تعيش النخب السياسية الفلسطينية حالة من التخبط وخصوصاً فيما يتعلق بفقه الأولويات الوطنية، ففي حين تنظر نخب السلطة الفلسطينية وحركة فتح نحو استحقاق أيلول وقبول فلسطين عضواً دائماً في الأمم المتحدة قبل الذهاب إلى المصالحة الحقيقة وعلاج أمراض الانقسام التي عصفت بمكونات المجتمع الفلسطيني، وأرست دعائم الحقد والكراهية وعدم الثقة، فإن الحركات الإسلامية واليسارية تنظر نحو المصالحة بشكل عام والمصالحة الاجتماعية على وجه الخصوص كأولوية أولى تسبق إعلان الدولة.
وأعتقد أن الرأي الصائب هو ما تتبناه الحركة الإسلامية في فلسطين وبعض أحزاب اليسار والمتمثل بتطبيق بنود المصالحة الفلسطينية على الأرض، وإعادة الثقة بين الجماهير ونخبها السياسية، وإزالة كل آثار الانقسام مثل تعويض عائلات شهداء الانقسام، وعلاج جرحاه، والإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، وإطلاق الحريات، والعمل على تعزيز مفاهيم الديمقراطية والشراكة والمشاركة في صناعة القرار، وصولاً إلى بناء إستراتيجية وطنية موحدة تلتف حولها الجماهير الفلسطينية، ويساندها عمقها العربي والإسلامي وأحرار العالم للبدء بالمعركة السياسية والدبلوماسية نحول نيل حقوقنا المشروعة وعلى رأسها إعلان الدولة.
فالدولة عند هيجل هي استمداد السيادة من الشعب، فإذا كان الشعب الفلسطيني يكتوي من نار الانقسام والفرقة فكيف ستقوم تلك الدولة؟ وما هي مقومات صمودها وديمومتها؟ وما هي الضمانات التي تعزز وحدتها وديمقراطيتها؟ وأن لا تلجأ الدولة الوليدة إلى الاقتتال مرة أخرى في حسم الخلافات السياسية بين مكونات الحركة الوطنية.
أسئلة لابد من النخبة السياسية أخذها بعين الاعتبار، ولابد من السيد الرئيس محمود عباس البدء فوراً في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في القاهرة، وأن يضع أساس سليم لمصالحة اجتماعية سليمة تبدأ من الإفراج الفوري عن كل المعتقلين السياسيين، والعمل مع الجميع على معالجة آثار الانقسام قبل الذهاب إلى الأمم المتحدة، ولذلك تقع المسئولية المباشرة على الرئيس محمود عباس، وهذا أيضاً ما أكده أمين سر المجلس الثوري لحركة فتح، وعضو وفدها للحوار السيد أمين مقبول لصحيفة القدس العربي حيث قال: " فتح ليست صاحبة القرار في إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، وإنما يتوقف دورها فقط على مطالبة السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس بإطلاق سراح المعتقلين، مضيفا ما زلنا نأمل أن يتحقق هذا الأمر قبل عيد الفطر إن شاء الله".
وفي قراءة لتصريح السيد مقبول نرى حجم التدخلات الغربية والإسرائيلية وهيمنتها على القرار السياسي بالضفة من خلال الضغط على حكومة رام الله والأجهزة الأمنية لوقف تنفيذ قرار الإفراج عن المعتقلين السياسيين الذي تم التوافق عليه قبل أيام بين حركتي فتح وحماس في العاصمة المصرية القاهرة.
خلاصة القول أن المحافظة على تماسك ووحدة المجتمع الفلسطيني لابد أن يسبق إعلان الدولة كون المجتمع أو الشعب هو أحد أركان الدولة الثلاث بالإضافة إلى الإقليم والسلطة السياسية، فالإقليم هو مقسّم، ويوجد سلطتان سياسيتان في الضفة الغربية وقطاع غزة، فللأسف أين ستكون الدولة.
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)