مواضيع اليوم

الخنوع بالنيابة..بعد الحروب بالنيابة

جمال الهنداوي

2011-03-12 16:41:32

0

مخيفة هي الارقام التي نسمعها عن كل يوم عن اعداد الضحايا التي تسقط في الحرب الشاملة الجبانة التي يشنها الشاهنشاه الافريقي على شعبه  المحاصر في البر والجو..ومؤلمة هي النداءات والمناشدات التي تصدر من جميع دول العالم لنصرة هذا الشعب المجاهد والتي يبدو انها ليست بالقدرالكافي لكي يبادر العرب..ومن موقع الاخ الاكبر الحريص على الدماء التي تسفح بالمجان على الارض الليبية..للطلب –مجرد الطلب- من مجلس الامن فرض منطقة حظر جوي على طيران النظام درءاً للموت الذي يتساقط من مرتزقة الاخ قائد الثورة على رؤوس المدنيين شبه العزل من الشعب الليبي المنكوب..

نظرة واحدة الى شريط اخبار اعلام الاخ العقيد المزين ببرقيات التأييد الزائفة المستجداة من اعماق ادغال مجاهيل افريقيا او من ما تبقى من العاملين في السفارات الليبية في الخارج كافية لكي تشي بالحقيقة التي اصبحت اكثر استعصاءً على التغييب والتي تجهر بازدياد العزلة التي يعيشها ملك الملوك وتناقضه الكامل مع العالم الحر وتقوقعه داخل اسوار العزيزية التي لن تقوى جدرانها على منع الشعب والتاريخ من قول كلمته الفصل بالنظام الاستبدادي العائلي القمعي المتخلف ..

ولكن هذا الشريط نفسه يظهر –وباحتفالية مبالغ بها -زيارة المبعوث الخاص لصنوه في الاستبداد والتي يبدو انها كانت مقدمة للهجوم الذي طال المتظاهرين المسالمين في ساحة التغيير.. وكذلك نراه يحتفي الكلمات التي تساقطت من وزير خارجية المملكة العربية السعودية كحلية جميلة تطرز هذا الشريط البائس متحدثة عن وضوح التدخلات الاجنبية في الحراك الشعبي الليبي.. وهذا ما قد يجعلنا امام الشك ببواكير حالة من الثورة العربية المضادة للانتفاضة الشعبية وكفاح الشعب الليبي الثائر..

ان تكرار الغمز من قناة الانتفاضات الشعبية والتشكيك في دوافعها الوطنية وطهارتها الثورية قد يدخل الى القاموس السياسي في المنطقة مصطلح الخنوع بالنيابة بعد شيوع الحروب بالنيابة التي اجادت التعاطي معه بعض بلدان المنطقة..

فقد نتفهم-مع بعض الصعوبة في البلع والهضم-مسألة ان تدفع بعض الدول الخليجية بالجيش العراقي لمواجهة مدمرة مع ايران نيابة عنها وعن تقاطعاتها المزمنة مع الجارة الشرقية اللدود..وقد نستوعب ان نفس هذه الانظمة..تضع جيشها -الذي انفق عليه بما يتجاوز نفقات جيوش اسرائيل وإيران وتركيا ومصر مجتمعة-في الدرج وتستنجد هذه المرة بالجيش الامريكي لطرد جيوش صدام من الكويت..

ولكننا لا نستطيع تقبل ان تبذل احدى الدول جهدها لكي تبقى الشعوب خاضعة ومنسحقة تحت عقب جلاديها لكي لا يستنبط من خلال نضالاتها ما يمكن ان يفتح كوة ما تتسلل منها رياح الحرية الى داخل اراضيها المحكومة بالحديد والنار وتسابيح الفقهاء.. وان يكون قدر هذه الشعوب المذلولة المقهورة المغلوبة على امرها بان يتبقى رأسها مغمسا بوحل الديكتاتورية والحكم العائلي المستبد..

وان تدمغ بالعمالة والارتباطات الخارجية محاولات الشعب الليبي-ومن قبله المصري- للخروج من تراكمات البؤس والانطلاق من جديد الى فضاء الحرية مضحيا بدماء خيرة ابنائه من اجل التحرر والمساواة والعدالة الاجتماعية..من اجل ان لا تكون هذه المحاولات سوابق قد يقتدي بها مواطني بعض البلدان الغارقة في النسيان.

ان النظام الليبي الذي ارتكب ما لم يرتكبه نظام من قبل بحق شعبه ومواطنيه من خلال استجلاب قطعان المرتزقة الاجانب لقمع الشباب الليبي الثائر بالاسلحة الثقيلة التي كان يجب ان تكون في حماية الوطن والشعب من الاعتداءات الخارجية..مؤهلا وبامتياز معلن لتكرار ما اقترفه النظام السابق في قمعه للشعب العراقي في انتفاضته المباركة..ذلك القمع الذي اسفر عن استشهاد عدة مئات من الالوف من العراقيين والذي كان ايضا نتيجة لدفع نفس الانظمة المعتقة للمجتمع الدولي الى تجاهل معاناة والام الشعب العراقي المستباح خدمة لاغراضهم واهدافهم الفئوية الضيقة..

لقد سهل المجتمع الدولي على العرب مهمة القيام بواجباتهم تجاه اهلنا في ليبيا  من خلال اصداره سلسلة من القرارات المكبلة للنظام الليبي والحادة من قدرته على المناورة والمقيدة لمصادر تمويله..ولكنه ارسل رسالة واضحة في نفس الوقت بانه ليس مستعدا لموجة جديدة من التشكيك والتباكي والنواح وشق الجيوب على الشرف العربي المضاع والسيادة الوطنية المنتهكة والارض المدنسة والنفط الليبي المسروق..ولا الى مواجهة سيل من الاتهامات بالهيمنة والاستعمار الجديد وتجنيد قطعان القاعدة لضرب مصالحهم في المنطقة بحجة الجهاد المقدس ضد الحملة الصليبية الجديدة..وهي من الامور التي يجيدها النظام الرسمي العربي باقتدار متفرد..

ان الجامعة العربية مطالبة بالبناء على الموقف التاريخي والنادر والاول والوحيد لمجلس التعاون العربي في التضامن مع الشعب الليبي-او اي شعب عربي آخر- من خلال مطالبة مجلس الأمن الدولي بفرض منطقة حظر جوي فوق ليبيا لحماية المدنيين..وتحمل مسؤوليتها الكاملة في حماية الشعب الليبي العزيز من انياب المأساة الحية التي تتكرر في كل لحظة بين انياب القتل والبؤس والعنف ..وهي فرصة تاريخية –وقد لا تتكرر- لان تتخلى الجامعة عن مواقفها النعامية المهينة المستخذية وتتصدى لقيادة العالم الحر في مهمة انقاذ الشعوب من ايدي الطغاة المجانين ..




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !