لي جارٌ إجتماعي بامتياز ، يجتمع بأصدقائه أمام بيته كل صباح ، وهم يستمتعون بالأحاديث الصباحية [الباكرة] - بحسب توقيتي الشخصي - والتي يستقبلون بها إطلالة الشمس ! ..
بالنسبة لي ، يُعتبر إجتماعهم في ساعة مبكرة من كل صباح أمرا غريبا ، بل وضربا من ضروب الجنون . وجاري الذي يستقبلهم بإجلاسهم خارجا في الساحة المشتركة بين مجموعة من الجيران أمره أغرب ! . لا بل ويأخذ (ضيوفنا الغرباء الإعتياديون) كامل حريتهم في الحديث بنوتات مرتفعة أو منخفضة . والتي غالبا ماتكون مرتفعة فوق العادة ! ..
الحكاية ومافيها أن هؤلاء الأصدقاء بينهم واحد درويش (على حسب فهمي) . يبدأون في استدراجه بمجرد وصوله إلى التجمع . لأنهم غالبا ما يحضرون جميعا متزامنين ماعدا الدرويش الذي يحضر متأخرا !..
الدرويش : السلام عليكم
الجماعة : يضربون عن الرد ، ويواصلون حديثهم كما لو كانوا يناقشون قضية مهمة جدا ، لا يُشتتون إنتباههم عنها بأمورعديمة القيمة كتحية الدرويش !..
الدرويش (ثائرا) : مالكم لاتردون السلام ؟. الذي يراكم يعتقد بأنكم على وشك إطلاق قمر صناعي ، لكن الذي يسمعكم يكاد يجزم بأنه يستمع إلى ..! . ردوا السلام ودعكم من .. ؟!..
يسود المكان صمت مفاجئ ، يتبدد برد أحد الأصدقاء نيابة عن باقي المجموعة : ماذا تقصد ؟ ..
غالبا ما تنطفئ ثورة الدرويش سريعا فيجيب : لا أقصد شيئا ..
فتستمر المجموعة في أحاديثها بهدوء نسبي ، وبمشاركة الدرويش الذي يعارض جل آرائهم ، على أن يعود النقاش حادا بينه وبين سائله في البداية ، كلما بقي ربع ساعة بالضبط للمجلس ، الذي ينفضّ دوما على المُشادات بين الدرويش وواحد منهم !..
كل يوم يلتقون ويتحدثون ، وحين يتبقى ربع ساعة من وقت إجتماعهم يُشادّون مع الدرويش في الكلام !.. كل يوم يفضون مجلسهم على الخصام .لكنهم يعيدون فتح صفحة جديدة في اليوم التالي !..
فعرفت بأنهم جميعا دراويش ، لأن الدرويش طفل برئ بجسد كبير وبالغ ، وتشابههم هو ما جمعهم مع بعض . فحافظوا على صداقتهم بنظام متكرر (يكاد يكون أوتوماتيكيا) . لكن بلا كلل أو ملل..
وأنا أيضا درويش مثلهم لأنني أتابع حالهم بانتظام .. وكلنا دراويش بقليل من التأمل.
ــــــــــــــ
تاج الديـن : 03 ـ 2010
التعليقات (0)