مواضيع اليوم

الدستور كأداة لوأد تطلعات الشعوب : الأردن نموذجا

sulaiman wwww

2011-02-12 14:49:17

0

الدساتير العربية تعد أحد أهم الأدوات التي تلتف عبرها الأنظمة العربية الحاكمة على مطالبات شعوبها وتطلعاتها, ويتم توظيف المواد والنصوص الدستورية كأداة لتثبيت الوضع القائم الذي تستفيد منه قلة معدودة من الأشخاص المحسوبين على النظام القائم.في الأردن تم إصدار الدستور المعمول به حاليا في العام 1952,وقد تعرض للعديد من التعديلات بمبادرات من السلطة التنفيذية بحيث أصبح هناك انعدام للتوازن بين السلطات الثلاث وتغولت بموجبها السلطة التنفيذية على كل من السلطة القضائية والتشريعية ,في الفقرات التالية أقدم مثالا على الطريقة التي يتم بها التعامل مع المواد الدستورية كأداة لوأد التطلعات الشعبية عبر مناقشة أحد أهم المطالب الشعبية المطروحة حاليا على الساحة السياسية المحلية , وهو موضوع المطالبة بإنشاء نقابة للمعلمين, وهي المطالبة التي تكاد تحظى بإجماع من قبل القوى السياسية والشعبية بكافة أطيافها.
كلما تم طرح موضوع المطالبة بإنشاء نقابة للمعلمين نسمع الرد الحكومي المتكرر بأن ذلك المطلب مخالف للدستور طبقا لتفسير المجلس العالي لتفسير الدستور. لن أناقش هنا ذلك التفسير الذي يتم توظيفه كذريعة لرفض تلك المطالبة ولكني سأقوم بتقديم قراءتي لهذه القضية عبر مجموعة من النقاط.
1-أن الدستور ذاته ليس نصا مقدسا فلو كانت الدساتير نصوص مقدسة لما جاء الدستور الحالي بدلا من دستور 7/12/1946 والذي حل بديلا لدستور اسبق صدر عام 1922, ولكن أي مطالبة بتعديل دستوري من قبل الفعاليات السياسية المحلية يتم النظر إليها كما لو أنها دخول في المحرمات التي لا يجوز الحديث حولها.
2- يمكن تعديل المواد الدستورية التي استند إليها المجلس العالي في تفسيره الصادر في القرار رقم ( 1) لعام 1994.وأشير هنا إلى أن العديد من مواد الدستور خضعت لتعديلات بلغ عددها 29 تعديلا وبمعدل تعديل واحد كل عامين منذ إصداره عام 1952 وجميع تلك التعديلات كانت نتيجة مبادرات حكومية ولم يسجل التاريخ رفض البرلمان لأي تعديل تقدمت به الحكومة.
3-من الأمور الأخرى التي تبرر التعديل الدستوري لتمكين المعلمين من إنشاء نقابتهم أن المجلس العالي لتفسير الدستور ذاته تخضع تشكيلته الحالة إلى تعديل تم إدخاله على المادة 57 من الدستور والتي جعلت رئاسة المجلس العالي يتولاها رئيس مجلس الأعيان بدلا من رئيس أعلى محكمة في البلاد(كما كانت تنص المادة المشار إليها قبل التعديل) مما استبدل الصبغة القضائية السابقة للمجلس بالصبغة السياسية الأمر الذي كان له آثار على التفسيرات التي قدمها المجلس ومنها ذلك التفسير المتعلق بالمطالبة بإنشاء نقابة المعلمين.
فان كان المجلس العالي الذي يتخذ تفسيره ذريعة لرفض مطلب إنشاء نقابة للمعلمين تخضع تشكيلته إلى تعديل دستوري فما الذي يمنع من إجراء تعديل دستوري للتخلص من هذه الإشكالية وتسويتها بطريقة عادلة.
4- ينص الدستور في الفقرة الأولى من المادة 24على أن الأمة هي مصدر السلطات.وجميعنا نعرف بان المجلس النيابي الذي يفترض به أن يكون ممثل الأمة طبقا لنصوص الدستور تتحكم بتشكيلته السلطة التنفيذية التي تقوم بوضع قانون الانتخاب وإجراء عملية الانتخاب والإشراف عليها مما يجعله ممثلا لرغبات الحكومة ومصالحها بشكل اكبر مما يمثل المواطنين والأمة كمصدر للسلطات.ويدرك النواب إمكانية تعديل مواد الدستور وإلا فما الذي يجعل النائب حازم العوران يطالب في كلمته مؤخرا في إحدى جلسات المجلس النيابي بتعديل الدستور لحماية البرلمان من الحل.ولكن لا نتوقع من المجلس الدعوة إلى تعديل الدستور لتحقيق المطلب العادل للمعلمين بإنشاء النقابة.
5- المطالبة بنقابة للمعلمين حق ترتبط به مصالح 150 ألف شخص هم عدد المعلمين والمعلمات, وإذا تم احتساب إعداد أفراد أسرهم يرتفع العدد إلى ما يقارب المليون مواطن.مع الإشارة هنا إلى أن غالبية قطاعات المجتمع (الأمة)تؤيد مطالبتهم المتعلقة بإنشاء النقابة .
وأشير هنا إلى أن مصلحة هؤلاء المعلمين والمعلمات ومصلحة أسرهم أهم من الدستور ذاته الذي يجب أن لا تتجاوز غاياته تحقيق مصالح ورفاه الشعوب كما هو شأن كل الدساتير في العالم التي توضع لخدمة الشعوب وتحقيق مصالحها.
وأخيرا نشير إلى إن تعديل الدساتير ليس من المساوئ فهناك دساتير دول متقدمة تنص موادها على تعديلها بشكل دوري ومنتظم كالدستور البرتغالي لعام 1933 الذي تنص إحدى مواده على تعديله كل عشرة أعوام.


 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !