الخطاب المزدوج في السياسة الإيرانية ليس وليد اليوم بل يعود أساساً الى عمر الثورة الخومينية حيث تأصل تياران في عمق صناعة القرار الإيراني لكل منهما منهاج و مبادئ سياسية تختلف عن الآخر؛الصوت الثوري الإسلامي اليساري و الصوت الثوري الإسلامي اليميني. اليسار الثوري الإسلامي الذي تشعب منه الإصلاحيين و من ثم المعتدلين عملوا على تصحيح مسارات الدبلوماسية الإيرانية لتنحو أكثر قبولاً دولياً و إقليمياً لكن اليمين المتطرف يسعى دائماً الى الظهور بمظهر الثوري المحارب لمسايرة المجتمع الدولي. من هنا يبدو أنّ الطابع المزدوج سيطر على الدبلوماسية الإيرانية مما جعلها تبدو ثنائية رغم اندماجها بالأهداف و النمط الثوري الذي قامت من أجله ثورة الخوميني.
آخر الإزدواجيات في الخطاب الدبلوماسي الإيراني كان مؤخراً عندما أكد المسؤول البرلماني الإيراني علاء الدين بروجردي أن "الكيان الصهيوني" طلب من ايران عبر وسيط "قناة رسمية" عدم التصعيد بعد اعتداء القنيطرة الذي استشهد فيه 6 من مجاهدي حزب الله اضافة الى قائد في الحرس الثوري الايراني. وقال رئيس لجنة الامن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الاسلامي علاء الدين بروجردي مساء الاحد في تصريح لقناة العالم الإخبارية:" تلقينا رسالة من احدى القنوات الرسمية بأن "الصهاينة "قد ذكروا بأنهم لا يريدون لهذه القضية ان تستمر او يحصل تصعيد فيها، وعلى هذا الاساس يتوقعون من الطرف المقابل أن يتصرف بهذا الشكل ايضا، مشيرا الى ان هذه الرسالة اوصلتها القناة الرسمية الى مسؤول رسمي في الخارجية الايرانية."
بالتزامن مع هذا التأكيد القاطع نفت المتحدثة باسم لخارجية الإيراني نفياً قاطعاً تلقي إيران رسالة من إسرائيل حول عدم التصعيد بينها وبين حزب الله وطلب الأخيرة من إيران التوسط لحزب الله للإكطتفاء بما حدث. هذا النفي و التأكيد المتزامن يجعل الدبلوماسية الإيرانية أمام مأزق الثقة .
إيران في الوقت الذي تحتاج فيه الى الظهور بمظهر الراغب لتوحيد دبلوماسيتها بشأن النووي يبدو أنّ تياراتها المتطرفة تسعى من خلال استخدام هذه الإزدواجية ضرب حكومة روحاني التي عملت على إعادة بناء الثقة مع المجتمع الدولي في السنتين الماضيتين من هنا علينا أن ندرك أنّ الإزدواجية في البلوماسية الإيرانية مردها المتطرفون الذين لا يريدون لهذا البلد السير في مسير الإعتدال و النمو من خلال خلق أزمة تعدد الأصوات في السياة الإيرانية ألا أنّها تلك المجموعات التي تعادي مصلحة الإيرانيين و الحكومة التي حازت على ثقة الإيرانيين الراغبين في الإعتدال و السلام.
التعليقات (0)