نظم المركز الوطني للوساطة أخيرا بسـلا لقاء حول دور مراكز الوساطة في تفعيل قانون 08-05 حضر افتتاحه وزير الشؤون الاقتصادية العامة نزار بركة وترأست فعاليته نائبة رئيسة المركز الوطني للوساطة المحامية والوسيطة راضية الفاسي الفهري، التي أعلنت في كلمتها التأطيرية أن المركز يخلد الذكرى الأولى لتأسيسه بتوقيع اتفاقية شراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سـلا الجديدة، حرصا منه الضبط الأكاديمي للوساطة، كما أوضحت بأن تنظيم هذه الدورة يأتي في إطار برنامج عمل المركز الوطني للوساطة، في سعيه لتحسيس مختلف الفرقاء والفاعلين والمهتمين بخدمات الوساطة ولتبادل التجارب والخبرات حول الوساطة بين المهتمين في أفق تأمين رؤى وتصورات واضحة حولها، ولتحديد حدود القانون المنظم لها باعتبارها آلية جديدة لحل النزاعات وتقوية ثقافة الحوار بين الأطراف، تمكن من حلول أكثر واقعية وفعالية في تدبير النزاع الناشئ. كما استعرضت راضية الفاسي الفهري مضامين القانون المنظم للوساطة كما هو مسطر في القانون 08-05، والذي يرخص للأطراف اللجوء إلى وسيط لحل الخلافات:
- يجوز للأطراف الاتفاق على تعيين وسيط يكلف بتسهيل إبرام صلح ينهي النزاع.
- يمكن إبرام اتفاق الوساطة بعد نشوء النزاع وهو عقد الوساطة.
وأكدت راضية الفاسي الفهري أن الغاية من هذه الدورة التكوينية تتم بهدف التذكير بمختلف آليات الوساطة التي يحتاجها الوسيط ويستخدمها لإيجاد حلول ناجعة للنزاعات القانونية العمومية بل أيضا لحل نزاعات قطاع الخاص والمقاولات وكذلك حل نزاعات المجتمع المدني.
وسجلت مميزات عمل الوساطة في كونها تضمن ربحا لكل الأطراف وتحافظ على أجواء الثقة بين الطرفين سواء في المجال التجاري أو المدني، كما تضمن استمرار التعاون المستمر بينهما في المستقبل عكس اللجوء إلى مسطرة التقاضي، ومبرزة أن الوساطة تسمح للأطراف بالوصول إلى حل توافقي رضائي في تدبير فضاء التحاور الفعال وتأمين الثقة بين الأطراف واستثمارها في المستقبل.
في تصريح صحفي كشفت رئيسة المركز الوطني نادية أولهري عن فحوى الاتفاقية الموقعة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا الجديدة، ملخصة بنودها في:
- فتح فضاء الجامعة للمركز من أجل التعاون سواء في الممارسة العملية وتشجيع البحث العلمي بهذا الخصوص.
- فتح شعبة للتكوين والبحث في قضايا الوساطة وحل النزاعات.
- خلق مجموعة البحث تهتم بالوساطة
- تدريب الأطر التعليمية والإدارية وكذا الطلاب في المواضيع ذات الصلة بالوساطة والتفاوض.
- تشجيع الطلبة على خلق مجموعات ميدانية لممارسة الوساطة داخل الجامعة أو الممارسة الميدانية للوساطة بالاحتكاك مع جمعيات المجتمع المدني.
وعبر الأستاذ خالد حمص عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سلا الجديدة عن سعادته بتوقيع الاتفاقية مع المركز الوطني مبديا الرغبة في مزيد من التفاعل مع كل الفعاليات المحلية لخدمة مدينة سـلا والوطن بتوقيع اتفاقيات شراكة مماثلة، واعتبر أن ذلك يندرج في طار منصوص قانون التعليم العالي رقم 00.01 الذي يسعى إلى ربط الجامعة بمحيطها الاقتصادي والاجتماعي والمساهمة الفعلية في التنمية المحلية. ومعربا عن أمله في أن تتشكل قريبا لجنة تضم أعضاء عن كلا الشريكين، بغية تسطير خطة عمل، تعمل في الأمد القريبة على برمجة ندوات وأيام دراسية بهدف التحسيس، وتأطير دورات تكوينية لدعم القدرات المهنية لعمل الوسطاء، في أفق الوصول إلى مرحلة خلق وحدات بحث وتكوين في ميدان الوساطة، وتخصص قائم ينال مكونوه شواهد ودبلومات علمية في ميدان الوساطة.
وأكد الكاتب العام للمركز شماعو محمد في تصريح لجريدة العلـم بأن دور الوسيط اليوم يكتسي أهمية بالغة غداة التحولات المجتمعية والتشريعية التي يعرفها المغرب تلك التي استدعت إخراج قانون 08-05 إلى حيز الوجود، وحول معنى الوساطة أن المركز يرى فيها لجوء المتنازعين إلى طريق ثالث أو طرف مستقل لحل خلافاتهما عبر حل رضائي توافقي في إطار تنازلات متبادلة، يكون المفيد فيها استمرار العلاقة الحميمية والإنسانية بين الأطراف، وهي بذلك مفيدة في العلاقات الاجتماعية ومميزة في تفاوض المؤسسات الاقتصادية بحيث تضمن الوفاء للأطراف، وتطور روح الثقة والشراكة والتعاملات المستقبلية المشتركة عكس التقاضي في المحكمة.
وأعرب عن انشغال المركز بالتحديات والصعوبات التي تعترض عمل مراكز الوساطة بالمغرب، مضيفا التأكيد أن بالرغم من تبني الوساطة في المنظومة التشريعية، فإن دورها يبقى محدودا دون إيجاد آليات تدفع بالأطراف اللجوء إلى الوساطة في حل النزاعات، ولذلك دعا إلى إضافة شرط خاص بها في الوثائق والعقود سواء كانت تجارية أو مدنية عند العدول، وأشار إلى تحد آخر يكمن في عدم وجود إرادة قوية لدعم مراكز الوساطة بالإمكانيات المادية وتفعيل المبادرات الفردية والجماعية الصادرة عن المجتمع المدني نحو إشاعة الوساطة ومأسستها داخل البنية المجتمعية المغربية، الأمر الذي يجعل أنشطة المركز تنصب على التحسيس بأهمية الوساطة في حل الخلافات البينية.
وتواصل اللقاء بدورة تكوينية على مدى ثلاثة أيام، حول موضوع "تقنيات التواصل وتدبير النزاعات، التفاوض والوساطة"، شارك فيها رشيد الساسي، رئيس مشروع الشركة المالية الدولية، شعبة الشرق الأوسط وإفريقيا الشمالية، كفرع لمجموعة البنك الدولي، حيث أكد على أن مؤسستهم تعمل على تشجيع الوسائل البديلة لحل النزاعات التجارية عبر تأسيس ودعم مراكز الوساطة الرائدة، ونقل المؤهلات والخبرات للقضاة والمحترفين وأطراف أخرى، وذلك بهدف خلق جو ملائم لتطور المقاولات الصغرى والمتوسطة، كما عرض تجربة الشركة في تكوين وسطاء وحفز الأطراف للجوء إلى الوساطة.
وساهم كذلك في تأطير هذه الدورة محمد لغواتي وسيط متخصص، بموضوع أهم الوسائل التقنية التي تقوم عليها الوساطة، وخاصة تقنيات التعبير والتواصل، وتقنيات التفاوض كوسيلة لتفعيل الحوار والمناقشات وتقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع بهدف الوصول إلى تسوية ودية للنزاع القائم بينهما.
كما تم عرض شريط لحالة وساطة واقعية، علق عليها المشاركون بناء على ما اكتسبوه من مبادئ وتقنيات، كما تم تنظيم قراءة في قانون 08-05 المتعلق بالوساطة، وأكد المشاركون على وجوب تدخل المشرع لتعديل بعض من مقتضياته.
التعليقات (0)