مواضيع اليوم

الدكتور العربي واحي: محاضر استنطاق المقاومين الفرنسية تنير تاريخ المقاومة المغربية

شريف هزاع

2010-08-03 00:20:52

0

 

حوار مع الدكتور العربي واحي حول الوثائق الجديدة الخاصة بالحركة الوطنية المغربية

إنجاز: عبد الفتاح الفاتحي

العربي واحي أستاذ التعليم العالي بجامعة الحسن الثاني المحمدية صاحب أطروحة "المجتمع السلوي في ظل الحماية"، و "العمل الوطني بالرباط و سلا بين 1930و 1944".

سؤال: كشفتم عن وجود وثائق هامة تتحدث عن المجاهد أبي بكر القادري رجاء لو تتحدثون بشيء من التفصيل عن المعطيات التي تتضمنها؟.

جواب: هذه الوثائق هي جزء من ملف ضخم حول أحداث المطالبة بالاستقلال في يناير 1944 بالعديد من المدن المغربية كسلا والرباط والدار البيضاء وفاس وغيرها من المدن المغربية، توجد بمركز الوثائق الدبلوماسية التابع لوزارة الخارجية الفرنسية بمدينة "نانت" وقد أصبح من المتيسر اليوم الاطلاع عليها بعد رفع المنع الذي كان مطبقا عليها. من بين هذه الوثائق محاضر استنطاق مجموعة من الوطنيين بمدينة سلا هم أبو بكر القادري وعبد الرحيم بوعبيد وقاسم الزهيري ومحمد البقالي اثر اعتقالهم بعد إحداث 29 يناير 1944.

تكمن أهمية الوثائق في كونها تتتبع بنوع من الدقة تفاصيل الأحداث التي سبقت وتلت تقديم الوطنيين لعريضة المطالبة بالاستقلال والاستعدادات التي اتخذوها مشيرة إلى الدور الرئيسي الذي لعبه المجاهد أبو بكر القادري بمدينة سلا باعتباره العنصر الرئيسي الذي تولى إدارة وتوجيه الأحداث بمساعدة كل من عبد الرحيم بوعبيد وقاسم الزهيري ومحمد البقالي.

يتضمن محضر استنطاق ابو بكر القادري معلومات شخصية عنه والتواريخ التي اعتقل فيها سنوات 1936 و1937 مشيرة إلى أسباب الاعتقال والمدد التي حكم عليه بها وهذا المحضر معزز بمذكرة لمدير الأمن الإقليمي بسلا يومئذ" لورانزي" ضمنها المسار السياسي للقادري بين 1934 و 1944 حيث يصفه" بأشد أعداء فرنسا" وبأنه المسؤول الأول عن الأحداث الدامية التي عرفتها المدينة يوم 29يناير1944.

سؤال: ما هي أهمية هذه الوثائق بالنسبة لتاريخ الحركة الوطنية بالمغرب؟

جواب: تكتسي هذه الوثائق أهمية بالغة بالنسبة للحركة الوطنية المغربية نظرا للتفاصيل الدقيقة التي تقدمها ولشموليتها لمختلف المدن المغربية. ومن المعروف أن الإدارة الاستعمارية كانت لها بنيات استخباراتية تتعقب تحركات الوطنيين وتحصي يوميا أنفاسهم وأنشطتهم. كما تعطي هذه الوثائق فكرة عن التنظيم الداخلي للحركة الوطنية وعن الصراعات التي بدأت تعيشها بعد 1937 وهي معطيات كان يتم تجميعها على المستوى المركزي بمديرية الشؤون السياسية وعلى ضوئها يتم اتخاذ المواقف المناسبة التي تخدم المخططات الاستعمارية.وهذه من الأمور التي لم تهتم بتدوينها الكتابات الوطنية على قلتها. أهمية هذه الوثائق كونها تقدم وجهة نظرالادارة الفرنسية عن الأحداث ومن شأن مقابلتها بالرواية التي تقدمها الكتابات الوطنية أن نخرج بنظرة أقرب للواقع عن الأحداث.

سؤال: إلى أي حد يمكن تحري صدقية المعلومات التي تتضمنها محاضر سلطات الحماية ؟

جواب: لقد كان الغرض من هذه المحاضر(التي أعدتها إدارة الأمن العمومي بسلا) هو تقديم هؤلاء الوطنيين أمام المحاكم الاستئنافية الفرنسة التي أقرها ظهير16 ماي 1930 خاصة وان هذه الأحداث كانت دامية وسقط فيها قتلى من الجانبين المغربي والفرنسي. كانت الإدارة الفرنسية تسعى إلى قطع دابر الوطنيين وتحميلهم مسؤولية ما حدث. لهذه الغاية سعت إلى تعزيز هذه المحاضر بشهادات لبعض المواطنين العاديين الذين يتهمون الوطنيين بأنهم يقفون وراء الأحداث الدامية. تبعا لذلك يجب أن نتعامل بحذر مع هذه المحاضر لأنها تتضمن بعض المبالغة لأن غايتها هي إصدار أحكام قاسية في حق الوطنيين.

سؤال: هل بالإمكان اعتماد محاضر سلطات الحماية لإعادة كتابة سيرة ذاتية لرموز الحركة الوطنية على الأقل من وجهة نظر المستعمر ؟

جواب: هذه المسألة لا تتعلق فقط بهذه المحاضر وإنما بالوثائق الاستعمارية ككل. فلكتابة تاريخ المغرب المعاصر لا مناص من الاعتماد على هذه الوثائق. ففرنسا كدولة "حامية" نظمت مؤسسات الإدارة الاستعمارية بالمغرب ومن بينها إدارة الشؤون الأمنية التي كانت تنجز التقارير اليومية والأسبوعية والشهرية عن الأوضاع في المغرب وكانت الحصيلة هي أطنان من الوثائق التي حرص الفرنسيون على نقل الجزء الأكبر منها إلى فرنسا بعد 1956 وخاصة الوثائق الأمنية. توجد هذه الوثائق اليوم في مقر وزارة الخارجية في باريس وفي ملحقها بمدينة "نانت" غرب فرنسا.

ويتحمل الباحثون المغاربة اليوم مشقة الانتقال إلى هذه المراكز من أجل البحث عن ما يمكن أن يشف غليلهم. لقد سعت بعض الدول المغاربية إلى استرجاع هذه الوثائق وفي المغرب هناك مجهود كبير تبدله المندوبية السامية للمقاومة وأعضاء جيش التحرير من أجل الحصول على هذه الوثائق (خاصة ما يتعلق بالحركة الوطنية وبالمقاومة وجيش التحرير بالمغرب).

إن هذه الوثائق لا غنى عنها لأي باحث في تاريخ المغرب المعاصر سواء لإعادة كتابة سير رموز وقادة الحركة الوطنية المغربية أو لتدقيق بعض الأحداث التاريخية في تاريخنا المعاصر.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات