هل العرب يعيشون في مأزق؟ وهل طرح عمرو موسى باقامة منطقة جوار عربي هو الحل الأمثل للخروج من هذا المأزق؟ أم طرح الرئيس علي عبد الله صالح بإقامة اتحاد عربي بين الدول العربية؟ وهل تبنت أصلاً القمة العربية في سرت أي من الطرحين؟ وأي من المحورين يعاني من مأزق الاعتدال أم الممانعة أم كليهما؟ وما هي الرؤية المثلى للخروج من المأزق إن وجد؟
إنتهت القمة العربية في سرت، وتوقف الأمل العربي الذي كان يعوّل على الثقافة الثورية التي يمتلكها الرئيس الليبي معمر القذافي، والذي انتصر على اوروبا بعظمتها، ولكنه لم ينتصر لعروبته أو لدينه، وانما انتصر عندما شعر مصالح شخصه وعائلته ونظامه في خطر، وكانت الأزمة بين سويسرا وليبيا قد اندلعت إثر توقيف نجل العقيد القذافي هانيبال القذافي وزوجته في يوليو/تموز 2008 في جنيف بناء على شكوى تقدم بها اثنان من خدمهما بدعوى تعرضهما لسوء معاملة وتطورت الأزمة بين الطرفين، وبموجبها قررت سويسرا وضع الرئيس الليبي وأسرته والعديد من نظامه ضمن القائمة السوداء والتي بموجبها يحرم هؤلاء من الحصول على تأشيرة شنغن الأوروبية، وعلى الفور قرر القذافي سحب خمسة مليارات دولار من البنوك السوسرية، ووقف امدادات النفط، فتأثرت مصالح أوروبا، فتدخلت العديد من الدول الأوروبية ومنها أسبانيا كونها رئيس الاتحاد الاوروبي للدورة الحالية، وعلى الفور انتهت الأزمة، وانتصرت الارادة الليبية، والتي قد تكون مثالاً يحتذى به عند العرب والمسلمين، فورقة تهديد المصالح قد تجني على العرب والمسلمين الكثير من الفوائد وتحقيق المصالح وانهاء النزاعات والصراعات في المنطقة.
العرب لا يعيشون في مأزق، وإنما يعيَّشون في مآزق، فالغرب الصليبي هو صانع القطرية، وهو عدو الديمقراطية، وقاهر التقدم، وسارق الثروات، وفارض الأنظمة الشمولية على الشعوب العربية، وهو صانع الأزمات والمحاور والأحلاف.
فما يمتلكه العرب من مقومات، لا تمتلكه سيدة العالم الولايات المتحدة الامريكية، فالعرب متوحدون في الدين واللغة والعرق وفي العادات والتقاليد، ويمتلكون الثروات التي تؤهلهم للاكتفاء الذاتي في شتى المجالات، وتساعدهم الجغرافيا السكانية والسياسية، فهم ثروة بشرية هائلة، وموقع جيواستراتيجي متميز.
بينما الولايات المتحدة الامريكية تصنف من دول التجميع، فهي عبارة عن قوميات متعددة وثقافات مختلفة، وهذا عنصر ضعف في بعض الأحيان.
وهنا نتساءل هل طرح عمرو موسى الأمثل للخروج من المأزق، أم طرح علي عبد الله صالح، حيث وعدت القمة العربية في سرت دراستهما وعرض التوصيات في قمة قد تعقد في سبتمبر القادم.
أعتقد أن كلا الطرحين ضرورين، ولكن ينبغي أن تسبقهما خطوات عملية على الأرض، وهنا تكون هنا المعضلة، فتركيا وايران هما دولتين ديمقراطيتين، يمتلكان ثقافة سياسية مغايرة عن العرب، لديهما من القوة العسكرية والاستراتيجية الكثير، ولذلك ينبغي على العرب قبل الانفتاح على الدولتين الكبيرتين، تحقيق التقدم في مجالات الديمقراطية وحقوق الانسان، والتنمية المستدامة، وانهاء خلافاتهما السياسية، وتفكيك المحاور والأحلاف السياسية، من خلال تبني طرح الرئيس اليمني ببناء اتحاد عربي، وتفعيل العمل العربي المشترك، وتشكيل برلمان عربي، وتبني استراتيجية عربية موحدة تكون ناظم للعلاقات الداخلية والخارجية وتحديداً العلاقة مع إسرائيل.
إن المأزق العربي والذي يعاني منه الجميع، ورياحه تؤثر على المصالح العربية، وتستفيد منها اسرائيل والغرب الصليبي، لذلك نرى أن الأمثل للخروج من المأزق الحالي يتطلب من الشعوب والأنظمة الهروب الى الأمام، فمحاربة التدخل والتبعية للغرب تتم بتحالف عربي مع باقي الدول الاسلامية، والخروج بجامعة اسلامية لمواجهة التحديات الغربية الصليبية، لأن الاسلام هو الوحيد القادر على وقف استنزاف المقدرات العربية والاسلامية، ولجم العدو الاسرائيلي الذي يعمل على تهويد المقدسات الاسلامية، والتي هي ملك ووقف لكل عربي مسلم.
حسام الدجني
كاتب وباحث فلسطيني
Hossam555@hotmail.com
التعليقات (0)