الدراما الخليجية بين الواقع والخيال
بقلم محسن الصفار
يقال ان العاقل عندما يصادف مشكلة يحلها والحكيم يتفادى حصول المشاكل والساذج يخلق مشكلة ولا يعرف كيف يحلها , عندما نتحدث عن الدراما التلفزيونية الخليجية والتي يزدهر سوقها في شهر رمضان المبارك فانه حديث مليئ بالشجون والالم فهذه الدراما للاسف تعيش في واد والشعوب الخليجية في واد آخر ومن يتابعها يحس انها تتكلم عن اشخاص من كوكب اخر وليس اناس عاديين يفترض ان نراهم حولنا كل يوم .
فالدراما الخليجية غالبا ما تبالغ بشكل غير طبيعي على الشخصيات فتصور الشرير وكأنه شيطان بينما الخير وكأنه ملاك وغالبا ما تصور مؤامرات تحاك في البيوت وبين الاهل وكأن هذه العوائل هي اجهزة استخبارات عالمية في التخطيط والتنفيذ وترى ربة بيت تقود مؤامرة ضد ضرتها او زوجة ابنها بحرفية ومهارة تجعلك تعتقد انها من الافضل لو مثلت الدور الرئيسي في افلام جيمس بوند الجاسوسية بدلا من هذه الدراما العائلية .
عندما نتابع هذه الدراما فسنجدها غالبا ما تركز على الادمان او الطلاق او الحب الممنوع او الميراث وغير ذلك من المشكلات الموجودة ولكن ليس بذلك الشكل المبالغ فيه وكأن الناظر ليحسب ان هناك مدمن او اكثر في كل بيت خليجي .
ومع الاسف يمكن القول بأن الدراما الخليجية اساءت بشكل كبير الى صورة الانسان الخليجي فهي دوما تصوره على انه ثري يسكن في قصر والزوجة لا تفكر سوى في الحفلات بينما الابن مدمن مخدرات ثم يتحول الى متطرف ديني وغير ذلك من الخزعبلات ناسية ومتناسية السواعد الكادحة في كل دول الخليج العربي والشباب المثقف الواعي الذي يسعي لتطوير نفسه وبلده عبر تحصيل العلم والعمل في كل القطاعات الانتاجية والادارية .
ان الازمة الاصلية تكمن في النصوص اذ ان الدراما قوامها القصة والسيناريو ومن ثم يكون الاخراج والممثلين فمهما كان المخرج بارعا والممثلين محترفين فلن ينجح العمل اذا كان النص ضعيفا وتكراريا وعبارة عن حوارات طويلة مملة ويفتقد الى الحبكة الدرامية المتقنة التي تشد المشاهد اليها .
اذا اردنا تطوير الدراما الخليجية فيجب انقتاء النصوص وتشجيع الكتاب والادباء على صياغة نصوص احترافية للدراما وتخصيص دورات في كتابة السيناريو والحوار لهم كي يكون هناك رافد دائما بكل جديد من النصوص لانتاج الدراما والا اصبحت الدراما الخليجية تكرارية اولا لان نفس الاشخص هم من يكتبون النصوص مرة بعد مرة وغير احترافية ثانيا لان الكثير ممن لا خبرة لهم بالدراما يخوضون معترك هذا العمل والنتيجة تكون دراما مملة ومزعجة .
لست هنا بصدد الانتقاص لا قدر الله من جهود الكادر الفني الخليجي من مخرجين وممثلين وتقنيين ولكن نتمنى ان نرى دراما خليجية تلامس الواقع بشفافية متزنة وتسعى لحل المشكلات الموجودة وليس خلق مشكلات وهمية .
التعليقات (0)