فضاء الكلمة
بقلم : خليل إبراهيم الفزيع
الدولة والمواطن.. والمسئولية المشتركة
عندما تطرح بعض المواضيع نسارع إلى الحديث عن مسئولية الدولة دون أن نتذكر ونذكر مسئولية المواطن، مع أن المسئولية بين الطرفين مشتركة لا يمكن لطرف أن يقوم بها دون مساعدة الطرف الآخر ومشاركته الفعلية في جميع مراحل التنفيذ، فالطرفان في حقيقة الأمر وجهان لعملة واحدة، ومتى ما شعر أحد الطرفين بغير هذا الشعور تصبح المعادلة غير متوازنة، إن لم يصبها الكساح الذي يعيق تنفيذ أي أمر يهم المواطن، ولأن المواطن شريك للدولة في منجزاتها، فهو بالمقابل شريكها في المحافظة على هذه المنجزات وصيانتها وضمان استمرارها بأعلى معدلات الإتقان والجودة.
ومسئولية المواطن لا تلغي مسئولية الدولة فالاعتماد عليها في تحقيق المنجز الحضاري يأتي في قائمة أولوياتها، وعلى نفس الدرجة من الوعي والمسئولية يأتي دور المواطن في تصحيح مسار أي منجز تنموي قد يعتريه القصور، وهذا هو السبيل الوحيد لجعل هذا المنجز الحضاري فاعلا ومؤثرا في حياته، ليكتمل بهذا التفاعل ما هو مرجو من أي إنجاز هدفه مصلحة الوطن والمواطن أي مصلحة الدولة.
وكما أن الدولة بحاجة إلى وقوف المواطن معها في كل شأن من شئونها، فإن من حق المواطن أن توفر له الدولة كل أسباب الحياة الحرة الكريمة، ويوم يجد أي تقصير في هذا الاتجاه فكأنما يجد مبررا للتخلي عن مسئولياته الوطنية، وهذا الخلل في العلاقة بين الطرفين له ما له من آثار سلبية يتحمل مسئوليتها الطرفان، وهما في الحقيقة طرف واحد، جزء منه في موقع المسئولية وجزء آخر في موقع المسئولية أيضا، وإن اختلف أو تفاوت دور كل منهما باختلاف موقعه في ميدان البناء التنموي، وهذا أمر طبيعي تكتمل به التنمية الوطنية الشاملة، في ظل انتماء وطني يعي مسئولية المواطنة وما تعنيه من حقوق وواجبات.
إن الاتكالية التي تستوطن نفوس بعض المواطنين، إنما هي نوع من التعبير عن الاحتجاج ضد موقف معين، هكذا يبدو الأمر في ظاهره، لكنه أحيانا يصبح عادة تتحكم في تصرفات بعض المواطنين الذين يصل انعدام المسئولية لديهم إلى درجة التنافر مع ما تقتضيه المصلحة العامة، والتي تمس حياة كل مواطن، وتؤثر عليه سلبا أو إيجابا تبعا لموقفه منها، ورغم وجود أنظمة واضحة لكثير من الممارسات الحياتية، فإن تجاوز هذه الأنظمة أصبح عادة لدى بعض المواطنين، مع أن هذا التجاوز هو انحراف اختياري عن المسار الصحيح الذي يفترض أن يلتزم به كل مواطن يشعر بمسئوليته تجاه مجتمعه ووطنه، وهناك من يرى أن هذا التجاوز ناتج عن غياب الرقابة الصارمة في تطبيق النظام، وربما أدت الاعتبارات الخاصة، إلى التخلي عن هذا النظام، عندما تلعب الوساطة دورها في حماية من يتجاوزون النظام بمخالفات واضحة ثم يفلتون من قبضة أي جزاء يفرضه هذا النظام، لكن الحقيقة تقول: إن ارتكاب الخطأ ليس فضيلة، بل هو رذيلة يفترض تجنبها حتى وإن حدثت من أناس معينين، فهم ليسوا قدوة حسنة في تصرفاتهم.
إن قوة النظام تتمثل في ما يسنده من جزاءات صارمة، تطبق على الجميع لا فرق في ذلك بين مواطن ومواطن، فالمواطنون أمام النظام سواسية، وهذا ما يجب أن يكون لتصبح الشراكة بين الدولة والمواطن في قمة التلاحم والتضحية، ويجني ثمارها الوطن، بتحقيق المزيد من الإنجازات الحضارية الكبيرة والرائعة.
التعليقات (0)