دراسة أميركية:
ضغوطنا أبعدت صولاغ من الداخلية..والمالكي يكرر خطاياه!
خبير أميركي يدعو لإجراءات "عقابية":
الخطاب "الرسمي" المعادي لأميركا يهدد العلاقات الأميركية العراقية
بقلم/ ممدوح الشيخ
حذر الباحث الأميركي مايكل آيزنشتات الباحث ببرنامج الدراسات الأمنية والعسكرية بمعهد واشنطن من تنامي الخطاب "الرسمي" المعادي لأميركا في العراق داعيا إلى التحسب للنتائج الخطيرة التي يمكن أن تترتب على ذلك فيما يخص المصالح الأميركية، واعتبر أيزنشتات أن المالكي يتجه بوضوح لبناء جماهيرية عبر هذا الخطاب فضلا عن تقاطع هذا الخطاب مع ممارسات طائفية مثيرة للقلق، فعندما قامت القوات الأميركية في 26 أبريل الماضي بعملية دهم استهدفت ممول "جيش المهدي" في مدينة الكوت العراقية قرر المالكي قرر اعتقال قائد لواء الجيش العراقي الذي وافق على العملية فضلا عن إدانتها بوصفها "جريمة"!
وعكست هذه الواقعة رغبة المالكي المستمرة في تأكيد سيطرته على "قوات الأمن العراقية" ما قد ينذر بأنه ينوي اتخاذ خطوات أكثر حزماً تجاه واشنطن لأجل تعزيز موقفه في حزب الدعوة فضلا عن استغلال المشاعر الوطنية في الشارع العراقي.
وفي ظل غياب الاستقرار الأمني يطرح هذا الاتجاه تحديات بعيدة المدى لعملية الاستقرار والعلاقات الأمنية بين العراق وأميركا. ففي الأشهر الأخيرة احتجزت الحكومة العراقية أعضاء من تجمع "أبناء العراق" الذين كان لهم دور أساسي في المساعدة على تحويل دفة الأمور ضد تنظيم "القاعدة في العراق" وحاليا يجري نقل مسؤولية دفع مرتبات 94,000 من رجال هذا القوات إلى الحكومة بصورة بطيئة؛ وحتى الآن، لم يتم تعيين سوى 5,000 شخص من بين 20,000 من أعضائها.
لكن أخطر الاتهامات الموجهة للمالكي أنه يقوم بتعزيز سيطرته على الحكومة وقواتها الأمنية بتعيين الموالين له في مناصب رئيسة، وبذلك يكون قد شكل حكومة ظل قامت "باغتصاب" العديد من مسؤوليات الحكومة والبرلمان. وهو بالفعل قد عيّن أنصاره في الوظائف العليا في "قوات الأمن العراقية" وأجهزة الاستخبارات. كما أسند لمكتبه المسؤولية عن التحري عن كبار الضباط وترقيتهم وهي من مسؤوليات البرلمان. وفي أحيانٍ كثيرة يتجاهل رئيس الوزراء أيضاً التسلسل الرسمي لقوات الأمن العراقية ويتصل مباشرة مع قادة الألوية ويحتفظ بحق التدخل في مسائل تكتيكية. وهو فوق ذلك فقد ضمَن أن تكون "اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب" وقوات لواء بغداد المسؤولة عن أمن "المنطقة الخضراء" تابعة له بصورة مباشرة.
وأثارت جميع هذه العوامل مخاوف بأن المالكي يقوم فعليا بإنشاء جيش مسيس يكون موالي لشخصه بدلاً من الولاء لمؤسسات وقوانين، وبذلك يضع الأساس لعودة النمط الاستبدادي في السياسة العراقية. وقد أظهر المالكي "انتهازية" متواصلة ونهجا براجماتيا قاسيا وفقاً لمبدأ "اكسر واصلح"، أي التخلي مؤقتا عن الحلفاء دون حرق الجسور نهائيا، كما أنه عمل على توسيع سلطته بإنشاء مجالس دعم قبلية في المناطق السنية في الشمال ومجالس مماثلة في المناطق الشيعية الآمنة نسبياً في الجنوب، في ظل معارضة قوية من "المجلس الأعلى الإسلامي في العراق" والأكراد.
وهو في مسعاه لبناء كاريزما جماهيرية يصطدم أيضاً بين الحين والآخر مع واشنطن وتشير جميع
القرارات الأمنية التي اتخذها كالتطهير الطائفي بين "قوات الأمن العراقية" عام 2007، وفرض حظر على دخول الوحدات الأميركية إلى مدينة الصدر إلى استعداده لـ "التناوش" مع أميركا. وهو مستقبلا قد يميل مرة أخرى لتحديها لتعزيز موقفه في حزبه لفرض الانضباط على فروع الحزب المحلية، والحصول على تأييد الرأي العام.
والنصيحة التي يقدمها مايكل آيزنشتات أنه يتعين على أميركا القيام "بصورة دقيقة" بموازنة عدد من الاعتبارات المتعلقة بعلاقتها مع المالكي والحكومة العراقية وغيرها من الجهات الفاعلة والأطراف المعنية الرئيسة، فالمالكي ليس أول سياسي عراقي يسعى للسيطرة على "قوات الأمن العراقية" ويتجاوز الإجراءات الدستورية لتعزيز جدول أعماله الشخصي أو الحزبي فقد سبقه بيان جبر صولاغ من "المجلس الأعلى الإسلامي في العراق"، خلال توليه منصب وزير الداخلية (2005 - 2006) إذ قام بتحويل العديد من الوحدات المسلحة لميليشيات طائفية. وفي النهاية تم حل المشكلة بنقله لوزارة أخرى عبر وضع ضغوط أميركية "هادئة لكن مستمرة". واعتماداً على هذا المثال، ينبغي أن تقوم السياسة الأميركية المستقبلية في العراق على دعم إجراء انتخابات حرة ونزيهة، بينما تقوم بتعبئة ضغوط هادئة لكن مستمرة عبر مساعدات واستثمارات مشروطة لضمان التزام الحكومة الجديدة بسيادة القانون، واتباع الإجراءات الدستورية، ويجب على أميركا العمل مع المجتمع الدولي وبعثة الأمم المتحدة لتحقيق هذه الأهداف، وتحقيق أقصى قدر من التأثير والحد من مصداقية الخطابات الشعبية المناهضة لأميركا!
ولفت مايكل آيزنشتات النظر إلى أن المالكي عقد اتفاقات تجارية وعسكرية مع شركاء دوليين آخرين كفرنسا وروسيا وإيران، وينبغي على أميكا أن ترد بأن تعلن أنها "ليس لديها شريك سياسي مختار في العراق" وأن تؤكد أنها ستعمل مع أي رئيس وزراء ومع أي كتلة برلمانية أو تكتل أحزاب سيفوز في انتخابات حرة ونزيهة، طالما التزم هذا الطرف المبادئ المذكورة أعلاه. وسيتوجب على واشنطن غالبا تحمل خطابات مناهضة لأميركا كهذه من حين لآخر من مسؤولين عراقيين، ولكن في الوقت نفسه ينبغي عليها أن تبلغ الحكومة العراقية بهدوء أنه في حال استمرار هذا الخطاب فقد تقرر "رسميا" حجب الدعم العسكري والمعلومات الاستخباراتية الحيوية عن القوات العراقية، سيكون من المفيد قيام قادة الجيش العراقي المحترمين بتوضيح هذه النقطة لنوري المالكي، ورسم الخطوط العريضة للعواقب الوخيمة المحتملة على العراق نتيجة هذا الخطاب!
التعليقات (0)