مواضيع اليوم

الخدمة الالزامية في العراق

ليث سعيد

2009-01-21 22:21:04

0

هناك الكثير من النقاشات التي تدور حول وجوب اعادة الخدمة الالزامية في العراق من عدمه. مناصري اعادة الخدمة الالزامية يأملون ان يساهم ذلك في بناء جيش عراقي متعدد القوميات غير منحاز الى حزب او طائفة معينة. اما معارضي اعادة الخدمة الالزامية فانهم يدعون الى انشاء جيش محترف تقني يعتمد على التكنولوجيا لا على العدد.

بين هذا وذاك, اجد نفسي اتجه وبشدة داعما لفكرة اعادة الخدمة الالزامية, ولكن ليست خدمة الجيش, بل خدمة المجتمع.

ان المجتمع العراقي يعاني من انقسامات وانشقاقات, ليست طائفية وحسب, انما ايضا انقسامات حزبية ومصلحية وقبلية. انقسامات في كل شيء كادت ,ان لم نقل ادت, الى حرب اهلية شاملة دمرت البلد وآتت على الاخضر واليابس.

اضافة الى ذلك, فان المجتمع العراقي عانى من الدكتاتورية لعقود من الزمن, خلقت تعقيدات غريبة عجيبة في المجتمع وصلت الى حد الانشقاقات بين افراد العائلة الواحدة ما بين مؤيد للنظام وناقم عليه, حتى بتنا نسمع عن الاب الذي قتل ابنه لانه رفض الدفاع عن النظام.

فوق هذا وذاك, فان المجتمع العراقي العربي الاسلامي يعاني ,كباقي المجتمعات الاسلامية والعربية, من دكتاتورية اضافية, وهي دكتاتورية دين المجتمع, واحب ان أؤكد هنا على دكتاتورية دين المجتمع وليست دكتاتورية الدين. والمقصود في ذلك الدكتاتورية التي يفرضها المجتمع على الافراد نتيجة فهم معين للدين. فترى ان من يفهم الدين بشكل مختلف يظهر بمظهر المنشق عن الدين وعن المجتمع. مثلا من بين ما يطرح باسم الدين, وينطبق عليه مفهوم دكتاتورية دين المجتمع هو سيطرة الرجل على المرأة بشكل يجرد المرأة من ابسط حقوقها, والجمع بين الكافر والمشرك وشارب الخمر في درك واحد, والتغاضي عن الكاذب والمنافق والراشي والمرتشي.

هذه الافات وغيرها هي سبب جوهري لمأساة الملايين في العراق. ولهذا تجدني اؤمن ان خدمة المجتمع الالزامية هي ضرورة ملحة في مجتمع كالمجتمع العراقي على ان تكون هذه الخدمة مصحوبة بضوابط.

ان استبدال خدمة الاساس (ثلاثة اشهر تدريب عسكري) بخدمة اساس على نفس المبداء حيث يدرب الجنود (جنود المجتمع) على قيم المجتمع الصحيح تدريبا نظريا وتطبيقيا وباشراف من مدربين اجتماعيين مختصيين سيكون له دور فاعل وفعال في احياء قيم التسامح والمحبة, قيم الاخوة والاحترام, قيم تقبل الاخر ونبذ العنف, قيم الصدق والاخلاص في المجتمع.

بل والاكثر من هذا, فان خدمة الاساس هذه يجب ان تكون متبوعة بستة اشهر او تسعة اشهر من التطبيق العملي في دوائر الدولة الاجتماعية كرياض الاطفال و دور رعاية الايتام و دور رعاية المسنين ... هذا من شأنه ان يخلق مجتمع جديد ومتجدد.

جديد من حيث التغيير في تفكير الافراد حتى ان رب الاسرة في المستقبل سيكون قد تشبع بقيم المساواة ومارس عملية مراعات الاطفال والكبار والايتام ... اما ربة الاسرة فستكون هي الاخرى قد تشبعت بقيم المساواة ومارست حقها الطبيعي في ذلك.

اما متجدد, فذلك لان توفير آلية الزامية لتثقيف المجتمع تجعل من السهل ادخال التعديلات والتطويرات على العملية برمتها.

يجدر الاشارة هنا الى ان خدمة المجتمع الالزامية هي وسيلة اضافية لتقويم المجتمع وهي ليست وسيلة لبناء المجتمع, حيث ان عملية بناء المجتمع يجب ان تتم عن طريق المؤسسات التعليمية.

ختاما, اتمنى على الحكومة العراقية ان تخصص جزء من الميزانية للتسلح كما فعل النظام السابق, لكن ليس التسلح بادوات القتل انما التسلح في بناء مجتمع واعي قادر على النهوض بالبلد والخروج به من ظلمات الجهل والفقر, حينئذ سيكون العراق قد تحرر من الدكتاتورية الى الابد.


كانون الاول 2009

ليث مؤيد عبد الائمه سعيد





التعليقات (0)

أضف تعليق


الشبكات الإجتماعية

تابعونـا على :

آخر الأخبار من إيلاف

إقرأ المزيــد من الأخبـار..

من صوري

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي صورة!

فيديوهاتي

عذراً... لم يقوم المدون برفع أي فيديو !