مواضيع اليوم

الخليجيون.. والظلم الجائر

nasser damaj

2010-05-24 21:48:50

0

الخليجيون.. والظلم الجائر
خليل الفزيع

ثمة قناعة شبه ثابتة لدى بعض المثقفين العرب ـ وليس جميعهم حتما ـ وتتمثل تلك القناعة في أن كل واحد من أبناء الخليج في نظر أولئك المثقفين هو أحد اثنين، إما متشدد ومتخلف ولا يعرف سوى الغلو والتطرف، وعلى يديه نكب العالم ونمت مآسيه، وتفاقمت أزماته، وإما عابت ومستهتر كل همه البحث عن ملذاته، والجري وراء بنات الهوى، وليس له من مهمة سوى إرواء عطشه الجنسي بشتى السبل والأساليب، وتبذير ماله في الحانات والمراقص، مع أن من الخليجيين من لا يجد قوت يومه.
وما من مشكلة تقع في أي جزء من العالم إلا وتكون دول الخليج هي المرشحة الأولى لتلقي الاتهامات الباطلة والأقاويل المغرضة والتشويه المتعمد من قبل أولئك المثقفين، ونعترف أن هناك بعض التصرفات الفردية غير المسئولة ترتكب من بعض أبناء الخليج، لا فرق في ذلك بين متشدد ذي يقين راسخ بأنه وحده من يملك الحقيقة وأنه هو الوحيد على صواب والكل على خطأ، وآخر مستهتر ينسى نفسه ووطنه عندما يحط رحاله في أي بلد خارج بلده، لكن هذه الحالات الفردية يمكن أن تحدث لأي فرد عربي أو غير عربي، في أي بلد عربي أو غير عربي، ومتى كان الأفراد يمثلون جماعاتهم أو مجتمعاتهم.. ليمثلوا الدولة التي ينتسبون إليها؟ أو ليمثلوا مجموعة دول تأبى الانقياد لمعوقات التنمية في انطلاقتها المباركة نحو تقدم شعوبها وازدهار أوطانها؟
خليجي يخطئ في أمر ما، في مكان ما.. فيصبح خطأه عاما على كل أبناء الخليج، هذا التعميم المجحف الذي يعتمد على أحكام مسبقة لا تريد أن تغادر عقول بعض المثقفين العرب، لأسباب أو لأخرى.. نقول إن هذا التعميم هو مأزق حقيقي للمثقف العربي، الذي لا يريد لعقله أن يطل من نافذة الحقيقة لمعرفة الواقع كما هو وليس كما تمليه تلك الأحكام المسبقة، ومثل هذه الأحكام غالبا ما تكون أضرارها أكثر على من يتبناها بعد أن يكتشف المواطن العربي عدم مصداقيتها، وما تعنيه من انحراف مزاجي لدى بعض المثقفين العرب.
هذا الموقف السلبي والنظرة المبطنة بالكراهية لأبناء الخليج من دوافعها سوء التقدير لما قد ينجم عن هذا الموقف من آثار ليست في مصلحة الأمة العربية ولا في مصلحة مواقفها ومواجهاتها للتحديات الداخلية والخارجية، فالأمة العربية مثخنة بالجراح، ومرهقة بإرث تركته عصور من التخلف وعهود من الاستعمار، وقد آن الأوان لهذه الأمة أن تتجاوز مظاهر الفرقة والتناحر والخلافات التي استشرى أوارها حتى بين أبناء البلد الواحد، ومثقفو الأمة هم الأجدر بإزاحة كل المعوقات التي تعترض وحدتها وتعيق تكاتف أبنائها، وأبناء دول الخليج العربية هم كغيرهم من العرب في خيرهم وشرهم، لأنهم جزء من أمة واحدة لها ما لها وعليها ما عليها من الحسنات والسيئات، وليس على أبناء الخليج وحدهم أن يدفعوا فاتورة ما يحدث في بعض البلدان العربية من قصور تنموي، أو فساد حكومي، أو ركود اقتصادي، حتى ينالوا صك البراءة مما يوجه لهم من اتهامات وإساءات، لا لشيء إلا لأنهم من أبناء دول الخليج العربية.
مثقفون عرب هم في الطليعة في نظر كل عربي، لكنهم يفاجئون غيرهم بمواقف عدائية ضد دول الخليج، وكأن هذه الدول ملزمة بحل مشاكل بلدان العالم كله لتخرج من دائرة الاتهام الباطل، مع أن هذه الدول وفي حدود مسئولياتها والتزاماتها الإقليمية والدولية لم تقصر في القيام بما هو واجب عليها في هذا الاتجاه.. وما تضخيم بعض المواقف السلبية الفردية سوى وسيلة من وسائل ذلك التشويه، ودليل من أدلة تلك المواقف العدائية، والمستفيد من كل ذلك في أول الأمر وآخره، هم أعداء الأمة والمتربصون بها الدوائر والساعون إلى إضعافها وتمزيق وحدتها، وتعميق جراحها لتظل ضعيفة ولقمة سائغة للدول الكبرى.




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات