الانقياد لقوي ، يدبر الأمر ويمهد الدرب ،ويسهل الصعب ، كانت غاية الإنسان ولم تزل ، وستبقى ، حالة الخوف التي تنتاب الإنسان ، وحالة الضعف التي تعتريه ، وحالات الوهن النفسي والجسمي والعاطفي ، كلها خالات تستدعي طلب المساعدة والاستعانة بالغير أنا كان هذا الغير .
على مر حياة البشرية ، وعلى امتداد عمر الحياة الإنسانية على الأرض لم يكف الإنسان عن البحث عن رب يعبده ويقدسه ويلجأ إليه ويستعين به ، وحتى في أحلك ظروف الإنسانية ظلاما عقليا ، وفي أكثرها توهجا ، نجد أن الإنسان يبحث عن إله يعبده ويقدسه ويدين له بالولاء والطاعة ويقدم له طقوس العبادة المختلفة والقرابين طمعا في رضاه ونيل محبته ومساعدته . وما ذلك إلا لضعف غريزي في الإنسان أنا كان . وتلك هي الفطرة التي فطر الله تبارك وتعالى الإنسان عليها .
إنسان الكهوف القديمة بحث عن ربه ، وإنسان الكمبيوتر بحث عن ربه ، رسومات الإله في الكهوف القديمة ، وحالات العبادة لكل شيء ، من الحجر والشجر والحيوان والإنسان والكواكب والنجوم ، والشياطين والجن ، حالا توضح بغير لبس حاجة الإنسان وسعيه للبحث عن إله أو رب ينقاد له ويسلم له الأمر .
كان الرسل والأنبياء طريق الخلاص للبشرية من شرور العبادة الجاهلة ، لم يترك الله قوما إلا وبعث فيهم من يهديهم سواء السبيل .. لماذا ؟ هل الله محتاج أن يعبده من هم في السماء والأرض ؟
.. الله تبارك وتعالى ليس بحاجة لأحد ... ولكن الله سبحانه وتعالى خلق ما خلق من انس وجن ، وسخر ما على الأرض وما في السماء وما دون ذلك للإنسان .. فلا يليق بالإنسان الذي ذكر تعالى انه كرمه على المخلوقات أن ينزل من عليائه الى دون ذلك وقد ارتضى له الحق الكرامة .. كرامة النفس والعقل والجسد .. فلا يجوز والحالة هذه أن ينزل الإنسان ليعبد حجرا أو قردا أو بقرة أو شمسا أو كوكبا أو طوطما او غير ذلك ..
فكانت سنة الرسل ...
قبل أن يكون الأنبياء رسل الله كانوا ( مفكرين متفكرين في خلق الله ) وهم قادة فكر وفلاسفة كبار .. وهم على غير البشر مما هم عليه من اعتيادية وروتينية وقبول بالأمر والوقع المفروض على الجميع .. فالناس كلهم كانوا يعبدون فرعون .. الذي نصب نفسه رب من دون الله ... سيدنا موسى .. قبل أن يرسله الله تبارك وتعالى وقد تربى في قصر الفرعون ( الرب المعبود من قبل بني إسرائيل ) ..وهو في طريق عودته الى مصر وعائلته معه .. في الليل في صحراء سيناء .. شاهد نارا .. قال ... لعل أجد على النار هدى ...
سيدنا نوح كم لبث يدعوا الناس .. 950 عام .. غير عمره خارج الدعوة ... كان يعرف الحق في مجتمع يرفض التغيير ولا يقبل التبديل .. وكانوا يريدون أن يبقوا على حالتهم التي هم عليها كما هي الناس عامة ...فكانوا يضعون أصابعهم في آذانهم ، ويستغشون ثيابهم .... ليس رغبة في عدم السمع .. ولكن لكي لا يسمعوا ما قد يغير من قناعاتهم التي تربوا عليها .. لقد وجدنا آبائنا ..... وما امن معه إلا قليل بعد 950 عاما من الدعوة ..
سيدنا محمد .. وجد الأصنام أمامه وخلفه وفي طريقه .. تفكر وفكر وتدبر الأمر أياما وشهورا وسنين .. فعرف بحدس الإنسان الذكي الواع العاقل أن قومه على ظلال .. وأنهم يعيشون في ظلام .. وان ما هم عليه باطل ..
كان الأنبياء جميعا .. متفردين بعقل راجح وذكاء متميز .. وقوة عقلية وحكمة بالغة .. ولا ننكر التأييد الرباني ..
مضى على البشرية قرونا كثيرة وهي تنعم براحة الإيمان ..والانقياد لله ... من اليهودية والمسيحية والإسلام .. لتنزلق في عصور متأخرة الى منحدر الوثنية والجهل .. والإسفاف ...
فهذا يعبد عجلا أو بقرة .. يقدم جاره على ذبحها بعد قليل ليجعل منه طعاما له ولعائلته والناس عامة ... وهذا يعبد الشيطان .. الذي لا يمكن للإنسان ان يراه ومن زعم انه رآه بصورته التي خلق عليها .... ؟؟!! وتلك امة تعبد النار .. يطفئها واحد بعد قليل وتتحول الى رما د تذروه الرياح ...
وآخر يقول لا رب لي غير المال .. وثان يدعي انه يدين لعقله بما أبدع وفكر وأنتج ..
ولا زال دين الله قائم .. ولن يزول .. وحقائق الكون والعقل والمنطق تسير وفق إرادة الله .. وحكمته تعالى بارزة في كل ما حولنا وما يحيط بنا ...
الدعوة الى الإلحاد .. هل ستكون دعوة الإلحاد اكبر من دعوة الشيوعية .. هل ستكون اكبر واقدر وأكثر من الدعوة الى الله .. هل سينقاد الناس خلف دعوة مجنونة .. لا تحظى برضى من يدعوا لها بينه وبين نفسه .. والعالم المحيط به يؤكد له دونيته وضعفه من دون البشر ومن دون الله ..
التعليقات (0)