مواضيع اليوم

الدكتورة ثناء أنس الوجود تكتب عن أحبك أيها الانسان

حسن توفيق

2009-03-06 03:02:29

0

أحبك أيها الإنسان
قراءة نقدية في الديوان الجديد  للشاعر حسن توفيق thanaa بقلم الدكتورة:

ثناء أنس الوجود

.   يعد ديوان أحبك أيها الانسان واحدا من أحدث أعمال حسن توفيق طبقا لتاريخ الصدورحيث صدر هذا الديوان سنة 2008 وهو يمثل أطوارا عمرية مختلفة من إبداعه بدءا من قصائد كتبت 1963 حتى قصائد أخرى كتبت في أواخر السبعينيات من القرن الماضي , وبين هذين التاريخين احتوى الديوان على ما يقارب خمسا وعشرين قصيدة .
……………………………………………
  أحببت أن أبدأ دراستي لهذا الديوان من عتبة النص وأعنى بها عنوان الديوان المطروح أمامي . فالشاعر أسمى ديوانه أحبك أيها الإنسان . والمتأمل في هذه التركيبة اللغوية سوف يلحظ عدة أشياء : أولها أنه يقدم الحب من خلال نفسه إلى آخر يراه أو يشعر بوجوده أو هما معا على النحو الذي يتضح في الجملة الفعلية التي يبدأ بها أحبك . ثم تأتى كلمة أيها التي تحتوى على أي مضافا إليها الهاء , وإذا كان النحويون يصفون هذه الهاء بأنها تنبيهية , فإن المشهد اللغوي لابد أن يقول لنا إن الشاعر يتقدم بالحب إلى آخر ربما غفل عن هذه الدعوة المقدمة منه دون شروط فاحتاج للتنبيه . وعلى الرغم من أن العنوان يذكر أن الشاعر يتوجه بمشاعره الصادقة نحو الإنسان , فإن الأمر فى الديوان ربما يصبح أكثر اتساعا وانفتاحا حيث الحب للإنسان وللمدن وللمغارات , وللصباح والمساء , فالحب إذا دعوة موجهة للإنسان وللزمان والمكان جميعا . معنى هذا أننا نتوقع هنا رسالة مفتوحة للحب وللصدق فى المشاعر على النحو الذى قدمه الشاعر فى قصائده المتعددة , وهو امر أيدته مقدمة الشاعر التى تعشق الحب الصادق , فى انفعالاته , البعيد عن الزيف والافتعال .
……………………………………..
  يستحضر الديوان تجارب الحب الواسعة التى يتناولها على النحو الذى ذكرناه أنفا , من خلال مادة تشكيلية عبر اللغة هى الصوت . فالصوت فى الديوان قد تعددت سياقاته وصفاته تعددا لافتا , بحيث تحولت معظم تجارب الحب تقريبا إلى تجارب صوتية , لا تخلو حقيقة من تراسل الحواس وبخاصة بين السمع والشم , غير ان التركيز يكون على الصوت أكثر حضورا وثقلا .   وتختلف درجات الصوت ما بين الضجيج والحدة والهمس والرفيف ثم مفاتن الصوت الصامت والصوت بلا صوت , وبينها جميعا تتفرع درجات أخرى من الصوت وصفاتهن , فهناك الصيحات المرعدة أو صخر الحوار , أو الموسيقى المجنحة . والصوت الساحر والصوت المسكوب ونغم الدم والنغم بدون عنوان والدندنة , والصوت الصافى وغناء الروح والترانيم الذائبة , والأغانى المسكرة , مثلما تتفرع مسميات الصوت ذاتها ما بين الصوت والغناء , وعبير باقات الكلمات وصوت ورود الإشراق البيضاء والموسيقى السماوية ونداء الفلامنكو وهدير العواصف , ثم النداء مطلقا والصوت الدافئ , وحنين الموسيقى واللحن البهى السامى , وزغاريد الصحراء , وموسيقى قلب الليل , والوتر الصادح , إلى هذه المسميات والصفات التى حشدها , وغيرها الشاعر حشدا فى ثنايا ديوانه , وهى إحدى الخواص الإبداعية الشعرية لديه فى أعمال أخرى له .   ذلك أن الديوان يبدأ بقصيدة وردة الإشراق , التى تسمى بها أحدث دواوين الشاعر , الذى يمثل الصوت خلالها مادة تصويرية لتشكيل الصورة المبهرة التى يفتتح بها الشاعر ديوانه حين ..
  يسقط ورق الصمت اليابس لما يسكرنى فرح الخصب.
  يأتبنى صوتك وردة إشراق , تتفتح موسيقى تتملكنى
   وتمس بنشوتها روحى فتنورنى
  ما أحلى صوتك إذ يأتى فى قلب الليل
  عبر الأسلاك تطل حياة
  عبر الأسلاك بكل لغات الأرض تطل تطل حياة
  همسات شفاة أو صيحات مرعدة أو صخر حوار
  أشواق أو حسرات فراق
  صدق كذب  نبل غدر  صفو غيم  ورد أشواك
  عبر الأسلاك .  

 ومثلما تنتشر مفردات المعجم الصوتى عبر قصائد الديوان فإن هناك قصيدتين وردتا فى الديوان وقد ارتبطتا بالصوت المغنى بصفة خاصة إحداهما معارضة لقصيدة شوقى سلوا كؤوس الطلى فى أم كلثوم والمسماه كوكب الشوق فى سماء الشرق , والثانية حول هبة القواس المطربة الرائعة كما صورتها القصيدة المهداة إليها , والتى اتخذ الديوان اسمه منها أحبك أيها الإنسان.   وإذا كان الصوت بتنويعاته السابقة هو وسيلة الشاعر فى التعبير عن عالمه الشعرى ورؤيته للحياة والزمان والمكان , فإن هذه الوسيلة كانت تفترض أنه كما يكون الصوت , فلابد من أن يكون ثمة مستمع , وثمة متلق يتجاوب معه ويحاوره , وهو أمر افتقده الشاعر كثيرا , رغم البهاء والإشراق الذى نلاحظه فى بعض القصائد وأولها إنها السابعة صباحا وقصيدة القاهرة من بعيد , وقصيدة شهيناز وردة الصحراء وجعيتا قطرات الزمان . يقول الشاعر :
  دقت السابعة
  الحياة تغنى  تضبح  تفوح
  الحياة نداءاتها وإشاراتها تستضئ بكل اللغات
  اللغات التى تستجيب بحب لمن قد يبوح
  اللغات التى تعبر الأزمنة
  اللغات التى تؤنس الروح فى وحشة الأمكنة
  اللغات الصلات
  تربط الناس بالناس والشمس تفاحة ساطعة
  دقت السابعة …………
  الصباح الذى أشتهيه ضجيجا بهيجا وإشراقة مسكرة
  التلاميذ فى الباص مستبشرون – الصديق الصدوق
  زرقة البحر فى مهرجان الشروق ……………
  كلها تنطق الآن فى وجهك الحلو وهو يغنى لقلبى المشوق
  إنها السابعة
  إنها السابعة   ذلك أن التجربة الشعرية فى هذا الديوان تطرح فى الأغلب رؤية مأزومة تستنهض يائسة الحب والتواصل والحوار مع آخر غير مصغ وغير ملتفت أو واع , وهو أمر لاحظناه منذ العنوان على النحو الذى مر . فكثير من تجارب الشاعر غير مكتملة , وإذا كان ثمة بشارة بالاكتمال فإن الهواجس الذاتية ومرارة الآخرين تدفع التجربة دفعا نحو نهاية يائسة حزينة .
  أبصر أكداس الخوف وأحجار اليأس
  تسقط فى مستنقع عمرى وتحد مداه
  قبلك قلبى هذا كيف التفت فى شرنقة دنياه
  تنتظر شروقك ياشمس ………..
  هذا ما كان ………….
  ….. لكنى لم أعرف أبدا طعم الحب وطعم الوحشة
  لم ألمس عرق النار وصفو التدليل وخفق الرقصات
  لم تعبأ روحى باللعنات
  لم تدركنى هذى الرعشة
  أبدا ….. إلا حين عرفتك
  ولذا أسأل ماذا لو أنى ضيعتك ؟

  وتستدير التجربة لتأخذ ركنا آخر لكنه يفضى إلى نفس النتيجة فليست تجارب التواصل مع الآخر / الحبيبة هى المجهضة فقط كما فى قصيدة ليلى تعشق ليلى , والزوابع والطفلة وأغنية للصفاء وغيرها , ذلك أن تجارب التواصل مع الآخرين / الآخرين بعيدا عن العلاقة بين رجل وامرأة تحمل نفس الهموم والنهاية اليائسة التى تترك المرء وحيدا داخل سجن الغربة والوحشة.ففى قصيدة ما رآه السندباد يدفع الآخرون / وطنا وأهل وطن الشاعر دفعا للضجر والسفر حين يرى النار التى ليس فيها اتقاء وحين يفاجئه الفجر بأشياء تعاد , والناس الذين يفيقون يروحون يجيئون بابتساماتهم المريبة بحيث تحول كل صباح فى لقاء بينهم يشكو الجراحا , حينها يرحل , لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه فقد شقت الريح السفينة , وابتلع البحر الغرقى , واختلطت الثروة ذهبا وفضة بالرمال بزبد البحر , بينما الشاعر الذى نجا بأعجوبة يصرخ وهو يجيل بصره بين هذى الرؤى الكابوسية .
  شقت الريح السفينة
  حولها الحيتان أفواه تخيف الخوف بحر يترامى لا يحد
  ليس فى عينى دموع ولهذا لست أبكى رغم أن الرعب
  يمتص شرايين السكينة
  ليس فى عينى دموع فأنا أبغى انطلاقا نحو شطآن أمينة
  صحت مقهورا برغمى يابلادى أين أهلى وصحابى والعباد
  ليروا أن كنوز الأرض ملقاة على الأرض بلا معنى وأن
  الحب أبقى والوداد
  غير أن قلبه ( فى أغنية للحب ) ينضح مرارة وضيقا وما من مهرب من هؤلاء الذين لا يعون ولا يستجيبون , بعد ان صاروا بالصمت حجارة .
  قلبى ينضح ضيقا ومرارة
  حين يواجه ناسا شادوا للبغض منارة
  حين يواجه ناسا يتسلق أقواهم أكتاف أخيه إلى مأرب
  حين يواجه ناسا صاروا بالصمت حجارة
  قلبى يتفتت ياحبى  هل من مهرب ؟
 
  ولكن إذا كانت التجارب مجهضة والنهايات حزينة فإن الشاعر الذى بدأ عنوان قصيدته متوجها بالحب نحو الإنسان , لا يخلو قلبه أبدا من الشوق ؛  الشوق المكنون لوجوه باسمة وقلوب مزهرة , ولغة واحدة يصونها الجميع  
  شوق لرسائل لا تأتى
  ياليل … الصب متى غده ؟ غده مسدود
  والصمت يرن على وتر العود المشدود
  شوق لشوارع ممطرة حينا أو مزدحمة
  والناس بها تحت الأمطار تلاقينا ونلاقيها
  بقلوب مزهرة ووجوه هامسة وشفاة مبتسمة
  شوق يشتاق إلى لغة تولد معنا
  تنبض فينا
  لا تهجرنا لو عشناها بل تروينا
  ما أروعها لو صناها ما أروعنا
  شوق مكنون
  فى أعينهم فى أعيننا شوق مكنون
……………………………………….
  وإذا كان الديوان من الناحية الموضوعية يتناول قضية الحب بالمعنى الإنسانى الواسع حيث الإنسان هو المخاطب بلفظ الحب , دون النص على الجنس أو المكان والزمان , فإن التجربة نظرا لاتساعها نجحت فى أن تتدثر فنيا بمجموعة من الوسائل التى ساهمت فى تعميقها. وأول هذه الوسائل لجوء الشاعر إلى توظيف التناص متداخلا مع تجارب وموروث قديم وحديث , شرقي وغربى .
  فقد احتوى الديوان على سبيل المثال على علاقة تناص تنهض على معارضة الشاعر لقصيدة سلوا كؤوس الطلا التى نظمها أحمد شوقى فى أم كلثوم , فعارضها فى قصيدة طويلة تناول فيها بالمعارضة كل بيت من أبيات القصيدة بطرح حداثى للمضامين بما فى ذلك تناص عنوان القصيدة ذاته بعد تعديله للقب أم كلثوم ( كوكب الشرق ) فأسماه ( كوكب الشوق ) , هذا من ناحية , ومن ناحية ثانية فقد احتوت قصيدة المعارضة ذاتها على تناصات داخلية مع أسماء أغانى أم كلثوم التى قامت بأدائها مثل قصة الأمس ورق الحبيب والأطلال , وشمس الأصيل , وذلك بالإضافة إلى تضمين اسمى الشاعرين الكبيرين اللذين صاغا لأم كلثوم معظم روائعها شوقى ورامى .
  ويدخل الديوان فى علاقة تناص من نوع آخر مع التراث العربى الشعبى فى توظيفه لإحدى قصص ألف ليلة وليلة وهى رحلات السندباد السبع التى استوحى الشاعر اسم السندباد لإحدى قصائده رغم الاختلاف فى الهدف والنتيجة , والنهايات السعيدة لكل رحلة من رحلات السندباد حتى الرحلة السابعة . ذلك أن سندباد الشاعر خرج ضجرا , ومصطدما بالناس من حوله فراح يبحث عن بديل خارج الوطن فتحطمت السفينة التى شقتها الرياح وابتلعت الأمواج ركابها , ولم ينج منها سوى الشاعر الذى أدرك حكمة الحياة فى أنها الحب والتواصل وليس كنوز الدنيا , إنها رحلة اغترابية يشوى صهدها الروح قبل البدن .
  أما باقى تجليات التناص المشرقية فى هذا الديوان فقد كانت تأثيرات الرواد الكبار الذين تتلمذ الشاعر عليهم ورافق بعضهم وعمل مع البعض الآخر , مثل صلاح عبد الصبور وعلى محمود طه وإبراهيم ناجى وكامل الشناوى وميخائيل نعيمة والسياب , فضلا عن شوقى ومدرسته العظيمة فى الإبداع الشعرى , وهى تجليات مثلت ثقافة عربية وغربية واسعة استوعب الشاعر خلال قراءات متعددة وعميقة ومتصلة المعجم الشعرى العربى استيعابا جعل من علاقاته التناصية أشبه بالمخرجات الثقافية العامة التى نشم روائح التأثر بالآخرين فيها دون الدخول فى تناص مباشر معهم .
  ومن الغرب وعبرقصيدة التمثال الذى كسرته تطل من بين سطور القصيدة أسطورة بجماليون القديمة التى عالجها اليونانيون والانجليز وغيرهم , وصاغها شعرا عبد القادر القط , مع تحويرات نصية لا تمس صلب القضية وهى المثال الذى صنع تمثالا فوقع فى هواه ثم انتهى أمره معه بالتحطيم هدما  بمعول الغيرة والقلق والتناقض بين الفن والواقع , هذا فضلا عن لمسات عابرة لشعراء وكتاب غربيين نلمحها متناثرة فى الديوان .
…………………………………
  وتلعب المفارقة القائمة على التقابل الواسع دورا مهما فى الديوان , وهى مفارقة لا تتبدى فى صورة واحدة , وإنما هناك أكثر من نوع لها . فقد وردت على الأقل بشكل مباشر عبر قصائد مثل لماذا احببتك والزوابع والطفلة والقاهرة من بعيد , حيث فارق الشاعر بين موقفين متناقضين متضادين انتهى كل منها من الواضح المشرق إلى الكابوس المظلم مطيحا بتجربة كان من الممكن أن تكون مثمرة لولا الخداع والزيف الذى لفظه الشاعر منذ تمهيد ديوانه .
غير أن الديوان يحتوى المفارقات الصغيرة لغة وفنا ينثرها نثرا بين ثنايا القصائد المختلفة .
  ففى قصيدة إنها السابعة صباحا يقول الشاعر :
  المسافات ما بين بيت وقصر تدانت …. ولكنها شاسعة
  فتيات صحون  تجملن فى غرف ضيقة
  ينتظرن الوصول السريع إلى مبتغاهن فى صور بارعة
  فتيات صحون تزين فى غرف واسعة
  يبتسمن لمرأى النهود تشب وتكسو ملامحهن الثقة
  دقت السابعة
  رجل دائخ يشتهى بعض أغراضه المقلقة
  كاد أن يصرخ البائع المستريب بوجه الرجل
  رجل شامخ يشترى كل ما يشتهى دون حد لما يشتهيه
  كاد أن يرقص البائع المستجيب لوجه الأمل
  باحثا فى زحام الرؤى عن شبيه
  وهى مفارقات صغيرة نجحت فى خلق صور شعرية ممتدة مضفورة بعذاب وتناقض الواقع الشرس الذى لا يرحم فقيرا أو وحيدا , ناجحة كذلك فى خلق تناغم صوتى داخلى رتيب يقوم على هذه الثنائيات المتناقضة موضوعا المتناغمة صرفا ووزنا – حيث يلعب الجناس هذه المهمة بنجاح :
  رجل دائخ يشتهى  بعض أغراضه المقلقة
  رجل شامخ يشترى  كل ما يشتهى دون حد ……..
  كاد أن يصرخ البائع المستريب بوجه الرجل ( الفقير )
  كاد أن يرقص البائع المستجيب لوجه الأمل
وهكذا …….
……………………………………..
  وتأتى الصور الشعرية فى ديوان أحبك أيها الإنسان لكى تعكس خبرة عميقة بفنون الشعر , مثلما تعكس الثقافة الخاصة طويلة المدى . ذلك أن صور الديوان لا ترتكز فقط على الوسائل البلاغية التقليدية مثل التشبية والاستعارة والكناية , وإنما اتخذت من مفردات ركبها الشاعر تركيبا خاصا مستندا مرة مع تراسل الحواس وأخرى على الحدث ذاته وثالثة على المفارقة بكل أشكالها لكى يطرح لنا صورا ذات نكهة خاصة , صحيح إن بعضها يعود إلى النفس الرومانسى المتغلغل فى ثنايا الديوان , ولكنها جميعا لا يمكن تفسيرها من خلال هذا المصدر وحده . ولنتأمل بعضا منها :
يقول الشاعر
- يسقط ورق الصمت اليابس لما يسكرنى فرح الخصب
يأيتنى صوتك وردة إشراق تتفتح موسيقى تتملكنى
وتمس بنشوتها روحى فتنورنى …….
ما أحلى صوتك إذ يأتى فى قلب الليل …..
عبر الأسلاك يفوح عبيرك فى باقات من كلمات - شقت الريح السفينة
حولها الحيتان أفواه تخيف الخوف  بحر يترامى لا يحد
ليس فى عينى دموع  ولهذا لست أبكى رغم أن الرعب يمتص شرايين السكينة - الفلامنكو صبايا  مستحمات بموسيقى كساها الكبرياء
فى زمان عربى أبله النظرة يعدو صاغرا دون رداء
  الفلامنكو عزاء
- أناديك حين تشق محاريث هذا الزمان خطوط الهوان على الأوجه الشاحبات
وتهدر عاصفة فى الصميم
أناديك حين أتوه خلال شرايين هذا الزحام الملطخ بالعابرين من الخائفين
وبالخائضين – برغم توهج شمس الظهيرة – مستنقعات الرؤى الباليات
 
- يا وردة الروح الفريدة
الليل فى الصحراء يرد طائش اللمسات
ينفذ فى الصخور وفى العظام
لكننى من صوتك الدافئ
  كنت المدثر بالوئام
  كنت المغنى صامتا ……..
………………………………….
  وإذا كان ثمة ما يقال عن اللغة فى الديوان فإن الملحوظة المهمة فى هذا السياق هى هذا التدفق والبساطة والعفوية فى الصياغة دون إسفاف أو هبوط , وهو تدفق وعفوية نجحا معا فى أن يجعلا اللغة تحتمل كل ألوان التعبير والموضوعات . وإذا كانت البساطة تناسب التدفق فى قصيدة مثل إنها السابعة صباحا , فإن حيرة الشاعر نجحت فى أن تجعل نفس اللغة قادرة على توصيل موضوعات مختلفة تماما تنقل فيها الشاعر من الذاتى إلى الموضوعى إلى الإنسانى إلى الزمان والمكان مثل كوكب الشرق فى سماء الشوق التى عارض الشاعر فيها أحمد شوقى العظيم , ومثل أحبك أيها الإنسان , وما رآه السندباد وأخيرا القصيدة المدورة الطويلة المسماه نداء الحب التى تشق فيها التجربة لتحلق خالقة بعدا إنسانيا عاما أشبه بنداء البلاد المحجوبة , التى يبحث الإنسان فيها عن الحب والتواصل المضئ بعيدا عن أرض علقت أجواءها سحابات الحقد والكراهية والنفور .
………………………………..
  وهكذا تضافرت المضامين الإنسانية السامية ذاتية وإنسانية على أن تجعل الحب هيولا التجربة بأكملها , صحيح إن المسحة السائدة هى الحزن والتشاؤم والانكسار أحيانا , لكن الشاعر لم يغلق الباب أمام الجيل القادم فقد ظل يهمس للغافلين من البشر
  أنه يحبهم كثيرا ………
  ( أفتش ) فى هواء الأرض عن نغم بلا عنوان
  وعن فرح بلا لغة يطل على المدى المفتوح
  ليمسح دمعة الحيران
  ويهمس كم أحبك كم أحبك أيها الإنسان  
 
 
   

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !