مواضيع اليوم

الدكتور "طالب كول" واكتشافه المثير: الإسلام هو وريث الدور التحريري للإنجلوسكسونية البروتستنتية!

ممدوح الشيخ

2009-10-25 20:14:19

0

بقلم/ ممدوح الشيخ

 

من أهم حقائق العلاقات الإسلامية الغربية المعاصرة أن الإسلام الذي بقي لقرون يصنف عدوا ويعد أتباعه في الغرب غرباء أصبح من مكونات الواقع الغربي ليس فقط لوجود مهاجرين مسلمين على جانبي الأطلنطي حيث الجيل الثاني والثالث منهم يحملون جنسيات دول لا تفرق دساتيرها بين المواطنين على أساس أصولهم العرقية، بل نتيجة ميلاد "إسلام غربي" خالص هو نتاج إقبال غربي على الإسلام. وعندما أسلم ليوبولد فايس (الدكتور محمد أسد) قبل عقود كان إسلامه حدثا مهما وبعده أسلم مثقفون غربيون لعل ألمعهم الألماني مراد هوفمان. لكن تكرار هذا الحدث لا يجعل إسلام أستاذ علم الأجناس بالجامعة الأمريكية الدكتور دونالد كول (سابقاً)، عبد الله طالب (حالياً) مجرد رقم إذ تأسس على اكتشاف فكري مثير.
طالب كول الذي أسلم بعد 35 عاماً من الحياة والبحث والتدريس في العالم العربي الإسلامي يصف إقامته في السعودية (1968 –1970) قائلا: "الحمد لله الذي مكنني من العيش في الرياض القديمة حيث كان أذان الصلاة المنطلق من مآذنها الألف من القوة بحيث يدفعني دفعاً إلى التفاعل معه". في الليلة الأولى من الشهور الـ 18 التي أمضاها مع البدو وجد نفسه يقوم دون تفكير إلى صلاة الجماعة: "لم أكن مسلماً وقتها، لكني في قرارة نفسي كنت على يقين بأن الله الخاص بهم هو ربي أنا كذلك".
وقبل إسلام كول كان معظم من يسلم من الغربيين يُرجع إسلامه إلى فراغ روحي وشبق استهلاكي وجد في الإسلام علاجه أما كول فيمكن اعتبار سبب إسلامه اكتشافا من زاوية رؤيته للعلاقة بين الإسلام وبين أصوله البروتستنتية. كان أجداد كول بين المستوطنين الأوروبيين الأول فرّوا من الاضطهاد وجاهدوا لتأسيس مجتمع جديد "يرتكز على الاحترام والحرية وأنا أسير على خطاهم. . . .هم اتبعوا الإنجيل المقدس، لكنهم لم يعرفوا القرآن، أما أنا فعرفته، ومهمتي حالياً هي نشره".
وأجداد كول "البروتستنت الأوروبيون" كانوا يعدون في الضمير الغربي "الآخر" ضحية الاضطهاد السياسي والديني في أوروبا قبل ميلاد التشكيل الحضاري الإنجلو سكسوني البروتستنتي (أمريكا – بريطانيا - استراليا - نيوزيلندا) ودائما كان يوصف بأنه حليف تقليدي لإسرائيل وعدو لشعوب الجنوب وكانت العلاقة معه محكومة بمقولة "الصراع الحتمي".
والقراءة التي يقدمها طالب كول للإسلام بوصفه استمرارا للمشروع الإنجلوسكسوني البروتستنتي ترتكز أولا على "الحرية" وهي قراءة طالما دعونا لأن تكون سمة الخطاب الإسلامي ليس فقط لأنها تملك قدرة فائقة على التأثير في الوجدان الغربي - وهو بحد ذاته هدف مشروع - بل لأنها تقدم الصورة الصحيحة للإسلام كقوة تحرير للأفراد والأمم على السواء كما أن إسلامه يشير لإمكانية اختراق "النواة الصلبة" للمجتمع الأمريكي التي تعد التربة الخصبة للتأييد الأمريكي لإسرائيل.
وعندما يبحث أكاديمي غربي متخصص في أحد أهم مجالات العلوم الاجتماعية عن الحرية فيجدها في الإسلام فإن ذلك يشير إلى أن المفهوم الغربي للحرية رغم نجاحه الإجرائي المذهل عاجز عن تلبية احتياجات إنسانية للإنسان الغربي تجعله مستعدا لتغيير دينه. والإسلام قطعا ليس محل اختبار ولا منافسة مع غيره من المنظومات القيمية بل نحن الذين نواجه اختبارا عميقا ذا وجهين: الأول فهم أكثر دقة للثقافة الغربية وكيفية التأثير فيها، الثاني إعادة صياغة رسالتنا الموجهة للخارج كقوة تحرير لا نظير لها في التاريخ لا تتوجه لطبقة شأن الماركسية ولا للكيان المادي للإنسان شأن البراجماتية بل تستهدف تحرير الإنسان حتى من شهوات نفسه وغواياتها.
ومن المؤكد أن نجاحنا في ذلك مرهون إلى حد كبير بحالة الحريات بعامة في العالم الإسلامي. فهل يعي دعاتنا في الغرب هذا الدرس؟




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !