كعادتي أخرج ليلا عملا بالمثل المغربي : "تعشى وتمشى" ... الذي في هذه الأيام تعطلت مقدمته فلم أصبح سوى أتمشى - دون أن أتعشى - .. بالليل تلبس مدينتنا حلة أخرى ... يراها البعض فتانة ويراها البعض الآخر فاتنة،.. شعب آخر يظهر لم نكن نراه بالنهار... أضواء مدينتنا ليست باريسية ... أضواء مدينتنا مجرد أعمدة نجدها أمامنا كلما أردنا أن نـ...ـل ... أما الضوء الغالب الذي يشع هو ضوء السطافيط أو سيارة الإسعاف ...
كعادتي كل ليلة أخرج - ليس لأشم النسيم العليل ... فشاحنات البلدية لم تترك لنا نسيما عليلا ولا هواءا يشم .. - أخرج لأمشي وأسرح بفكري بحثا عن موضوع أكتبه لأضمن عشاء الغد ومشيه ...
الحادية عشرة ليلا .. أنا أمام المحطة الطريقة وقطرات المطر الخفيفة تغسل حذائي-الذي كان أسود اللون قبل أن يصبح رماديا -... التقيب بشاب يجلس على حقيبة كبيرة ويكتب في مذكرة صغيرة وعيناه يشع منهما بريق الدموع ... يغلبني الفضول لأسأله أظنه موضوعا مهما أكتب عنه - لا تظن عزيزي القارئ أني أتاجر بهموم الناس - فأنا أكتب لتقرأ أنت، لا أكتب لأملأ حسابي ... أنا لا أطمع سوى في ملأ قائمة قرائي .. وملأ غرفتي بالمسودات ..
الشاب إسمه كإسمي سنه كسني ظننته أنا في الوهلة الأولى ... كان قاب قوسين أو أدنى من الانتحار ... والسبب أن أخاه طرده من البيت لسبب تافه لم يرد أن يفصح عنه - هو حر -
يقول الشاب : دخلت إلى بيت أخي .. أزلت حذائي ... وغسلت رجلاي .. وجلست أمام أخي الذي كان يتابع فيلما أمريكيا ... مرت خمس دقائق ولم يكلمني ... صمته ليس معهودا ... كلمني بعد الخمس دقائق في موضوع عائلي فأعطيته رأيي بكل صراحة .. فلم يعجبه رأيي لأنه كان ينتقده، فلم يكن جوابه إلا أن أمرني بجمع أغراضي التي كنت أضعها ببيته وقام بطردي من منزله ليلا ...لكن المشكل يا أخي ليس في رأيي لكن في كوني أقيم عنده منذ مدة ولم أجد عملا يبرر إقامتي معه ...
عيا ما يصبر وتفركع عليا لسبب تافه .
التزم الشاب الصمت بعد ذلك وترك لدموعه المجال لتكمل حديثا ميميا معي .... ففهمت جيدا أن الخاوا حدها التشوميرة
التعليقات (0)