مواضيع اليوم

الدور الجديد لدول الجوار الاقليمي

nasser damaj

2010-01-26 16:11:21

0

الدور الجديد لدول
الجوار الاقليمي من منظور سورية

حظيت الاستراتيجية السورية في تحديد قواعد التعامل مع اسرائيل باعجاب شديد من الدول التي لم تشأ سابقا مجاملة الموقف السوري من اسرائيل ، واتضح بان لدى السوريين مستوى حكمة اعلى منه عند سواهم وفي ذلك قال وزير الخارجية الامريكي جيمس بيكر في مذكراته في معرض حديثة عن الرئيس السوري حافظ الاسد " غادرت اسرائيل مسرعا الى الرئيس الاسد ظانا بانني احمل اخبار ساره له ، حيث اخبرني اسحاق رابين رئيس وزراء اسرائيل بموافقته على الانسحاب من الجولان وعندما وصلت الى القصر الرئاسي في دمشق جلست الى جانب الرئيس السوري على اريكة مستطيلة تتسع لثلاث اشخاص ، فقلت له اود ان اخبرك بان رابين اخبرني بموافقته على الانسحاب من الجولان ، فرد الاسد مع ابتسامة عريضة وما الذي يمنعه من الانسحاب ، فصمت وخيم الصمت على المكان وغادرت بدون ان اعرف هل تلقيت اجابة ام لا وماذا ساقول لرابين ، وانا بدوري لم اتصل برابين لكن رابين بادر الى الاتصال بي فاخبرته بما قاله الاسد فضحك هو الاخر وقال لي الم اقل لك بان الاسد لايريد السلام " .
ويقول بيكر ايضا في مكان اخر من مذكراته " كان حافظ الاسد في كل لقائاته معي يجلسني الى جانبه اثناء المحادثات وكنت استغرب ذلك لكن اخرون افهموني بان هذا تعبير عن احترام الرجل لي ، لكنني كنت اجد صعوبة في الحديث معه بسبب اضطراري للاستادره الى اليسار عندما اريد ان اشرح له ايا من افكاري اما الاسد فكان جامدا في مكانه لا يتحرك قيد انمله ، لاحقا ادركت بان هذه الجلسة التي كان يجلسني اياها الاسد قد اعدت خصيصا لي لكيلا استرسل في الحديث معه وتتقطع افكاري ولكي لا ارى التعبيرات الجسدية على وجهه خلال المحادثات وهذا بدوره كان كفيل ان يقصر مدة الجلسة بالاضافة الى شيء ما كانوا يضعونه في قهوتي يساعد على ادرار البول عندها تاكدت من امرين الاول بان الاسد لايريد السلام بالفعل ، وانه حفيد نجيب للامويين " .
ما حدث لم يتم بمشيئة سورية كاملة انما كان لوجود شخص مثل اسحاق رابين الدور المتمم له وخاصة في اواخر فترة العماليين في اسرائيل وبعد مضي خمس سنوات على اتفاقية اسلو وثلاث اخريات على معاهدة وادي عربا،حيث فقد بعدهما الطرفين الفلسطيني والاردني قدراته في الدفاع عنهما وهكذا اصبحوا عرضة لنقد السورين دونما أي مظلة تحمى راسيهما من سياط النقد العربي .
اما الاكثر غرابة فهو لجوء الاردن الي سورية لمساعدتها في درء الخطر المحدق بها بسبب التنصل اسرائيل من التزاماتها القانونية تجاه الاردن في الملف المائي بذلك التقط السوريين فرصة العودة الي ساحة بلاد الشام كقادة للتوجهات القومية امام اسرائيل، لوضع حد لسلام "السترب تيز strap tees" وفقا لوصف وزير الدفاع السوري مصطفى طلاس الذي شبه حالة السلام العربية الاسرائيلية بهذا النوع من الرقص العاري ، حيث يطلب من العرب التجرد من حقوقهم قطعة قطعة مثل ما تفعل راقصة العري على المسرح .
فيما مضى من وقت وخلال فترة حكم العمل الذي انتهى بكامل مؤثراته الكارزماية على الجمهور الاسرائيلي مع مقتل رابيين 1996 ، لم يكن لدى السوريين القدرة على اقناع من يخالفهم المسار والراي بصوابية رؤيتهم للمضمون الزائف في استراتيجية السلام الاسرائيلية وان السلام الاسرائيلي الحريري ما هو الا احد خيارت الحرب الاسرائيلية ، تنفذه ذات القبضة الحديدية الاسرائيلية ، وهذه الاستراتيجيه هي عبارة قفازات يتبادل استخدامها اليميين واليسار الاسرائيليان طيلق الوقت.
وفي نظرة تامليه لبرنامج حزب العمل الانتخابي لدورة الكنيست الخامسة عشرة 1999 يلاحظ غياب الفوارق الجوهرية بينه وبين اطروحات الليكود ، وقد جنح حزب العمل اكثر من ذي قبل الى اليمين بعد موت رابين وتولى ( يهودا براك ) رئاسة الحزب بخبرته السياسية المحدودة وضعف قدرتة على تغليف الحديد بالحدير، فاعتقد ان قربه من اليمين ينجيه من مكر ودعوات اليمين والمستوطنين ، فافضى هذا الامر الى تكريس قيادة اليمين لليسار في اسرائيل لهذا لم يتمكن احد من ادانه سياسات اسرائيل كسياسات غير تعاونية مع الفلسطينين والعرب ولعل هذا ما اعتبر احد اهم انجازات اسرائيل السياسية خلال العقد الاول من القرن الحادي والعشرين وبسبب ذلك ايضا تمكنت الدولة العبرية من اختراق العمق العربي بتشجيع غربي للعرب على التطبيع مع اسرائيل رغم استمرار الاستيطان ومصادرة الاراضي في الضفة الغربية والقدس الشرقية مما شجع اسرائيل على المضي في منهجها السلمي ذي الاهداف التوسعيه ، فاستبدل بيرس دبابات سليمان وداود بحافلات مكيفة وذات الوان مريحة لاتمام المهمة الصهيونية التي لم تتبدل اهدافها في يوم ، على هذه القاعدة يمكننا العودة الي عبارة اسحاق شامير الشهيرة امام المستوطنين في مستعمرة ( بيتار الريت ) بالقرب من القدس عشية توجهه الى مدريد " حيث خاطب جموع الغاضبين بقوله " اود ان اخبركم باننا ذاهبون الى هناك لانجاز ما لم نستطع انجازه من قبل وما لم نستطع تحقيقه بواسطة الحرب سنحققه بواسطة السلام " .
انها عبارات في منتهى المكر السياسي تستحق التامل والتوقف عندها مطولا ، لا بل تابع قائلا في نفس الحفل على منصة الخطابة لنهتف معا ايها الاخوة " استيطان استيطان بلا توقف او استراحة" فرددوا من بعده المستعمرين اليهود هذه الكلمات التي تحولت فيما بعد الى اغنية من اغنيات الظلامية الاستعمارية في الاراضي المحتلة ، رغم ذلك من المفيد ان ندرك هنا ايضا وبشكل مبكر انه لن يكون بامكان شامير وزمرته السياسية والفكرية ان ينجزوا مهمة الحرب في معركة السلام انما رواد السلام ( بيرس، رابين، براك ) هم الاكثر قدره على انجاز المهمة الرئيسة للصهيونية المتجددة ، بهذا الدهاء يتم تبادل انجاز مهمة ( الامة اليهودية ) في اسرائيل وبهذه السهولة يمكن خداع العرب وفتح ممثليات لاسرائيل في بلدانهم بدأ من دولة الامارات وانتهاء بالمملكة المغربيه ، وبهذه الليونة تتحدد حدود اسرائيل، وعلى ذات الخلفية المدهشة يقاس ويحدد النجاح الاسرائيلي مقرونا باصابة الاهداف الكبرى التى تحدث عنها (حايم وايزمن ) الذي لم يفته الكتابة الى وزير المستعمرات الصهيونية ( تشرتشل ) قائلا " اود ان الفت عناية حكومة جلالة الملكة بانه لن يتحقق الاستقلال الاقتصادي لاسرائيل بدون مياه الليطاني " وذلك بعد صدرو وعد بلفور بسنوات قليله ، وقد تحقق لاسرائيل هذا الهدف اثناء احتلالها للجنوب اللبناني 1978م- 2000م حيث قامت فرق الهندسة في الجيش وخبراء اخرين مختصين في موضوع المياه باحداث ثقب اسفل نهر الليطاني وجر المياه منه بواسطة اقنية فولاذيه مطمورة تحت الصخور والتراب لتصب في مجمعات مائية ضخمة شمال اسرائيل .
هكذا ستبقى اسرائيل ولن تتغير سياساتها في يوم ، لان هذه السياسات مصممه من وحي الضرورات الوجودية للصهيونية التي حددت سلفا مواقفها من كل شيء في هذا الكون وفي مقدمتها علاقتها مع العرب ، لذا ليس من المستغرب خرق اسرائيل الدائم للمعاهدات والاتفاقيات التي توقع عليها بالتحديد وهو امرا ليس من صنع الصدف لان اسرائيل تستخدم التهدئة مع العدوالسابق الذي تحول الى خصم جديد لاستكمال تنفيذ مخططاتها ضده .
فرضيات على محك التجريب
إنتظر المراقبون السياسيون سنوات طويلة للتأكد من مراوغة المنهج الإسرائيلي، حتى تم ذلك وعلى نحو مثير، ولم يكن هذا الامر بخاف عن بلد مثل مصر التي لم تطور شكل الإتصال السلمي مع إسرائيل مقدار ذرة بعد مضي ثلث قرن على معاهدة السلام بينهما خارج نطاق تبادل السفراء ، مما يشكل سابقة في عرف معاهدات السلام بين الدول، لقد تم ذلك بإرادة مصرية قوية ومصممة على المضي بهذا المستوى من التعالق مع إسرائيل التي ما زالت بنظر المصريين عدو حقيقيي، فاضيف الى هذه التجربة التجربة الأردنية مع إسرائيل، وتأكد العالم من خسارة الأردن المدهشة لسلامه مع إسرائيل خسارة تامة وذلك نظراً للفوارق الإسترتيجية بين الحجمين النسبيين للأردن وإسرائيل، الامر الذي لن يؤهل الاردن للصمود مطولا أمام المراوغة الاسرائيلية لان السبب ذاته والذي دفع الاردن للقبول بخيار السلام مع إسرائيل هو الوسيلة المستخدمة في زيادة عذابه، وهو حرمانه من مياه نهر الاردن واليرموك وشبح مشروع الوطن البديل إلى ذلك يمكننا القول بأن تجربتاالسلام الاردنية والمصرية قد فشلتا فشلاً ذريعاً في مسعاهما الوصول إلى علاقة سلام نموذجية مع العدو الاسرائيلي السابق ، الاولى بإرادة اسرائيلية والثانية بإرادة مصرية، لأن مصر أدركت وعلى نحو مبكر خطورة المضامين العدوانية في نظرة اسرائيل للسلام معها فوضعت مصر نقطة كبيرة بعد التوقيع على الصيغ القانونية للاتفاقات وتبادل السفراء ولم تدخل مع إسرائيل في أي مستوى تعاوني اقتصادي كان أم سياسي في الصعيدين الرسمي والشعبي باستثناء صفقة الغاز الشهيرة والمنظورة امام المحاكم المختصة في مصر ، كتعبير بليغ عن عدم الرغبة المصرية في تنشيط أوتجديد علاقتها السلمية مع اسرائيل، وأعفت مصر بذلك نفسها من الدخول في جدل التطبيق من عدمه للشراكة المتعثرة على الدوام، رغم ذلك احتفظت مصر لذاتها بتفاصيل رؤيتها لهذا المفهوم لكن التجارب التالية مع الفلسطينيين والاردن جاءت لتعري نهائيا هذا وغيره من الممارسات الاسرائيلية في المنطقة، وعلى المحك العملي حصلت اسرائيل على شهادة مصدقة من كافة دول العالم بأنها دولة الأكاذيب، وخاصة تلك الدول التي ساندت اسرائيل تاريخيا وأصبح هذا مصدراً للاحساس بالخزي ليهود الدياسبورا( المهجر ) بسبب غياب الاعذار الاسرائيلية في تفسير تصرفاتها العدوانية تجاه بلد كالاردن ساهم خلال سنوات عديدة ماضية بمنع الفدائيين الفلسطينيين من عبور حدوده الى اسرائيل منعا لتوتير العلاقة معها !.
اذ لماذا يتلق الاردن مثل هذا العقاب من اسرائيل نفسها،على نحو سيورثه العطش والهلاك ما الذي يجبر اسرائيل على التصرف بمثل هذه الطرق الخرقاء وهي ملزمة بعكسها ؟ وفقا لاتفاقات السلام ؟ وكأن كارثة الجفاف حلت على اسرائيل فقط ولم تمس الاردن او مناطق السلطة الفلسطينية في العام 1999م بينما كان بامكان اسرائيل أن تخفض من معدل الاستهلاك الفردي للإسرائيلين من أجل هذا الاستحقاق امام الاردن والذي يفوق معدل استهلاك الفرد الاردني أو الفلسطيني بأثني عشر ضعفاً 120 لتر للفرد الاسرائيلي في اليوم مقابل 12 لتر للفرد العربي في اليوم .
مبررات التصرف الاسرائيلي
اصدر معهد ديان للدراسات الإستراتيجية في جامعة تل أبيب في العام 1987م دراسة مثيرة حول مستقبل الوضع المائي في اسرائيل، وتوقعت تلك الدراسة مواجهة اسرائيل لخطر الوقوع في أزمة مياه حادة مع بداية العام 1999 م في ضوء ثبات الاستهلاك الآدمي فيها على معدلاته وهي 120 لترللفرد يومياً اذ ستصل نسبة العجز من 400- 450 مليون متر مكعب، وسيكون هذا الأمر اكثر خطورة وصعوبة في حال واجهت اسرائيل ايا من الأمور الثلاثة التالية :-
1- تخلي اسرائيل عن سيطرتها على بعض مصادر المياه لصالح الأردن أو سوريا في اطار اتفاقات سلام محتملة.
2- ازدياد الاستهلاك الفلسطيني في الضفة وغزة لمخزون الآبار الارتوازية التي تغذي بعض المدن والمستوطنات الاسرائيلية.
3- ارتفاع عدد سكان اسرائيل الى سبعة ملايين نسمة مع بداية العام 2000م.
أخذين بعين الاعتبار بأن ثلث مياه اسرائيل العذبة والمستخدمة في مجال الشرب والاستخدام المنزلي تنبع من روافد عربية كنهري الاردن واليرموك، وآبار الضفة العربية الإرتوازية حيث تقوم اسرائيل بجر هذه المياه منهما غبر مسافة تقدر بـ 80 ميل لري المنطقة الوسطى والساحلية (غوش دان) وشمال النقب.
من خلال هذا الصورة البانوراميه المعقد للوضع المائي بين اسرائيل ودول الجوار العربي (سوريا، الاردن،فلسطين ) يمكننا تخيل حجم الاشتباك الاستراتيجي في عناصر الحياة والموت لكل منهما، الأمر الذي يجعل من مسألة الاتفاق مع الآخر حول موضوع السلام أمراً في منتهى التعقيد، مع ملاحظة أن هذا الأمر لا يتوفر على الجبهة المصرية الإسرائيلية، لهذا السبب استعجل الاردن أمره في اتفاق سلام كامل مع اسرائيل تحت وطأة ضغوط حاجته الملحة لعنصر المياه، بعد ان وضع الدارسون والباحثون في الأردن معطيات مرعبة عن مستقبل الأردن المائي أمام الملك حسين مؤكدين أن خطر جفاف مؤكد سيحل على المملكة مع بداية العام 2000 م، يعني ذلك بأن اشكالية العطش الاردني مرشحة للتصعيد ، وعلى هامش ذلك على النظام الاردني تهيئة نفسه لمقابلة مشكلات كارثية مصاحبة لهذا الخطر المحدق بالانسان الاردني، عليه " كان هذا الملف بمثابة المحرك الوحيد للحكومة الاردنية في الاسراع بالتوقيع على معاهدة السلام مع اسرائيل" (بلال الحسن - الحياة ـ لندن 5/أيار/1999م) وتقول المعطيات التي دفع بها إلى مكتب الملك حسين بان الاردن يستهلك سنويا ً 900 مليون متر مكعب، يتوفر منها لديه 650 مليون متر مكعب ويعني هذا بأن عجزاً سنوياً مقداره 250 مليون متر مكعب سيعاني منه الاردن دونما أية بارقة أمل في الحل، وهذا الفرق مرشح للزيادة نظراً للتطور الطبيعي في عدد سكان الاردن مضاف اليه معدلات الاستهلاك المصاحبة للانتاج الزراعي والصناعي بناء عليه صمم الخبراء الاردنيون فائدتهم من اتفاقية السلام مع اسرائيل في موضوع المياه وذلك وفقا للتصور التالي :-
1/يعوض النقص المائي بحصول الاردن على 200مليون متر مكعب من مياه نهر الاردن بواسطة سد تحويلي يقام في وقت لاحق.
2/و50 مليون متر مكعب من بحيرة طبريا بواسطة أنبوب فولاذي يصب في قناة الملك حسين في الأغوار الشمالية.
على هذه الخلفية دفع الأردن بأسبابه الذاتية وبدوافع الآخرين الموضوعية الى وادي عربا وهو ينشد الحل لاشكالية العطش التي ستهدد الوجود الاردني ككيان مستقل بشكل فعلي لا تخميني، لكن النتيجة كانت مخيبة لاماله ومثيرة لسخرية الآخرين من ما تم.
الحذر الاسرائيلي سبب المعضلة .
قبل انتهاء موسم الشتاء للعام 1999م أعلنت اسرائيل عن تعرض اسرائيل للجفاف والحقت ذلك بمجموعة من الاجراءات التي تؤكد الاعلان علماً أن معدلات الاستهلاك العام لم تتأثر وكذلك لم ترفع سعر الاستهلاك المنزلي للمياه، وتمت العودة الى نتائج دراسة مهعد ديان المشار اليها واتضح بأن الخطر قد دهمهم في وقت أبكر من المتوقع في الدراسة المذكورة، واعتماداً على ذلك سمحت اسرائيل لنفسها باتخاذ مجموعة من الاجراءات التقليصية وذات الطابع السياسي لا المحلي، ابرزها واهمها على وجه الاطلاق " قرار الحكومة الاسرائيلية تعليق العمل بالملحق المائي المرفق باتفاقية وادي عربا، ولم تفلح الحوارات التي تبعت ذلك بين وزارة الري الاردنية ووزارة البنية التحتية ومصلحة مياه اسرائيل في التغلب على هذه المشكلة بسبب التعنت الاسرائيلي،واتبعت ذلك حكومة اليمين في اسرائيل بضخ كمية مياه ملوثة من بحيرة طبريا الى قناة الملك حسين مما ادى الى تسمم العاصمة عمان في ذلك الوقت وزاد من احراج العرش امام المواطن الاردني الذي لم يفهم لغاية الان دوافع ومسببات التصرف الاسرائيلي، واخيرا أعلنت اسرائيل عن قرارها بعدم تحويل الكمية المتفق عليها من بحيرة طبريا الى الاردن وقد تزامن ذلك مع وفاة الملك الذي تشاجر مرار مع نتنياهو حول الأمر نفسه،دون الأخذ بعين الاعتبار بان الاردن تعرض لنفس كارثة جفاف العام 1999م .
هكذا وجد الملك الجديد عبد الله الثاني نفسه امام تحدي من الممكن ان يعصف بالبلاد نحو كارثة من غير الممكن التكهن بتتائجها، بهذا أصبح لا مفر امام الاردن من العودة للخيار العربي للمساعدة في التغلب على هذه المشكلة ، عن ذلك لم يكن الرئيس الأسد ببعيد، الذي ربطته بالعاهل الاردني الراحل علاقات سيئة تماما ً، فوجد بوفاته فرصة حقيقية لاعادة الاردن إلى الجانب السوري من جديد، واستخدم الاسد كامل مكره ودهائه السياسي، واستخدم ذلك في طريقته الجديدة في التعامل مع الملك الجديد وظروف الاردن الجديدة والصعبة تماماً.
أي مكانه ستحتلها سوريا في قلوب الاردنيين وهي توفر لهم ما حرمتهم منه اسرائيل وهو من حقوقهم المستلبة (المياه)، هكذا أصبح المجال مفتوحا وعلى أقصى اتساع للاعب السوري، الذي انتظر هذه الفرصة بفارغ من الصبر وبمزيداً من الحنان اصغى الرئيس السوري لمطالب الاردن الكثيرة على هامش زيارة العاهل الاردني له، ولم يرفض منها أي مطلب ومنها ما نفذ على الفور، اهمها ما يتعلق بالملف المائي مستهلاً ببدء تحويل 9 ملايين متر مكعب من مياه سد درعا الى الاردن .
مقابل ذلك سيكون الاردن من الآن وصاعدا ً الآذن الصاغية لتعليمات دمشق وخاصة فيما يتعلق بالعمل مع اسرائيل، وذلك لسبب في منتهى البساطة وهوان سوريا قدمت للأردنيبن الحلول المطلوبه بشأن القضايا الجوهرية وهو ما امتنعت اسرائيل عن المساهمة فيه وما لم تستطع امريكا المساعدة فيه أيضا ً، وسيسري مفعول التأثير السياسي السوري لفترات طويلة قادمة تمتد بامتداد الاستفادة الاردنية من المياه السورية وسواها من فوائد اقتصادية متعددة ، الى ذلك امر الرئيس السوري وعلى الفور بتنفيذ اتفاقية "سد الوحدة " الموقعة عام 1987م بين البلدين والتي بموجبها ستحصل سوريا على حق تصريف كامل مياه الينابيع التي تقع على ارتفاع 250م في الجزء الشرقي من هضبة الجولان، وينال حرية تصريف ينابيع القاع وكل ما هو تحت منسوب 250 م، وينال الاردن 25% من طاقة كهرباء السد المأمول، وتنال سوريا 75% من طاقته الكهربائية، وينال الأردن كامل المياه المخزنة في السد نفسه،رغم محدودية القدرة لهذا المشروع في الحد من أزمة العطش الاردنية إلا أنه سيساهم في لجم حدة الحاجة الاردنية لاسرائيل التي تهدف في كل حال الى إملاء شروطها السياسية القاهرة على الاردن، وبذلك يكون قد اضيف لون جديد الى رقعة الاشتباك البانورامي لمعضلة المياه في المنطقة التي من المرجح ان تساهم في السنوات القادمة باشعال نار الحرب بين نفس الاطراف على عكس وظائفها الفيزيائية في اخماد النيران لكن في هذه المنطقة يبدو كل شئ جائز انسجاما ًمع استثنائية وغرابة هذا الصراع .
في ضوء تعاظم القدرة السورية للعب الدور الجديد مع بداية العهد الجديد للصراع نفسه مع بداية القرن الحادي والعشرين وتحضيرا لذلك ها هي دمشق ترسم الأدوار الجديدة لدول الجوار المحيطة باسرائيل الى حد ما،الامر الذي سيزيد من أزمة الاختراق أو مواصلة الاختراق الاسرائيلي للعمق العربي هذا إذا لم يتراجع محدثا انتكاسات جديدة في منهاج الهيمنة الاسرائيلية الكاسح، على خلفية القناعة الموحدة بين كافة الاطراف العربية التي خاضت تجربة السلام الفاشل مع اسرائيل ، اذ من المتوقع ان يتبلور حلف جديد بقيادة سوريا وعضوية لبنان والاردن مع عدم اعتراض مصري بل .
لقد أدرك الرئيس عرفات اهمية الانضمام الى هذا الحلف لانه لن يكون بامكان الفلسطينيون مواصلة المسير بعيدا عن السرب العربي الذي تشكل وبقناعات جديدة ضد اسرائيل التي غدرت بالأردن ، كل ذلك أصبح خارج مرمى المنظور الامبريالي المحدد للسياسات الجديدة في شرق المتوسط وبدون عواطف، ولان السياسات الجزئية والكلية تؤثر على بعضها بعضاً، مس التغير بانقلاباته الموقف السوري من الاردن والموقف الفلسطيني من سوريا، السؤال الاخير هنا هل سيتغير الموقف السوري من السلطة الفلسطينية.
تحسن العلاقة مع سوريا
تحسين العلاقة مع سوريا لم يكن يوما الا هدفا رئيسا من اهداف منظمة التحرير الفلسطينيه ومن أجل ذلك انيطت هذه المهمة من قبل المنظمة بفاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير في الخارج الذي لم يعود الى الداخل مع ابو عمار وهي مهمة تستدعي مثل هذا المستوى من الاهتمام الفلسطيني، وقد سجلت لفاروق القدومي زيارات عديدة لدمشق تزامنت مع الانفراج السوري الأردني ، مما دلل على وجود دور فلسطيني فاعل في هذا الحراك البناء الذي تقوده سوريا ، مما اثمر ايضا عن لقاء قمة سورية فلسطينية بين الرئيس الاسد وابو عمار على هامش تشييع جثمان نجل الرئيس السوري الأكبر ( باسل ) ولكن في ضوء التبدل العارم للمواقف المتباينة سابقا ً للأطراف العربية المقابلة لاسرائيل، مضاف إليها التدخل الاردني الحالي لصالح اعادة العلاقة الفلسطينية السورية يمكننا التكهن بإمكانية مشاهدة تشكل حلف رباعي حقيقي سيواجه اسرائيل بكفاءة أفضل من ذي قبل اذ ما اقترن ذلك برؤية سوريا السياسية تجاه اسرائيل، كل ذلك من شأنه أن يزيد من عزلة اسرائيل أولاً في المنطقة العربية، واغلاق ممثلياتها في الدول العربية التي فتحت فيها، وزيادة عزلتها في الساحة العالمية ثانيا ً، اذا ما قدر لهذا الحلف ان يقوم بمهامه الاولية وبشكل حسن فأنه يمكننا الحديث عن بداية حقيقية لحالات جديدة وفعلية من التضامن العربي الذي سيؤيد هذه الظاهرة أو يلتحق بها،بهذا يمكن ان نشهد للسياسة السورية بالحكمة والفلاح ليس مجاملةً لها بل لان اسرائيل هي التي قدمت الدليل لمؤيديها سابقاً عن حقيقتها المنفرة.

 

 

 

 

 

 

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات