على الرغم من ايماني بنظرية المؤامرة واللتي دائما ما احتج لأثبات وجودها بقيام دولة اسرائيل العجيب الغريب واللذي يثبت بما لا يدع مجالا للشك تكالب الأمم علينا نحن المسلمين والعرب وتآمرهم علينا بزرعهم هذا الورم السرطاني في جسد امتنا بعملية جراحية مدروسة ومبيتة ومخطط لها تخطيطا جيدا استخدم فيها النفوذ الشيطاني للمال والدين والسياسة بعناية فائقة في صفحة من صفحات ما بات يعرف بصراع الحضارات اللذي لايمكن نكرانه . كما ويصادق على وجود هذه المؤامرة قول الصادق الصدوق اللذي حذرنا منها قبل 1400 عام حين قال صلواة الله وسلامه عليه وعلى آله . ( اذا ثارت فتنة فلسطين تردد في الشام تردد الماء في القربة , ثم تنجلي حين تنجلي وانتم قليلا نادمون ) ابن حماد 63 . الا ان اقحام نظرية المؤامرة في كل امر من امور الحياة بات امرا غير مقنع وغير مقبول .
لقد سمعت نظريات من اناس كثر ومنهم من حملة الشهادات يتحدث عن دور للمخابرات الأمريكية والأسرائيلية في نشر الوباء , ومنهم من يتحدث عن دور لمصانع الأدوية في تطوير سلالات جديدة من الجراثيم في مختبراتها ونشرها بين الناس بعد ان تكون قد اخترعت دواء مضادا لها لكي تبيع هذه المصانع المضاد باسعار عالية وبكميات كبيرة تحقيقا لارباح سريعة . واخرين يتحدثون عن انفلات هذه الجراثيم من مكامنها في مختبرات الأسلحة البايولوجية في احدى الدول الغربية في سيناريو مشابه للعديد من الأفلام الأجنبية . وأن كان السيناريو الأخير ممكن الحدوث ولو بنسبة ضعيفة خصوصا بعد ان قرأت في موقع ال CNN خبرا عن اختفاء عينة جرثومية لأحد الأسلحة البايولوجية من مستودعات الجراثيم في احد مراكز الأبحاث التابعة للجيش الأمريكي منذ ايام الا ان ذلك يمكن ان يندرج تحت بند الأخطاء البشرية الواردة الحدوث لا تحت بند المؤامرة .
ليس من المعقول ان يقوم مركز ابحاث تابع لجيش ما او مخابرات دولة ما بنشر وباء خطير مثل انفلونزا الخنازير في دول مجاورة او حتى بعيدة لمجرد التجربة , فهكذا وباء ممكن ان يخرج عن السيطرة في أي وقت ويبيد الملايين وسيصل بالتأكيد الى داخل حدود هذه الدولة . ولا اعتقد ان عاقلا يجرأ على اجراء هكذا تجربة .
اعتقد ان هذه الآراء مثيرة للسخرية . ومن المثير للسخرية ايضا هذا النقاش الدائر حاليا حول تسمية وباء انفلونزا الخنازير . فلقد انطلقت الأصوات في فرنسا والكيان الصهيوني والدول العربية والأوربية وبعض الدول الأخرى رافضة لتسمية المرض تارة ومقترحة بعض التعديلات عليه تارة اخرى . فهناك من قال ان التسمية فيها اجحاف بحق الخنازير اللتي لا دور يذكر لها في انتشار المرض بصورته الوبائية بالرغم من احتضانها المبدئي للسلالة الجديدة من الوباء , الا ان انتشار المرض السريع عن طريق البشر انفسهم يعفي الخنزير من جزء كبير من المسؤولية .
كما اتحد المسلمون واليهود لأول مرة في تاريخهم في الأعتراض على تسمية الوباء وذلك لحرمة اكل لحم الخنزير في الديانتين , ومن يدري فربما تتسبب الخنازير في المزيد من التقارب بين العرب واليهود بعد هذا الأتفاق على رفض التسمية , وقد يفتح هذا الأتفاق بابا للأمل بالأتفاق على تنفيذ بنود خارطة الطريق وحل القضية الفلسطينية .
الا ان بعض الأقتراحات اللتي اتت من فرنسا وبلدان اوربية اخرى بتسمية المرض بالأنفلونزا المكسيكية قد جوبهت بالرفض من قبل المكسيكيين وآخرين كثيرين من باقي اجزاء العالم لأن هذه التسمية ستلصق بالمكسيك تهمة تطوير ونشر الوباء بالرغم من عدم وجود دلائل كافية يمكن من خلالها التأكيد على ان المكسيك هي موطن الفايروس الأول فقد يكون شخصا مكسيكيا ما قد اتى بالفايروس من خارج البلاد ومن ثم انتشر في المكسيك وبعد ذلك انتقل الى باقي الدول . واعتقد ان المكسيك محقة بالأعتراض على تسمية انفلونزا المكسيك للسب السابق .
كما اننا لو استخدمنا هذا المنطق في تسمية أي مرض جديد يظهر في العالم فأعتقد اننا سنخرج بنتائج غير سارة للكثير من الدول .
فمثلا لو ان حمى جديدة ظهرت في العراق اولا فسنسميها الحمى الفيدرالية . وفي افغانستان سنسميها حمى طالبان . ولو ظهرت في ايران فسنسميها الحمى الأسلامية . ولو ظهرت في مصر مثلا فسنسميها حمى الفراعنة . ولو ظهرت في البرازيل ممكن ان نسميها حمى التانغو , وهكذا . كما انها لو ظهرت في امريكا اولا وكان وقت اكتشاف اول حالة في ليلة يوم السبت فمن الممكن تسميتها في هذه الحالة بحمى ليلة السبت اوحمى ترافولتا . وقانا الله وأياكم من أي مرض
التعليقات (0)