مواضيع اليوم

الدبلوماسية المغربية و زراعة الريح

إبراهيم بوحنش

2010-12-07 17:31:35

0

الدبلوماسية المغربية و زراعة الريح

 

إبراهيم بوحنش

 

يعيش المغرب هذه الأيام تتابعا في الأزمات الدبلوماسية، كان أبرزها الأزمتين مع البرلمانين الأوربي و الأسباني. و بغض النظر عن تحامل القرارين البرلمانيين على المغرب، إلا أن التعامل المغربي معهما اتصف بانفعالية مبالغة وصلت لدرجة متقدمة من الشوفينية اتضحت جليا في تصريحات وزير الإتصال. مما قتح أمام الخارجية المغربية جبهات صراع جديدة و استعداء للجانب الأوروبي والإسباني بشكل مجاني.
هذا الوضع لا يعدو أن يكون حصادا لعاصفة زرع المغرب ريحها على مدى سنوات طويلة. حيث إنه منذ استقلال المملكة تمركز القرار و الفعل السياسي للمملكة في يد دائرة مغلقة من المسؤولين تحت توجيه صارم و مركز من القصر. مما أدى لإضعاف الدبلوماسية الموازية، التي أصبحت اليوم موضة المتحدثين عن الشأن الخارجي للمغرب، إذ حرمت الأحزاب و البرلمان وهيئات المجتمع المدني من أخد المبارة إلا في حالات التجييش الذي يعمل النظام على ممارسته كلما حشر في الزاوية من طرف خصومه.
بالموازة مع هذا التمركز البالغ فيه، مورس على مدى عقود غموض إعلامي و تعتيم متعمد على الرأي العام الوطني فيما يخص قضاياه المصيرية و على رأسها قضية الأقاليم الجنوبية (الصحراء). و لم يتجاوز الإعلام الرسمي، ومن ورائه الإعلام الحزبي، ممارسة الدعاية في غياب تام للإحتراقية في تناول الأحداث و الأخبار و الآراء، مما أفقد المغرب المصداقية المطلوبة و جعل بالتالي المواطن يهاجر نحو وسائط إعلامية أخرى داخلية (الصحافة المستقلة) و خارجية (الجزيرة وغيرها من القضائيات) أو الأنترنيت.
و رغم ما حققه مقترح الحكم الذاتي من مكاسب هامة للطرح المغربي، فإن الدولة لا زالت متلكأة في تجاوز أخطائها الإستراتيجة في معالجة ملف الوحدة الترابية، و نورد على سبيل الذكر استمرار تفاوضها مع جبهة البوليزاريو مما جعل طيفا واسعا من المجتمع الدولي يظنه الممثل الوحيد لسكان الصحراء، بالإضافة لاستمرار الأمنين في الهيمنة على هذا الملف و كذلك ملف الصحافة على نفس النهج الذي كان يمارسه ادريس البصري الوزير السابق في الداخلية على عهد الملك الراحل الحسن الثاني. كما لا زالت الدولة مستمرة في تكريس الريع الإقتصادي و السياسي رغم دعوات العديد من الفاعلين و على رأسهم الملك محمد السادس للقطع مع هذا النهج. هذه الممارسات تفاقم أزمات المغرب على المستويين الداخلي و الخارجي و يفقد المبادرات الأخرى الكثير من توهجها.
كما أن سياسة ردود الأفعال و التردد في اتخاد المواقف تفقد صورة المملكة مصداقيتها وتتعب أجهزة الدولة بخوض معارك جانبية و تأخير المعارك الأساسية. حيث إن قطع العلاقات مع دول وازنة ومؤثرة على المستويين الإقليمي و الدولي، و إن اختلف المغرب معها (جنوب إفريقيا، فنزويلا، إيران) أفقد المغرب العديد من قنوات التواصل الدبلوماسية، ناهيك عن غياب سفير للملكة بمدريد لما يزيد عن السنة.
و من جهة أخرى أدت مقولة "تازة قبل غزة"، رغم ما عرفه المغرب من دينامية اقتصادية واجتماعية، إلى ترك الكرسي المغربي فارغا على المستوى الدولي، فباستثناء زيارة الملك الأخير للأمم المتحدة بنيويورك، فلم يمثل المغرب، إلا لماما في العقد الأخير، على أعلى مستوى في اجتماعات القمة للجامعة العربية و منظمة المؤتمر الإسلامي و كذلك الإتحاد من أجل المتوسط والمنظمة القرونكوقونية. وهو ما أفقد المغرب المكانة التي كان يتحلى بها على المستوى الدولي أيام الملك الراحل الحسن الثاني.
و بالتالي أصبح من المستعجل و الملح إعادة النظر العميق في التدبير السياسي للعلاقات الخارجية للمغرب و ذلك بفتح باب المبادرة أمام الهيئات الحزبية و المدنية بعيدا على نهج التجييش وتعزيز الديموقراطية لإعطاء المزيد من المصداقية للعمل البرلماني و الحكومي بإقرار تعديلات دستورية جوهرية. وفتح المجال السمعي البصري أمام فاعلين جدد لضخ دماء جديدة في الحقل الإعلامي الوطني، و مخاطبة المواطن و العالم بمهنية و موضوعية. و القطع مع السياسات الخاطئة التي أدت لتدهور الوضع الداخلي، سواء بالصحراء أو سيدي إفني أو صفرو أو الريف، بالإسراع بإقرار الجهوية الموسعة و تمكين النخب المحلية من تدبير شؤون مناطقها و محاربة الريع السياسي والإقتصادي و سياسة الأعيان. و العمل على رسم معالم سياسة خارجية مبنية على المصالح لا العواطف و التحلي بالفاعلية في المحافل الإقليمية والدولية.

 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات