قصص الخزعبلات تستهوي المصريين منذ ألاف السنين، فبمجرد أن يطلق احد العوام قصة خرافية حتى ينطلق الجميع في ترديد القصة، بعد أن يضيفوا إليها بعض التوابل والمشهيات، ويكملوا لها عناصر التشويق والإثارة، وسريعا ما تستقر القصة في الشارع، لتصبح حقيقة ومثال للاستدلال.
وفي الوقت الراهن تفشت الأساطير والخزعبلات بين العامة وخاصة أنصار تيار الإسلام السياسي، فما أن اطلق قيادات الجماعة القصص المختلقة بدأ من "رؤيا جبريل عليه السلام" في ميدان رابعة العدوية مرورا برؤيا الرسول محمد صلي الله عليه وسلم يطلب من مرسي أن يؤم الصلاة ختاما بدعوى مرشد الجماعة رؤية النبي في منامه بعد الحكم عليه بالإعدام، وكذلك تبركات ميدان رابعة العدوية ودلالات التفجير يوم الجمعة ومحاسن ذلك وجدواه للإسلام، وغيرها من الأساطير التى لها جذور ضاربة فى المجتمع منذ الاف السنين.
فمثلا يقول الجبرتي عن إحدى خزعبلات المصريين قبل قرنين من الزمان.." كان بعض الجند المصريين قد وقعوا اسري الحرب فى بلاد الفرنجة، وذات يوم اشتروا عنزة ليذبحوها في مجلس الذكر الذي عقدوه قربانا لله كي يفك أسرهم ويعيدهم إلى ديارهم، ولكن الحارس القائم على أمرهم أبى عليهم ذلك واستولى على العنزة ومضى بها إلى بيته، فلما أوى الى فراشة، رأي في منامه رؤيا مزعجة، فأدرك على الفور ان العنزة مباركة، فلما أشرق الصباح أعاد العنزة الى الجند ثم أطلق سراحهم، وزودهم ببعض المال كي يستعينوا به على الرحيل الى بلادهم، فاستقلوا مركبا الى مصر، ومعهم العنزة المباركة، فلما بلغوا القاهرة، ذهبوا من فورهم الى مسجد السيدة نفيسة، وقضوا ليلتهم بجوار ضريحها، وفي الصباح وجدوا العنزة قد اعتلت المنارة، وسمعوها تكلم الناس، وكان للمسجد خادم ذكي اسمه الشيخ عبد اللطيف، أدرك الفائدة العظمى التي ستعود عليه من ترويج قصة العنزة، فأشاع بين رواد المسجد أن السيدة نفيسة خاطبته من مقصورتها وأوصته بالعنزة خيرا، وذاعت الخرافة بين أهل القاهرة، فتوافد على المجلس لرؤية العنزة والتبرك بها، والتبرع لها بما تجود به اريحتهم.. وانفتح باب الرزق الرغيد أمام الشيخ عبد اللطيف، فوضع تسعيرة محددة لكل درجة من درجات القرب من العنزة أدناها الرؤية المجردة، وأعلاها المسح على جسمها، والحصول على بركاتها وانهالت الهدايا والنذور على الشيخ عبد اللطيف!.
مثل هذه الخزعبلات وغيرها مرض خبيث نال من المجتمع عبر العصور، وبعد انتشار المنابر الإعلامية المتنوعة في العصر الحديث، وجب على كل صاحب قلم ومايكروفون التصدي تبني رسالة مكافحة الخزعبلات بالحجة والمنطق، وتنوير العامة وكشف ألاعيب المتلاعبين بالوعي العام.
التعليقات (1)
1 - ghada
ghada - 2014-05-05 15:52:02
دا حقيقى احنا الشعب صاحب النصيب الاكبر فى ترويج الخزعبلات