مواضيع اليوم

الخلافة الانسانية

شيرين الالفى

2011-09-06 18:17:07

0

 

 

قامت الخلافة الاسلامية منذ اكثر من الف واربعمائة عام ,فى البداية كانت مثال للحق والعدل والحرية,ثم شيئا فشيئا ببطء شديد,تحولت الى الاستبداء بالتوازى مع تحريف مقاصد الاسلام ومعانية,الى ان وصلنا الى الاستبداد الكامل وانهارت الخلافة العثمانية بعد ان ابتعدت عن الاسلام الحقيقى تماما وسادت البدع و الطرق الصوفيه والشركيات المقيتة,فى الوقت الذى انقض العالم الغربى على البلاد الاسلامية وفتك بها ,والعالم الغربى فعل ذلك ليس من دافع الشر المحض, لان كل انسان لا يفعل الشر وهو يعلم انه شر فى الغالب,وانما كما رأى الاسلام من وجهة نظره التى اوصلها له المسلمون انفسهم بتحريفهم لدينهم ,على انه دين مستبد وضد التقدم ,وهو بالفعل الصورة التى وصل لها الاسلام فى تلك الفترة,بالاضافة الى احقادهم القديمة التى توارثتها الاجيال.
يقول عبد الرحمن الكواكبى وهو ممن عاشوا فى نهاية الخلافة العثمانية ونال الشهادة فى سبيل الحرية التى هى من الله,يقول فى كتابه الشهير طبائع الاستبداد ومصارع الاستعباد (وما احوج الشرقيين أجمعين ............... ,الى حكماء لا يبالون بغوغاء العلماء المرائين الاغبياء والرؤساء القساة الجهلاء,فيجددون النظر فى الدين نظر من لا يحفل بغير الحق الصريح ,نظر من لا يضيع النتائج بتشويش المقدمات,نظر من يقصد اظهار الحقيقة لا اظهار الفصاحة,نظر من يريد وجه ربه لا استماله الناس اليه,وبذلك يعيدون النواقص المعطله فى الدين,ويهذبونه من الزوائد الباطله مما يطرأ عادة على كل دين يتقادم عهده,فيحتاج الى مجددين يرجعون به الى اصله المبين البرئ من حيث تمليك الارادة ورفع البلادة من كل ما يشين ,المخفف شقاء الاستبداد والاستعباد, المبصر بطرائق التعليم والتعلم الصحيحين,المهئ قيام التربية الحسنة واستقرار الاخلاق المنتظمة مما به يصير الانسان انسانا ,وبه لا بالكفر يعيش الناس إخوانا.)
بباسطة يدعو الشهيد الكواكبى الى فهم الدين فهما صحيحا حتى يعود الدين الى مكانه الحقيقى بدلا من ان يظن الناس ان الدين هو سبب الاستبداد ويكفرون بالله ظنا منهم بان الدين والاستبداد قرينين, والسبب هم رجال ادعوا انهم رجال دين, وظفوه وحرفوه لخدمة المستبد.
والحقيقة ان الدين بُدئ فى تحريف مقاصده منذ بداية الخلافة الامويه ,فبينما كان ابوبكر الصديق رضى الله عنه لما بويع بعد بيعة السقيفة تكلم ، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:
"أما بعد أيها الناس فإني قد وليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة، والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أريح عليه حقه إن شاء الله، والقوى فيكم ضعيف حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم قط إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم".
كان هَمّ الامويون توجيه الدين الى خدمة مآربهم فى نشر احاديث فى غير مواضعها عن طاعة اولى الامر ,وبدأوا فى توريث الحكم وحولوا الخلافة الى ملكيه مخالفين بذلك شرع الله تعالى فى حكم الارض فى اختيار الأصلح,مما ادى الى الاستبداد باسم الدين واستمر هذا الامر فى التعاظم الى عصرنا هذا.
صحيح انهم قاموا بفتوحات عظيمة وتوسع العالم الاسلامى ولكن لان الاساس لم يكون سليما ولان التوسع كان فى جزء منه عبارة عن تكوين امبراطورية, الدين مسخر لخدمتها ,وصل الحال بنا الى ما وصل اليه فى نهاية الخلافة العثمانية والى ما وصلنا اليه الان.
ليس من اهداف الاسلام صنع امبراطورية كما فهم معنى الخلافة لاحقا بعد عصر الخلفاء الراشدين,انما هدف الاسلام هو تحرير الانسانية من الظلم, لذلك ليس الهدف هو عمل امبراطوية ليحكمها خليفة مسلم اسماً ولا يطبق الاسلام الذى يعنى الحرية والعدالة والشورى وعدم الاستبداد,بل ان الله تعالى اراد عالم خالى من الظلم ايا كان من يحكمه ,وان كان قد جعل الاسلام هو اكتمال الشريعة الانسانية فكل من يطبق اهدافة ومعانية فهو يرضى الله ولعل ذلك يؤيدة قول ابن تيمية ( وأمور الناس تستقيم فى الدنيا مع العدل الذى فيه الاشتراك فى أنواع الاثم أكثر مما تستقيم مع الظلم فى الحقوق ؛ وإن لم تشترك فى إثم ، ولهذا قيل : إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ، ولا يقيم الظالمة وإن كانت مسلمة ، ويقال : الدنيا تدوم مع العدل والكفر ولا تدوم مع الظلم والاسلام(
فالهدف كان تخليص الشعوب من الظلم لا فرض الهيمنه.
والقرآن يوجه كثيراً حديثة الى الناس والى الانسان ولا يختص فئة معينة فى الامور العامة ,وفى ذلك دلاله على عدم احتكار الاسلام على المسلمين ,بل الاسلام دين جاء لاصلاح البشرية,فنحن مطالبين بنشر الحق والعدل حتى بين من لم يؤمن بديننا طالبين بذلك وجه الله فقط,وليس كما يفعل بنو اسرائيل ان يستأثروا بالخير لانفسهم.
لذلك يجب ان نفهم معنى الخلافة الحقيقى حتى نكون على الطريق الصحيح وهى خلافة الانسان المسلم لإصلاح الارض لا لإمتلاك الارض.
ان ما دعانى لكتابه هذه الكلمات هو فكرة او تخيل لمستقبل الحياة على الارض استلهمتها من الاحداث التى تجرى الآن والتى سوف تغير وجه الارض باذن الله تعالى,وهى ان الارض ستكون عبارة عن خلافة انسانيه يتحد فيها العالم بكل اديانه واجناسه على هدف واحد وهو الحق والعدل ,وان نترك فكرة الشرق والغرب ,وفكرة ان يحتكر الشرق الحكم تارة ويحتكرها الغرب تارة ونعيش بنظرية العداوة المستمرة وان من ليس على دينى فهو عدوى ,فلقد اسس الاسلام مبدأ لكم دينكم ولى دين ,على ان يعيش العالم فى سلام وليعرض كل انسان افكارة ,وفى النهاية ستنتصر الفكرة الصحيحة .
احلم بعالم واحد قلبه على الحق والعدل ,يسارع فيه الغربى لنجدة الشرقى المظلوم والشرقى لنجدة الغربى المظلوم.
احلم بتطبيق حقيقى للاسلام على الارض وليس تطبيق شكلى خالى من المضمون.
لقد ضللنا العالم عن المعنى الحقيقى للاسلام طوال قرون لاننا رسمنا صورة للاسلام مخالفة للواقع وسلكنا مسلك بنو اسرائيل الذى حذرنا الله تعالى منه مراراً وتكراراً فى الفهم الخاطئ للاسلام, و والتطبيق الاحمق للاسلام,لقد تميز بنو اسرائيل بالسطحية فى فهم الدين والبحث عن التفاصيل البعيدة عن روح الدين ولقد زمهم الله تعالى فى سورة البقرة وكانت القصة التى بينت لنا تفاهة بنى اسرائيل وبحثهم عن التفاصيل والتى ادت الى تضييق الله عليهم.
لو فهمنا ديننا وطبقناه كما اراده الله تعالى سيسود البشرية بتلقائية وليس بفرض هيمنه,ان الذين يرفضون الاسلام لم يفهموه, ولو فهموه لسارعوا اليه وطبقوه قبل ان يدعوا الاسلام.
انه استخلاف الله للانسان, خلافه انسانيه محضة لا تفرق بين البشر فى تطبيق العداله وتأخذ حق الضعيف من القوى ايا كان لونه ودينه او جنسه.
نريد ان نقرأ سيرة رسول الله بفهم ووعى وتجرد وموضوعيه,ولا نقرأها بهوى وافكار مسبقه عن الاسلام ما انزل الله بها من سلطان.

هذا هو الاسلام الذى نزل نقيا من العصبيات ,والذى سيهدى الجميع الى طريق الله الحقيقى,وفى النهاية يفهم الجميع الاسلام الحقيقى ويسود الاسلام الحقيقى .
وهذه هى لا اله الا الله التى نزل بها الاسلام وكل الانبياء.
اتمنى من الله عز وجل ان تصل فكرتى ورؤيتى وأسأل الله تعالى ان يسود الاسلام الحقيقى العالم .




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

LOADING...

المزيد من الفيديوهات