ان من القواعد العملية التي يطبقها الصهاينة منذ عقود " قاعدة " رمي المجتمع في ورطة لا خلاص منها، وهي قاعدة عملية أسسها لينين في آخر حياته عام 1923م وتطبيقا لهذه القاعدة نرى الصهيونية بجميع أسمائها ترمي المجتمع الذي تسيطر فيه والمحيط بها بورطات لا بورطة واحدة مثل ورطة الإرهاب وورطة التشرد وبؤس العيش، مع اعلانتهم الكاذبة التي تنادي بأنهم امنوا الرفاهية للمجتمع وللمواطنين وما شابه، وأكثر الورطات التي يرمون المجتمع بها هي ورطة الحروب التي لا تؤدي إلا إلى الدمار وابادة الأنفس والأموال، ثم تخرج الدعاية الصهيونية لتحقن الناس بالحقد على أعداء إسرائيل والمناهضين لها وتقنع الناس بعامل التكرار والزمن بأن الذي يفعل هذا بالمسلمين هم أعداء إسرائيل دون تسميتهم وبالتكرار والتكرار يصدق الناس ويحقدون لا شعوريا على أعداء إسرائيل ظناً منهم أنهم يحقدون على أتباع الصهاينة ويردد الغثاء أقوال تلك الدعايات ويهاجمون المؤسسات والسفارات المختلفة في كل مكان وتحت مسميات عديدة مثل الجهاد في سبيل الله ومحاربة الشيطان وغيرها دون علم ودراية بالخديعة الكبرى التي وقعوا فيها ثم يخرج الكتاب والمؤلفون بقصصهم ورواياتهم المتقنة من حيث العرض والإخراج كي تبعث في نفس القارئ العطف على الصهيونية من خلال توجيه خاطئ ومعلومات كاذبة لا رصيد لها في الواقع أو مبالغ فيها بشكل كبير كالمحرقة وغيرها وتكون النتيجة أننا بجهلنا هذا قد دفعنا معظم تلك الدول لزيادة دعمها لإسرائيل لأننا ظهرنا أمامهم وكأننا أعداء لهم لمجرد العداوة وهو ما حدث لأمريكا نفسها لو أمعنا النظر جيدا وفكرنا مليا إضافة إلى أننا ندفع كثيرا من شبابنا للانخلاع من دينهم وذلك بالانضمام إلى الأحزاب والتنظيمات التي تحمل أسماء مختلفة وتصب كلها في خدمة الصهيونية وكل ذلك بسبب غفلتنا ؟ وتبقى جماهيرنا تتخبط في التيه تخرج من ورطة لتلقي بنفسها في أخرى وتنتقل من هزيمة إلى هزيمة ومن سقوط إلى اكبر منه من دون أن تنتبه إلى هذا السيل الجارف الذي يجرفها دون أن تشعر لأنها وببساطة " غثاء كغثاء السيل " يأتي السيل فيجرف الغثاء فلا يعرف الغثاء من أين هو آت ولا أين يذهب لأنه غثاء ونحن الآن في غثاء فكري عارم..؟ ولو تدبرنا قوله سبحانه ( إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم ) لعلمنا أن ما في نفوسنا هو غلط بحاجة إلى الإصلاح والغلط الآن يكمن في الأفكار التي حقنونا بها، ولو تدبرنا أيضا قوله جل وعلا "وما كان ربك ليهلك القرى بظلم وأهلها مصلحون" لعلمنا إننا غير مصلحين وطبعا يبدأ الإصلاح بإصلاح النفس ثم بالأقرب ثم بالآخرين حتى المحيط والبيئة وذلك بالأمر بالمعروف " بعد معرفته " والنهي عن المنكر " بعد معرفته " لا كما نتوهم.
وفي الحرب الباردة _ حرب الدعاية والشعارات _ تضطر الدولة إلى تغيير أسلوبها في الدعاية المعلنة كل بضع سنوات قد تطول وقد تقصر وذلك لان العدو "علماؤه وباحثوه وكتابه" يكونون قد اكتشفوا الأسلوب المتبع وصاروا يعرفون شعوبهم به ويحذرونهم من الانزلاق في مزالقه.
أما إسرائيل فهي منذ نصف قرن تتبع أسلوبا واحدا لم تحتج إلى تغييره فهي في دعايتها المعلنة تشتم أصدقاءها وتتظاهر أنها تخاف منهم وتريد محاربتهم لأنهم يريدون محاربتها والقضاء عليها "إلى اخر ما نسمعه منها" فنخدع نحن بهذه الدعاية ونصير أنصارا ومؤيدين لحلفائها وبالتالي أنصارا لإسرائيل دون أن ندري ونظن أنفسنا مجاهدين في سبيل الله ونطلب من الله النصر بينما إسرائيل تدافع عن أعدائها الحقيقيين أو الذين يشكلون عقبة أمامها وتمدحهم فنبغضهم نحن ونحاربهم لأننا خدعنا بهذا الأسلوب وصرنا نراهم أصدقاء لإسرائيل وصرنا نحن جنودا لإسرائيل دون علم ومعرفة.
المراقب والمتتبع للأحداث في المنطقة يرى أن إسرائيل لم تغير هذا الأسلوب منذ خمسين سنة ونحن لم ننتبه لهذا ويكفي أن أسوق مثالا واحدا وهو أن كل الناس يقولون أن أمريكا هي التي تدعم إسرائيل وتحميها وبعضهم يقول أن إسرائيل هي حاملة طائرات أمريكية وأنا أقول نعم هذا صحيح ولكن الواقع يقول أننا نحن الذين دفعنا أمريكا إلى هذه الدرجة من التأييد لإسرائيل ولمعرفة ذلك يجب أن نفقه الواقع وأقول الواقع وليس هذه الأفكار الصبيانية التي حقنا بها وصرنا نعتقد أنها هي الواقع.
د. رشيد بن محمد الطوخي
التعليقات (0)