مواضيع اليوم

الدفاع عن القضية الوطنية الأولى متى تستفيق أحزابنا من سباتها العميق؟

إدريس ولد القابلة

2011-07-10 21:48:10

0

 

 

سؤال يشغل بال الكثيرين حاليا، هل كان من الضروري أن يكون جلالة الملك حازما، بطريقة غير معتادة، مع زعماء وأمناء أحزابنا السياسية، ليستوعبوا ضرورة القيام بدورهم العادي وبواجبهم المنتظر بخصوص الدفاع عن القضية الوطنية الأولى ونصرتها على الصعيد الدولي؟
هذا في وقت يرى العديد من المتتبعين أن تصرف الأحزاب السياسية بعد ما نعته البعض بــ " التوبيخ" الملكي الذي طالها، سيعتبر امتحان بالنسبة لها، سيما فيما يتعلق بقدرتها على استرجاع ثقة المواطنين فيها مادام أن الأمر يتعلق بقضية ضحى من أجلها المغاربة بالغالي والنفيس على امتداد 3 عقود ونيف.

 

مؤلفات إدريس ولد القابلة

 

http://okdriss.elaphblog.com/posts.aspx?U=2489&A=87381


إن تعاطي الأحزاب السياسية مع القضية الوطنية الأولى – بعد التوبيخ الملكي – تشكل فرصة سانحة – إن حسن تدبيرها – للثوق إلى تحسين علاقاتها بالمواطنين عبر ترجمة تشبثهم بالوحدة الترابية من خلال بلورة خطة طريق لتحركات مجدية وفعّالة تعطي نتائج على الصعيد الدولي.


لقد أضعنا الكثير من الوقت بعد مرور 35 سنة ونصف ولا يمكن المزيد من الانتظار حتى تقوم أحزابنا السياسية ببلورة رؤية استراتيجية للدفاع عن قضيتنا الوطنية الأولى على الصعيد الدولي بطريقة مجدية وفعّالة، لذا يذهب البعض إلى القول إنه وجب تأطيرها (أي الأحزاب) ضمن رؤية شاملة يمكن إعدادها استنادا على:


- الدروس والعبر المستخلصة من 35 سنة ونيف من التدبير الدبلوماسي لملف الصحراء
- التوجيهات الواردة في الخطاب الملكي بطنجة في غشت 2002
- خريطة الطريق المعلنة في الخطاب الملكي في 2009 ،


هذا، علما أنه تأكد، بما فيه الكفاية، أن أحزابنا السياسية لا تزال مسكونة بعللها الأبدية، ولم تتمكن، حتى الآن، من الخروج من دائرة السبات العميق بخصوص اضطلاعها بدورها في مجال الدبلوماسية الحزبية للدفاع خارجيا عن قضيتنا الوطنية الأولى.
وقد كشفت أحداث العيون المتاهات التي دخلت فيها جملة من الأحزاب السياسية فيما يتعلق بقضية كان من المفروض أن توحد الصفوف وليس العكس، سيما وأن ملف الصحراء يمرّ من ظروف صعبة بفعل تكالب خصوم وحدة المغرب الترابية. ومن المفارقات الغريبة جدا، أن الأحزاب السياسية كانت تحتج عن احتكار ملف الصحراء، لكن عندما أصبحت الكرة في ملعبها وجدت نفسها، على حين غرّة، في وضعية حيص بيص "لا تعرف ما تقدم وما تؤخر" كما يقال، فلا هي قادرة على القيام بدورها في تأطير المواطنين – كما كلفها الدستور – ولا هي مهيأة، فعلا وفعليا، للدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى كما هو منتظر منها.


إن تمحيص 35 سنة ونيف من التجربة الدبلوماسية المغربية بخصوص ملف الصحراء المغربية يفيد بضرورة توسيع دائرة المشاركين في المجهود الدبلوماسي بدل بقائه حكرا على دوائر صناعة القرار الضيقة، باعتبار أن القرارات الدبلوماسية بشأن القضية الوطنية الأولى من شأنها رهن القضية ومصيرها. وفي هذا الصدد تبرز من جديد إشكالية تحديث وزارة الخارجية لوسائلها وعصرنة وعقلنة خطابها استنادا على رؤية وخريطة طريق تتوخى جذب العم العالمي باستعمال خطاب يفهمه الرأي العام الدولي وقادر على الإقناع بعيدا عن تكرار "وصلات موصومة بلغة الخشب" التي لم تعد تجدي نفعا.


لكن هل سنشاهد قريبا تحولا للدبلوماسية المغربية، الرسمية منها والموازية، حيال تدبير الشؤون الخارجية للبلاد وإدارة ملف القضية الوطنية الأولى، سيما في شقها الخارجي والدولي؟ وهل سيكون التوجه نحو تفعيل دور أكبر للدبلوماسية الموازية – أحزاب وبرلمان وجمعيات المجتمع المدني – عبر اعتماد تدبير تشاركي للقضايا الكبرى والمصيرية للبلاد، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية؟
هذا، خصوصا وأنه تأكد اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن الدفاع عن قضيتنا العادلة تستوجب جبهة داخلية قوية، وهي التي يمكنها أن تسهل عمل الدبلوماسية ( بجميع أنواعها) خارجيا. لكن أين أحزابنا من كل هذا؟


عند الامتحان تعزّ أحزابنا أو تُهان


بعد لقاء جلالة الملك مع رؤساء الأحزاب السياسية، وجدت هذه الأخيرة في وضعية محرجة، وأضحى كل حزب "يلغي بلغاها" كما يقال.
فهاهو حزب الاستقلال يسير على درب خطة "لا زربة لا صلاح" و"لّي بغا يربح العام طويل"، إذ أقرّ في غضون الأسبوع الماضي بضرورة تحليل مستجدات القضية الوطنية، كأن هذا الحزب قائم بدوره على الصعيد الدولي، ولا ينقصه الآن سوى دراسة المستجدات لتقويم خريطة طريقه، في حين لا يتوفر على مثل هذه الخريطة بخصوص قضية الصحراء على غرار باقي الأحزاب في المغرب.
في حين يبدو الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية لا يزال مترددا، إذ أن الموقف المعبر عنه بعد لقاء جلالة الملك مع قادة الأحزاب السياسية، اقتصر على الإعلان عن ضرورة التريث وانتظار الكشف عن فحوى تقرير لجنة تقصي الحقائق بخصوص أحداث العيون. وهو الموقف الذي استغرب له الكثيرون باعتبار أن بلورة خطة الطريق للدفاع عن القضية الوطنية الأولى على الصعيد الدولي قائمة سواء أعلنت اللجنة المذكورة عن تقريرها أم لا، باعتبار أن الإشكالية تهم القضية برمّتها وليست مقصورة على أحداث العيون التي تُعدّ إسوة بالنوازل التي سبقتها. كما أن الورقة التي قدمها فتح الله ولعلو حول السياسة الخارجية أمام مجلس الحزب المنعقد مؤخرا ركزت على دراسة مجموعة من النقط من ضمنها، أن دائرة الجوار الصعب تهم قضية الوحدة الترابية بفعل الموقف العدائي لخصوم قضيتنا العادلة وارتباطهم الذيلي بالجزائر، وضرورة متابعة العمل لتقوية علاقات التضامن مع موريتانيا والتحكم في العلاقات مع إسبانيا.
أما حزب التقدم والاشتراكية فقد عمل على إحداث خلية مكوّنة من أبرز أعضائه للانكباب على إعداد مقاربة جديدة للتعاطي مع القضية الوطنية الأولى.


وبالنسبة لحزب العدالة والتنمية، إن بلورة مقاربة جديدة للدفاع عن قضية الصحراء ونصرتها على الصعيد الدولي، تمرّ أوّلا وقبل كل شيء عبر تحميل مسؤولية أحداث العيون لحزب الأصالة والمعاصرة ومحاسبة من قدموا لخصوم الوحدة الترابية هدية على طبق من ذهب لم يسبق أن حلموا بها. لقد ذهب حزب المصباح إلى انتقاد سياسة الدولة في تعاطيها مع ملف الصحراء، إذ اعتبر أنها تستنجد بالفاعلين السياسيين في آخر لحظة لإعطاء تصريحات مؤيدة في قضية الصحراء المغربية. واعتبر أمينه العام أنه قد حان الأوان لإحداث قطيعة مع هذا النهج، وأن المطلوب هو تفعيل "الأمر الملكي" الرامي إلى إشراك الأحزاب السياسية في تفاصيل القضية الوطنية الأولى. في حين اعتبر سعد الدين العثماني، رئيس المجلس الوطني للحزب، من الضروري الربط بين ملف الصحراء والديمقراطية لأن تعزيز المسار الديمقراطي شرط أساسي لتعزيز الوحدة الوطنية، وهذا الربط كفيل بتوفير ما أطلق عليه "الوحدة الجاذبة". كما يعتقد العثماني، أنه من غير المطلوب من الأحزاب السياسية والمؤسسات أن تتماهى مع المقاربة الرسمية في قضية الصحراء أو أن تردد نفس الخطاب، بل ينبغي أن تكون مقاربات الفاعلين السياسيين متنوعة في إطار رؤية تضمن "الوحدة الجاذبة". ويعتبر حزب العدالة والتنمية أنه لا مناص من محاسبة حزب "البام" على حساباته الخاسرة وتصرفات جملة من أعضائه المتهورة ومواقفهم المغامرة. ولم يقف الأمين العام للحزب، عبد الإله بنكيران عند هذا الحد، بل طالب حزب الأصالة والمعاصرة بضرورة تقديم اعتذار للشعب المغربي.


أما حزب التجمع الوطني للأحرار، فقد اختار هو كذلك إحداث خلية للعمل تنكبّ عاجلا على ‘عداد مخطط عمل للتحرك على الصعيد الدولي. وعلى هذا المخطط - من منظور رئيس الحزب، صلاح الدين مزوار – أن يسعى إلى طرح خريطة طريق للتحرك اعتمادا على مقاربة جديدة ترتكز على خطاب فاعل وقوي كفيل بإقناع المنظومة الدولية بعدالة قضيتنا وصدقية وجدية الموقف المغربي من النزاع المفتعل.


على نفس الدرب سارت باقي الأحزاب السياسية التي تعيش عموما نفس الوضعية.
الخطاب الملكي - طنجة 2002


قبل الخطاب الملكي لغشت 2009 الذي رسم خريطة طريق للدفاع عن القضية الوطنية الأولى، سبق لجلالة الملك أن ألقى بمدينة طنجة في غشت 2002 خطابا تناول في حيز مهم منه الدبلوماسية المغربية ووزارة الخارجية تضمن توجيهات ودعوة صريحة لفتح أوراش عمل لإخراجها (أي الوزارة) من وضعية السبات حتى تتمكن من الانخراط بقوّة وفعالية في جراك دبلوماسي متغيّر بسرعة ومحكوم بالمصالح. وأبرز ضرورة تأهيل الجهاز الدبلوماسي وتحديثه و"إيلاء عناية خاصة لانتقاء الأطر الدبلوماسية وتكوينها. لأن المهمة الدبلوماسية ليست موهبة فحسب، بل تتطلب اليوم، أكثر من أي وقت مضى، مهارة خاصة وثقافة متنوعة وكفاءة فعلية في مجال التفاوض الدولي (..) لتكون الدبلوماسية المغربية، في مستهل الألفية الثالثة، فاعلة وجريئة ونافذة (..) وتظل غايتنا المثلى من التفعيل الأمثل لدبلوماسيتنا هي جعلها أكثر مبادرة واقتحاما عقلانيا وتجديدا لأدواتها".


وها قد مرت سنوات عديدة على هذه التوجيهات الملكية ولم نعاين إلى حد الآن حركية واضحة وحقيقية للتغيير في هذا الاتجاه. والآن يرى عدد من المتتبعين إشراك الجميع في صياغة الدبلوماسية، من سياسيين وفاعلين جمعيين وتعبئة الإعلام والرأي العام، والعمل على استثمار المغرب لمختلف نقط ضعف الخصوم، والاهتمام الجدي بأمر التنسيق بين القائمين على الدبلوماسية، سواء الرسمية منها أو الدبلوماسية الموازية أو غير الرسمية. إن المرحلة الحالية تدعو، أكثر من أي وقت مضى، إلى القطيعة مع نهج احتكار السياسة الخارجية، لأنه أقصر الطرق لتمكين مختلف الفاعلين من القيام بدورهم دوم مواربة أو الاختباء خلف شماعة تعلق فيها الأخطاء.
لكن هل يمكن الاعتماد على الأحزاب السياسية للدفاع عن القضية الوطنية الأولى خارجيا؟
فماذا يقول المعنيون وذوي الاختصاص والمهتمون بالأمر بهذا الخصوص؟




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات