتى اننا نسمع هذه الايام خبر رفع الحصانة عن بعضهم لاتهامه بتمويل مجاميع مسلحة من هذا الطرف او ذاك؟

اذا لابد لنا ان ننتفض على ذواتنا ونسير بالعملية الديمقراطية بخطى صحيحة بالرغم من تنوعنا العرقي والمذهبي والقومي وان نخضع للديمقراطية قولا وفعلا من خلال اختيار الناس وكل الناس للنظام الذي نريده ونحن كجماهير يجب ان نعرف الى اين نسير ببلدنا والى أي مدى يجب ان نحافظ على نجربتنا هذه وان لا نستمع الى الذين يريدون ان يعتاشوا على تفرقنا وتعدد مصادر القرار فينا مصداقا للمثل العامي( لايمكن لسفينة ان تسير بربانين)يجب ان يثق الشعب بقادته وان يكمل مسيرته بنظام ديمقراطي رئاسي يخضع الى استفتاء الناس ويقتنع بارائهم لانهم هم الوحيدون الذين يقررون ما شكل الحكم في العراق ويجب ان لاتكون تجربتنا هذه مترهلة باراء بعيدة كل البعد عن الواقع الموضوعي الذي نعيشه في بلدنا هذا البلد الذي اعطى خيرة ابنائه قربانا على مذبح التحرر وان نقف امام انفسنا قبل الحكم على الديمقراطية التوافقية او ديمقراطية الاغلبية وان نتخذ قرارا يمكن ان يقدم خطواتنا باتجاه حصد ثمار تجربتنا الجديدة وان كل تجربة تاتي الى الوجود تاتي من فرد او مسمى وسرعان ما تنتشر بين الناس لصلاحها لتستقر في قلوبهم وتنمي داخلهم سلوكا يساهم في بناء الدولة العراقية الجديدة بالرغم من جميع الممانعات الاصطناعية وليس اليقينية باعتبار ان بعض القوى السياسية عاجزة عن ايجاد مشروع وطني يساهم في خروج العراق كليا من دوامة الطائفية والمحاصصة التي مخرت جسد العراق وعاثت بمقدراته وراهنت على فشل تجربته التي وضعتها حكومة الوحدة الوطنية من خلال ارساء دعائم الامن والاستقرار والاخوة والمصالحة الوطنية بين ابناء البلد الواحد ولم يبق الا القليل ويتعافى العراق من جراحاته ويبني نفسه بهمة ابنائه الغيارى الذين ما بخلوا عليه يوما بدم او اعتقال او هجرة؟




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !