الداعية العريفي يتتبّـع السقطات
تتبع السقطات .. سقطات الغير ... هي علامة من علامات المنافقين ....... بل هي أوضح علامة من علامات المنافقين على الجبين لأنها تكون ظاهرة للعيان وملء السمع والبصر .... هذه حقيقة وواقع لايختلف عليه إثنان وبإتفاق الفقهاء .....
وتزوير عدد المتتبعين على مواقع التواصل الإجتماعي تويتر هي الأخرى علامة من علامات المنافقين كونهم يظهرون خلاف الحقيقي المخفي .. وهو مايعادل معنى إظهار خلاف ما يضمر .....
وقبل يومين كشف موقع "status people" المتخصص في إحصاءات الموقع الاجتماعي "تويتر" وما يتعلق بحسابات المسجلين فيه، عن وجود أعداد كبيرة لمتتبعين أو "فلورز" لمشاهير سعوديين وخليجيين وعرب، هي في الحقيقة حسابات وهمية.
ولم يتجاوز عدد متتبعي أبرز الشخصيات الذين يتربعون على قائمة الأكثر تأثيراً في السعودية عبر موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، مثل الدعاة محمد العريفي وعائض القرني وسلمان العودة، أكثر من ثُلث الأرقام المسجلة في رؤوس صفحاتهم وفق ما نشرته صحيفة "الحياة" اللندنية.
ثم أن تزوير عدد المتتبعين على موقع التواصل الإجتماعي تويتر أيضا يعتبر مرضا نفسيا وتدليسا وغشا ألكترونيا يرغب المزور منه أن يعطي الإنطباع لدى الغير أنه شخصية مهمة مؤثرة على الرأي العام . وأن لديه أتباع وأن آرائه وأفكاره تجد الصدى والمتابعة والقبول .. وأنه بالجملة ذو خطر وينبغي إذن التعامل معه على نحو خاص في كافة الأحوال وأن يصبح مستجاب الطلبات في الدنيا ، ومهاب الجانب لدىى الكبار المسئولين ناهيك عن صغارهم . فيجني من ذلك الكثير لجهة الحصول على الهبات المالية والعينية والعقارية وسرعة إنجاز المعاملات وتلبية الواسطات والإعفاء من فوائد القروض المصرفية الشخصية والعقارية .. إلخ من زينة ومتاع الدنيا الذي لم يعد يخفى أمره على أحد . فمن استطاع أن يخفي رفاهية مسكنه عن عامة الناس لن يستطيع إخفاء رفاهية سيارته .. ومن استطاع إخفاء آثار نعمته وبحبوحته في نفسه على الجنة والناس لم يستطع إخفاؤها في حال زوجاته وأولاده ...
غلطات وهفوات الدعاة .... دعاة القطاع الخاص والفضائيات ممن أنعم الله عليهم ببهاء الطلعة والوسامة والظرافة واللطافة واناقة الملبس وبياض الإهاب والجلباب والطاقية والطرحة لدى البعض .... وآخر صيحات وموديلات الأزياء الغربية لدى البعض الآخر .. غلطات وهفوات هؤلاء الدعاة باتت أكثر كوميدية وإضحاكا من أفلام إسماعيل ياسين.
قبل شهور طارت الأخبار عن وقائع وحقائق محاكمة "الحاكم بأمر الله" د.عائض القرني بتهمة سرقة إنتاج أدبي لكاتبة سعودية إسمها سلوى العضيدان ضمنها كتابه الممنوع "لا تياس" ... يقال أنها هي الأخرى اقتبسته من كتاب لمؤلف أمريكي . فصدمنا ويئسنا جراء واقع القرني وبكينا بالإسلامي ؛ وضحكنا على حال الأخرى بالعربي.
ثم وعلم الناس وشاهدوا على اليوتيوب وسمعوا بآذانهم ، كيف أن داعية القطاع الخاص الآخر عمرو خالد ؛ يتعامل بشراسة النمر الجريح مع فريق عمل ومخرج الحلقات التلفزيونية ، التي يتحدث ويسهب عمرو فيها بعضمة لسانه عن أخلاق الرسل والأنبياء والخلفاء الراشدين والصحابة وتعاملهم مع الناس بالمودة والتؤدة والرحمة ، ومد حبل الصبر والتلطف في القول والفعل .. ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك .. إلخ .... فلم ندري هل نضحك أم نبكي على مصداقية فقدها عمرو خالد وأجبرها أن تجرجر أذيالها متوارية خجلة؟؟
وقبل أسبوع أو أقل فضح أحد رجال الأعمال السعوديين بعض هؤلاء الدعاة وعلى راسهم العريفي نفسه ، أنهم يزورون عدد متتبعيهم على موقع التواصل الإجتماعي تويتر ... وأن أكثر ما يشجعهم أن أسعار شراء عدد المتتبعين على مواقع التواصل قد إنخفضت من ثلاثة بريال إلى مائة بريال واحد. وغداً ربما المائة بالهللة والهللتين في بورصة الإنترنت والتغريد المغشوش.
العريفي و وزير الشئون الاجتماعية السعودي د. يوسف العثيمين
والسبب المباشر الذي دعاني لكتابة هذا المقال أن الداعية المثير للجدل "العريفي" ؛ خرج علينا فجأة لينكأ جرح خطأ مطبعي عادي وقعت فيه جريدة اليوم السعودية (قبل سنتين بالتمام والكمال) .. كان هذا الخطأ المطبعي في نقلها تصريحا لمعالي وزير الشئون الإجتماعية الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين حفظه الله الذي أدلى للصحيفة (قبل عامين) بتصريح قال فيه "لا يوجد في السعودية سوى 600 ألف فقير" ...... فتم النشر على صفحات الجريدة بعد أن سقطت كلمة "ألف" فجاء التصريح على نحو من التحريف بفحوى "لايوجد في السعودية سوى 600 فقير" .
وفي اليوم التالي صححت الجريدة الخطأ في صفحتها الأولى ؛ مثلما يجري في كل حالة مماثلة تقع فيها كل الصحف حتى وهي تنشر تصريحات الرؤساء والحكام والملوك ، ودون أن يتمسك أحد بما طبعته الجريدة على سبيل الخطأ.
ولكن يبدو أن العريفي والناس يدلفون إلى العشر الأواخر من رمضان صعب عليه أن يدلف إليها هو الآخر دون فرقعة إعلامية ترفعه هذه المرة إلى مصاف مقارعة الوزراء ومناطحتهم فوق هام السحب . فخرج علينا في تغريدة مغشوشة جديدة على صفحته في تويتر أمس ليعيد للعامة والدهماء والبسطاء من متتبعيه الحقيقيين والمزورين الحديث والتعليق السلبي على تصريح معالي الوزير على اعتبار أنه صرح بأنه لايوجد في السعودية أكثر من 600 فقير .. وبصيغة كأنَ تصريح معالي الوزير قد صدر لتوه طازجاً كامل الدسم وبنكهة الشوكولاته.
وفي تصريح أدلى به "اليوم" فيصل الفريان مدير تحرير الشئون المحلية في جريدة الوطن قال:- " لقد كان خطأ منا حولت ألـ 600 ألف إلى 600 فقط واعتذرنا للوزير حينها ونشرنا التصريح الصحيح وانتهت القضية في ذلك الوقت ولانعرف سبب إعادة إثارته الآن مجددا" !!
هكذا إذن يتحامل العريفي على الغير ، ويتتبع سقطات الصحف المطبعية ويتغافلها جهلا أو عمدا أو لشيء في نفس يعقوب .. وكان بإمكانه وبكل بساطة أن يتصل من احد جوالاته الفاخرة الغالية الثمن بمكتب معالي وزير الشئون الإجتماعية ليستفسر عن صحة هذا التصريح .. لكنه لم يفعل .. ولماذا يفعل ؟ فهو قد ظن أن الخبر طازة وملهلب وقيل لساعته فاراد عن جهل منه وسوء تتبع أن يستثمره هو لنفسه قبل أن يخطفه منه غيره من الدعاة .. دعاة القطاع الخاص الذين إبتلانا بهم الله في هذا العصر من آخر الزمان.
عجيب أمـر هؤلاء الدعاة القطاع الخاص !!! ألا يعلم سعادة العريفي أن هناك آية (رقم 6) في سورة الحجرات تقول : ( يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين) ؟؟؟؟
مصيبة معظم الدعاة أنهم يصرون على التعامل مع القرآن الكريم وسنة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم ؛ وكأنها موجهة لأناس أخرين غيرهم هم. ولم لا ؟؟ فهؤلاء الدعاة من فرط غرورهم وأوهام الطواويس الكامنة فيهم ؛ يظنون أنهم فوق الشبهات ، وأصحاب حق إلهي ، ووكلاء حصريون لتوزيع فتاوي المزاج ، ومنح ونزع صكوك الغفران ، وأن قناعاتهم الشخصية وتصرفاتهم مرفوع عنها القلم.
ولكن نقول لكل هؤلاء المرضى الطواويس أنكم كاذبون ، ومفضوحون . فالإسلام دين الفطرة ، والقرآن الكريم كتاب مفتوح حيث ما كان وأين ما حل ؛ يقول ها أنذا هلموا إلي معشر المسلمين ، بلا واسطة ، ولا قسيس ، ولا رهبان ، ولا باباوات أو قديسين .. وكذا هي سنة سيد الخلق صلى الله عليه وسلم.
لكن المشكلة أن أرض الواقع مليئة ببعض الجهلاء بأمور دينهم جراء عدم حصولهم على قسط وافر من التعليم ، وعدم موالاتهم لكتب التفسير المتفق عليها بالقراءة . وهو مايجعل منهم هدفا سهل المنال لهؤلاء الدعاة . والمزرعة الأخصب الأنسب التي يخلوا لهم فيها الجو ليصفروا ويبيضوا ويفرخوا .... وحسبنا الله ونعم الوكيل.
ربما آن الأوان لرفع توصيات إلى كافة الدول الإسلامية ، بتقنين ظهور الدعاة والوعاظ على شاشات الفضائيت العامة والخاصة ، وتلك الذبابية التي ملأت علينا سماواتنا بالقاذورات والطنين المزعج الضار ... وفق آلية تفعيل يتفق عليها.
ربما يتطلب الأمر توصيه بإدراج مسألة تقنين ظهور ونشاط الدعاة كبند من بنود أقرب إجتماع لمؤتمر قمة إسلامي ؛ تناقش فيه المسألة على نحو مستفيض حتى يخرج القرار بإجماع الدول العربية والإسلامية بما يحصر نشاط الدعوة والوعظ والإرشاد على الجهات المختصة الرسمية في الدولة ؛ لتلافي إساءة بعض الدعاة من القطاع الخاص و متحلحلي القيد والرباط للإسلام ، سواء بوعي منهم أو لا . بقصد منهم أو بدون ..... فقديما قيل في الأمثال : "عدو عاقل خير من صديق جاهل". ..... وقال الشاعر: " لكل داءٍ دواء يستطب به إلا الحماقة أعيت من يداويها". ولقد تملكنا الضجر وسئمنا بالفعل من حماقة وتسرّع وعدم مصداقية دعاة القطاع الخاص ؛ لاسيما إستغلالهم لجهل بعض النساء بأمور دينهن.
قديما كان الداعية يعتلي المنابر فيسهب ويصول ويجول ، ويرغي ويزبد ، ويهدد ويعِــد ويتوعّد ، ويستميل ويمضي ويميل ويتودد ، ويُضحك ويًبكي قبل أن يهبط خاشعا وقورا من أعلى منبره لينحشر في داخل بيته . فلاتدري ماذا يفعل في الخفاء خلف الأبواب والحوائط والجدران ؛ مقصّر أم مُـزيد ؟؟ وشقيّ هو بداخلها أم سعيد ؟؟؟
.. لكننا اليوم في عصر غير ذاك العصر .... نحن اليوم في عصر الشفافية والمعلوماتية .. وحيث بإمكان شخص نكرة مجهول أن يفجر قنبلة إعلامية مدوية زنة 1000 طن دون سابق إنذار ؛ ودون أن يكون صحفيا شهيرا أو حتى رئيس تحرير صحيفة ورقية ذائع الصيت .... وبمثل ما استفاد دعاة القطاع الخاص من عصر المعلوماتية فإنهم أيضا سيضربون على رؤوسهم بها ، ويتداول الناس هفواتهم وسقطاتهم وأخطائهم وصغائرهم ، وينكشون سيئاتهم وذنوبهم وكبائرهم وموبقاتهم .. وليكن الجميع الآن حذراً ، وعلى قناعة راسخة بالقول المأثور:- "إذا كان بيتك من زجاج فلا ترشق الناس بالحجارة"........ أو كما قال الإمام الشافعي رحمه الله:
لسانك لا تذكر به عـورة امـرئ
فكلـك عـورات وللنـاس ألسـن
وعينـاك إن أبـدت إليـك معايبـاً
فدعها وقل يا عين للنـاس أعيـن
التعليقات (0)