مواضيع اليوم

الدولة القطرية في تحدي التكتلات الكبيرة

 الدولة القطرية في تحدي التكتلات الكبيرة ..
كنا أطفالا صغارا على مقاعد الدراسة التابعة لوكالة الغوث الدولية وكانت مأساة النكبة لعام 1967 لا تزال طازجة ، ولا يزال وجعها في القلوب مؤثرا ، وصور التشرد بكل أشكالها من مخيمات و خيم وانعدام الخدمات التي تناسب ( حتى الحيوانات معدومة على الإطلاق ، فوا لله الذي لا اله إلا هو لو عاشت كلاب الغرب كما عشنا لتبرعت جمعيات العالم لها ولاستنكرت الأوضاع التي تعيشها أما نحن فلا بواكي لنا ) .

نعم كنا صغارا في العراء ، وكانت المناهج المدرسية مكتظة بمعاني الوطنية والجهاد والحرب والتحرير ، وكانت تثقل كاهلنا بعبارات كبيرة ..كبيرة .. مثل ..الوطن العربي الكبير .. وطني العربي الكبير .. من المحيط إلى الخليج .. بينما كانت تضيق بنا مساحة الخيمة فلا نكاد نمد فيها ساقا إلا وتخرج من الجهة الأخرى ..

كان منهاج اللغة العربية يورد قصة الرجل العجوز الذي مرض مرض الموت وجمع أولاده وطلب منهم أن يحضر كل منهم عصا ويحاول كسرها .. ثم طلب منهم أن يجمعوا العصي معا ، ويحاولوا كسرها .. فأبت أن تتكسر... لبين لنا المؤلف أن الاتحاد قوة .. ونحن في أشد حالات الوهن والضعف والإحباط والهزيمة والانكسار والذل والتشرد والجوع والبؤس.

ومضت بنا دروب الحياة وأخذتنا بعيدا في دروب شتى ، وكم كانت العبارات التي تمجد الوحدة تتضخم .. وكم كانت الأغنيات والأناشيد الوطنية والدينية والقومية الحماسية تشدد على الوحدة وتتغنى بها ..حتى بتنا ونحن كبار نقترح اسما لمجموعة الدول العربية المتحدة ( الوطن العربي الكبير ) فمرة كنا نقلد اسم الولايات المتحدة الأمريكية ونتخيل جوز السفر العربي . فسمينا الوطن العربي الكبير ( الولايات العربية المتحدة ... ومرة أضفنا لها عبارة الكبرى لتكون الولايات العربية المتحدة الكبرى ، ومرة الوطن العربي ... ومرة الإمبراطورية العربية ...
وضاعت كل تلك الأحلام على مذبح التشرد والجوع والتسكع في مختلف دول العالم .. لنجد أنفسنا في مهب الريح .. دويلات صغيرة غير قادرة على مجابهة أقل التحديات .. ولنتحسر على ما فات من وقت ومضى من عمر ونحن لم نفرح في حياتنا بالوحدة العربية التي ادخلوها في عقولنا عنوة .. رغما عنا .. وباتوا يتحدثون عن السوق العربية المشتركة والعمل العربي المشترك والتبادل التجاري البيني .. لنكتشف أن حجم التبادل العربي البيني أقل ممن حجم التبادل التجاري بين أي دولة عربية وأخرى غير عربية إلا في مجال الأمن ا لداخلي ...

نعم تعاون وزراء الداخلية العرب .. هذه حقيقة .. نعم تعاون رجال الأمن والدرك العرب معا ... نعم هذه حقيقة ..
وبقينا نحن على مشارف الحلم .. نترحم على ما فات ومضى من العمر هدرا بغير ذي فائدة تذكر ..

نعم نلتفت للخلف فنشاهد مجموعة الإخفاقات الشخصية الكثيرة وهي تنسحب على الواقع العربي بكل أبعاده ..
ومن العجب العجيب أنهم لا يزالون يتغنون بتلك الأغنيات الباهتة ... ويرفعون ذلك الشعار المأفون ... ويتنادون لحضور الاجتماعات تلو الأخرى ..وكل ذلك تحت راية .. الوطن العربي الكبير الذي لم يبقى منه غير الاسم..

أمريكا أوروبا تتحدث عن منطقة شرق أوسط جديد ... اوباما يتحدث عن امن الشرق الأوسط المشترك .. ويقصد امن العرب وإسرائيل ..فكيف للحمل أن يأمن للذئب .

إن الدولة القطرية ، في خضم التكتلات الدولية الكبيرة التي تشكلت أو التي ستتشكل ، وفي عصر المحاور والتعاون .. لا وجود لها .. ومصيرها عاجلا أو آجلا الفناء والزوال.. فالأطماع تتعاظم وتتضخم .. وكما هي العادة الكبير يأكل الصغير .. والقوي يغلب الضعيف ...فإلى أين تسير دولنا العربية في هذا الموج الهادر الذي يزداد شراسة يوما بعد يوم ..
لن نرى النور ولا السلام .. ولن نرى التنمية ولا التقدم .. لن نحظى بفرصة العيش والهناء ما دمنا متفرقين متباعدين مشتتين .. علما بأن ما يوحدنا أكثر مما يفرقنا .
والله المستعان على كل حال .
 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !