مهما تعددت أهداف الإنسان في الحياة ، إلا أن هدفه الأسمى والأهم يبقى هو بلوغ السعادة ، فمن الناس من يرى تلك السعادة في المال ، ومنهم من يراها في الحرية ، ومنهم من يراها في العبادة ، ومنهم من يراها في الزواج ، ومنهم من يراها في البنين ...الخ ، وهذه الرؤى جميعًا لاتهم بقدر أهمية الرغبة في تحقيقها فعلياً ، وهنا يكمن الخيط الفاصل مابين السعيد من الناس والتعيس ، لأن السعيد إستطاع أن يقطع أشواطاً كبيرة في سبيل تحقيق رؤيته ، متجاوزاً كل المعوقات والمبررات السلبية ، أما التعيس فيبقى واقفاً في مكانه ، مُكبَّلاً بالخوف من التقدم لتحقيق رؤيته رغم قناعته بأنها تكفل له العيش في سعادة ، مُوهماً نفسه بمُبرراتٍ سلبية تكبل إرادته ، وهذا هو الخوف من السعادة ..
أحدُ أصدقائي مُتقاعسٌ عن أداء فريضة الصلاة ، وكلما فاتحته في الموضوع وسألته عن السبب يبرر ذلك بشكِّه في أن يغفر له الله ذنوبه ، أو أنه سيقبلُ منه صلاته ! ..وطبعًا هو يعتقدُ أن ذنوبه أكبر من مغفرة الله ومن رحمته ، ورغم علمه بما تحمله الصلاة من أسرار وتفريجٍ لهمومه ، ورغم إشادته بالسكينة التي تمنحها لمُقيمها ، ورغم رغبته في تذوق تلك السكينة ، ورغبته في انجلاء سحابة كربه وهمِّه ، إلا أنه يظل خائفاً من تذوق تلك السعادة ، ودعواه تلك ، وخوفه ذاك يجعلانه يعيش تعيساً ...
وصديقٌ آخر يحب فتاة ربطتهما علاقة إستمرت لسنوات ، وكلما إلتقيته أرى حبه لها في عينيه ، فأتقصّد إثارة حفيظته حول الموضوع ، وأسأله عما ينتظره للزواج منها ، فيُخبرني بأنه خائفٌ من الإستقرار ، ومن مسؤوليات الزواج ، وطبعاً تبريراته لاأساس لها من الصحة ، وأعلم أنه يعلمُ علم اليقين أن إرتباطه بمن يُحب كفيلٌ بأن يُريحه من همّ تباعدهما عن بعضهما البعض ، كما أنه يعلم أن سعادة المُحب الوحيدة هي في الزواج ، لكن خوفه من بالإرتباط بمبررات سلبية ، يجعله دائم التعاسة..
هذان نموذجان من نماذج كثيرة تعاني ، رغم علمها بسبل خروجها من حالات التعاسة تلك ، إلى أرجاء فسيحة كفيلة بجعلها تعيش سعيدة ، والخوف وحده ما يُبقيها تعيسة بمُبررات لاأساس لها من الصحة .
تاج الديــــــــن : 2009
التعليقات (0)