يعتبر انتقاد الإسلام موضوعا مفضلا للمحطات التلفزيونية الأمريكية التي تتبع التوجه اليميني المحافظ مثل محطة فوكس نيوز وهي أشهرها. العاملون في تلك المحطات ليسوا مسيحيين متعصبين بل هم مجرَّد إنتهازيين يسعون وراء الشهرة وراتب شهري مرتفع, ولكنهم في الوقت نفسه يساهمون في الدعاية المجانية للإسلام عبر إثارة فضول مشاهديهم لمتابعة دراسة الإسالم والتعمق فيه. النتيجة هي عكسية لما يرغب به القائمون على تلك المحطات, زيادة إنتشار الإسلام في الولايات المتحدة. المشكلة ليست في توجيه الانتقاد الى الإسلام أو المسيحية بل في التدليس والكذب وتقديم معلومات مضلَّلة. وسائل الإعلام الأمريكية تقوم بتوجيه النقد الى الإسلام دون الالتزام بأدنى معايير المصداقية والموضوعية, نشر أخبار كاذبة عن إكتشاف معسكر تدريب على الجهاد في ولاية ألاباما الأمريكية هو مثال بسيط على ذلك.
هم يكذبون بلا توقف ويثيرون خوف المواطنين الأمريكيين والأوروبيين لأن ذلك الخوف يعني المزيد من الأموال في حساباتهم البنكية. الصحفية والناشطة اليمنية الأمريكية بريجيت غابرييل هي مثال على صناعة الكراهية والكذب. بريجيت زعمت أنها غادرت بلدها لبنان خلال الحرب الأهلية بسبب جهاديين إسلاميين وتلك كذبة مفضوحة لأن أطراف الصراع خلال الحرب الأهلية اللبنانية كانوا ينتمون لتيارات شيوعية ويسارية وقومية ولم يكن هناك فصائل جهادية إسلامية في لبنان حيث أن المتطرفين الإسلاميين من جميع أنحاء العالم كانوا مشغولين في تقديم الدعم للولايات المتحدة في صراعها مع الاتحاد السوفياتي في أفغانستان.
كيف يمكن الوثوق بأشخاص يكذبون أو يناقضون أنفسهم؟
مسألة أخرى مهمة نناقشها وهي المسألة الديمغرافية والتي تعتبر أحد الموضوعات المفضلة من قبل اليمين الأمريكي المحافظ وكذلك الأحزاب اليمينية الأوروبية. الشعوبيون الأوروبيون يتناولون المسألة الديمغرافية بسطحية وكأن على نساء المسلمين الامتناع عن الإنجاب للحفاظ على التوازن السكاني في دول الغرب وأوروبا. بينما يتعامى القادة الشعوبيون في الوقت نفسه أنه ليس للمسلمين أي دور في إمتناع النساء الغربيات عن الإنجاب. وسائل إعلام غربية تروِّج أنهم يحتاجون الى الهجرة وتلك الهجرة هي بسبب تناقص معدل الولادات وبالتالي فإن نموذج الحضارة الغربية مهدد بالإنهيار. السياسيون الأوروبيون الفاسدون هم سبب المشكلة, إنخفاض معدَّل المواليد في الدول الغربية سببه الهجوم الذي تتعرض له مؤسسة الزواج المقدسة بسبب إنتشار وسائل منع الحمل, الإنحلال الخلقي, الإباحية والعلاقات الشاذة هي أحد أهم الأسباب في تراجع عدد المواليد في الغرب. المثير للدهشة أن أولئك الأشخاص الذي يتحدثون عن المشكلة الديمغرافية هم أنفسهم بلا أولاد أو قاموا بإنجاب طفل أو طفلين على أكثر تقدير. في الحقيقة, فاقد الشيئ لا يعطيه.
إن المتطرفين يشكلون أقلية من بين أكثر من مليار مسلم واليمينيون المحافظون ومؤيديهم يرغبون في شن حرب شاملة ضد الإسلام تحت مسمى صراع الحضارات. ولكن على الجهة الأخرى, هناك متطرفون إسلاميون يقومون بدعاية مماثلة ويندمجون في ذلك الصراع ويعيشون دورهم بكل تفاصيله. التطرُّف هو مشكلة موجودة في كل البلدان والأديان. الإسلام أو المسيحية أو اليهودية ليس لها علاقة بالسلام أو بالحرب بل هي إنعكاس لتصرفات الفرد وشخصيته وبيئته التي تربى فيها, هي تعتبر عاملا محفزا. فلو كان معتنق الإسلام شخصا دمث المعشر وحسن الخلق والمعاملة مع الأخرين, سوف يفهم الأخرون الإسلام من خلاله. ولو كان معتنق الإسلام شخصا شريرا< مجرما وقاتلا, سوف يفهم الأخرون الإسلام من خلاله. إذا, دور الدين في حياة الشخص غير ثابت, متبدل, ويعتمد على المعايير الأخلاقية للشخص نفسه. التناقضات في المعايير الأخلاقية عند العرب تثير الدهشة, يمتنعون عن شرب الخمر في رمضان بينما يشربونه باقي أشهر السنة, أو يؤدون فروض الصلاة في رمضان بينما لا يدخلون مسجدا باقي الشهور.
مع تمنياتي للجميع بدوام الصحة والعافية
رابط الموضوع على مدونة علوم وثقافة ومعرفة
https://science-culture-knowledge.blogspot.com/2019/05/blog-post_47.html
الرجاء التكرم بالضغط على رابط الموضوع بعد الإنتهاء من قرائته لتسجيل زيارة للمدونة
النهاية
التعليقات (0)