هل بقي شيءٌ لم تكتبه الأقلام العربية الصادقة والغيورة عن إسرائيل ؟ .. وهل بقي شيءٌ من الخطابات الساخطة ، والناقمة ، والمتوعدة ما لم تسمعه إسرائيل ؟ .. لا أعتقد ذلك ، وإعتقادي أن إسرائيل تزداد قوة بتلك الخطابات ، وتنمي لديها مناعة ضد النقد وضد كل كلام .. لذلك ينبغي على الحكومات العربية أن تراجع نفسها وحساباتها فيما يتعلق بالدولة العبرية ، بتصحيح مواقفها، والإلتفات لمواطنيها ، والإهتمام بهم على الأقل كما تهتم بإسرائيل !..
ففي فصل الشتاء ، وفي فصل الصقيع ، يتنعم المواطن الإسرائيلي بالدفئ من مصادر طاقوية عربية ، في الوقت الذي يتلوى فيه المواطن العربي من البرد ، لشح المصادر الطاقوية الكفيلة بتدفئة بيته أو خيمته أو قصديره ؟! .. والحق أن الأمر لايعدوا تناقض آخر من تناقضاتنا التي نتعايش معها ، لحدٍّ أصبح التناقض فيه إحدى المُسلمّات فيما يخص قضايانا العربية عموما ، وتولدت لدينا إنفصامات إرادية ولاإرادية في الوطنية وفي العقائدية وفي كل شؤوننا ..
إسرائيل لاتغتصب النفط العربي ولاالغاز العربي كما إغتصبت كل بقعة بَنت عليها مستعمراتها وأرست عليها مستوطناتها ، بل يقدم لها العرب كل ذلك بمحض إرادتهم وعلى أطباق من الدياثة والقذارة والعمالة المُموهة بالإنسانية ؟! ..
فإسرائيل توفر لمواطنيها الغاز الذي تشتريه من الدول العربية بأسعار رمزية ، فيما لايزال المواطن العربي يقف في الطوابير الطويلة للحصول على قارورة غاز بوتان واحدة كأضعف الإيمان ، وبأسعار تفوق تسعيرة تصديرها لإسرائيل أضعاف الأضعاف ؟!..
إسرائيل التي تسب ملتنا في كل المناسبات بل وكل يوم تستنير دربها بينابيع من أراضينا ، في الوقت الذي نظل نعيش في الظلام ؟!
إسرائيل التي يعتبرها كل مسلم عدوته ، تعتبرها الحكومات العربية شريكا إقتصاديا مهما رغم الصفقات الخاسرة التي تعقدها معها ؟! ..
وإذا بحثنا عن سر تعلق الحكومات العربية بإسرائيل فلن نجني سوى الخيبة ، هي نفسها الخيبة التي تجعل تلك الحكومات تنتزع اللقمة من أفواهها وأفواه مواطنيها وتطعمها لإسرائيل ، وليذهب المواطن وأبوه بل وجده إلى الجحيم ..
هذا هو واقع حالنا أن تحلب البقرة بأراضينا ويتمتع اليهود بشرب حليبها فيما نبقى ظمآى.
ـــــــــــــــــــــــ
تاج الديــن : 02 - 2010
التعليقات (0)