الخدمات الصحية واجتهادات البشوات.
تزخر بلادنا ولله الحمد بمقومات عديدة وبوفرة مالية هائلة تكفي لبناء بلدان مجتمعة في وقت واحد ومع تلك الوفرة وتلك المقومات تعاني البلاد من تردي الخدمات الصحية المقدمة للمواطن مجاناً فالمادة الحادية والثلاثون من النظام الأساسي للحكم والذي يعد دستور البلاد أوضحت عناية الدولة بالصحة وتوفير الرعاية الصحية الكاملة كما جاء في نص المادة:[تعنى الدولة بالصحة العامة، وتوفر الرعاية الصحية لكل مواطن]ومن صور عناية الدولة بالصحة العامة إنشاء المستشفيات والمراكز الطبية المتخصصة وتوفير الدعم المالي الكافي لوزارة الصحة لتقوم بتنفيذ توجهات الدولة الرامية إلى تحقيق الصحة العامة وتوفيرها للمواطنين, لكن ومع كل ذلك الدعم لم تحسن وزارة الصحة تنفيذ التوجهات الحكومية بالشكل المطلوب واللائق بل اعتمدت في رسم الخطط والاستراتيجيات على اجتهادات فردية بحته وليس على أسس علمية ودراسات عميقة وتلك الاجتهادات لم تضع في الحسبان تزايد إعداد السكان واتساع المدن بل وضعت من مقولة مشي حالك شعاراً لتصفية الخزينة وطلب المزيد وهنا جوهر المشكلة, فمشكلة تردي الخدمات الصحية التي اكتوى بنيرانها كل مواطن بإستثناء الطبقة المخملية سببها البيروقراطية والمركزية المعقدة والتي القت بضلالها على مستوى الخدمات المقدمة للمواطن البسيط فبسبب البيروقراطية أصيبت الدوائر بحمى الاستنزاف المالي واتخذت تلك الحمى اشكالاً مختلفة ومتعددة وبسبب البيروقراطية ايضاً ترهلت القيادات وتضخمت وأصبحت كالديناصورات لا يقضي عليها سوى إعادة الهيكلة الشاملة, فليس من الممكن أن تضم وزارة الصحة أكثر من 50 مدير عام فليس في قواميس علم الإدارة أو قواميس العقل الباطن أي تفسير لوجود ذلك العدد الذي يكون مضاعفاً عدة مرات فلكل مدير مدير مكتب وسكرتير وموظف مكتب وناسخ ناهيك عن المدراء العامين بمختلف المناطق .
وزارة الصحة والتي يتعامل معها جميع أفراد المجتمع لم تلبي احتياجات المواطن الصحية فالمواعيد متأخرة والوفيات متكررة والأخطاء الطبية مستمرة ونقص الأجهزة سمة بارزة في جبين الوزارة , وقلة الكوادر المؤهلة زاد الطين بله فلا سعودة تحققت ولا استقدام نجح في تحقيق الطموحات ولا تشغيل ذاتي قضى على المشكلة , لكن نصيحتي لوزارة الصحة والتي تفكر في تطبيق التأمين الصحي على المواطنين ألا تطبقه لان في علم الاقتصاد ثمة معلومة مفادها أن أي قطاع حكومي يتم تخصيصه فإنه يعد مؤشراً على فشل إدارة ذلك القطاع وسوء برامجه المقدمة , كذلك اهمس في أذن القائمين على الوزارة همسة صغيرة إذا أردتم تحسين الخدمات الصحية وجودتها عليكم اولاً بتنظيف أروقة الوزارة ليس من الحشرات وإنما من البشوات ؟
أسال الله أن يصلح الحال والى الله المشتكى.
التعليقات (0)