مواضيع اليوم

الدعوة لاعتذار فرنسي عن حقبة الاستعمار تتوسع مغاربيا

ممدوح الشيخ

2010-03-31 12:15:48

0


بقلم/ ممدوح الشيخ

 


العلاقات الجزائرية الفرنسية متأزمة لأسباب عديدة والمطالبة بالاعتذار مجرد "ورقة ضغط"

ساركوزي وصف الاستعمار بـ "الظالم"... ورفض الاعتذار للجزائر

الهجوم التونسي على باريس وتذكيرها بماضيها الاستعماري تزامن مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية التونسية

منحت باريس منابر لمعارضين تونسيين فكان الرد التونسي إحراج باريس بماضيها الاستعماري

الموقف الجزائري مساومة مكشوفة على ملفات أخرى كقضية حسان زياني وملف الصحراء


 

بدأ النقاش في الجزائر يتصاعد بشأن الاعتذار الفرنسي عن حقبة الاستعمار على وقع تأزم العلاقات الجزائرية الفرنسية، واستخدمته الحكومة الجزائرية ورقة للضغط على فرنسا التي تواجه منافسة أميركية شرسة في منطقة نفوذها التقليدي. وتحول مطلب الاعتذار من "شعبي" إلى "رسمي" عندما دعا أمين عام جبهة التحرير الوطني (الحزب الحاكم) عبد العزيز بلخادم، فرنسا إلى تقديم اعتذارات للجزائر عن الجرائم التي ارتكبتها في عهد الاستعمار.
يدين ولا يعتذر
وقال بلخادم وهو وزير دولة، في خطاب في افتتاح مؤتمر الحزب التاسع إن الحكومة الجزائرية تطالب فرنسا رسميا، بالاعتراف بجرائمها الاستعمارية المرتكبة في الجزائر، والاعتذار من الشعب الجزائري، مشددا على أهمية هذا الاعتذار. فرغم أن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ندد أثناء زيارة قام بها للجزائر في ديسمبر/ كانون الأول 2007 بالاستعمار واصفا إياه بـ "الظالم"، إلا أنه رفض الاعتذار للجزائر.
وفي تونس التي تعاني هي الأخرى مشكلات في علاقاتها بفرنسا على خلفية انتقادات فرنسية – رسمية وغير رسمية – غير مسبوقة للأوضاع الديموقراطية والحقوقية فيها بالذكرى 54 لاستقلالها، انطلقت الدعوة مزدوجة: الاعتذار والتعويض!
الاعتذار والتعويض أيضا
وتزايدت بتونس الأصوات التي تطالب فرنسا بالاعتذار والتعويض عن الحقبة الاستعمارية التي امتدت من 1881 حتى 1956. وبادر أحمد الأينوبلي أمين عام حزب الاتحاد الديمقراطي الوحدوي، التونسي المعارض خلال أكتوبر/ تشرين الأول الماضي إلى مطالبة فرنسا بالاعتذار والتعويض لتونس، وسرعان ما لقيت دعوته تأييد منظمات المجتمع المدني التونسي التي شددت على ضرورة تفعيلها رسميا، فيما صادق عليها مؤتمر الأحزاب العربية ودعا لتعميمها لتشمل الدول العربية التي تعرضت للاستعمار.
وشن الإعلام التونسي مؤخرا هجوما على باريس لتذكيرها بماضيها الاستعماري وتزامن الهجوم مع الانتخابات الرئاسية والتشريعية الأخيرة التي منح خلالها الإعلام الفرنسي منابر لمعارضين تونسيين فكان الرد التونسي بإحراج باريس بماضيها الاستعماري.
وندد الحزب الديمقراطي الوحدوي المعارض في تونس بدعوة وزير الثقافة والاتصال الفرنسي فريديريك ميتران، الشعب التونسي لتجاوز ملف مطالبة فرنسا بالاعتذار عن الحقبة الاستعمارية والمطالبة بتعويضات. واتهم الحزب الوزير الفرنسي بـ "استبلاه" التونسيين.
تجريم الاستعمار وتكريمه
وبدأت الأزمة قبل سنوات سجالا جزائريا فرنسيا تسببت به مساع فرنسية لتمجيد الحقبة الاستعمارية، فما إن بادر البرلمان الفرنسي لسن قانون في 2005 امتدح فيه الاستعمار حتى انتكس تقارب جزائري فرنسي كان بدأه بوتفليقة الذي وصف القانون آنذاك في تصريح شهير بأنه: "قلة حياء" وبعد أخذ ورد تحولت الانتقادات إلى دعوة مضادة أطلقها عبد العزيز بلخادم لسن قانون لتجريم الاستعمار. وبالفعل تبنى نواب بالبرلمان مشروع قانون بهذا الخصوص. وتضمن المشروع المطالبة بتعويضات ومحاكمة "مجرمي الحرب" وتعويض ضحايا التجارب النووية الفرنسية بالجزائر، ولعب التلاسن الحاد بين برنار كوشنير وبوتفليقة دورا كبيرا في دفع المشروع قدما.
وهناك من يرى الموقف الجزائري محاولة مكشوفة للمساومة على ملفات أخرى كقضية الدبلوماسي الجزائري حسان زياني الذي أوقفه القضاء الفرنسي مؤخرا على خلفية حادث قتل وملف الصحراء الذي تتخذ فيه فرنسا موقفا أقرب للمغرب، وهو موقف له أنصاره في البرلمان الفرنسي. وفي إطار هذه الخلفيات السياسية يرى وزير الخارجية برنار كوشنير نابعا من بعض النواب لا يمثلون السلطة، وأن السلطة غير راغبة في المصادقة عليه.
دعوة مغربية أيضا
وفي المغرب، شكلت عودة المخرج المغربي نور الدين لخماري إلى المغرب بداية طرح موضوع بدأ جزائريا ثم انتقل إلى تونس ليصبح عاصفة مغاربية تهدد العلاقات بين دوله وفرنسا، لخماري قرر فتح ملف عن الاستعمار الفرنسي سينمائيا، وهو واحد من المغاربة القليلين الذين طالما طالبوا باعتذار فرنسي للمغرب عن "جريمة" الاستعمار. وجاء فيلمه "نظرة" خطوة ساهمت في فتح النقاش بالمغرب، فالفيلم هو بوضوح حول الاستعمار. وبسبب موقف لخماري كانت فرنسا وافقت على تمويل إنتاج الفيلم، لكن بشروطها التي رفضها جملة وتفصيلا.
وعلى المستوى السياسي المباشر هناك من يرى أن المغرب أجاد الاستفادة من أزمة العلاقات الفرنسية الجزائرية للتقارب مع باريس، ما قد يعني مساندة فرنسية للموقف المغربي في ملف الصحراء، وهو ما تحتاجه المغرب بشدة، ومع استمرار التحولات في المنطقة التي تشهد عدة مشكلات متشابكة يبدو الموقف التونسي متغيرا مهما – على الأقل – من الناحية السياسية – إذ قد تتحول الدعوة مستقبلا إلى دعوة مغاربية تعكر صفو العلاقات بين العواصم المغاربية وبايس، وبخاصة أن الموقف الفرنسي من قضايا الديموقراطية وحقوق الإنسان بدأ يشكل هاجسا حقيقيا لتونس والجزائر، أما المنافسة الأميركية فتشكل عامل ضغط حقيقي على الديبلوماسية الفرنسية التي تحاول جاهدة الحفاظ على نفوذها التاريخي في المغرب العربي، وفي الوقت نفسه اتخاذ مواقف أكثر حرصا على الديموقراطية وحقوق الإنسان تماشيا مع الموقف الأوروبي من جهة، وحتى لا تخسر ورقة "المعارضين" السياسيين المغاربيين الذين يشكل وجودهم بباريس جزءا من بنية العلاقات الفرنسية المغاربية له مزاياه وله مخاطره كذلك!




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !