الخصخصة باب من أبواب الفساد
شيباً و شباباً ، نساءاً و رجالا ، مثقفين و مثقفات ، شيوخ و وجهاء عشائر وحدتهم هويتهم العراقية فشقوا جدار الصمت ، و خرجوا في تظاهرات عمت اغلب مدن البلاد ، تظاهرات أشبه ما تكون بالملحمة التاريخية ، و التي تنم عن قوة ، و صلابة التلاحم الاجتماعي بين العراقيين ، و تدل على مدى شعور المواطن بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه في حفظ وحدة البلاد أولاً ، وعدم المساس بها ؛ كونها من الخطوط الحمراء التي لا تقبل المساومة أو المجاملة عليها ثانياً ، هذا التلاحم الذي تجلى اليوم في الوقفات الاحتجاجية و المظاهرات السلمية التي خرجت تندد و بشدة ، و تستنكر السياسات العقيمة التي تنتهجها قيادات العراق ، و التي عاثت فيه شتى أشكال الفساد و الإفساد يقابلها صمت مرير للمرجعية الإيرانية في العراق التي كانت ، و لا تزال تشكل جسراً لعبور السياسيين الفاسدين عليها لبلوغ كرسي السلطة ، و بناء أمجادهم الخاوية على أكتاف تلك المرجعية الغريبة الأطوار ، و اليوم عندما يواجه الشعب بحزم و قوة مخططات حكومتها الفاسدة الساعية لسرقة أمواله تحت مسمى خصخصة الكهرباء التزمت جانب الصمت ، و تركت المتظاهرين في مواجهة السياسيين الفاسدين ، سرقة تحت عباءة القانون و التي تُثقل كاهل المواطن الفقير ، و تفرض عليه معاناة جديدة تكمن بضريبة التيار الكهربائي العالية الأجور ، بينما تذهب الموازنات المخصصة لوزارة الكهرباء سنوياً لجيوب قادة الكتل و الأحزاب الفاسدة ، ويبقى المواطن يدفع ضريبة الفشل السياسي ، و التخبط الحكومي و التخطيط الغير مدروس ، فأين مَنْ شبه هؤلاء الفاسدين بملائكة الرحمة ؟ أين محرم الزوجات على أزواجهن ،و محرم الصوم و الصلاة على كل مَنْ لا ينتخب سراق المال العام ؟ مظاهرات تطالب بإنهاء الفساد و عدم التلاعب بمقدرات البلاد ، و أن تكون الحكومة على قدر المسؤولية طبقاً لما نصَّ عليه الدستور العراقي ، و تعمل على إعادة تأهيل البنى التحتية ، و المشاريع الاستيراتيجية ، و توفير الخدمات الضرورية للعراقيين كافة ، و إخراج البلاد من كل الأزمات التي تعصف بها ، أيضاً طالبت الجماهير المتظاهرة في الوقت نفسه المرجعية الفارسية بأن تتخذ موقفاً حازماً تجاه السياسيين ، و أنْ تكون قولاً و فعلاً عوناً للمظلومين على الظالمين ، لا أن تكون سيفاً مسلطاً على رقاب المحرومين و المشردين من نازحين و مهجرين ؟ فيا أبناء شعبي المظلوم كفانا نتكل على أصنام بشرية لا خير فيها ، و لنشمر عن سواعدنا كي نطرد الفاسدين بمختلف مسمياتهم و نبني عراقنا ، و نعيد كرامته التي سلبت ، و صورته المشرقة التي شوهت .
بقلم // الكاتب السياسي و الناشط المدني سعيد العراقي
https://www.youtube.com/watch?v=c3tyXx8zKrw
التعليقات (0)