مواضيع اليوم

الخلافات الدينية وأخوة الإسلام

أيمن عرفان

2013-07-02 05:00:53

0

 {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران 103]. أمر وتوجيه من رب العزة جل وعلا لكل مؤمن، "واعتصموا" العصمة المَنْعَة؛ واعتصموا واستمسكوا والتجئوا، والحبل لفظ مشترك يستخدم لعدة معاني، وأصله في اللغة السبب الذي يتوصل به إلى البغية والحاجة. وأما المقصود بحبل الله هنا ففيه أقوال، قال بعض العلماء أن حبل الله هنا يقصد به القرآن، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أَلَا وَإِنِّي تَارِكٌ فِيكُمْ ثَقَلَيْنِ أَحَدُهُمَا كِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ هُوَ حَبْلُ اللَّهِ مَنْ اتَّبَعَهُ كَانَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ تَرَكَهُ كَانَ عَلَى ضَلَالَةٍ). وقال بعض العلماء أن حبل الله هنا هو الجماعة؛ فإن الله تعالى يأمر بالألفة وينهى عن الفرقة فإن الفرقة هلكة والجماعة نجاة. ويؤكد على ذلك المعنى بقية الآية حيث يقول الله تعالى:" وَلاَ تَفَرَّقُواْ"، وهنا يأمرنا ربنا تبارك وتعالى إذا كنا مؤمنين حقا أن نتمسك جميعا بمنهج الله، جميعا لتدل على أن يكون الجميع على كلمة واحدة وعلى قلب رجل واحد، ويتبع ذلك بقوله ولا تفرقوا، "ولا تفرقوا" في دينكم كما افترقت اليهود والنصارى في أديانهم؛ ولا تفرقوا متابعين للهوى والأغراض المختلفة، فالافتراق يؤدي إلى العداوة والبغضاء ، يؤدي إلى ضعف الأمة، إلى الشقاق والتشتت، ثم يذكرنا ربنا تبارك وتعالى بنعمه علينا والتي من أعظمها نعمة الإسلام، فيقول:"وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا". كيف كان حال الناس قبل الإسلام؟ أحوال جاهلية، تنافر في القلوب، القوي يأكل الضعيف، الكراهية والبغضاء والعصبية الجاهلية، فجاء الإسلام ليؤلف الله به بين هذه القلوب المتنافرة، ليعرفهم بمفهوم جديد هو مفهوم الأخوة في الإسلام، وكأن الإسلام عائلة واحدة تجمع أبناءها تحت لوائها فمن كان مسلما كان فردا من أفراد هذه العائلة وبقية أفراد العائلة إخوانه، أصل كلمة أخ من التوخي أي الحرص، فالأخ يتوخى ويحرص على مصلحة أخيه وعلى منفعة أخيه، حريص أن يدفع عنه الأذى والشرور، روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ، لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يُسْلِمُهُ، وَمَنْ كَانَ فِي حَاجَةِ أَخِيهِ كَانَ اللَّهُ فِي حَاجَتِهِ، وَمَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرُبَاتِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ). سلوكيات لا تكون إلا بين الأخ وأخيه، وروى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ أَبِي مُوسَى عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّ الْمُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كَالْبُنْيَانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا وَشَبَّكَ أَصَابِعَهُ). وروى الإمام مسلم في صحيحه عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّى). أريدك أن تقارن بين حال الناس في الجاهلية وحالهم بعد أخوة الإسلام، فهل يوجد عاقل يترك هذه النعمة العظيمة ويعود بنفسه مرة أخرى إلى أحوال الجاهلية، في هذه الآية يبين لنا ربنا تبارك وتعالى أن هناك طريقان لا ثالث لهما في تعاملاتك مع الناس، إما أخوة الإسلام، وإما الفرقة والاختلاف، فأي الطريقين تختار؟. وقوله تعالى: "وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا" وشفا كل شيء حرفه، وأشفى على الشيء أشرف عليه؛ وهذا تمثيل يراد به خروجهم من الكفر إلى الإيمان. فلو أنهم كانوا قد ماتوا على حالهم السابق من الكفر لدخلوا النار ولكن الله أنقذهم من ذلك بالإيمان، كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ.
وهنا يستوقفنا موضوع الفرقة والاختلاف لنتأمل فيه، أولا: ما هو الخلاف؟ الخلاف يشير إلى عدم الاتفاق على مسألة ما، أن يأخذ كل واحد طريقاً غير طريق الآخر في حاله أو فعله.
ثانيا: أنواع الخلاف: الخلاف نوعان: النوع الأول من الخلاف وهو الخلاف المذموم الذي لا يصح بحال من الأحوال، ولا يجوز التسامح أو التهاون معه، وهو ما كان في أصول المسائل التي يقوم عليها المعتقد والأحكام، مثال ذلك: تقديم العقل على النقل كما يدعو إلى ذلك المعتزلة، أو القول بعصمة الأولياء أو أئمة أهل البيت كما يدعو إلى ذلك طوائف من الشيعة الرافضة، أو ترك الاحتجاج بالسنة كما يدعو لذلك القرآنيين. مثل هذا الخلاف هو الذي ورد عنه النهي في القرآن الكريم كقول الله تعالى: {وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال:46]. {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيّنَاتُ} [آل عمران:105]. كذلك هناك أنواع أخرى من الخلاف المذموم، مثال ذلك خلاف الجاهل للعالم، أو بالجملة خلاف من لا يملك أهلية الاجتهاد والنظر في الأدلة الشرعية، والدليل على ذلك ما رواه أبي داود بإسناد حسن عَنْ جَابِرٍ قَالَ: خَرَجْنَا فِي سَفَرٍ فَأَصَابَ رَجُلًا مِنَّا حَجَرٌ فَشَجَّهُ فِي رَأْسِهِ ثُمَّ احْتَلَمَ فَسَأَلَ أَصْحَابَهُ فَقَالَ: هَلْ تَجِدُونَ لِي رُخْصَةً فِي التَّيَمُّمِ؟ فَقَالُوا: مَا نَجِدُ لَكَ رُخْصَةً وَأَنْتَ تَقْدِرُ عَلَى الْمَاءِ. فَاغْتَسَلَ فَمَاتَ. فَلَمَّا قَدِمْنَا عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُخْبِرَ بِذَلِكَ فَقَالَ: (قَتَلُوهُ قَتَلَهُمْ اللَّهُ. أَلَا سَأَلُوا إِذْ لَمْ يَعْلَمُوا؟ فَإِنَّمَا شِفَاءُ الْعِيِّ السُّؤَالُ، إِنَّمَا كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِرَ أَوْ يَعْصِبَ -شَكَّ مُوسَى- عَلَى جُرْحِهِ خِرْقَةً ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ). ومن الخلاف المذموم أيضا، أن يعرف الإنسان الحق ويصر عن الدفاع عن الباطل، ودليله ما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن بُرَيْدَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ: اثْنَانِ فِي النَّارِ وَوَاحِدٌ فِي الْجَنَّةِ؛ رَجُلٌ عَلِمَ الْحَقَّ فَقَضَى بِهِ فَهُوَ فِي الْجَنَّةِ، وَرَجُلٌ قَضَى لِلنَّاسِ عَلَى جَهْلٍ فَهُوَ فِي النَّارِ، وَرَجُلٌ جَارَ فِي الْحُكْمِ فَهُوَ فِي النَّارِ).
النوع الثاني من الخلاف وهو الخلاف السائغ الذي لا بأس به، ويكون في فروع العقيدة والفقه. ومنه خلاف المذاهب الفقهية، وخلاف الدعاة على بعض الوسائل الحديثة للدعوة، وكذلك فروع العقيدة كرؤية الرسول ربه ليلة المعراج، وهكذا، ولهذا النوع من الخلاف أسباب، منها مثلا أن أحدهم يكون وصله الدليل والآخر لا، أو اختلافهم على حجية هذا الدليل، أو اختلافهم في فهم النصوص كما في قوله: {أَوْ لَامَسْتُمُ النّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيداً طَيّباً} [المائدة:6]. ففسرها الجمهور بأنها الجماع، ولم يجعلوا لمس المرأة مما ينقض الوضوء، فيما أخذ الشافعي بظاهرها فجعل مجرد لمس المرأة ناقضاً للوضوء. مثل هذا الخلاف في الفروع لا بأس به، وقد وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وأقره رسول الله صلى الله عليه وسلم، روى البخاري في صحيحه عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْأَحْزَابِ: (لَا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ الْعَصْرَ إِلَّا فِي بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَدْرَكَ بَعْضُهُمْ الْعَصْرَ فِي الطَّرِيقِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا نُصَلِّي حَتَّى نَأْتِيَهَا. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ نُصَلِّي لَمْ يُرِدْ مِنَّا ذَلِكَ. فَذُكِرَ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَمْ يُعَنِّفْ وَاحِدًا مِنْهُمْ). وروى الإمام أحمد في مسنده عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: (خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَّا الصَّائِمُ وَمِنَّا الْمُفْطِرُ فَلَمْ يَكُنْ يَعِيبُ بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ).
والطامة الكبرى التي ابتلي بها المسلمون اليوم، أن يتعاملوا مع النوع الثاني من الخلاف الجائز على أنه النوع الأول من الخلاف المذموم، فتجد أن الواحد منهم قد يقاطع الآخر ولا يكلمه، بل ولا يرد عليه السلام، وربما اتهمه بالبدعة، وربما قذف أحدهم الآخر بأشنع الألفاظ وربما وصل الشجار بينهم للأيدي بدل الكلمات، كل ذلك بسبب الخلاف على مسألة من مسائل الفروع التي اختلف فيها العلماء، لا تزال المهزلة تتكرر عند المقابر، في الموقف الذي ينبغي أن يكون كله خشوع وخضوع وعبرة وعظة نجد الخلاف بسبب الدعاء للميت سرا أو جهرا، وفي رمضان شهر النفحات والروحانيات يتجدد الخلاف السنوي حول زكاة الفطر حبوب أو نقود، وحول صلاة التهجد سنة أم بدعة.
هناك أمور يجب علينا أن نلتزمها وهذا من الفقه في الدين، منها مثلا أنه ينبغي لنا أن نحسن الظن في علماء الأمة ولو خالفونا في الرأي، روى الإمامان البخاري ومسلم في صحيحيهما عَنْ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِذَا حَكَمَ الْحَاكِمُ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَصَابَ فَلَهُ أَجْرَانِ، وَإِذَا حَكَمَ فَاجْتَهَدَ ثُمَّ أَخْطَأَ فَلَهُ أَجْرٌ). أما أن نجرح العلماء ونقع في أعراضهم ونتهمهم في نواياه لاختلافنا معهم في مسألة من مسائل الفروع فليس ذلك من الإسلام في شيء، في أحداث الفتنة الكبرى والتي وقعت بين صحابة رسول الله نتيجة خلاف في الرأي حول أولويات المرحلة، كان على بن أبي طالب في فريق ومعه مجموعة من الصحابة، وفي الفريق الآخر معاوية بن أبي سفيان وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وأم المؤمنين عائشة، ودارت بين الفريقين موقعة الجمل وقتل فيها طلحة بن عبيد الله، ورَأَى عَلِيٌّ طَلْحَةَ فِي وَادٍ مُلْقَى، فَنَزَلَ، فَمَسَحَ التُّرَابَ عَنْ وَجْهِهِ، وَقَالَ: عَزِيْزٌ عَلَيَّ أَبَا مُحَمَّدٍ بِأَنْ أَرَاكَ مُجَدَّلاً فِي الأَوْدِيَةِ تَحْتَ نُجُومِ السَّمَاءِ، إِلَى اللهِ أَشْكُو عُجَرِي وَبُجَرِي. يعني: سَرَائِرِي وَأَحْزَانِي الَّتِي تَمُوجُ فِي جَوْفِي. ويدخل عليه ابن طلحة بعد الموقعة فيدنيه منه ويرحب به ويقول له: (إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك في الذين قال الله عز وجل فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مّنْ غِلّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} [الحجر:47]). يعلمنا بذلك أن ما يكون بين المسلمين من خلاف في الفروع لا ينبغي أبدا أن يكون سببا في العداء والفرقة وقطع روابط الأخوة والمحبة بين المسلمين، وفي يوم الجمل أيضا نال أحدهم من عائشة رضي الله عنها وسمعه عمار وكان عمار في فريق علي، ومع ذلك إذا به يدافع عن أم المؤمنين عائشة وقال: (اسكت مقبوحاً منبوحاً، أتؤذي محبوبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، أشهد أنها زوجة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنة). وبعد ذلك لما قتل علي بن أبي طالب وأصبح معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين، وقف رجل بين يديه يمدح عليا، فبكى معاوية وجعل ينشف دموعه بكمه، ويقول لمادح علي رضي الله عنه: (كذا كان أبو الحسن رحمه الله).
وقد بين لنا علماء الأمة أن الأمر من الأمور الفرعية طالما كان فيه أكثر من رأي فلا ينبغي لطرف أن ينكر على الآخر، يقول سفيان: (إذا رأيت الرجل يعمل العمل الذي اختلف فيه وأنت ترى غيره فلا تنهه). وروى عنه الخطيب أيضاً أنه قال: (ما اختلف فيه الفقهاء فلا أنهى أحداً عنه من إخواني أن يأخذ به). ويقول أحمد فيما يرويه عنه ابن مفلح: (لا ينبغي للفقيه أن يحمل الناس على مذهب ولا يشدد عليهم). وقال النووي: (ليس للمفتي ولا للقاضي أن يعترض على من خالفه إذا لم يخالف نصاً أو إجماعاً أو قياساً جلياً). وقال يحيى بن سعيد الأنصاري: (ما برح أولو الفتوى يختلفون، فيحل هذا ويحرم هذا، فلا يرى المحرّم أن المحل هلك لتحليله، ولا يرى المحل أن المحرم هلك لتحريمه). وهكذا يجب أن تؤخذ المسائل الخلافية في الفروع ببساطة وعدم تشدد وبأدب، صلى الشافعي الصبح في مسجد أبي حنيفة فلم يقنت ولم يجهر ببسم الله تأدباً مع أبي حنيفة رحمهما الله، وقال القرطبي: (كان أبو حنيفة وأصحابه والشافعي وغيرهم يصلون خلف أئمة أهل المدينة من المالكية وإن كانوا لا يقرأون البسملة لا سراً ولا جهراً). وينبغي على المسلم أن يتواضع لإخوانه، وأن يلتزم طلب الحق في حواره معهم وأن يكون قوله للناس ليناً، ووجهه طلقاً، يقول شيخ الإسلام عن سلف الأمة: (كانوا يتناظرون في المسائل العلمية والعملية مع بقاء الألفة والعصمة وأخوة الدين، ولو كان كلما اختلف مسلمان في شيء تهاجرا لم يبق بين المسلمين عصمة ولا أخوة).

http://youtu.be/kpBzEcAgyNE




التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !