كان حضوره في حدّ ذاته تكريما للجامعة ، و كان رسالة واضحة ، بحضور العدد الكبير من الأساتذة و الدكاترة و الأكادميين الجزائريين الذين أبوا إلا أن يشاركوه فرحة الاحتضان و التواصل بين أجيال مختلفة عبّر من خلالها عدد كبير من تلامذته الأساتذة الدكاترة الذين تناولوا الكلمة الواحد بعد الآخر لينقل كل منهم للحضور ذكرياته و شعوره و مواقفه مع هذا الرجل الذي رسم حدوده الإنسانية بطيبة و حكمة في قلوبهم ، كانت كلماتهم تحمل شوقهم له و كأنهم كانوا ينتظرون هذه اللحظة الثمينة التي لم تتح لهم إلا الآن ليعبروا عما بداخلهم و قد حال بينها و بينه مقام الرجل ليبوحوا بهذا التقدير و الاحترام مع تلاميذه النجباء ، فرحتهم و اعتزازهم بأب طالما انتظروا لحظة اللقاء به في هذه المناسبة التي لا تكون إلا للكبار من أمثال الأستاذ الدكتور عبد الله ركيبي ، حفل تكريمه الذي عج به مدرج الشهيد ابن بعطوش بالجامعة المركزية صبيحة يوم الأربعاء 28 أفريل 2010 ، شخصية متميّزة لها ثقلها القوي مغربا و مشرقا ، ففي المرحلة الأولى من الحفل الذي نشطه الأستاذ رشيد كوراد قدّم المكرم في ورقة خاصة عن سيرته و أعماله المعتبرة ثم توالت كلمات السادة الدكتور الطاهر حجار رئيس الجامعة والأساتذة العميد الطاهر ميلة و الدكتورة الشاعرة زينب الأعوج ....و حضر الحدث كل من الدكتور الروائي واسيني الأعرج، و الدكتور الشاعر علي ملاحي، و الدكتور الشاعر فاتح علاق، و الدكتور الباحث الشريف مريبعي، والدكتور وحيد بوعزيز، الدكتور القاص شنوفي محمد، و الدكتورعبد الحق بلعابد، و الدكتور الأخضر جمعي،و الدكتور عثمان بيدي، و الدكتورعروج ، و الدكتورباغورة و الدكتورة بوتمجت ... وحضر من طلبة قسم الماجستير الشاعر بشير ضيف الله و الطالب يوسف بن هورة والطالبة غادير فاطمة ... وعدد كبير من طلبة الأقسام الأخرى ....و الشيء الذي لاحظناه تفوق الصداقة و اعترافات تلاميذ الدكتور عبد الله ركيبي الأب الإنساني و الباحث المتفاني الذي استطاع أن يشكل نخبة من الطلبة المجدين يتقاسمون فيه وراثة حب العلم و الإخلاص في البحث ، و قد أعطى للجامعة رصيدا معتبرا من الرسائل و البحوث الهامة فضلا عن تبرعه بمكتبته العظيمة لفائدة طلبة الجامعة المركزية إذ بعد تكريمه بالبرنوس العلمي الذي سلمه إياه كل من الدكتور الطاهر حجار و الدكتور أحمد منور و الدكتور رشيد كوراد انتقل الحضور إلى مكتبة المعهد حيث تم الوقوف صحبة المكرم على جناح مكتبته التي سميت باسم " مكتبة الدكتور عبد الله ركيبي"
و التي يبلغ عدد كتبها ما يقارب ألفي كتاب ، و بين المرحلتين و في جناح المطالعة توافد الحضور في جلسات موزعة هنا و هناك يتبادلون أطراف الحديث و يستحضرون ذكريات الطفولة و الدراسة القريبة و البعيدة ، كانت لنا وقفات معهم و أحاديث عن الثقافة و الصداقة لم تخل من القهوة و الشاي و الحلويات و المرطبات على عادة حفلات التكريم المتميّزة ...
و انتقل بعد ذلك الحضور إلى المدرج لتقدم لهم مداخلات حول مواضيع مختلفة عن أعمال المكرم الأدبية و الثقافية و التي أسهب فيها المتدخلون بعلمية ، إذ تعرض الدكتور عثمان بدري إلى أهم المحطات التي شغلها الدكتور عبد الله ركيبي في الجزائر و في المشرق متناولا بعض المحطات الثقافية البارزة في سيرة الرجل و مواقفه العلمية و الأدبية التي رسخها كشاهد متميّز ، أما مداخلة الأستاذ الدكتور القاص أحمد منور تعرض فيها إلى ظاهرة الفرانكوفونية و تعريفها الأكاديمي كما تناولها الدكتور ركيبي في كتابه "الفرانكوفونية مغربا و مشرقا " و هو كتاب له أهميته في توثيق المسار اللغوي و الثقافي و الأدبي في المشرق و المغرب ، العوامل و الظواهر و النتائج ، و بمقارنة عميقة أثار الدكتور أحمد منور هذه الظاهرة كما عالجها صاحب الكتاب مستنتجا أهم الاختلافات في فهم المصطلح و ما أثاره من جدل في الأوساط الأدبية و الأكاديمية في الجزائر و في المشرق ، أما مداخلة الدكتورة خولة طالب الإبراهيمي فتعرضت لمسار الرجل الأدبي و الأخلاقي و نتاجه الذي شجع الطلبة على البحث و الوقوف عند كثير من المحطات التي أثارها الدكتور ركيبي باعتباره الباحث النموذج المشجع للعملية العلمية و أنّه صاحب أفضال كثيرة على الطلبة المدرسين حاليا ، و تناولت مداخلة الدكتور القاص مصطفى فاسي التي كانت ثرية هي الأخرى بما تناوله من مفاهيم و إحصائيات و خاصة ما تعلق بالمسار التأسيسي لفن القصة الجزائرية كما عرف بها الدكتور ركيبي و الجهد المعتبر في وضع مراحل دقيقة على الرغم مما لوحظ في تأخرها عن القصة المشرقية مرجعا ذلك لأسباب موضوعية و تاريخية ، منوها الدكتور فاسي بمجهود الباحث ركيبي في إخراج هذا النموذج من الكتب القيمة التي أنارت الطريق أمام أجيال من الطلبة الباحثين للتفصيل و التدقيق في مختلف الحقائق المتعلقة بمسار القصة الجزائرية الحديثة ، بينما كلمة الدكتور عبد القادر بوزيدة التي تناول فيها بمساءلات مختلفة ما جاء في كتاب الدكتور ركيبي ""الشعر الجزائري الديني الحديث" إذ أسهب في الطرح الذي اشتغل عليه صاحب الكتاب معتبرا عملا مثل هذا من النادر أن يتحقق في ظرف قياسي و هو يحتاج إلى جهد كبير ووقت طويل إذ تعدت صفحاته سبعمائة ، و هي عملية إحصائية دقيقة خاصة أنّها رسالة دكتوراه مما يعني وقوف الباحث على محطات عديدة و اكتشافه لهذا النوع من الدراسات الذي يتطلب جهدا كبيرا و نفسا طويلا مع إمكانات البحث عام 1972 ، و من جهته حثّ الدكتور بوزيدة الطلبة على مواصلة البحث في الموضوع مادام البحث مفتوحا و يحتاج إلى توسيع و دراسات مماثلة ...و في الختام فسح المجال للمناقشة التي تداولها الحضور من أساتذة و طلبة لإثراء المداخلات فيما تعرض له المتدخلون .
التعليقات (0)