الخريطة الطائفية لولاءات فرق الجيش العراقي:
الثامنة للمالكي..الخامسة للحكيم..الرابعة لطالباني..والسابعة للصحوة
جامعة الدفاع الوطني الأميركية
الجيش العراقي طائفي.. ..والحرب الأهلية قادمة!
بقلم/ ممدوح الشيخ
تهديدات وتحذيرات وتنبؤات جميعها تشير إلى طريق الحرب الأهلية!
فالعراق الجديد لم يزل هشا سياسيا، لكن الأخطر أنه هش من ناحية "الأمن الطائفي" داخل قوات الشرطة والجيش، فالأحزاب والقوى السياسية المختلفة تتقاسم النفوذ فيهما بشكل يهدد مستقبل العراق كله، والخطر لا يقتصر على الأرقام ودلالاتها بل هو خطر ماثل واقعيا. وعلى سبيل المثال في يونيو 2009 اشتبك السكان الأكراد وقوات البيشمركة مع وحدة للجيش العراقي يقودها العرب حين اقتربت من مدينة مخمور ذات الغالبية الكردية التي تقع بين المدن الشمالية المضطربة أي كركوك والموصل.
اعتقد الأكراد أن تلك الوحدة العسكرية كانت تحاول دخول المدينة وفي بلد يفترض أنهه موحد ويخضع لدستور واحد تفاوض القادة الأكراد والمسؤولون العراقيون في بغداد والجيش الأميركي لمدة 24 ساعة حتى تم تحويل الوحدة العسكرية التي يقودها العرب. المتحدث باسم القوات الأميركية في تكريت ديريك تشينغ قال إن الفرقة العراقية السابعة كانت متوجهة لمحافظة نينوى ما ولد مشاعر خوف وقام ما يقارب 100 شخص و30 سيارة بغلق الطريق. وحسب هذه الرواية الأميركية فإن كتيبة من الفرقة السابعة توجهت للتمركز في مخمور، وتم إيقافها من قبل جنود الفرقة الثانية المؤلفة من وحدات البيشمركة و"وقع الحادث في منتصف الليل وأصاب الناس الذعر"!!.
وقال مسعود بارزاني تعقيبا على الواقعة الخطيرة: "تعليماتنا كانت واضحة ليس من حق الجيش العراقي ولا المليشيات الكردية اتخاذ قرار من جانب واحد والانتقال إلى هذه المنطقة".
والمشكلة ليست مقصورة على "الجيش العراقي الجديد" بل تمتد خيوطها في قوات الشرطة، فبينما يلوح في الأفق العراقي دائما خطر النزاع الطائفي واسع النطاق، تكافح القيادة العسكرية الأميركية لتطهير قوات الأمن العراقية من التحزبات الإثنية والدينية، وتواجه جهودها احتمالاً مفاده أنها ربما ما تزال تسلح طرفا واحدا قد يكون طرفاً في حرب أهلية محتملة. وكان الأميركيون قد تخلوا عن السيطرة على تفعيل قوات الشرطة لصالح الحكومة العراقية.
وبرفع يد القوات الأميركية عن قوات الشرطة أصبح الإشراف عليها في يد قيادات الأحزاب الشيعية الدينية، وتحاول القيادة العسكرية الأميركية اختبار سلسلة من الحلول الممكنة، ببنها تحديد حصص معينة للأطراف بهدف زيادة عدد المجندين من السنة العرب في الشرطة، مقابل تسريح قادة الشرطة الشيعة الذين يتساهلون مع الميليشيات. ويبدو أن الإصلاح لن يكون ممكنا دون آثار مؤلمة، فالجهود المزمعة ستفضي إلى تقليص النفوذ الطاغي للسياسيين الشيعة الذين يقاومون بشراسة محاولات إبعادهم عن السيطرة على قوات الأمن.
وقد تستغرق محاولة إصلاح قوات الشرطة سنوات لأن الولاءات الطائفية أصبحت متاريس ضخمة كما يعترف مسؤولون عسكريون كبار. ومنذ أشهر يتم تسجيل عدد أكبر من الطلبة السنة العرب في أكاديميات الشرطة. ويقول قادة عسكريون أميركيون إنهم علموا متأخرا أن 7500 عضو من كتائب النظام العام التي تقوم بواجبات مشاة خفيفة هم من الشيعة. وكانت هذه القوات قد تشكلت في عام 2004 وتم توسيعها بعد أن سيطر المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى على وزارة الداخلية في عام 2005. ولفترة ليست بالقصيرة كان للكتيبة الثانية من كتائب النظام العام سمعة سيئة، إذ اتهمها العديد من العراقيين، وبخاصة بين العرب السنة إذ اتهمت بتعذيب معتقلين وتنفيذ أعمال قتل غير قانونية. وكان مجندوها من رجال تم ضمهم من منطقة شرق بغداد الموالية لرجل الدين الشيعي الشاب مقتدى الصدر
وقال مسئول عسكري أميركي: "عندما جندناهم لم نسأل هل أنت سني أم شيعي؟ وتبين في النهاية أن 99% منهم كانوا من الشيعة"!! وهذا لا يعكس تركيبة سكان العراق.
وفي سياق التنبؤ بمستقبل العراق في مرحلة ما بعد الانسحاب التام (2011) ما زال شبح الحرب الأهلية ماثلا بقوة، ليس فقط بسبب التركيبة السكانية وتقاطع الأجندات السياسية، بل يأتي الخطر هذه المرة من داخل الجيش وقوات الشرطة بسبب الطبيعة الطائفية الطاغية لهما. فقد حذر تقرير أميركي، سيصدر عن جامعة الدفاع الوطني الأميركية خلال هذا الشهر، من أن قوات الجيش والشرطة العراقية مقسمة طائفيا والتقرير إن هذا الوضع "وصفة لحرب أهلية". التقرير أعده الضابط العراقي نجم الجبوري أحد قادة العسكريين الذين ساهموا بنصيب كبير في إنجاح أول حملة لمكافحة الإرهاب في العراق بعد الغزو الأميركي، كما وجه ه الرئيس بوش الشكر في خطاب في 20 مارس 2006 قائلا إن أميركا تشعر "بالفخر لحلفاء مثله".
ويشير نجم الذي كان مسؤولا عن قضاء تلعفر التابع لمحافظة نينوى إلى أن الفرقة الثامنة المتمركزة في الكوت والديوانية مثلا، تابعة لحزب الدعوة، وفيما تخضع الفرقة الخامسة في ديالى إلى تأثير المجلس الأعلى، ويظهر نفوذ حزب الاتحاد الوطني الكردستاني واضحا على الفرقة الرابعة المنتشرة في صلاح الدين، فيما تتأثر الفرقة السابعة بنفوذ حزب الصحوة العراقية في الأنبار. وهذه التركيبة الطائفية توفر لهذه الأحزاب والقوى السياسية الهيمنة على الشعب العراقي، لأن العديد من القادة والجنود الذين تم تعيينهم من قبل أحزاب.
ويخلص التقرير إلى أن القوات الأميركية فشلت في استخدام ما تبقى من نفوذ يتصل بعمليات التدريب في عزل الجيش والشرطة من العراقيين عن تأثير الشيعة والسنة والأكراد.
والجهود الأميركية لإعادة بناء قوات الأمن العراقية ركزت على الكثير من التدريب والمعدات اللازمة، لكنها أهملت أكبر تحد يواجه قدرة القوات للحفاظ على الأمن عند انسحاب القوات الأميركية وهو تسييس قوى الأمن الداخلي من قبل الأحزاب الطائفية العرقية.
وهذه العلاقات تشكل اكبر عقبة أمام قوات الأمن العراقية في سعيها لتصبح حقا مهنية وذات طابع وطني. وهناك قوة عسكرية مهنية تتولى أفضل فرصة لكسب والاحتفاظ بثقة الشعب، لكن القوة التدميرية تمزقه مع الولاء الطائفي والعرقي
ما يضفي على هذه التقرير قيمة خاصة انه كاتبه شخص نجح في وقف الحرب الأهلية الوحشية في منطقته بقيادته غير الحزبية وإصلاحه جهاز الشرطة، ولولا إصلاحاته لما أمكن انتقال تلعفر للهدوء ولما اختفى منها العنف الطائفي".
محتوى التقرير أثار جدلا وردود أفعال متناقضة، بعض معارضيه قالوا إنه كانت هناك جدية شديدة في تطهير القوى الأمنية من الضباط والموظفين ذوي الانتماءات الطائفية بالمعنى السياسي وتم طرد آلاف، والثقافة السائدة الآن هي باتجاه تشجيع الوعي الوطني والولاء للقانون البلاد وليس الانتماء الطائفي أو العرقي.
أما مؤيدوه فيرون أن ما فشلت أميركا في تحقيقه هو منع قوى الأمن الداخلي من أن تتحول إلى ساحة قتال بين الطوائف الكبرى في الصراع على السلطة والبقاء. وبخاصة أن العلاقة بين المدنيين والعسكريين في منطقة الشرق الأوسط ترتكز على مفاهيم مختلفة جذريا عن المفهوم الغربي. فالجيوش الغربية طورت ثقافة السيطرة السياسية على القوات المسلحة، بينما في الشرق الأوسط هناك ثقافة أن من يملك القوات المسلحة يمتلك السياسة.
التعليقات (0)