مواضيع اليوم

الخوف أن تنزلق سوريا إلى اخطر السيناريوهات

حسن الطوالبة

2011-11-14 13:55:09

0

 منذ عشرة أسابيع والأحداث في سوريا تتصاعد بشكل خطير جدا. وهو أمر يثير قلق جيرانها , ونحن في الأردن عشنا هذا القلق منذ الأسبوع الأول , بدأت الأحداث في مدينة درعا الحدودية , وأشارت بعض الجهات بأصابع الاتهام إلى الأردن , وهي اتهامات نفتها الحكومة الأردنية بشدة , لان أمن الأردن من أمن سوريا , أضف إلى ذلك العلاقات التاريخية بين البلدين الشقيقين , والمصالح المشتركة بينهما , كما إنهما كانا في يوم من الأيام ضمن منظومة سياسية وجغرافية واحدة ,ايام الثورة العربية 1916  .

كثيرون من الأردنيين والعرب كانوا ينظرون إلى سوريا ودورها بقدر من الاحترام إن لم نقل الالتزام , بل والدفاع عن مواقفها على الصعيدين العربي والإقليمي , وكتب كثيرون بحماسة لصالح مواقف محور " الممانعة " , في مقابل محور " الاعتدال " , ولكن عندما هبت رياح التغيير في البلدان العربية , واشتعلت الانتفاضات الشبابية , كان معظم الزعماء العرب يتشدقون أن بلدانهم بعيدة عن رياح التغيير , وان كل بلد يختلف عن الأخر , وما عرف هؤلاء أن الإنسان العربي واحد في كل الأقطار , رغم أن المستعمر قسمهم إلى دويلات وأقطار , وصار لكل قطر علمه ونشيده وأمنه وجيشه , وهكذا ولدت القطريات البغيضة .وتكلم بشار الاسد بنفس النغمة , بأن سوريا تختلف عن غيرها . وحول انتفاضة الشعب السوري اسجل بعض الملاحظات :

الأمر الاول المستغرب أن الانتفاضة في سوريا بدأت في الأطراف وليس في المركز كما حدث في تونس ومصر في حين أن مواقع التأثير تكون في المركز وليس في الأطراف. فقد بدأت الانتفاضة في درعا  وامتدت إلى البلدات المحاذية من حدود لبنان والعراق وتركيا . في حين ظلت دمشق تنتظر أسابيع حتى بدأت التحرك , ومن الأطراف أيضا , أي من أطراف دمشق مثل القابون وحرستا .

الأمر الثاني المستغرب أن النظام السوري شارك الأنظمة الأخرى بأن ما حدث هو مؤامرة خارجية, وان أطرافا في الخارج تمد عصابات في الداخل بالأسلحة والتعليمات من اجل إشعال الفتنة في البلاد.ولا ندري لمن تعمل هذه العصابات ؟ فهي تقتل العسكريين والمدنيين على حد سواء .وإذا كانت هذه العصابات تعمل ضد النظام فعملها ضد أركان السلطة من أفراد الجيش والشرطة. والسؤال المهم: كيف دخلت تلك العصابات إلى سوريا, والكل يعرف أن المخابرات السورية تعرف الصغيرة والكبيرة, وتحصي أنفاس المواطنين بالساعة والثواني.

أليس الأمن الوطني من مهمة هذه الأجهزة المعروفة بسطوتها وجبروتها على أبناء الشعب ؟ . وقد أثبتت الأحداث أن هذه الأجهزة لم تكن بمستوى المسؤولية الوطنية , ولاسيما بعد فشلها في اكتشاف جواسيس الكيان الصهيوني , الذين قتلوا شخصيات مهمة من السوريين واللبنانيين وسط العاصمة دمشق .

الأمر الثالث هو أن الجيش السوري الذي سطر صفحة مجيدة عام 1973 , عندما أتيحت له الفرصة للقتال , هذا الجيش ينزلق إلى سابقة خطيرة في سجل  الجيوش الوطنية . ويبدو انه تجسد تجربة الجيش الليبي الفاشلة, ولم يتجسد تجربة الجيوش العربية في تونس ومصر واليمن. الجيش وجد لحماية الأمن الوطني ضد أية مخاطر خارجية , والجيش السوري مهمته الدفاع عن سوريا بمواجهة العدو الصهيوني .

الأمر الرابع هو تخبط النظام في معالجة الأزمة, فبعد أحداث درعا ظل النظام ساكتا

 وكأن الأحداث في أفريقيا , وعندما ظهر الرئيس السوري لأول مرة لم يرثي من قتلوا في درعا وكأنهم ليسو سوريين , وكان المفروض أن يسارع في اليوم الثاني بالذهاب إلى درعا ويسير في شوارعها , بل ويقود الانتفاضة فيها مع المنتفضين ,

ما دام يتحمل مسؤولية قيادة الحزب , الذي من سماته " الثورية والانقلابية والتحرر "

 وهذه الشعارات هي ما يطالب بها أبناء الشعب السوري . ورغم أن النظام أعلن عن حزمة إجراءات , رغم أنها جاءت متأخرة , فإنها لم تترجم إلى ارض الواقع .

وفي الجانب الإعلامي ظل الإعلام الرسمي باهت محدود المساحة , لا يسمح للمراسلين الأجانب بالعمل بحرية . ولذلك أخذت الرسائل النصية, والأفلام المصورة بكمرات المواطنين المصدر الأول في نقل أخبار سوريا, وظل الإعلام الرسمي يدافع عن سلوك النظام, ويتهم الإعلام الأخر بالعمالة لهذا الطرف أو ذاك.

الأمر الخامس الأكثر خطورة هو تسرع النظام في اتخاذ القرارات السياسية السلبية مع دول الجوار, وخاصة مع تركيا, خلاف ما عرف عن السياسة السورية المرنة.

لقد وصلت العلاقات السورية ـ التركية مراحل متقدمة من حيث المصالح المشتركة,

وصار المواطنون في كلا البلدين يدخلون بدون " فيزا " , فهل صحيح أن تركيا تتآمر على سوريا كما تروج لذلك وسائل الإعلام الغربية التي ترش الزيت فوق النار . وهل من مصلحة سوريا تأزيم الموقف مع تركيا بحشدها الجيش على الحدود

والمخيف أن وسائل إعلام وأطراف دولية أخذت تتحدث عن سيناريو خطير جدا , مفاده أن صراعا تركيا ـ إيرانيا سيدور فوق الأرض السورية , وكأن التاريخ يعيد نفسه لأكثر من مئة سنة ونيف , عندما كان الصراع يدور فوق ارض العراق بين

الدولة العثمانية والدولة الصفوية .؟

تتحدث الأخبار المسربة , وهي المشكوك في صحتها أن قوات ( الحرس الثوري ) الإيراني , وقوات ( حزب الله ) اللبناني يقاتلون في سوريا ضد الشعب , وان كنت اشك في صحة هذه الأخبار لان قوات الأمن السورية هي من تقدم المساعدة للآخرين ,ولكني اجزم بدعم هذه القوى للنظام السوري فنيا وإعلاميا ونفسيا . ولكن المثير أن بعض عناصر النظام الإيراني اخذوا يهددون مؤخرا بأن أي مساس بحزب الله لن يسكت عليه. ومثل هذه التصريحات لن تعود على سوريا إلا بالضرر .

بات معروفا أن تركيا وإيران يتنافسان ليأخذ كل طرف دوره في المنطقة, ويصبح اللاعب الأهم فيها. ويتصرف كل طرف حسب رؤيته العقائدية . والأمر الخطير أن ينزلق النظام السوري خطوة ـ خطوة باتجاه استنفار تركيا وإيران للمواجهة في سوريا .

يوما بعد يوم  يفقد النظام السوري شرعيته على الصعيدين الداخلي والخارجي.وصار شعار المنتفضين في كل المدن السورية " إسقاط النظام " بدل المطالبة بالإصلاح.

كما إن تشكيل اللجان لمعالجة الأوضاع المتردية في سوريا ,هي أساليب العاجزين ,

ومن يرمون بالعبء على الآخرين . فالموقف الذي يرضي الجماهير هو وقف أعمال العنف فورا. والإفراج عن المعتقلين, وليس الضحك على الذقون, بالإفراج عن مئات واعتقال الألوف بالمقابل. ولا بد من محاكمة كل من تسبب بأعمال العنف في الأسابيع الماضية.

وأخيرا فمن حق الشعب السوري أن ينال حريته , وكفى للعنف , وكفى لبطش أجهزة الأمن والمخابرات ,لابد من إقالة قادة الأجهزة الأمنية , وقادة الوحدات العسكرية الذين عاثوا فسادا في البلدات السورية من قتل ونهب وتشريد . لا بد من إطلاق الحريات الإعلامية بكل الوسائل, لابد من التفاهم مع تركيا وعدم استعدائها, وحل مشكلة المهاجرين إلى تركيا. وإلا فان فاتورة الحساب ستكون كبيرة وخطيرة على سوريا شعبا ومعارضة ونظاما. 




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !