قبل الانتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في1/ 2006 شاهدت برنامج على فضائية مشهورة يتكلم بشكل واضح عن الفساد في السلطة الوطنية الفلسطينية و فـُتِح ملف الفساد، ووقف النائب العام ليسهب في عد المفاسد، و جيء بلقاءات مصورة إسرائيليا لقادة فلسطينيين فتحاويين بارزين وهم يتناولون أحاديث و تترجم مع قادة من الإسرائيليين، و منها لقاءات قديمة أثناء حصار القائد الشهيد عرفات في محاولة لفك حصاره.
هذه الصور التي بـُثـَّت قبل الانتخابات و بشكل مقصود من بعض الفضائيات، أثـَّرت بشكل كبير على الرأي العام الفلسطيني و كثير من الناس خُدعوا بما سمعوا و بما رأوا فانحرف جـُلّ الأصوات للاتجاه المعارض للسلطة و كانت الصدمة بفوز حماس.
أشعر الآن بتغير بدأ يطرأ على الخطاب الإعلامي الفتحاوي، و قد كان مميزاً في قضية غولدستون و السيطرة عليها و على الرأي العام، و قد كانت ضربة ترنح منها الحمساويون عندما أعلن الرئيس عباس بأن هناك من قادة حماس من ترك الشعب ليموت و هرب إلى سيناء، و منذ أن ألقى السيد الرئيس هذه الكلمة وحماس على جميع مستوياتها (من مشعل و انزل) في حالة الدفاع عن النفس لعلمها بدقة الكلام و صحته.
هذا الخطاب الفتحاوي الذي انتقل من الدفاع عن النفس و تلقي الهجوم و الافتراءات الحمساوية ( بالتفريط و الخيانة و الالتقاء مع العدو و كبح جماح المقاومة ....الخ) ، استطاعت فتح في فترة وجيزة إلى قلب المعادلة و بحقائق دامغة كالشمس ضد حماس بفضح مهازلهم أثناء الحرب و كذلك جرائمهم، و فضح الفساد الأخلاقي في أجهزتهم ، و فضح لقاءات سويسرا مع الأمريكان و طبعا اليهود وصفقة الدولة المؤقتة مع الهدنة.
هنا نقول بأن هذا العمل يجب أن يكون هكذا و يرتقي، فلا يظل المستوى السياسي في السلطة على ثقة دائمة بأن الأمور واضحة للناس و لا نحتاج شخص على مستوى الرئيس و الوزراء ليوضحوا للناس الحقائق أو أن نهدر الأوقات في هجوم و رد هجوم إعلامي... فقد كان لهذا أثر مُـدَمِّر، لا زلنا نعاني منه حتى يومنا هذا.
أقول أننا أمام حرب فكرية مُمنهجة ، يشرف علها رموز سياسية و دينية، و إعلامية ، و فكرية ، و علماء نفس و ذوي اختصاص .
فإذا اطل علينا عالم دين ليدلي بتصريح يهدر دمنا و يبيح أعراضنا علينا أن نأتي بعالم دين أكبر على مستوى له اعتبار و مرجعية دينية كعلماء الأزهر أو السعودية ليوضحوا كلام هذا الذي يفتري على الله الكذب ويدحضوه بالحجة و البرهان، لا أن نأتي بشخص لا يعرف أصول الفقه والدين ليرد عليه.
إن تم بث برنامج يؤثر على نفسيات الجمهور ، ننقد البرنامج من خلال أناس مختصين و علماء نفس أعلى و اكبر و نعمم على الناس ليتابعوا البث، ...الخ أي نحارب بنفس السلاح و الفكرة بالفكرة.
علي فتح أن تعيد تفعيل العمل النقابي على كل المستويات، و كذلك الطلابي. فكيف ستستطيع أن تقنع شاب بأنك أخ له في الدين و الوطن وهو قد تم برمجة دماغه و غسل عقله من سن المراهقة في المسجد و المدرسة على انك عدوه؟؟؟ فهذا ليس ذنبه ، إنما هو ذنبنا نحن لأننا تركنا الشباب في المدارس و المساجد فريسة و غنيمة لبرمجة دماغ مشبوهة و دموية.
أسأل هنا : أين باقي الفصائل الفلسطينية و ما هو عملها في المدارس والمساجد ؟؟؟ و كيف يرضعون الحقد عليكم و أنتم تنظرون ؟؟ وهل الدين أصبح حكر عليهم و حرام عليكم التنظير في المساجد و المدارس وأنتم تعلمون بأن الشعب الفلسطيني أقرب للتدين ؟؟؟
إن مهمة الكفاح الإعلامي مهمة صعبة و شاقة و تربط كل الأمور لذلك يجب العمل على رقي الخطاب الفلسطيني الفتحاوي . وعلى ما اعتقد أن فتح بدأت خطوات على هذا الطريق و يجب أن تستمر
التعليقات (0)