مواضيع اليوم

الدخول من مضيق الحلم لأحمد مكاوي قراءة جمالية بقلم محمود عياشي

أحمد مكاوي

2012-11-12 08:20:15

0

الدخول من مضيق الحلم / أحمد مكاوي .
قراءة جمالية / محمود عياشي .


 

1/ ظلال على فلسفة العنوان :
الدخول هو الهروب الموجَّه من عالم الفسحة والاتساع في عالم المحسوسات إلى رحاب عالم فسيح ثان : الحلم ، وهذا المضيق هو البرزخ الذي تتحدد فيه زمكانية معاناة الشاعر ، وهو انطلاقة إشعاع النص من لحظة تطبيق الكتابة إلى ممارسة التلقي الكثير والمتنوع ..
والدخول هو الاكتشاف والقراءة والتجلي وممارسة التجربة والتنعم والعذاب والخلود والنفي .. والمضيق ممر إلى بحر يكون ذاتيا ومؤقتا يشبه إلى حد ما زمن قبل الفرح ، فهو معاناة تشويق بالدرجة الأولى وشدّة تخييل ..
2/ ظلال على أبجديات النص :

الحزن أزمة شاعر ؛ تتآكل مضامينه فتأكل عمران الزمن لتترك الفراغ ! والفراغ هو سلبية النتيجة بعد التفكير الممل الطويل في مصير الحل البعيد أو المفقود فــ ( الوقت الهارب أضحى من غير ورق ، والغصن الطافح أشجانا أضحى عصفا تذروه رياح الشوق دروباً تغفو في حضن أرق !! )
الخطاب في الـ ( أنت ) يتعدى النصح والنهي والعتاب والخبر..بل لإذابة الحاجز بجدية غير الذي نلمسها من تودد أغراض الشعر في الخطاب القديم ، بل النسج ذاته تكديس للألوان غير المفهومة لما وراء الحاسّة ، فالرمادي مثلا نستشفه من خطوط سوداء وبيضاء أو نقاط تناوبا بدل المزج التقليدي . تماما ما نلمسه في خلال الثنائيات الرمادية ( كم جئت يقينك يحمي الشك بعينيك ) فهي خيبة كابحة بعد دخول متحمس تماما مثل ما يصورها بياض اليقين وسواد الشك ورمادية الخيبة في الموقف المترتب على هذا المزج .
التخمين اختياري في تفعيل وحدة الزمن المتفق عليه خياليا في تفسير ( شجيرة الوقت ) وأغلبها اللحظة أو بقياس الجهاز العصري ( الثانية ) وإخفاء الحزن وراءها يعني السيطرة عليه بتفاؤل قسري بذكرى قد صنعها ذاك الوقت نفسه ، لأنه ظرف لحدث استثنائي حمل مادة مبشّرة تناوب استمرارية ودفع عجلتها .وذلك مفتاح من مفاتيح هذا المضيق الضيق الحرج !
( الحلم مضيق لاح ببيد ) ( ترتاح على شطآن الوحم )
لو صنفت هذه المفاتيح لجاء مؤدّاها الغزير من خلال نظمها المعنوي دون تركيبها اللفظي ، إذ هي نتيجة تجريب ومخاض تنقيح الذات الشاعرة لاستجلاء الصورة مع الحفاظ على الفصاحة ودرجات القراءة المعبّأة ذهنيا قبل تجلي القراءة النموذجية التي يبني عليها الشاعر حكمه قبل الرضا الآني النسبي وقبل التحول المتمرد اليائس .. فبالمطابقة الأولية يأتي الترتيب هكذا : الحلم ← الوحم / لاح ← ترتاح / بيد ← شطآن /
وعودا إلى الصورة ؛ كيف نتلقّى كينونة الحزن من لاوعي خالق مثمر نحو لا وعي مستقبل مدرك وقد قاربت الصورة من خلال الحيز الذي يحتله ، وأضفى طرفا النقيض مجالا لاستيعاب ذلك – حسب الطلب - ويكشف ذلك السؤال التالي : دقّة المختفي ، أم عظم المُخفي أم أهمية الوراء ؟
طبعا بعد ما تؤدّي الاستعارة دورها المطلوب ، ويرحل علم البلاغة طاويا ملفاته ، نتساءل : ماذا لو كانت شجيرات الوقت هي أنفاس الشاعر أو خفقات قلبه ، وهيمنة الحزن كهيمنة ( الميكروب ) ، فنعلم أن صعيد المحادثة الرسمي هو داخل حيز ( الميكروسكوب ) .. فذلك أدعى وأجمل للتعبير عن حساسية الموقف وسرية الشعور قبل البوح طبعا !

3/ نسبية الحل إزاء إشكال متمرّد :
هم الذات تجاوز محنة واقع إلى رحم أرحم ، لكن قوانين العبور مسافة وزمن تتعرّض لأعطال التقهقر وعدم تجاوز عقَباتِ الهم فلا حلم ( لا تخفي الحزن وراء شجيرات الوقت فيرديك ) عوداً إلى الصورة : هل الإخفاء تفاؤل بأن عمر الحزن قابل للنقض كعمر الشجيرة ، أم وأده في النفس حتى لا يظهر على الزمن فراغا فيأكل الحلم مللاً ، أم باطراحه أو استثماره من منطلق الإيمان طبعا ..
يحرص على عدم البكاء كثبات على موقف القوة الأولي ليس مناهضة قانون القسوة أو استنكاف الضعف ، لكن خوف التشويش من استماع الذكرى الغالبة والقهر المفتَرَض ( دع عنك الأمطارَ ففيها نفح من ريح سيهد الحلم يسد مضائقه من أين دخولك إن جاءت )
قد لا يأتي ما عناه وتنجح التجربة ، وتوصد الأبواب إن حدث إلى حين إشعار آخر .
لكن هل الحلم المحدّد هو الطموح المتعارَف عليه غي عرف النجاح ، أم هو تطبيق حياتي يشمل جميع الخواطر والأمنيات امتدادا إلى الأعمال والتصرفات .. حتما سيشمل الحلم المنامي والحكاية في جعل الأنا بطلاً ليواصل الكذب حتى تمتد إلى أحلام اليقظة !

4 /هل هو اقتراح أم إعادة كرة ؟!
الهم والتفاؤل في نفسية المتلقي المصاب ثنائيّة صعبة المراس ، ( دع غيمك يحملها لصحارى السّهد ، وغن أعراس الشمس خطاك تغني الحلم وتبصره .. وستعبره .. لغد يلقاك ربيعا .. تتهجّاه خطاك ..)
إذا كانت رقة التعرض للخوف ذهاب الحلم الذي يغفلك عن عالم المحسوس والناس ، فإن في السهد قوة اليقظة التي يحضر فيها يقين التفكير ونبراس الحصافة وتمييز التدبير ومشاهدة طموح صنع المستقبَل .
جوهر القراءة :
ليس العلم ما يصبو إليه قارئ النص الشعري ، وليس العالِم الذي يحدث له ذاك الأثر ، فالشاعر نقطة بدء والقارئ امتداد ، ولا عجب أن يكون الخط منكسرا أو منحنيا أو مستقيما منقطعا، لأن ذلك ما يريده العالَم من الشعر !

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !