أعلنت السلطة القضائية، يوم الثلاثاء الماضي، عن إصدار حكمين بالحبس لمدة سنة على مدير مكافحة المتفجرات السابق اللواء جهاد الجابري، فيما بينت أن الحكمين صدرا عن عقدين يتعلقان بأجهزة كشف المتفجرات.
لم يكن اللواء جهاد الجابري وحده في صفقة الكشف عن المتفجرات, ولم يكن جهاد الجابري قائدا عاما للقوات المسلحة ورئيسا للوزراء ووزيرا للداخلية بالوكالة ليصدر اوامر الشراء منه.
وهل العقوبة تتناسب مع حجم الجريمة؟
فلقد تسببت زيف هذه الاجهزة بمقتل وجرح الالاف العراقيين ....فكم طفل تيتم وكم امراة ترملت وكم عائلة فقدت معيلها وكم ام واب حرموا من ابنائهم, وكم شخص اصيب بالإعاقة, والخ...
وحسب قانون العقوبات العراقي المرقم 111 لسنة 1969 وحسب المادة 411 الذي نص على :
مادة 411
1 – من قتل شخصا خطأ او تسبب في قتله من غير عمد بأن كان ذلك ناشئا عن اهمال او رعونة او عدم انتباه او عدم احتياط او عدم مراعاة القوانين والانظمة والاوامر يعاقب بالحبس والغرامة أو باحدى هاتين العقوبتين.
2 – وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن ثلثمائة دينار ولا تزيد على خمسمائة او باحدى هاتين العقوبتين. اذا وقعت الجريمة نتيجة اخلال الجاني اخلالا جسيما بما تفرضه، عليه اصول وظيفته او مهنته او حرفته او كان تحت تأثير مسكر او مخدر وقت ارتكاب الخطأ الذي نجم عنه الحادث او نكل وقت الحادث عن مساعدة من وقعت عليه الجريمة او عن طلب المساعدة له مع تمكنه من ذلك.
3 – وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن ثلاث سنوات اذا نشأ عن الجريمة موت ثلاثة اشخاص او اكثر. فاذا توافر مع ذلك ظرف آخر من الظروف الواردة في الفقرة السابقة تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد على سبع سنوات.
وبحسب الفقرة الثالثة من المادة المذكورة سابقا يجب ان لا تقل العقوبة عن الحبس مدة 3 سنوات اذا نشا الجريمة عن موت ثلاثة اشخاص او اكثر.
فكيف اذا القتلى بالألاف؟
والقصة الحقيقة لصفقة اجهزة الكشف عن المتفجرات والمشتركون فيه هم عدد من الاشخاص وليس شخصا واحدا, فلماذا لم يتم معاقبة الاشخاص الباقين؟
والمجرمون الحقيقيون المشتركون في هذه الجريمة وكل حسب منصبه ورتبته هم كل من:
1-نوري المالكي باعتباره القائد العام للقوات المسلحة ووزيرا للداخلية وكالة وهو الذي كان يصدر الاوامر لتنفيذ مثل هذه الصفقات.
2- طارق نجم عبد لله مدير المكتب الخاص لنوري المالكي سابقا وبدرجة وكيل وزير.
3- اللواء جهاد لعيبي طاهر الجابري/ مدير عام شعبة (جهاز مكافحة المتفجرات في وزارة الداخلية).
4- حسين احمد المالكي, أبو رحاب صهر (المالكي) وبصفته من ساعد على عقد هذه الصفقة مقابل عمولة مالية تدفع له.
5- عدنان الأسدي الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية سابقا والنائب في البرلمان العراقي حاليا.
6- عقيل الطريحي المفتش العام بوزارة الداخلية, وحاليا محافظ كربلاء.
7- الفريق فاروق الاعرجي مكتب القائد العام للقوات المسلحة سابقا كلف من قبل المالكي شخصيآ مع وفد خاص للذهاب إلى العاصمة لندن للتعاقد مجددآ مع نفس الشركة البريطانية المصنعة للجهاز ومع علمه بفشل عمل الأجهزة السابقة التي تم استيرادها من قبل.
8- شركة واحة البادية للتجارة العامة المحدودة احدى شركات مجموعة الدباس العالمية/ المستوردة للجهاز لحساب وزارة الداخلية وهي كانت الشركة الوسيطة للشركة المصنعة البريطانية (أي تي أس سي) حسب المناقصة المرقمة (130/2006).
9- العميد جواد أحمد جواد : مدير العقود ورئيس لجنة التحليل والعطاءات بوزارة الداخلية.
10- جواد البولاني الذي اسقط التهم عن ضباط وزارة الداخلية عندما كان وزيرا للداخلية.
وكانت وزارة الداخلية العراقية تعاقدت في العام 2007، على شراء أجهزة كشف المتفجرات (أي دي إي- 651 ) من شركة (أي تي سي إس) البريطانية، وقالت الشركة البريطانية إن بإمكان هذه الأجهزة كشف الأسلحة والاعتدة والمخدرات وأنواع من الفطريات وجسم الإنسان والعاج وانها ليست بحاجة الى بطاريات لكي تعمل، وأضافت أن كل ما تحتاجه هو أن يقوم مستخدمها بتحريك ساقيه للأعلى والأسفل لكي يولد الطاقة الكهربائية المطلوبة لتشغيلها.
وبتاريخ 4-4-2014 كشف فاضل الدباس على ان الوكيل الاقدم لوزارة الداخية عدنان الاسدي ومفتش وزارة الداخلية السابق محافظ كربلاء الحالي عقيل الطريحي اخذو حصصهم كاملة في صفقة اجهزة كشف المتفجرات.
وتابع ان اجهزة كشف المتفجرات الفاسدة تم استيردها بعد الغاء التعاقد مع شركتنا التي استوردت الوجبة الاولى لهذه الاجهزة التي كانت ضمن مواصفات العقد , الا ان طمع الاسدي والطريحي دعاهم للتعاقد مع شركات وهمية لتوريد هذه الاجهزة التي تسببت بقتل مئات الاف من العراقيين .
وبتاريخ 23-4-2013 ذكرت صحيفة الغارديان ,أن هيئة المحلفين في محكمة أولد بيلي Old Bailey البريطانية، وجدت رجل الأعمال البريطاني جيم ماكورميك، مذنبا بتهمة الاحتيال والتزوير لقيامه بجني الملايين من الجنيهات الاسترالية من خلال بيعه لأجهزة كشف متفجرات غير فعالة الى العراق.
واوضحت الصحيفة أن ماكورميك باع القطعة الواحد من أجهزة كشف المتفجرات ال (أي دي إي- 651 ) إلى العراق بسعر بلغ 15 ألف دولار، في حين تبلغ كلفة إنتاج الواحدة منها 23 دولاراً، مشيرة إلى أن ماكورميك باع ستة آلاف قطعة للعراق.
وذكرت الصحيفة أن لجنة المحلفين وجدت في ماكورميك الذي يسكن مدينة تاونتون البريطانية، مذنباً في ثلاث تهم تزوير واحتيال تضمنت بيع أجهزة كشف متفجرات للعراق بقيمة 91 ميلون دولار، موكدة أن أجهزة الكشف عن المتفجرات كانت مستندة على بدعة أجهزة الكشف التلسكوبية على كرات الغولف, ولقد حكم عليه يالسجن عشر سنوات وقال القاضي إن "جشع مكورميك تسبّب في موت الكثير من البشر في أنحاء العالم"، بينما أصر مكورميك حتى النهاية على ان الجهاز يعمل..
وعلما بان سعر الجهاز الواحد بلغ 15 الف دولار ضمن الصفقة الاولى فيما ابرمت الصفقة الثانية بواقع 40 ـ 45 الف دولار للجهاز الواحد.
وفي شهر تشرين الثاني من عام 2008 دعا مسؤول في الحكومة البريطانية الى ضرورة إيقاف استخدام الأجهزة لعدم فائدتها لكنه لم يلق آذانا صاغية، وفي كانون الثاني من عام 2009 لفت مسؤول آخر انتباه البرلمان البريطاني الذي بدأ بالنظر في هذه الأجهزة.
وفي نفس العام قام خبراء من القوات البريطانية والأميركية بالتحقق في أجهزة 651، ووجد الخبراء في الجيش الامريكي بان الجهاز لايعمل واخبروا الجانب العراقي بذلك الا ان الجانب العراقي لم يفعل شيئا واستمر في استخدام تلك الاجهزة.
وفي 2010 منعت إنكلترا تصدير هذه الأجهزة.
وقال اما بالنسبة للعراق فلقد صرح وزير الداخلية وزير الداخلية حينها جواد البولاني ان مكتبه قام بفحص الأجهزة ووجد أنها تعمل، وأوقف حينها مقاضاة ستة من ضباط الداخلية كانوا متهمين بالفساد في شراء تلك الأجهزة وكان من ضمنهم جهاد الجابري.
وفي اذار من 2013 اصر المالكي بان الاجهزة تعمل بشكل جيد.
وبحسب وبحسب المشاور القانوني لشركة واحة البادية التابعة لفاضل الدباس فان كلفة استيراد الاجهزة بلغت "عشرين مليار دينار عراقي تكفل فاضل الدباس بسبعة عشر مليارا منها، على دفعات، وهو مبلغ لا يحتاج مساهمة مصرف، كل الذي قام به المصرف، هو إصدار خطاب ضمان من مصرف الوركاء".
وبتاريخ 3-9-2013 صدر مذكرة قبض بحق جواد البولاني وزير الداخلية السابق على خلفية فضيحة صفقة أجهزة الكشف عن المتفجرات المزيفة.
وبتاريخ 11-12-2013 اودعت هيئة النزاهة جواد البولاني في مركز شرطة كرادة مريم للتحقيق معه حول فضيحة صفقة اجهزة الكشف عن المتفجرات المزيفة.
وفي اليوم الثاني تم اخلاء سبيله بكفالة مالية.
وعلما بان لجنة النزاهة اعلنت عدة مرات عن وجود شخصيات ومسؤولين كبار في الدولة العراقية متورطين بقضية استيراد اجهزة كشف عن المتفجرات. الا انها لم تعلن اي اسم للراي العام.
وخلال الايام الماضية طالب المتظاهرون بمحاكمة فاضل الدباس لتوريده اجهزة كشف المتفجرات الفاسدة .
الا ان معظم مطالب المتظاهرين لا تجد اذان صاغية, لان الدم العراقي رخيص , والمال الحرام اعمى عيون الفاسدين والمفسدين الذين باعوا اخرتهم بمتاع الدنيا الزائل.
واخيرا لابد من محاكمة كل من اشترك في هذه العملية القذرة والكل يجب ان يدفع الثمن, فأرواح الالاف من العراقيين ليست هينة ولن تذهب سدى
ويجب ان تكون المحاكمات عادلة فالقاتل عقوبته الاعدام وليس الحبس سنة واحدة, فمن اين تأتون بأحكامكم يا لصوص المنطقة الغبراء, فقوانينكم تحلل لكم كل شيء ممنوع وتحرم على المواطن البسيط كل شيء من حقه.
التعليقات (0)