مواضيع اليوم

الدراسات الاسلامية المعاصرة

فارس ماجدي

2010-02-08 06:54:31

0

 إنني عند قراءتي المتأنية للدراسات الاسلامية المعاصرة كما جاءت في كتابات المثقفين الذين يتحركون في الفضاء الاسلام المعاصر ويعيشون في داخله في الوقت الراهن وبرغم من تلك السياقات التي جاءت مختلفة أو متأثرة بنمط الانفتاح المعرفي الكوني وتأثير الغرب ومناهجه في وعي هؤلاء المثقفين فإن ذلك لا يمنع من أن نراجع بعضا من المسائل المهمة التي وقف عندها كثيرا هولاء وغيرهم ويمكن أن لنا أن نستعيد قراءة ابو زيد والجابري وأنيس محمد الجنابي ومحمد عواد ولنا أن نستعيد قراءات غيرهم ممن تتمتلئ بهم الساحة حاليا لنلاحظ الى أي حد يمكن أن تؤدي هذه القراءات الخجلة أو أدت الى نتائج يمكن ان تكون لها أثر أو أدنى أثر يذكر ولنأخذ مسالة الانقطاع التاريخي على سبيل المثال عند الجابري وأبي زيد اللذان في رأيي تحدثا عن ذات المسألة ووصلا الى النتائج ذاتها . اذ يمكن تكثيف رأيهما في الصياغة التالية ـ لقد حدث في بنية المجتمع الاسلامي حركة تطور معرفي وثقافي كان يحكمها ويوجه حركتها النص القرآني ثم الحديث ثم الفهم الذي استند الى هذين الأصلين وما بني عليه الى أن وصلنا الى العصر الذي أخذ ينبثق في العقل المكون (بضم الميم وكسر الواو ) الذي ساد ليبدأ هنا ومن هنا صياغة المعارف بشكلها النهايئ وتأبيدها ، ثم لم تحاول هذه المعرفة فيما بعد تجديد نفسها ولم تتأثر بأية رياح تغييرة تهب عليها لقد توقف الزمن والتاريخ ولم تعرف هذه الثقافة حركة الانقطاع التاريخي ولن تعرفها ابدا . كنت قرأت تعليقات هنا وهناك عن هذا الموقف وتراوحت هذه التعليقات بين الاتهام وقلة البضاعة الى غير ذلك ، ولسنا هنا معنين بستعادة الأدبيات تلك أو الردود على أهميتها , لكنني معني بموقف القراءة المعاصرة للمثقف المتنور لمسألة هي في غاية الحساسية والأهمية . ( وهي لا يمكن لهذا الفكر أن يتطور في المنظور القريب والبعيد الا اذا شهد ثورة الانقطاع التاريخي ) اي عملية فصل التاريخ عن الواقع المعاش بكل تجلياته الممكنة وغير الممكنة ، والمقصود بالتاريخ هنا التراث بأجمعة فكيف تمكن عملية الفصل هذه ؟ كيف يمكن أن تحدث ، وكيف يمكن أن نفصل المؤمن أو المسلم عن وجدانه المتشكل والذي يغذى باستمرار من هذا التراث . أننا نتحدث عن مجتمعات لها ايمانها المستقر في وعيها اننا نتحدث عن ممارية شعائرية يومية تصوغ الفكر والوجدان وتفعل افاعيلها في الذات المؤمنة ، كيف مرة أخرى يمكن أن ننجز هذا الانقطاع التاريخي وعلى أية شاكلة . لقد قال طه حسين في الأدب الجاهلي إن الأمة الاسلامية تخصع لهيمنة التاريخ بشكل سحري يمكن أن نقبل هذا العبارة أما عملية التحول نحو مسألة استعادة المثال الغربي في تعامله مع الدين المسيحي وعلى هذا النحو المغرث في التجريد في عالم اسلامي ما يزال يعيش في ظلامه وضلاله الحضاري والانساني وعلى هذا الشاكلة فأعتقد أن ذلك بعيد المنال
على كل لأضع هذه المسألة في سياق آخر ، إنه لكي نتفحص مسألة الأنقطاع التارخي في السياق الإسلامي ونموضعها داخل إطارها العام ينبغي أن ننطلق من المعطيات التراثيه المكملة عن طريق معطيات الصياغة أو الصياغات اللاحقة ، ، والتي لم تتعرض لأي دراسة نقدية الى الآن لا أن نرفضها ونقطع معها على هذا النحو ، ونحن نعرف أن التراث الإسلامي تميز باستمرارية لغوية وثقافية تسترعي الأنتباه ا، أقصد استمرارية تواصلية فيما يخص نقل النصوص المقدسة التأسيسة وتأويلها والعيش عليها ، وهذه الاستمرارية كانت متواصلة حتى القرن الرابع الهجري على الأقل فيما يخص الأدبيات العقائدية المكتوبة كلها باللغة العربية على أثر هذا التراث برمته ، ولكنه أصيب للأسف بانقطاع سلبي فيما يخص المجالات الفكرية والثقافية والسياسية التي انتشرت فيها كل المسائل المرتبطة بالاعتقاد، هذه المسائل التي لم يتم التفكير فيها أو على الأقل طمست داخل نطاق التاريخ ، إن القطيعة الأكثر ضررا ليست فقط بالنسبة للفكر الديني ، وإنما أيضا بالنسبة للتطور العام للمجتمعات الدينية الإسلامية اي طبيعة فكرها المصاغ بنمط معين أي كظاهرة دينية ، بصفتها مرجعية إجبارية للسياسة والأخلاق والاجتماع والتفسير ،و قد تمثلت بضرب الفلسفة ، فقد رفضت الفلسفة ثم حذفت كليا وبشكل دائم بعد موت ابن رشد. هذا الفكر الذي تحول الى تيار طويل عريض دعي بالفلسفة الرشدية اللاتينية، وهذه القطيعة السلبية أصابت بالتدريج كلا من الفكر الديني والتفسير والفقه وعلم التاريخ، والفكر السياسي. إن الجهود التي بذلها الباحثون والمثقفون المعاصرون كانت مشتته ومبعثرة أكثر من اللزوم وكانت خجولة واستسلمت في الغالب للماحكة الجدالية والتبجيلية وبالتالي كانت عاجزة عن احياء ه ، وذلك لأن هذا الفكر قد ضعف كثيرا وفقد عصارته وروحه بسبب قرون وقرون من التكرار والاجترار المدرسي العقيم، وكان هذا الفكر التسليمي التواكلي ، لقد كانت هذه الجهود اليبرالية عاجزة عن مواجهة التحديات المتمثلة بضغط الثقافات ا المهجورة . وكانت عاجزة كذلك عن مواجهة تحديات العقلانية القادمة الى العالم الإسلامي عن طريق النظام المعرفي الجديد الذي أدى الى بعثرة التراثات المحلية، ضمن هذه الظروف التاريخية تمت نشأة وتغذية مخيال من نوع خاص، إن أنظمة التركيبات المعرفية التي يصوغها الجابري هي أنظمة لاهوتية وتفاسير وتواريخ انه يستمد من هنا وعيه التغيري وليس في مقدوره ، أن يحوله الى ورشة عمل يفكك فيها التاريخ قبل أن يقطع معه على هذه الشاكلة ، مثله في ذلك مثل أبي زيد ، الذي راح يدخل هذا هو المنظور الواسع والعريض في كل ما ينتج أو يكتب من دراسات ، إن الخيار هنا يتمثل في قلب الساحة الدينية بالصيغة الموجودة عليها حاليا ، اذ لا تزال الانظمة الدينية الأصولية المتنافسة المستمرة والمعاشة بشكل واسع وعريض هي السائدة وهي التي تشكل التصور وتغذي الايمان الدائم ،
هناك اعتراض ينبغي أن نأخذه بعين الاعتبار هنا ، وهو ذو جوهر تبجيلي وهو كذلك جدير بالتوقف عنده لأنه صادر عن تيار الرافضين الذين يمثلون قاعدة اجتماعية كبيرة، وهذا التيار الرافضي يدعو الى رفض كل هذه الافكار ، والفكرة الأساسية هنا أن الإسلام ليس فقط نظاما من العقائد واللاعقائد الثابتة، المتلقاة المطبقة بشكل عام ، وإنما هو ايضا مزود بكل المبادئ والمناهج الايمانية القادرة على العيش والدوام الى الأبد ، التراث الاسلامي في وعيها تراث حي دائم الحياة . وبالتالي فهو لا يختزل الى أي نظام آخر سابق أو لاحق ولا علاقة لها بأي معرفة خارج المعرفة التي يتضمنها هذا التراث الأمثل والأعلى ، ولا يمكن للنظام المعرفي الاسلامي أن يتأثر بأي نظام معرفي آخر أو يسمح له بأن يحرفه عن وجهته السديدة. كيف يمكن تحييد وحهة هذه النظر واسقاطها بجرة قلم؟ .





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !