الدكتاتورية المركزية واللامركزية
حينما نعجز عن رؤية بقرة أفلاطون !
من منا لا يعلم بقرة أفلاطون..هي بقرة افتراضية صنعها أفلاطون في مخيلته وادعي لجوء 3 من العُميان إليها فأمسك الأول بحافرها والثاني بقرنها والثالث بذنبها..وفي حين يحاول كل فرد منهم أن يعرف ما أمسكه غفلوا عن القضية الرئيسة التي هم بصددها..أنهم يمسكون جميعا مخلوقا واحدا ..مثال كثيرا ما يُضرب به المثل عن إغفال الشعوب لقضاياهم الرئيسية ويتشبثون كل في نهجه ورؤيته فيما يُعرف بتقديم المصلحة الخاصة عن العامة...هذه مشكلة ولا مشكلة دون سبب أو عوامل مساعدة لنموها..والإعلام كونه عامل رئيسي في التواصل وطرح المعلومة لا يمكن تبرئته قبل إدانته..ولكن قبل أن نبحث في الإدانة أو التبرئة علينا أولا إثبات أنه متهم..
أساس التفكير ينبع من العقل..ولا عملية تفكير دون وجود معلومة تساعد العقل علي التصور فيما يُعرف بإدراك الأشياء..هكذا نبدو أن عملية التفكير مرتبطة بالحواس ولكن الأصل فيها هو العقل..وطالما كانت الحواس مقيدة وفاقدة لوظيفتها بدون وصول المعلومة إليها فلا يُمكن تكوين رأي أو قرار دون إخضاعه للمؤثر..فالمؤثر هنا هو الواقع الخارجي -وسيط ومصدر المعلومة-والأثر هنا هو الحاسة وحالتها والقرار المُنبني عليها صحة لمسها للأشياء...إذا نستنتج من هذا أن الواقع الخارجي بمصدر المعلومة ووسائط نقلها هو المُرجح لتكوين رأي وقرار للإنسان، وبما أن المعلومة لذاتها بحاجة لمصدر ووسيط ينقلها إلي حواس الإنسان فالمصدر الوسيط كلاهما متهمان..المصدر هو الإعلام والوسيط هي الحالة الثقافية والتوعوية للشعوب..
ولكن أيهما سابق ولاحق..بديهيا فالحالة الثقافية والتوعوية للشعوب أسيرة للمعلومة ومصدرها..أي الإعلام..والإعلام مفهوم شامل لا يختص بمظروفية زمانية أو مكانية..حتي أن الإعلام في الماضي كان له دور في حشد الناس ، وأحيانا ما يرتبط بسلوك فضائحي أو تقييد الشعب لرغبة السلطان أو ذوي النفوذ..وكأن عاملي السلطة والمال كانا دائما هما المالكان للإعلام فيوجهانه حسب مصالحهما دون النظر لمصالح الآخرين...
لذلك أري أن أكثر العوامل المُهددة للشعوب وبقائها هو الإعلام..فالتهديد لم يَطَل حاجز الوفاق الوطني فحسب إنما تجاوزه إلي حاجز أكثر تطرفا وهو حاجز البقاء..الشعوب جائز عليها وفاقا بإعلام ولكنه وفاقا مشروطا حسب رغبته هو..وبما أنه أسير لرغبة ذوي السلطة والمال فلا يمكن تحييد الصراعين السياسي والإقتصادي عن مشكلة تجذر الإستقطابات بأنواعها طائفية كانت أو سياسية..فكرية كانت أو أيدلوجية..ومن هنا ينشأ الصراع...
التعليقات (0)